وافق مجلس النواب التونسي مساء أمس السبت، على مشروع القانون المتعلق بتفويض رئيس الحكومة التونسية، إلياس الفخفاخ، ومنحه صلاحية إصدار مراسيم، بهدف مجابهة تداعيات انتشار فيروس كورونا المُستجد، وذلك عملًا بما جاء في الفقرة الثانية من الفصل 70 من الدستور.
فقد صوّت لصالح هذا القانون 178 نائبًا من أصل 217، في حين رفضه 17 نائبًا، وتحفظ عليه نائبان اثنان، تم ذلك خلال جلسة عامة حضرها رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ الذي دعا في كلمة له أعضاء البرلمان إلى تمكين حكومته من إصدار مراسيم مستعجلة لمواجهة الوضعية الاستثنائية الحالية، طبقًا لأحكام الفصل 70 من الدستور، وذلك لمدة شهرين.
وأكد الفخفاخ أن وقف العمل بالتفويض الجديد ” سيتم حالما ينتفي السبب الرئيسي باستعماله، أي تجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد المُتعلقة بمواجهة فيروس كورونا المستجد، لافتًا في هذا السياق إلى أن تونس “ستشهد هذا الأسبوع أقوى ذروة لانتشار الفيروس”، مؤكدًا في المقابل على ضرورة الالتزام بإجراءات الحجر الصحي الشامل لتفادي انتشار العدوى.
التفويض الجديد، سيسمح للحكومة إصدار المراسيم دون الرجوع إلى البرلمان، الأمر الذي سيمنحها الكثير من المرونة في اتخاذ القرارات، وخاصة منها المُتعلقة بتعبئة الموارد المالية للدولة من الداخل والخارج التي كانت سابقا تتطلب موافقة البرلمان.
يُذكر أن الفصل 70 من الدستور التونسي ينص في فقرته الثانية على “يمكن لمجلس نواب الشعب بثلاثة أخماس أعضائه أن يفوّض بقانون لمدة محدودة لا تتجاوز الشهرين ولغرض مُعين، رئيس الحكومة إصدار مراسيم تدخل في مجال القانون تُعرض حال انقضاء المدة المذكورة على مصادقة المجلس، يُستثنى النظام الانتخابي من مجال المراسيم”.
وشهدت الأيام الماضية صراعًا سياسيًا مستترًا بين الفخفاخ وقيادة حركة النهضة في البرلمان وعلى رأسهم الغنوشي، بعد دعوة “الفخفاخ”، منحه صلاحيات تنفيذية إضافية استثنائية، لاتخاذ قرارات خاصة بمواجهة فايروس كورونا المُستجدّ، وذلك بعد اتهامات لحركة النهضة الإسلامية، بالعمل بشكل منفرد وخارج إطار الخطط الحكومية في الإدارات المحلية التي تسيطر عليها، ما اعتبره محللون مؤشراً على تنازع بين الرئاسات الثلاث في البلاد على الصلاحيات والسلطة، لا سيما في ظل رفض النهضة السابق لمطلب رئيس الحكومة.
كما وأشارت تقارير إعلامية عربية، إلى احتمالية أن يتصاعد النزاع خلال الأيام القليلة القادمة، لا سيما وأنه لم يعد خلافاً وراء الكواليس وإنما ظهر إلى العلن، تحديداً مع محاولة رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، “راشط الغنوشي”، تصدر المشهد السياسي في البلاد، الأمر الذي دفع “الفخفاخ” بحسب التقارير، للتحرك من خلال المطالبة بمنحه صلاحية إصدار مراسيم عاجلة لمواجهة الوضعية الاستثنائية الحالية في البلاد.
بدورها، صحيفة “العرب” ووفقًا لمصادرها الخاصة، وصفت مطلب “الفخفاخ” بأنه يهدف لكسر سطوة “راشد الغنوشي” على البرلمان.
أما الرئيس التونسي، “قيس سعيد” فسبق أن أعرب قبل أيام عن استيائه مما أسماه “تحركات خفية” تتسبب بإرباك السلطة المركزية فيما يتعلق بإدارة ملف أزمة انتشار مرض كورونا في البلاد، مضيفاً: “لا مجال لأخذ قرارات من أيّ سلطة محلية دون الرجوع إلى السلطة المركزية والتنسيق معها”.
وشدد “سعيد” على وجود دولة واحدة موحّدة وأنه لا مجال في تونس لمن يريد أن يضعف الدولة ومؤسساتها، في إشارة قال المحللون إنها تستهدف حركة النهضة الإسلامية، المقربة من تنظيم الإخوان المسلمين، لافتين إلى أن الرئيس التونسي لديه شكوك بأنّ جهة ما وراء القرارات التي تمّت بشكل متزامن في مناطق تعرف بسيطرة حركة النهضة على مؤسسات الحكم المحلي فيها.