ناقش وزير الخارجية التركي هاكان فيدان طلب تركيا الانضمام إلى مجموعة البريكس. وأشار فيدان إلى أن تركيا لم تكن لتسعى للانضمام إلى البريكس لو أن اندماجها الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي أدى إلى عضوية كاملة. وأضاف أن تركيا تحاول بحسن نية الحفاظ على علاقتها مع الاتحاد الأوروبي ودفعها إلى مستوى معين، مشيراً إلى أن المفاوضات بين أنقرة وبروكسل قد توقفت على مر الزمن. وأوضح فيدان أن تركيا تعمل بنشاط على تكوين شراكات عالمية، خاصة مع مجموعة البريكس ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، مشدداً على أن اهتمام تركيا لا يقتصر على البريكس فقط، بل تتابع عن كثب أيضًا تطورات آسيان.
وقال فيدان: “نلاحظ التطور المستمر لمصفوفة القوى في عالم يضم نحو 200 دولة مؤثرة، حيث أصبحت هذه الدول النشطة أكثر كفاءة، ومع مرور الوقت ينضم إليهم المزيد من الفاعلين غير الحكوميين والتجاريين والتكنولوجيين. يجب أن تعرف أي التحالفات يجب تطويرها؛ فلا يمكن لأي دولة إدارة الأزمات العالمية دون دفع ثمن باهظ ما لم تشكل تحالفات. كل دولة مجبرة على تكوين تحالفات—تحالفات اقتصادية، أمنية، وسياسية. تمتلك تركيا تقليداً قوياً في مجال إدارة الدولة فيما يتعلق بتشكيل التحالفات والمشاركة فيها وتحمل مسؤولياتها.”
وعندما سئل فيدان عما إذا كانت دول البريكس تفكر في تشكيل تحالف فعلي مشابه للاتحاد الأوروبي، أجاب: “سننضم إليهم ونرى.” وشدد فيدان على أن تركيا تسعى إلى أشكال مختلفة من التعاون في السياسة الخارجية، قائلاً: “بعبارة أخرى، لنقل إن هناك منظمات تعاون اقتصادي أخرى تشارك فيها تركيا بفاعلية. هناك منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود، وهناك منظمات تعاون اقتصادي أنشأناها مع الدول الإسلامية، مثل مجموعة الدول النامية الثماني (D-8)”.
ويقول الخبراء إنه إذا انضمت تركيا إلى مجموعة البريكس، وهي مجموعة تُعتبر بمثابة توازن مضاد للنظام العالمي الذي تقوده الدول الغربية، فإن أنقرة ستتخذ خطوات قد تبعدها عن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والسوق الأوروبية المشتركة. وصرح مسؤول في الاتحاد الأوروبي بأن من حق تركيا أن تعطي الأولوية لسياساتها، لكنه ألمح إلى أنه إذا كانت أنقرة لا تزال تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فيجب أن تتماشى سياساتها الخارجية والأمنية مع تلك التي يتبناها الاتحاد. وتوقع المسؤول من جميع الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أن تدعم قيم الاتحاد بشكل حازم وواضح، وأن تحترم الالتزامات الناشئة عن الاتفاقيات التجارية ذات الصلة، وأن تعمل على التوافق مع السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي.
وفي العام الماضي، أفاد أعضاء البرلمان الأوروبي في مراجعتهم السنوية بأن “توافق أنقرة مع السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي قد انخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، حيث وصل إلى 7 بالمئة فقط، وهو أدنى مستوى بين الدول المرشحة لعضوية الاتحاد.” بدأت عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2005، ولكنها توقفت في عام 2018، ويرجع ذلك أساسًا إلى المخاوف الأوروبية بشأن القيود المفروضة على حرية الإعلام في تركيا، وسيطرة الحكومة على السلطة القضائية، وغياب الرقابة المدنية على قوات الأمن.
اقترح العديد من الخبراء الأتراك أن رغبة الرئيس رجب طيب إردوغان في الانضمام إلى مجموعة البريكس قد تكون محاولة للحصول على نفوذ في ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ويقول الخبراء إن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي “مجمدة”، وبالتالي يسعى صانعو القرار الأتراك إما إلى إحياء محادثات الانضمام أو أنهم يشعرون بأنه ليس لديهم ما يخسرونه من الانضمام إلى البريكس. ويشيرون إلى أن المسؤولين الأوروبيين قد جمدوا فعليًا عملية انضمام تركيا، وأنهم باتوا على وشك استبعادها من محادثات التوسع، في حين يتم إحراز تقدم في ملف انضمام دول البلقان إلى الاتحاد. ولا يرى صانعو القرار في تركيا أن عضوية البريكس تقلل من أهمية البلاد، بل يرون أنها تعزز مكانتها بطريقة قد تجعل الدول الغربية تشعر بالغيرة وتمنح تركيا فرصة أكبر لجذب انتباههم.
وأفادت تقارير إعلامية بأن تركيا قد تستخدم عضويتها في البريكس أو طلبها للانضمام إلى المجموعة كورقة ضغط وإشارة سياسية في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. وتشير التقارير إلى أن تركيا ترى في انضمامها إلى البريكس وسيلة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع روسيا والصين، ولتصبح جسراً تجارياً بين أوروبا وآسيا. في الوقت نفسه، تسعى تركيا إلى أن تكون مركزًا لتصدير الغاز من روسيا وآسيا الوسطى، بالإضافة إلى زيادة حضورها في منطقة القطب الشمالي.
جميع حقوق النشر محفوظة لصالح مركز أبحاث مينا.