نشرت “مونيتور” الأمريكية تقريرأ موسعً حمل عنوان” اطماع تركيا تتجاوز النفط السوري”، وجاء في تقريرها أن “الكرد السوريون ينظرون بعين القلق للخطط التركية والتي تمتد إلى أبعد بكثير من الاستحواذ على حقول النفط في منطقتهم”. وتابعت القول اعتمادًا على ما أسمته (مراقبين) أن الهدف الاستراتيجي لأنقرة هو القضاء تمامًا على المنطقة التي تُدار ذاتيًا في شمال شرق سوريا، والتي تُعرف باسم “روج آفا” أو كردستان سوريا بحسب ما تم نشره في تقرير لموقع ” المونيتور” الأمريكي.
ونقلت مونيتور عن آمد سيدو، مسؤول الاتصال بين قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والتحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية (داعش)، “إن هذا صحيح”، حيث قال سيدو مؤخراً للمونيتور أن أنقرة تخطط للسيطرة على مزيد من المناطق التي حرّرتها قوات سوريا الديمقراطية من داعش. وأضاف:
“يتضح ذلك من خلال قصف تركيا المستمر لريف تل أبيض ومنبج وعين عيسى وتل تمر ومناطق أخرى”.
وبحسب التقرير ذاته إن مجلس تل تمر العسكري التابع لقوى سوريا الديمقراطية قد تمكن في 24 آذار / مارس من الرد على قصف مدفعي من قبل الجيش التركي والفصائل المعارضة السوريّة المسلحة والذي استهدف قرى العريشة وأم كيف وعينك الهوى في ريف تل تمر، وهي منطقة ذات أغلبية مسيحية، ولم ترد أنباء عن سقوط ضحايا.
كما أفادت مصادر عسكرية لوسائل الإعلام المحلية أن مدنيًا وجندياً سورياً أصيبوا بجروح خلال قصف عنيف نفذته قوات المعارضة السورية يومَي 15 و 16 آذار/ مارس على قرى في ريف تل تمر وتل أبيض شمال الرقة ولم ترد انباء عن سقوط ضحايا.
في نفس السياق اندلعت اشتباكات عنيفة في 23 آذار/ مارس بالقرب من تل أبيض بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل المعارضة السورية الموالية لأنقرة. ويُذكرأن ذلك جاء نتيجةً للهجمات التي شنتها الفصائل على القواعد العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية والتي قتلت 15 مقاتلاً وزعيمًا بارزًا من المرتزقة. وبحسب المصادر العسكرية نفسها، قصف الجيش التركي ومقاتلو المعارضة قريتي عين عيسى وتل أبيض وكذلك الطريق السريع M4.
وقد أشار تقرير المونيتور،أنه تم تداول تقارير في وسائل الإعلام في 27 آذار / مارس حول تفاهمات جديدة من المُتوقع أن يتم التوصل إليها قريبًا بين الإدارة الذاتية ودمشق، تحت رعاية روسيا. وبحسب التقارير، فقد التقى المسؤولون الروس في 25 مارس / آذار بقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني في القامشلي لهذا الغرض.
في سياق متصل أوضحت الكاتبة والصحفية نالين بوتان للمونيتور، “إن المبادرة ليست جديدة.. لكن الكرد لا يثقون بالجانب الروسي أو النظام السوري. كما أن روسيا اقترحت مبادرات مماثلة في الماضي. ففي يومي 3 و4 شباط/ فبراير، التقى وفد من الإدارة الذاتية مع وزيرَي الدفاع والخارجية الروس في قاعدة حميميم الجويّة في اللاذقية”.
وأضافت بوتان أن “الوفد والوزراء توجهوا بعد ذلك إلى دمشق حيث التقوا برئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك، وفي ذلك الوقت وعد الجانب الروسي [الأكراد] بدعم وضمانات شاملة كصفقة بين الإدارة الذاتية ودمشق، لكن ذلك لم يحدث، وبعد [الاجتماع] نفى الرئيس السوري حضور الأكراد وقضيتهم [التاريخية] في سوريا في تصريحات أثارت انتقادات لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي..إلا أن الكرد لم يقفوا مكتوفي الأيدي حيال ذلك بل سارعوا في عرض وثائق تثبت وجودهم التاريخي في سوريا، وبالتالي لم يعد يثق الأكراد في الجانب الروسي ولا في حكومة دمشق”.
