لم يعد يخفى الصراع بين القيادة الروسية الساعية لإحكام سيطرتها على دمشق وريفها، وماهر الأسد شقيق رأس النظام السوري “بشار الأسد”، حتى إن الأمر بات علنياً في شوارع العاصمة وريفها، بين أتباع كلتا القوتين.
ماهر الأسد الذي يعجبه الدعم الروسي، يوالي هو ورجال الدولة من الصف الأول إيران بشكل مطلق، بحكم التنشئة التي غرسها “الأسد” الأب منذ ثمانينات القرن الماضي، الأمر الذي يثير المشاكل بين الطرفين القويين والحاكمين لدمشق، بشكل دائم سري وعلني.
مناطق نزاع ونفوذ
لا يملك الروس جنوداً يسيطرون على المناطق داخل العاصمة دمشق وفي محيطها، لذلك يعتمدون على بعض الموالين لهم من الضباط داخل الجيش، إضافة للجنود الروس الذين باتوا يسيطرون على مناطق كاملة في ريف دمشق الشرقي، مثل مدينة دوما وما حولها.
في أحدث مواجهة بين الطرفين –القيادة الروسية- وعناصر تابعين لماهر الأسد- كانت قبل أيام، عندما حاول عناصر تابعون للفرقة الرابعة الخاضعة لسيطرة “ماهر الأسد” إقامة حاجز على أحد مداخل مدينة “دوما” بريف دمشق الشرقي، لكن الجنود الروس، والشرطة الروسية، منعتهم من إقامة الحاجز فور نزولهم من مركباتهم، وكاد التوتر أن يتحول إلى احتكاك مباشر قبل أن ينسحب عناصر الفرقة الرابعة، تحت قوة السطوة الروسية في المنطقة، وفق تفاهمات روسية مع بشار الأسد، عن مناطق النفوذ وحدود السيطرة، مقابل ما يقدمه الروس من دعم داخلي ودولي.
مليشيا روسية جديدة في دمشق وريفها
تعمل القيادة العسكرية الروسية والتي مقرها قاعدة حميميم العسكرية في الساحل السوري، على إنشاء قوة عسكرية جديدة تابعة لها، لكن من أهالي المناطق التي تسيطر عليها في ريف دمشق بشكل خاص.
حيث يشكل ريف دمشق الغربي والشرقي، طوق للعاصمة وبوابة لحمايتها والحفاظ عليها، ما يجعل دمشق كالؤلؤة وسط سوار ريفها الحامي لها، استراتيجياً السيطرة على الريف يعني السيطرة على دمشق، وسياسياً من يحكم العاصمة يحكم البلد كله، هذا ما يدفع الروس للتركيز على العاصمة دمشق بشكل كبير.
وكان مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد نشر تسريب خاص له الصيف الماضي، أوضح فيه أن القيادة العسكرية الروسية قد نقلت مكاتبها الأساسية من الحدود السورية اللبنانية، إلى المربع الأمني في كفرسوسة في العاصمة دمشق، لتكون بذلك أقرب على دوائر صنع القرار، وللتخلص من التهديد الإيراني في تلك المنطقة.
ووفق أخبار مؤكدة لمرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي، فإن الروس بدؤوا بإحداث تشكيل عسكري تابع لهم مكون من، بعض مقاتلي المعارضة الذين بقوا في بلداتهم وقراهم بريفي دمشق الغربي والشرقي، ومناطق من ريف درعا والسويداء جنوبي سوريا.
كما بدءت مناطق بتسجيل أسماء من يود الانضمام للميشيا الجديدة التي يعمل الروس على تشكيلها، بالتنسيق مع ضباط من جيش الأسد موالين لروسيا، لكن إلى الآن لا يبدو أي جسم عسكري جديد واضح وصريح.
وقالت مصادر سورية محلية، بأن سلسلة اجتماعات عُقدت بين ممثلين عن أهالي ريف دمشق ومسؤولين روس لتشكيل جماعاتٍ مسلحة من أهالي تلك المناطق دون التنسيق مع حكومة النظام، الأمر الذي اعترضت عليه ألاخيرة.
وطالب الأهالي القيادة العسكرية الروسية، بضرورة انسحاب مقاتلي حزب الله اللبناني من تلك المناطق وكذلك الإفراج عن بعض أبنائهم المعتقلين لدى النظام السوري، كشرطٍ أساسي للتعاون مع المسؤولين الروس، تخوفاً من الضربات الإسرائيلية المتكررة على مناطق حزب الله من جهة، وبسبب الأيدلوجية العقائدية والفكرية الغريب تماماً عن تلك المناطق.
وزادت موسكو من مساعيها لتخفيض التواجد الإيراني في ريف دمشق ودرعا وبعض بلداتها، حيث تحاول تشكيل جماعاتٍ مسلّحة جديدة في عموم هذه المناطق، وذلك بالتعاون مع بعض الأهالي والمسؤولين السابقين في فصائل المعارضة المسلّحة، وذلك تلبية للمطالب الإسرائيلية.
الفرقة الرابعة مكيدة مدبرة
تشكل الفرقة الرابعة لأهالي الريف الغربي من دمشق بشكل خاص، رعباً وانتقاماً بشكل كبير، فهي المسؤولة الأولى والأخيرة بنظر الأهالي، عن المجازر التي تم ارتكابها في صيف 2012 في مدينتي معضمية الشام وداريا، وراح ضيحتها المئات بطريقة وحشية.
كما قتل في سجونها الكثير من الشبان الثائرين، وما زال مصير الكثير مجهول، ويتبع للفرقة الرابعة بطريقة غير مباشرة، العديد مما يسمى بمليشيات الدفاع الوطني، التي كانت تسيطر على مادخل الريف الغربي، وعلى يدها فقد الكثير من أبناء ريف دمشق الغربي، كما توجه لهم تهم حرق جديدة الفضل، وجديدة عرطوز، حيث مات عشرات الشبان حرقاً.
اتهمت الفرقة الرابعة أهالي مدينة معضمية الشام منذ أيام بقتل ضابط تابع لها، منتصف إحدى الليالي عندما كان يسلك طريقاً نائياً، وعلى إثرها بدأت حملات دهم وتدقيق وتقتيش من قبل الفرقة الرابعة لمداخل المدينة ومنازلها.
إلاّ أنّ رواية الفرقة الرابعة يعتبرها الأهالي متناقضة فبالرغم من المصالحة الموقعة بين ممثلي الأهالي، لكن العلاقة بين الطرفين ما زالت قائمة على الحذر، فكيف لأحد الضباط أن يتجول بعد منتصف الليل وفي طريق نائي، في مدينة كانت ثائرة على الأسد طيلة خمس سنوات، يقول الأهالي، ما يعني بنظرهم بأن مكيدة ما دبرت للمدينة.
ووفق روايات مصادر عديدة ومتقاطعة، فإن سكان بلدة معضّمية الشام في ريف العاصمة الغربي يتعرضون لحملة دهم المنازل بالتزامن مع تشديد أمني على حواجزهم في مداخل البلدة.
وبحسب الرويات التي حصل عليها مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي فإن “قوات الأسد زادت من عدد حواجزها في معضّمية الشام، حيث تقوم بالتدقيق في هويات المارّة مع تفتيش السيارات بشكلٍ دقيق أكثر من قبل”.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.