يسيل اللعاب الروسي لقضم المزيد من سواحل البحر الأبيض المتوسط، فبعد أن تحققت المخططات القيصيرية الروسية في الوصول إلى المياه الدافئة في المتوسط، بعد أكثر من مئة عام على وضعها، تريد روسيا اليوم الاستفادة من الثورة اللبنانية لتوسيع امتدادها في سواحل البحر الأبيض المتوسط، وربط مراكزها على شواطئه في سوريا، بالمزيد من نقاط السيطرة على الساحل اللبناني، وهذا ما لن تسمح به الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك نشاطاً عسكرياً جيداً في المتوسط قريباً من سواحل لبنان، في قبرص اليونانية.
وفي الوقت الذي تسارع فيه الدولتان –روسيا وأمريكا- إلى التصريح بأن الأزمة اللبنانية هي أزمة محلية، ويجب أن تبقى خارج الحسابات والتدخلات الدولية لكسب المزيد من الوقت في ترتيب الأوراق، سارعت الإدارة الأمريكية للرد على التصريحات الروسية بهذا الخصوص.
وجاء الرد الاميركي قوياً واضحاً، حيث لم تصدر الولايات المتحدة اليوم بياناً للرد على تصريحات مسؤولين روس يعلنون رفض موسكو لأي محاولات للتدخل الخارجي في الشؤون اللبنانية، ففي خلفية التصريح، تلميح إعلامي قوي إلى دور أمريكا، كان قد عبَّر عنه السفير الروسي في لبنان “الكسندر زاسبيكين” ورأى فيه أن “أزمة العملة في لبنان هي خطة أميركية لإحداث الفوضى”، وهو ما دفع الولايات المتحدة للردّ، في مقطع فيديو تحدثت فيه المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان اورتاغوس.
قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية “مورغان اورتاغوس”؛ إن الحكومة الروسية “سعت للتشكيك في مطلب الشعب اللبناني لوضح حد للفساد المستشري وسوء الإدارة من خلال الإساءة الى تصميمهم على الاصلاح ووصفهم ما يجري بأنه مؤامرة أميركية”، مشددة على أن “ذلك غير صحيح”، وأضافت “مورغان”: “لقد رأينا روسيا تكرر هذه القصة الخاطئة في مختلف انحاء العالم، أينما قرر الناس مطالبة حكوماتهم بالمزيد”.
وقالت المسؤولة الأمريكية: “المظاهرات الشعبية التي اندلعت في لبنان وشاهدناها في الاسابيع الماضية، أظهرت أنها تمثل عددا كبيراً من السكان اللبنانيين الذين يعملون معاً من اجل مساءلة قادتهم”، مشيرة إلى أن أية رواية معاكسة “تمثل إهانة صريحة لالتزام اللبنانيين بمستقل أكثر إشراقاً وحكومة خالية من الفساد تستجيب لاحتياجات الشعب اللبناني”.
وأضافت “مورغان” في حديثها حول التدخل الروسي في لبنان: “قد تستمتع روسيا بنشر الأكاذيب والتصريحات التي تصب الزيت على النار لكن الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني”، لافتة إلى أن الولايات المتحدة “عملت عن كثب مع لبنان لأكثر من عقدين من الزمن، لتقوية مؤسسات الدولة وتعزيز الاستقرار وزيادة النمو الاقتصادي من خلال الامن والتنمية والمساعدات الانسانية”.
وأمريكا إذ ترد اعلامياً على تلميحات روسيا، بتقنية المواجهة، هي لا تنفي الاتهام الروسي بالمؤامرة فحسب، بل هي تحاول ردع روسيا عن الدخول إلى المشهد السياسي اللبناني وفرض نفوذ لها فيه، واتبعت استراتيجية إعلامية قائمة على ثلاثة محاور في مقطع الفيديو نفسه هي:
المحور الاول: يقوم على تكذيب المزاعم الروسية، والانتقال من الدفاع الى الهجوم عبر القول إن “هذه القصة الخاطئة تتكرر في مختلف انحاء العالم، أينما قرر الناس مطالبة المزيد من حكوماتهم”.
أما المحور الثاني: فيقوم على التأكيد بأن الولايات لن تتخلى عن دعم لبنان، بتعهدها الاستمرار في الوقوف الى جانب الشعب اللبناني، وتفصيل حجم المساعدات بمليارات الدولارات منذ العام 2006، مقابل المساعدات الروسية الصغيرة في السنة الاخيرة. وهي رسالة ردع، تقصد منها العجز الروسي عن ملء الفراغ.
بينما يستند المحور الثالث: إلى إعلان “الوقوف بفخر الى جانب الشعب اللبناني”، وهي رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة لن تخلي الساحة اللبنانية. تتصدى فيها لروسيا التي تتواجد في سوريا وقد تحاول التمدد الى لبنان، في وقت اختارت الصين الحياد، وعبّرت بوضوح عن ذلك بالقول “إننا ليست لدينا النية أن نكون بديلاً من أميركا في لبنان، وليست لدينا القدرة على ذلك”.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.