لم يخف أهالي إدلب وريفها فرحتهم عندما طمأنهم “الضامن” التركي وفتح نقاطأ في القرب من قراهم وبلداتهم، معتقدين أن الجنود الأتراك أتوا بالفعل لحمايتهم، لم يعرفوا أن الأمر لا يتعدى مصالح بين الدول، وإثبات النفوذ التركي فوق أراضيهم لا أكثر.
وبعد أن تمكنت مليشيات الأسد المدعومة إيرانياً براً وروسيّاً جواً، من محاصرة نقطة “تل صرمان” التركية جنوبي خان شيخون، جنوب محافظة إدلب المعقل الأخير للمعارضة السورية، في الوقت الذي لم يحصل فيه أي اشتباك بين القوة المهاجمة والجنود الأتراك الذين ما زالوا في تلك المنطقة، ما زالت مليشيات الأسد تقضم المزيد من أراضي إدلب، في ظل سكون الضامن التركي.
وبالرغم من ذلك فقد أعلن، أعلن وزير الدفاع التركي “خلوصي أكار”، أن بلاده لن تخلي بأي شكل من الأشكال نقاط المراقبة الـ12 في منطقة خفض التصعيد بإدلب، شمال غربي سوريا.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده مع قادة الوحدات التركية المتمركزة على حدود سوريا، بحضور قيادات الجيش، على خلفية التطورات في إدلب، كما قال “أكار” للقادة الأتراك المجتمعين: “لن نخلي بأي شكل من الأشكال نقاط المراقبة الـ12 التي تقوم بمهامها بشجاعة لضمان وقف إطلاق النار في إدلب، ولن نخرج من هناك”.
وأوضح وزير الدفاع التركي أن “نقاط المراقبة التركية في المنطقة، لديها التعليمات اللازمة وسترد دون تردد في حال تعرضها لأي هجوم أو تحرش”.
وبحسب وكالة الأناضول فقد، تطرق وزير الدفاع التركي إلى مذكرة التفويض المتوقع تمريرها من البرلمان التركي، من أجل إرسال قوات إلى ليبيا، وشدّد في هذا الصدد على أن “قواتنا المسلحة مستعدة لتولي المهام داخل وخارج البلاد من أجل حماية حقوق ومصالح بلادنا”.
ودفع الفقر بالكثير ممن كانوا يقاتلون مع المعارضة السورية إلى الخضوع للإغراءات التركية والتوجه إلى ليبيا للقتال مع قوات “فايز السراج”، تحت اتفاقية التعاون التركي الليبي الموقعة حديثاً بين حكومتي أردوغان والسراج، والتي بموجبها سيتوجه الجنود الأتراك للقتال هناك، لكن تسريبات من شمال سوريا، أكدت أن بعض مقاتلي المعارضة تعاونوا مع الأتراك وقبلوا بالتوجه إلى ليبيا مقابل رواتب عالية ومغرية.
وبهذا الخصوص وفي خضم الجدل الدائر حول مصداقية الأخبار المتواردة من الشمال السوري، حول ذهاب مقاتلين من المعارضة مع القوات التركية للقتال إلى جانب حكومة الوفاق الوطني الليبية، رفع المحامي “عصام الخطيب” في الشمال السوري، دعوة إلى محكمة عزاز الخاضعة للسيطرة التركية، ضد كل من وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة سليم إدريس ومعاونيه وقائد لواء المعتصم بالله ومعاونيه وقائد لواء السلطان مراد ومعاونيه، على خلفية إرسال قوات إلى ليبيا برفقة القوات التركية، وفي نص الدعوة التي حصل مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على نسخة منه، جاء ما يلي:”
بلاغ إلى السيد النائب العام العسكري في أعزاز..
مقدمه : المحامي عصام الخطيب
بتاريخ اليوم ٢٩ كانون الأول ٢٠١٩ أتقدم إليكم ببلاغ ضد وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة سليم إدريس ومعاونيه وقائد لواء المعتصم بالله ومعاونيه وقائد لواء السلطان مراد ومعاونيه وذلك لارتكابهم الجرائم التالية :
أولا.. جرم الكذب وتضليل الأمة واصدار بيانات كاذبة بخصوص عمل الجيش الوطني وخاصلة لجهة البيان رقم ٥٨ الصادر بتاريخ ٢٥/١٢/٢٠١٩ والصادر عن وزير الدفاع.
ثانيا.. جريمة الخيانة ، حيث تم إرسال جزء من قوات الجيش الوطني إلى دولة ليبيا في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب السوري والأراضي السورية للهجمات الروسية والايرانية المتتالية.. فيتم احتلالها وتهجير أرضها..
لذلك نطلب إليكم
تحريك الدعوى العامة بحق المذكورين.. ثم :
١ _ اصدار مذكرة احضار بحق المذكورين
٢ _اصدار القرار بوقفهم عن العمل حتى انتهاء المحاكمة بحكم مبرم، ومحاكمتهم موقوفين.
٣_ اصدار القرار باتهامهم وإحالتهم إلى محكمة الجنايات العسكرية..
المناطق المحررة
٢٩ كانون الأول ٢٠١٩
المحامي عصام الخطيب”
وهذا يؤكد الخبر، ويجعله محل يقين.
وبحسب أحد المقاتلين الذين تمكن مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي من الحديث معهم، والذي حدثنا عن الأسباب التي دفعت بالبعض للقبول بالعرض أو “الإغراء التركي”، فإن القيادة التركية تخصص لكل مقاتل هنا أجراً زهيداً لا يتعدى الـ 200 دولار أمريكي، وهذا المبلغ في ظل الحرب الفتاكة في الشمال السوري، لا يمكّن صاحب العائلة من استئجار منزل وتأمين حياة كريمة لأولاده، بينما فاق العرض التركي لمن يذهب إلى ليبيا الـ 2000 دولار أمريكي، ما يعني أن عائلة المقاتل الذاهب إلى ليبيا ستعيش حياة كريمة ورغيدة.
وبحسب المقاتل الذي رفض الإفصاح عن هويته أو ما يشير إليه على وسائل الإعلام، فإن الوضع المادي بعد سنوات الحرب القاتلة في سوريا، هو من أهم العوامل التي من أجلها قبل بعض المقاتلين الذهاب للقتال في ليبيا.
كما أن التضييق الذي تمارسه الفصائل على المقاتلين في الشمال السوري، من تبعية مطلقة لـ”الضامن التركي”، والسرقة المتفشية في صفوف بعض القادة هي من أهم الأسباب التي جعلت من العمل العسكري في الشمال السوري أمراً يثير الضيق لدى بعض المقاتلين.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.