مع تصاعد الاحتجاجات في مدينة طرابلس شمال لبنان، تتطور الأحداث سريعاً مع حصار المتظاهرين لمنازل النواب عن المدينة، الأربعاء، خلال المظاهرات، التي تواصلت بعد تشييع أحدى القتلى، الذين سقطوا خلال مظاهرات، الثلاثاء.
وكان المتظاهرون قد حاصروا عقب التشييع منازل كلٍ من النائب ” فيصل كرامي”، المقرب من حزب الله، والنائب عن تيار المستقبل، “سمير الجسر”، مطالبينهم بالاستقالة الفورية من المجلس، حيث أشعلوا النيران في محيط منزلي النائبين.
صاروخ الفقر وفجوة السياسيين والشعب
ملامح الأيام القادمة في طرابلس ولبنان عموماً، تظهرها البيانات الاقتصادية والمعيشية المسجلة أخيراً، وفقاً لما يؤكده المحلل الاقتصادي، “جبران بوحمزة”، مشيراً إلى أن معدلات الفقر خلال الأشهر الماضية شهدت ارتفاعاً بدلاً من أن تنخفض، وأن عدد الفقراء وصل إلى أكثر من مليوني شخص في كافة أرجاء البلاد.
يشار إلى أن اللجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا، قدرت نسبة الفقر في لبنان وصلت خلال العام 2020 وصلت إلى 55 بالمئة، وسط تحذيرات من ارتفاع عدد الجائعين في البلاد إلى مليون شخص.
في السياق ذاته، يشير “بوحمزة” إلى أن الشعب اللبناني فقد الثقة بكامل الطبقة السياسية والمسؤولين والنواب، بشكلٍ كامل، بعد أن عانى اللبنانيون طيلة 20 عاماً من أزمات اقتصادية ومعيشية متتالية، عابت عنها الإجراءات أو الإصلاحات الحكومية، مبيناً أن الإحصائيات الرسمية أظهرت انخفاض نسبة الطبقة الوسطى وميسوري في لبنان بين 2000 وحتى 2020، من 70 بالمئة إلى أقل من 45 بالمئة.
تعليقاً على مستقبل الاحتجاجات في طرابلس ولبنان، يوضح المحلل السياسي، “ميشال بوصعب” أن الفجوة بين اللبنانيين والطبقة السياسية باتت أكبر من أي وقتٍ مضى، لا سيما وان الشعب بات يرى في السياسيين أعداء داخليين، يبنون ثروات فيما تعاني البلاد من أكبر أزمة معيشية في تاريخها، مرجحاً أن تمتد المظاهرات إلى مناطق أخرى، خاصةً في ظل تعنت التيارات السياسية وحالة الشلل في ملف الحكومة اللبنانية.
خلل أمني والكارثة القادمة
التوقعات باشتداد المظاهرات ترتبط بما يكشفه الباحث اللبناني، “محمد شمس الدين”، بالكارثة التي تهدد لبنان بانهيار تاريخي لليرة أمام الدولار، والذي قال إنه قد يصل خلال الفترة القادمة إلى 20 ألف مقابل الليرة اللبنانية، مضيفاً: “أتوقع ان يجمع الجوع في الشوارع مئات آلاف اللبنانيين”، بحسب ما نقلته مواقع لبنانية.
التوقعات بوقوع الأسوء في لبنان تتمثل في حديث “شمس الدين”، الذي يشير فيه إلى أن حظ اللبنانيين سيكون جيداً في حال كانت الازمة في 2021 كما كانت عليه في عام 2020، دون أن تتعمق وتتحول إلى الأسوء، مؤكداً أن الأسعار في البلاد ستتضاعف خلال الأشهر القادمة.
إلى جانب العوامل الاقتصادية، يضيف “شمس الدين” العوامل الأمنية إلى جملة العوامل، التي من شأنها أن تزيد التوتر في الساحة اللبنانية، وتعيد المشهد إلى ما كان عليه في تشرين الأول 2019، لافتاًإلى ارتفاع معدلات الجريمة وسرقة السيارات بنسبة 117 بالمئة مقارنة بالعام الماضي وجرائم السرقة العامة بنسبة 52.
وكان لبنان قد شهد اندلاع احتجاجات عارمة شملت كافة المدن اللبنانية في تشرين الاول عام 2019، احتجاجاً على السياسيات الاقتصادية الحكومية وتصاعد الأزمة المعيشية في البلاد، وسط مطالبات بتشطيل حكومة مصغرة غير سياسية.
يشار إلى أن مظاهرات طرابلس في أيامها الأولى، ترافقت خروج مظاهرات مشابهة في العاصمة بيروت تم خلالها رفع شعارات تحمّل الطبقة السياسية مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمعيشي، حيث قطع المتظاهرون طريقاً رئيسياً في العاصمة لنحو نصف ساعة قبل أن يعاد فتحه، وسط حضور لعناصر قوى الأمن الداخلي من دون وقوع أي مواجهات.
أحجار عثرة ودائرة الحكومة
أزمة لبنان وبحسب ما يراه رجل الأعمال اللبناني “بهاء الحريري”، تتصاعد بسبب وجود أحجار عثرة في طريق حل مشاكل اللبنانيين، واصفاً حزب الله وارتباطه بالقرار الإيراني، بأنه أكبر حجر عثرة أمام تجاوز الأزمة.
أما حجرة العثرة الأخرى، فيشير “الحريري” إلى أنها تتمثل يالرئيس اللبناني، “ميشال عون”، مضيفاً: ” هناك شكل واحد لأمراء الحرب، كما نعلم هم لا يؤمنون ببناء الوطن، ليس هو فقط، بل كل أمراء الحرب في السلطة”.
يشار إلى أن مصادر لبنانية كانت قد حملت الرئيس اللبناني مسؤولية عدم تشكيل الحكومة، متهمةً إياه بوضع شروطٍ تعجيزية تهدف إلى إطالة عمر حكومة تصريف الأعمال برئاسة “حسان دياب”، خاصة مع الخلافات السياسية المتصاعدة مع رئيس الحكومة المكلف، “سعد الحريري”.
كما كان “سعد الحريري” قد أعلن نهاية العام الماضي، عن رفض الرئيس اللبناني للتشكيلة الحكومية التي قدمها، لافتاُ إلى أن الوصول إلى حكومة مستقرة أمر صعب في ظل الشروط التعجيزية المفروضة من قبل بعض التيارات السياسية.