شكل الانخفاض الدراماتيكي الذي تشهده الليرة السورية، أرقاً للمواطن السوري وعبئاً اقتصادياً متزايداً مع ارتباط ذلك الانهيار بزيادة الاسعار وانعدام الدخل ووسائل الحياة.
ويبدو أن نظام الأسد الذي بدأت تظهر ملامح غضب شعبي وتمرد في أوساط المناطق التي يسيطر عليها، شعر بأن اقتصاد نظامه بات يعاني – رغم وصول سعر الصرف لما فوق 1200 ليرة للدولار، مقابل 500 ليرة قبل أشهر قليلة.
فاتجه لتطبيق حلول، لا لرفع سوية الاقتصاد ومحاربة الفقر المدقع الذي يعيشه غالبية السوريين، بل انطلق يصدر مراسيم وقوانين تؤكد وحشية نظامه ودكتاتورية حكمه ورفضه سماع حتى الأصوات التي تشتكي من وضع يتردى وبشكل لا يخفى على أحد.
حيث نشرت الوكالة السورية الرسمية للأنباء “سانا” مرسوما رئاسياً، أصدره الأسد تحت مسمى مرسوم رقم 4 لعام 2020، ويقضي المرسوم بتعديل المادة 309 من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم رقم 148 لعام 1949 وتعديلاته، ونص تعديل الأسد الجديد على: معاقبة كل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر وقائع ملفقة ومزاعم كاذبة أو وهمية، بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 208 أو عن طريق الشبكة المعرفة بقانون تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية الصادر بمرسوم تشريعي رقم 17 عام 2012 أو بأي وسيلة أخرى لإحداث التدني أو عدم الاستقرار في أوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة بالنشرات الرسمية، أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها وجميع الأسماك ذات العلاقة بالثقة المالية العامة.
ونص المرسوم على عقوبة السجن المؤقت وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين ليرة سورية، لكل من تسبب بإحدى تلك الأفعال.
ولم يكتف الأسد بتجريم ومعاقبة أي من يشتكي من تدهور العملة السورية أو يتسائل عن الوضع الاقتصادي للبلاد، بل أصدر مرسوماً ثانيا يمنع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات!.
وذكرت “سانا” عن صدور مرسوم 3 لعام 2020، القاضي بتعديل المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2013 المتعلق بمنع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات، حيث يعاقبوكا من يخالف بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات والغرامة المالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة.
وتصادر المدفوعات والمبالغ المالية المتعامل بها، أو المعادن النفيسة لصالح مصرف سورية المركزي.
وتعددت الأقوال والتعليقات التي ناقشت حيثيات مرسوم الأسد الأخير، حيث تجمع كل التعليقات على تهاوي الاقتصادي السوري واتجاهه لمزيد من التدهور والتردي.
يقول الناشط أحمد كمال في منشور على معرف فيسبوك، أن الليرة الأسدية تسقط ثم تسقط ثم تهوي، رابطاً بين تطبيق قانون قيصر على البنك المركزي وبين فقدان الليرة لقيمتها.. معتبراً أن ذلك يمهد لتحول سورية التي يسيطر عليها النظام لمنطقة غابات تأكل الناس فيها بعضها لتعيش.
وأكد “كمال” أن الشيء الوحيد المؤكد هو أن انهيار العملة له أثر سلبي على النظام، لكن هناك عوامل سلبية أخرى كثيرة تعمل ضد نظام الأسد.
يذكر أن سورية تعاني من شح كبير في الموارد النفطية المستخدمة في التدفئة والكهرباء، في ظل ارتفاع كبير ومتزايد لسعر صرف الدولار في السوق السوداء وعجز حكومة الأسد عن تغطيته، بالإضافة لارتفاع فاحش في أسعار المواد الغذائية مما قاد لحالة غليان في الشارع السوري، بدأت مقدمتها بدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد الوضع المعيشي المتدني كما حدث في السويداء حين خرجت مظاهرات خلال اليومين الماضيين تحت شعار “بدنا نعيش”.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.