أثارت الاتفاقية العسكرية بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية والتي تعتبر أحد أذرع الأخوان المسلمين، الموقعة في 26 نوفمبر الماضي، ردود أفعال دولية منددة، إذ يمثل أي جانبٍ يتعلق بالتسليح في الاتفاق خرقاً لقرارات مجلس الأمن بفرض حظر السلاح على ليبيا.
فيما رأت بعض المصادر المطلعة، أن الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان”، يعيد السيناريو الروسي في سورية، والذي تمكن من خلاله بوتين من ذرع أوتاد بعيدة الأمد في سورية، تحت ذريعة محاربة الإرهاب في البلاد، بعد طلب رئيس النظام السوري “بشار الأسد” ذلك، عبر اتفاقيات وتوافقات تهدد مستقبل سورية خلال العقود القادمة.
الاتفاقية الموقعة بين حكومة الوفاق، والحكومة التركية، تأتي في ظل نزاع تركي يشتد مع دول شرق المتوسط، حول ثروات الغاز الضخمة المُكتشفة حديثاً والحدود البحرية المشتركة خصوصاً مع قبرص واليونان ومصر، فقد تضمنت زيارة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية “فايز السراج”، إلى أنقرة توقيع اتفاق بحري، وذلك للتنقيب عن الغاز.
فالاتفاقية الموقعة بين أردوغان والسراج، والتي تشابه إلى حد كبير تلك الموقعة بين بوتين وبشار الأسد، تسمح للطرف القوي بسلب ممتلكات الدولة الغنية، مقابل تقديم الحماية للطرف الموالي لها، والذي اقترب من الانهيار عسكرياً وسياسياً، بحسب ما يراه الخبراء.
من جانبه، أدان البرلمان الليبي، توقيع المذكرة، معتبرا إياها “خيانة عظمى”، وغير دستورية وأنها تدخل في حق أصيل للبرلمان الليبي، كما أصدرت بضع مدن وقبائل ليبية بيانات، استنكرت فيها ما قامت به حكومة الوفاق بهذا الصدد.
استنكار دولي
تحركت بضع دول عبر قنواتها السياسية والدبلوماسية لرفض هذا الإجراء خصوصًا فيما قيل إنه اتفاق بحري بين تركيا وليبيا ومن هذه الدول: مصر، واليونان، والشطر اليوناني من قبرص.
فقد وصفت اليونان، الاتفاق بأنه غير معقول من الناحية الجغرافية، ويتجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين التركي والليبي.
كما استدعت الخارجية اليونانية السفير التركي لديها، وأدانت الاتفاق مشيرة إلى أنه لا يمكن أن ينتهك سيادة دولة ثالثة، وأن هذا الإجراء انتهاك واضح لقانون البحار الدولي ولا يتماشى مع مبدأ حسن الجوار الذي يحكم بين الدول، إضافة إلى إعطاء مهلة خمسة أيام لحكومة الوفاق للانسحاب منها، أو انتظار سحب الاعتراف بالحكومة الليبية التي يديرها السراج.
أثار أحد بنود الاتفاقية (الحفاظ على الأمن وحماية سيادة ليبيا)، إشارات استفهام، كما وردت فيها نقطة هي الأكثر جدلًا دوليًّا وإقليميًّا وهي (حماية الحقوق البحرية للبلدين وفق القانون الدولي) علمًا أن السواحل التركية لا تقابل سوى جزء بسيط من السواحل الشرقية لليبيا والواقعة تحت سيطرة البرلمان الليبي وليس حكومة الوفاق.
كما اعتبر محللون أن بنود الاتفاقية، كانت مجرد تمويه لنوايا خبيثة، وهي التدخل العسكري في ليبيا بصورة أكبر، والسيطرة على طرابلس، ذلك أن مدة الاتفاقية 10 سنوات يدفع الجانب الليبي فيها، مبلغ 2 مليار دولار سنويًّا لأنقرة.
وكشف قيادي في ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق الوطني، قربَ وصول أسلحة تركية جديدة إلى العاصمة طرابلس
أعلن آمر سلاح المدفعية التابعة لحكومة الوفاق، العقيد “فرج مصطفى إخليل”: قريبًا سوف نملك المبادرة من جديد بوصول دعم نوعي، وفي انتظار رجوع باقي الكوادر التي يتم تدريبها بالخارج.
كما نشر على صفحته بموقع فيسبوك: كذلك ستشهد الساحة رجوع الطيران الحربي والمسير لقواتنا بكثافة، إضافة إلى قوة بأطقم ليبية، وهدد “إخليل” باقتحام ترهونة وبني وليد بعيد وصول المعدات الجديدة وبظرف 25 يومًا، على حد تعبيره.
ورد في الاتفاقية أيضا، إمكانية إنشاء قواعد عسكرية تركية تحديدًا في مدينة زليتن ومصراتة مع احتمالية زيادة القواعد حسب الحاجة وحسب المدن.
ولعل أخطر ما ورد في المذكرة هو إتاحة المجال للقوات التركية لاستخدام المطارات والطرق الليبية لأغراض عسكرية، مضيفًا أن بعض النقاط الأخرى تقترب من محاولة استنساخ اتفاقية تركيا قطر ،2015 والتي سمحت بزيادة أعداد القوات التركية، حتى وصلت بنهاية عام 2017 إلى 10 آلاف جندي تركي بقطر، من خلال قاعدة تركية تنشأ لهذا الغرض بين مدينتي مصراته وزليتن.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.