منذ بداية الثورة السورية، عام 2011، كان الحديث الأبرز حول الدور، الذي يمكن للاقتصاد السوري أن يلعبه في عملية إسقاط النظام، لا سيما وأن النظام كان يعتمد منذ الأيام الأولى للثورة، على الميليشيات المعروفة بالشبيحة، والمرتزقة القادمين من خلف الحدود، وهو ما كان بتطلب تمويلاً ضخماً.
اليوم ومع مضي تسع سنوات من الحرب، والحصار الاقتصادي المفروض على النظام، وزيادة انهيار قيمة النقد السوري، وقلة الخيارات أمام حكومة النظام، شككت صحيفة فاينانشيال تايمز، الأمريكية، بقدرة النظام على التعافي الاقتصادي، مشيرةً إلى أن أيدي الأسد مقيدة، رابطةً تلك الأزمة بأربعة مصادر رئيسية خارجة عن إرادة إلى حد كبير.
ولفتت الصحيفة إلى أن أولى المصادر، تكمن في التقديم الأخير للعقوبات الأمريكية الجديدة التي قيدت وصول سوريا إلى الشبكات المالية العالمية – والعملات الأجنبية، في حين أن المصدر الثاني، يرتبط باضطرابات متزايدة في الاقتصاد اللبناني بسبب حركة الاحتجاج في تلك البلاد، على اعتبار أن لبنان هو القناة الرئيسية لتدفقات الدولار غير المشروعة إلى سوريا.
أما عن مصدر أزمة الليرة الثالث فهو تبخر احتياطي رأس المال السوري بعد تسع سنوات من الحرب الأهلية، بالإضافة إلى عجز إيران عن الاستمرار في دعم احتياطيات سوريا من العملات بسبب ضغوطها بموجب العقوبات الأمريكية، وهو ما يمثل السبب الرابع للأزمة.
إلى جانب ذلك، رأت الصحيفة الأمريكية، أن سياسات النظام الحالية، لا سيما المتعلقة بطباعة المزيد من الأوراق النقدية، تجعل الأمور أسوأ، وتحول النقد السوري إلى أوراق لا قيمة لها على نحو متزايد، مضيفةً: “نظام بشار الأسد، يخاطر بسحب سوريا إلى دوامة موت شديدة التضخم”.
وعلى الرغم من ما أشارت إليه الصحيفة في تقريرها، من معاناة على المستوى الشعبي لحالة الليرة، إلا أن التقرير شدد على ضرورة أن تسعى الإدارة الأمريكية لتعميق مشكلة النظام الاقتصادية، بالاعتماد على قانون قيصر لعام 2019، وزيادة العقوبات على المؤسسات المالية التي تدعم الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر ، وخاصة في لبنان وتركيا وإيران، خاصة وأن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” قادر على دعم النظام وإخراجه من الأزمة من خلال ضخ المزيد من العملة الصعبة في سوريا.
ووفقاً للتقرير، فإن تعميق الأزمة الاقتصادية للنظام، ترتبط بالمصلحة الوطنية الأمريكية، التي تطلب موافقة “الأسد” على تقاسم السلطة السياسية وانتقاله من السلطة، مضيفةً: “ذبح مئات الآلاف من المدنيين السوريين خلال الحرب الأهلية دفع الأسد وحلفاؤه الإيرانيون والروس جحافل من المجندين إلى أيدي الجماعات السلفية الجهادية السنية مثل الدولة الإسلامية، لكبح عودة هذه الجماعات، تحتاج سوريا إلى عملية سياسية تزود السنة بوسائل حقيقية لمعالجة مظالمهم. وإلى أن يحدث ذلك ، سيستمر التمرد، وستستفيد الجماعات الجهادية من التدبير الضخم”.
وبحسب ما ترجمه “سعد فنصة”، ونقله “أيمن عبد النور” على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أن الصحيفة ختمت تقريرها: “الأسد ، قاتل جماعي، فقد أي شرعية كحاكم، سوريا لن تكون ديمقراطية نابضة بالحياة في أي وقت قريب ، لكن هذا لا يعني أنه ينبغي علينا ببساطة دعم الأسد، باستخدام النفوذ الاقتصادي ، يمكن للولايات المتحدة أن تجبر هذا النظام الحقير ، وحلفائه الأجانب ، على تقديم تنازلات جدية لأولئك الذين ظلوا مضطهدين لفترة طويلة”.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.