تصعيد أوروبي جديد وشيك ضد الحكومة التركية، على خلفية أزمة حقول الغاز في شرق المتوسط، مع اقترح نواب أوروبيين فرض عقوبات على تركيا، تتضمن حظر بيع السلاح إلى تركيا، لإجبارها على الحد من أنشطتها في عمليات تنقيب الغاز شرق المتوسط.
وسبق لوزير الخارجية اليوناني، “نيكوس داندياس” أن طالب الاتحاد الأوروبي بالمزيد من الإجراءات لدعم موقف أثينا في مواجهة أنقرة، لافتاً إلى أن بلاده كانت تنتظر خطوات أكثر تشدداً تجاه الأنشطة التركية في المتوسط.
حبل جديد يلتف حول رقبة الأتراك
في الحديث عن أثار السياسة التركية حول أزمة الغاز، يشير الباحث، “عمر أقطاي” إلى ضرورة التفريق بين أثار العقوبات الأوروبية المحتملة على الحكومة التركية من جهة وعلى الشعب التركي من جهة أخرى، مضيفاً: “آثار العقوبات الأوروبية قد تدعم خطة العدالة والتنمية الانتخابية، على اعتبار أن الحكومة الحالية، تسعى لترسيخ صورتها لدى الناخبين كحكومة وطنية تواجه ضغوطاً دولية، بالإضافة إلى التغطية على سوء الأوضاع الداخلية السيئة، وتغليفها بالمؤامرات الخارجية وإبعادها عن فشل إدارة الحكومة للكثير من الملفات”.
وتعاني تركيا من ضغوط اقتصادية كبيرة، مع تواصل انهيار سعر صرف الليرة التركية لمستويات قياسية، مع ارتفاع معدلات التضخم خلال العام الحالي إلى 12 في المئة، ووصول الدين العام إلى 240 مليار دولار.
في السياق ذاته، يعتبر “أقطاي” أن المتضرر الوحيد من أي عقوبات اقتصادية جديدة، هو الشعب التركي ومعيشته، التي ستتأثر بشكل واضح وصريح، موضحاً أن حكومة العدالة والتنمية منذ بداية الأزمة الاقتصادية قبل 6 سنوات تقريباً، كانت تسعى للظهور وكأنها ضحية لسياسات وتحالفات دولية، تارة من خلال سعيها لترسيخ فكرة المؤامرات السياسية، وتارة أخرى من خلال الخطابات النارية لمسؤولي الحكومة التركية.
وكان رئيس الحكومة الأسبق، المنشق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، “أحمد داوود أوغلو” قد كشف أن الليرة التركية فقدت ما يقارب 155 في المئة من قيمتها، منذ عام 2016 وحتى اليوم، مضيفاً: “عندما تسلمت الحكومة 2016، كان سعر صرف الدولار 2.85 ليرة، اليوم هم يحاولون الاحتفاظ بها عند سعر صرف 7.30 مقابل الدولار”.
أوراق مختلطة ومرحلة عابرة
تعليقاً على الأزمة الحالية، يوضح الباحث في الشؤون التركية، “صالح القناوي” أن الأزمة التي تمر بين تركيا والاتحاد الأوروبي حيال الغاز، لن تتعدى كونها ورقة انتخابية تستعملها الحكومة الحالية لتجاوز أزمة تراجع شعبيتها والانشقاقات وتصعيد المعارضة التركية ضدها، مشيراً إلى أن تركيا تدير المعركة مع الاتحاد الأوروبي لحدود معينة، ولن تتعداها إلى مستوى المواجهة المباشرة أو الصدامات.
كما يعتبر “القناوي” أن كل الأزمة الراهنة وبكل تفاصيلها، ليست إلا محاولة من الرئيس “رجب طيب أردوغان”، وحكومته، لخلق شماعة تعلق عليها فشلها الراهن، مضيفاً: “كل التصعيد التركي الحالي هدفه دفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية تجاه أنقرة، ما يمكنها من إشغال الشعب بذلك التصعيد، وخلق انتصارات وهمية على المستوى الخارجي عبر حقول الغاز”.
وكان المشهد السياسي التركي، قد شهد خلال السنوات الماضية، تراجعاً شعبية العدالة والتنمية داخل المجتمع التركي، وسط تصاعد الانشقاقات من صفوف قيادته، من بينها رئيس الحكومة التركية ورئيس الحزب الأسبق، “أحمد داوود أوغلو”، ووزير الاقتصاد الأسبق، “علي باباجان”، الذين شكلا حزبين جديدين انضما إلى التيار المعارض.
تزامناً مع تحليلات “قناوي”، تستبعد الخبيرة في العلاقات الأوروبية-التركية، “سيلفيا ليشت”، أن تتجه الحكومة التركية إلى تصعيد الموقف مع أوروبا، والوصول إلى صدام عسكري، مؤكدةً أن بعد تركيا غير قادرة على الانخراط بنزاعات جديدة، خاصة من تورطها في عمليات عسكرية في كل من سوريا وليبيا.
كما تربط “ليشت” تأزم الموقف بين اليونان وتركيا، بسوء الموقف الداخلي للحكومة التركية، والحزب الحاكم قبل الانتخابات القادمة، مشددة على أن أزمة شرق المتوسط ستقف عند حد التجاذبات والأخذ والرد السياسي.