هيئة التحرير
ناقوس خطر لأزمة جوع وفقر في لبنان يدقه هذه المرة رئيس الحكومة، “حسان دياب”، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم اقتصاد بلاده لمواجهة المحنة الحالية، التي تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ لبنان، مع ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 7 آلاف ليرة لبنانية.
وشهد لبنان خلال الأسابيع الماضية، احتجاجات شعبية واسعة مطالبة بإسقاط الحكومة ونزع سلاح حزب الله، وتشكيل حكومة مستقلين من خارج الطبقة السياسية الحالية.
أزمة الدولار
تعليقاً على تصريحات “دياب” يشير مصدر لبناني خاص، إلى أن تفاقم الأزمة خلال الشهور الست الأولى من العام الحالي، سببها عدم قدرة الحكومة على تأمين الحماية للدولار في السوق المحلي، وعجز رئيسها عن كف يد حزب الله عن موارد الدولار واستمراره في تهريبها إلى سوريا عبر المنافذ غير الشرعية، التي يديرها الحزب بين لبنان وسوريا.
وبحسب الإحصائيات الرسمية فقدت الليرة اللبنانية ما يصل إلى 78 بالمئة منذ تشرين الأول2019، في حين تم الإعلان عن تشكيل حكومة “دياب” نهاية العام ذاته.
إلى جانب ذلك، يرى المصدر أن الحل الوحيد للأزمة اللبنانية يكمن في إسقاط الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة جديدة قادرة على الحد من سطوة حزب الله، على الأقل في مجال تهريب العملة وإغلاق المنافذ البرية غير الشرعية، مضيفاً: “أي مساعدات أو قروض قد تحصل عليها الحكومة الحالية، ستكون ثروة لحزب الله، الذي بدوره سيحولها إلى النظام السوري وإيران، الجميع رأى عجز دياب عن فرض القرار الحكومي مقابل مصالح حزب الله، لا فائدة من أي دعم مالي في ظل بقاء الحكومة الحالية”.
وكان صندوق النقد الدولي قد رفض منح الحكومة اللبنانية قرضاً مالياً بقيمة 10 مليارات دولار، بسبب عجزها عن إغلاق المنافذ غير الشرعية بين سوريا ولبنان، حيث صرح حينها الأمين العام للحزب، بأن المنافذ لن تغلق وأن القرار الحكومي لن ينفذ.
انهيار الليرة يربطه أيضاً وزير المالية اللبناني السابق، “ناصر السعيدي” بفقدان الموطن اللبناني ثقته في عملة بلده والنظام المصرفي عموماً، وتحول العمليات التجارية، بما فيها عمليات البيع بالتجزئة، إلى نظام البيع بالدولار، لافتاً إلى غياب أي مسار واضح لمستقبل العملة في لبنان.
سياسات مدمرة
زيادة معدل طباعة الليرة اللبنانية، التي اعتمد عليها المصرف المركزي لتغطية النفقات الحكومية من رواتب موظفين وغيرها، يرى فيها الوزير السابق “السعيدي” واحداً من عوامل انخفاض سعر صرفها، لافتاً إلى أن الاقتصاد اللبناني دخل فعلياً في مرحلة المجهول.
وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت خلال الأشهر الماضية، عن خطة إصلاح اقتصادي، قابلت رفضاً سياسياً ومالياً واسعاً داخل البلاد، متهمينها بمحاولة الاستيلاء على ودائع اللبنانيين في البنوك، على اعتبار أنها تمنح نفسها الحق باستخدام جزء من تلك الودائع.
في السياق ذاته، يلفت المصدر في حديثه لمرصد مينا، إلى أن الحلول، التي ابتكرتها حكومة “دياب” كانت مدمرة ومعمقة للأزمة، وكانت تهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي وتأجيل الخراب بدلا من إيجاد حل جذري للأزمة المالية، مشدداً على أن الأزمة الأساسية للاقتصاد اللبناني ترتبط بأزمة الدولار، التي ساهمت برفع الأسعار وزيادة معدلات التضخم وانخفاض القدرة الشرائية لليرة.
وبحسب الإحصائيات، فقد أكثر من مليون لبناني وظائفهم خلال الأزمة الحالية، في حين ارتقع معدل الفقر في البلاد إلى أكثر من 51 في المئة.
تجاوز الأزمة المالية الحالية، يتطلب ضخ مبلغ 10 مليارات دولار في الخزينة اللبنانية، وفقاً لما تؤكده المحللة الاقتصادية، “كوثر حنبوري”، مشيرةً إلى أن لبنان والحكومة اللبنانية مطالبين بمنح الدول الكبرى ضمانات ومؤشرات على القيام بالإصلاحات المطلوبة للحصول على تلك الأموال.
أزمة اقتصادية بخلفية سياسية
تفاقم الأزمة وانتقال الشارع اللبناني إلى المطالبة بشكل مباشر بنزع سلاح حزب الله، سيخلق ضغط على حلفائه، خاصةً في التيار الوطني الحر، يقول المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته- لافتاً إلى أن الأجواء حالياً داخل التيار تميل إلى ضرورة اتخاذ موقف متوازن مع الشارع حيال سياسات حزب الله.
وكانت الفترة الماضية قد شهدت إطلاق عدد من قياديي التيار، الذي يتزعمه وزير الخارجية السابق، “جبران باسيل”، دعوا فيه الحزب إلى المفاضلة بين سلاحه وبين مصالح لبنان، خاصة وأن الكثير من الجول المناحة أوقفت مساعداتها المالية للبنان، بسبب سطوة الحزب.
كما يلفت المصدر إلى أن الموقف بين التيار والحزب قد يتوتر في حال تصاعد الضغط الشعبي وتفاقم الأزمة في الشارع اللبناني، لا سيما وأن العلاقة بين الطرفين قائمة على أساس المصالح السياسية وليس التوافق العقائدي كما هو الحال بين حزب الله وحركة أمل، لافتاً إلى أن “باسيل” و”عون” لن يتمكنا من مواجهة الشارع المسيحي في حال اتخاذ الأمور مجرى الصدامات بين المتظاهرين وأنصار حزب الله.