تتأرجح العلاقات الإيرانية الأمريكية، وسط جدل حول نية كل من البلدين اتجاه الآخر، خاصة بعد تصاعد التوتر في الأسبوع الماضي، فبعد أن قتلت الولايات المتحدة الأمريكية رجل إيران الثاني، وردت الثانية باعتداء على مقرات أمريكية في الأراضي العراقية لم يسفر عن نتائج، حذر الرئيس الأمريكي ظهيرة اليوم الأحد من ارتكاب النظام الإيراني لمجزرة بحق المحتجين السلميين، ليصرح مرة أخرى، بفتح باب الحوار مع طهران دون قيود، بما يلفت الانتباه إلى استمرار تغير الولايات المتحدة الأمريكية سياساتها اتجاه إيران.
فقد صرح وزير الدفاع الأمريكي “مايك إسبر” في لقاء تلفزيوني له مع قناة “سي بي إس” الأمريكية حول رؤية الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” للحوار مع إيران بالرغم من بلوغ التوتر بين البلدين ذروته في الأيام القليلة الماضية: ” إن الرئيس دونالد ترامب لا يزال مستعداً للحديث مع طهران دون شروط مسبقة”.
وقال “مارك إسبر” في اللقاء التلفزيوني؛ إن الولايات المتحدة مستعدة لمحاورة إيران حول “مسار جديد، وسلسلة تدابير تجعل من إيران بلداً طبيعيا أكثر”، في تصريح لفت انتباه السياسيين والمتابعين لتوتر الأخير بين البلدين.
الشعب الإيراني رهان خامنئي وترامب
في أول خطاب له بعد اغتيال “قاسم سليماني” ركز المرشد الأعلى للثورة الإيرانية “علي خامنئي” وهو أعلى رأس الهرم في النظام الحاكم في إيران، وهو فوق كل سلطة في البلاد، ركز على دعم الشعب لسلطات بلاده من أجل الوقوف في وجه الدول العدوة لإيران، دون أن يلمح للقوة العسكرية التي تتمتع بها إيران في الوقت الراهن، عائداً بالشعب “الحزين” و”الخائف” إلى نهاية القرن الماضي حينما نجحت الثورة في القضاء على حكم الساه واستلام زمام الأمور في إيران ” أعلن أن إيران قادرة على التغلب على خصومها ليس بسبب القوة العسكرية، بل من خلال الأيدي الفارغة والقلوب المليئة بالإيمان بالله”، داعياً الشعب للالتفاف حول سلطة طهران في المعركة القادمة.
ما يعني أن خروج الشعب من معادلة دعم سلطة طهران قد يفتح فجوة في خط الدفاع الأولي للبقاء في السلطة، وهو ما تعرفه السلطات الأمريكية والإيرانية على حد سواء، إلاّ أن الأولى تراقبه باستمرار، والثانية تحاول كبح جماح الشعب الثائر.
فقد خرجت اليوم الأحد، حشود من الطلاب في جامعات إيرانية مرددين شعارات ضد النظام الحاكم، الأحد، وذلك ضمن احتجاجات كبيرة في البلاد، وسط تهديدات من الحرس الثوري باستخدام القوة.
اقرأ أيضاً
وتجمع طلاب وطالبات جامعة “بهشتي” في طهران، مرددين عبارات منددة بإسقاط الطائرة الأوكرانية، وأطلقوا هتافات: “عدونا هنا وليس أميركا. لا نريد متفرجين انضموا لنا”، كما اتهم الطلبة القوة الأمنية في بلادهم بالانتقام من مقتل سليماني بالعنف معهم.
وكثف محتجون إيرانيون وصحف إيرانية الضغوط على قادة البلاد، وعززت شرطة مكافحة الشغب وجودها في طهران اليوم الأحد.
فاستغل الرئيس الأمريكي”دونالد ترامب”، الوضع وحذر من ارتكاب “مجزرة جديدة بحق المتظاهرين السلميين” في إيران، الذين خرجوا اعتراضاً على تصرف النظام الإيراني الذي اعترف بإسقاط طائرة ركاب أوكرانية، الأربعاء، بطريق الخطأ، وذلك قبل ساعات من تصريحه قبول الحوار مع إيران دون شروط مسبقة.
وكان الحرس الثوري الإيراني وعلى لسان ممثل المرشد الأعلى “علي شيرازي”، قد هدد بفض الاحتجاجات بالقوة في حال لم تتوقف، كما وصف المحتجين بالتبعية لأمريكا وإسرائيل.
كل الصور الداخلية لإيران تشير أن هناك أيد عابثة بقصد زعزعة سلطة الملالي في إيران، وسوء استعمال للموقف الراهن وللسلطة من قبل طهران.
ويرى السياسي الأمريكي “دينس روس” وهو باحث سياسي مرموق أن خامنئي في كلمته الأولى بعد مقتل سليماني حاول جذب الجماهير الإيرانية: ” ففي الاستفادة من الفوائد المحلية المحتملة المترتبة على ردود الفعل القومية إزاء اغتيال شخصية كان النظام قد فعل الكثير للاحتفاء بها كونها دافعت عن إيران ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». ففي أعقاب السحق الوحشي للمظاهرات وأعمال الشغب بسبب تخفيض الدعم المحلي للغاز، أصبح من المؤكد أن لخامنئي مصلحة في محاولة اجتذاب دعم جماهيري أوسع”.
ويتابع “روس” في مقال نشره عبر وسائل الإعلام الأمريكية: “بيد أن تأجيج مشاعر الغضب والاستياء القومية له حدوده، وسيغذي، في الوقت نفسه، الحاجة إلى إظهار أن النظام الإيراني لا يسمح بأن يمر موت سليماني من دون محاسبة”.
ففي الوقت الذي يسعى ترامب لتقديم نفسه على أنه حامي المتظاهرين السلميين، انتبه خامنئي لخطر العنف ضد المتظاهرين بالرغم من إصداره أوامر قمع المتظاهرين “قبل قتل سليماني”.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.