وفيما يتعلق بعلاقات قوات سوريا الديمقراطية مع موسكو وواشنطن، قال سيدو للمونيتور:
“لا توجد ضمانات موثوقة من الجانبين الروسي والأمريكي. كان لدينا نصيبنا من التجارب المريرة معهم..حيث لعب الروس دوراً خطيراً في السماح لتركيا باحتلال عفرين قبل عامين، بينما كان للولايات المتحدة موقف ضبابي أدى إلى احتلال رأس العين وتل أبيض وبقية القُرى والبلدات التي احتلها داعش سابقاً..وقد تم تحريرها في وقت لاحق من قبل قوات سوريا الديمقراطية”.
وأردف سيدو قائلاً : “لقد قدمت قوات سوريا الديمقراطية تضحيات كبيرة خلال المعارك لتحرير تلك المناطق، لكنها اليوم تحتلها تركيا والجماعات المسلحة السورية التابعة لها “.
في 5 مارس، ذكر موقع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنه تم نشر 6000 مقاتل من الفصائل السورية التابعة لأنقرة في المناطق الريفية حول تل أبيض. وقال سرهدلان كوباني، أحد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية من كوباني، للمونيتور عبر الهاتف أن تركيا تجنّد أحيانًا مقاتلين مسلحين من فصائل المعارضة السورية في نية منها لشن هجوم على المنظقة.
ولم يستبعد كوباني قيام تركيا بشن عملية عسكرية ضد أي من المدن والبلدات أو كلها على الشريط الحدودي السوري التركي والوصول إلى حقلي النفط في الرقة ودير الزور. لكنه أكد أن “قوات سوريا الديمقراطية في استعداد تام دائمًا لحماية مدن روج آفا من أي هجوم مُحتمل من الجانب التركي لاحتلال كوباني ومنبج وتل رفعت ومناطق شرقي الفرات”.
في غضون ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم 10 آذار إنه اقترح على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإدارة المشتركة لحقول النفط في دير الزور. وقال إن بوتين كان يُقيم الاقتراح. وقال أردوغان للصحفيين إنه قدم طلباً مماثلاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أما أبو عمر الإدلبي، القائد العام لـ لواء” الشمال الديمقراطي”، فقد صرح بدوره لـ “المونيتور”: “إن تركيا تتطلع إلى النفط والغاز السورييَن، بما في ذلك في دير الزور، التي تضم أحد أكبر حقول النفط السورية.حيث تسعى تركيا إلى قضم المزيد من الأراضي السورية بحجة حماية أمنها القومي. كما تسعى الحكومة التركية للحصول على موارد الطاقة التي كانت تتلقاها سابقًا من داعش. ذلك أن أنقرة فقدت تلك الإمدادات عندما قضت قوات سوريا الديمقراطية على داعش “.
وبالحديث عن مؤتمر آستانة وسوتشي أضاف الإدلبي: “يهدف مؤتمر أستانا وسوتشي إلى إبرام وتنفيذ اتفاقيات بين موسكو وأنقرة.. حيث ترغب روسيا في امتلاك النظام السوري القوة العسكرية الكاملة على إدلب وعلى كامل الأراضي السوريّة. وهذا يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالأزمة السورية، وعلى الأخص القرار (2254) الذي ينص على حل سياسي شامل وكامل وعادل لجميع السوريين”.
وأضاف: “هذا القرار أولوية بالنسبة لنا وقد استغلت تركيا ذلك كفرصة ذهبية لقضم وضم مناطق جديدة في شمال سوريا، متذرعةً بأمنها القومي، وهذه المرة تخطط تركيا للاستيلاء على النفط السوري من خلال إبرام صفقة مع روسيا”.