تزامناً مع انتشار وباء كورونا في إيران وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، يظهر خطر جديد في إيران يهدد حياة مرضى السكر، جراء عدم توفر علاج الأنسولين في الصيدليات، ما أحدث حالة من القلق في المجتمع الإيراني على صحة تلك الشريحة من المرضى، بحسب ما يؤكده ناشطون إيرانيون لمرصد مينا.
وكان رئيس مؤسسة الأدوية والأغذية الإيرانية، “محمد رضا شانة”، قد أقر خلال اليومين الماضيين، بوجود أزمة بالنسبة لكميات الأنسولين المتوفرة في الأسواق الإيرانية، مرجعاً إياها إلى عجز الحكومة عن إستيراد الكميات الكافية، بسبب العقوبات المفروضة عليها.
إبحث في ملفات الفساد والسوق السوداء
الحديث عن دور العقوبات في أزمة الأنسولين، يفتقد للكثير من الدقة، بحسب ما يؤكده “رضا” أحد الصيادلة في العاصمة الإيرانية طهران، والذي تحفظ على ذكر اسم عائلته خشية الملاحقة الأمنية، لافتاً إلى أن عمليات الفساد والتهريب إلى خارج الحدود، هي المسؤول الأول عن أزمة الأنسولين، خاصة في ظل وجود مجموعة من الفاسدين المسيطرين على قطاع الأدوية، على حد قوله.
إلى جانب ذلك، يشير “رضا” لمرصد مينا، إلى أن العقوبات على إيران موجودة منذ عقود، أما أزمة فقدان الأنسولين بدأت بالظهور بشكل كبير منذ مطلع الشهر الماضي، متهماً بعض الجهات داخل المنظومة الطبية وعدد من المتنفذين الإيرانيين، بخلق الأزمة لتنشيط السوق السوداء وممارسة الاحتكار، دون النظر إلى التبعات الخطيرة على حياة المرضى ولا على الآثار الاقتصادية، التي ستلحق بالصيادلة.
يشار إلى أن أزمة الأنسولين تفاعلت على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن مجموعة من الصيادلة والأطباء رفعوا خلال الأيام القليلة الماضية، رسالة إلى الرئيس “حسن روحاني” يشكون إليه فيها الوضع الصعب لمرضى السكري في ظل عدم تمكنهم من تأمين الحقن والجرعات المطلوبة.
حديث “رضا” حول تنشيط السوق السوداء والتلاعب بالأسعار، يؤكده أحد زملاءه، الذي رفض أيضاً الكشف عن هويته، لأسباب أمنية، واختار اسم “مجتبى”، كاشفاً خلال حديثه مع مرصد مينا، أن أقلام الأنسولين تباع حالياً بأسعار أعلى من المعدل الطبيعي بما يتراوح بين 7 إلى 10 أضعاف، وفي مراكز محدودة ومعروفة.
كما يكشف “مجتبى” العامل ضمن فرق وزارة الصحة الإيرانية، أن إيران استوردت قبل الأزمة الحاصلة، ضعفي الكمية المطلوبة من الأنسولين، ولكن أكثر من ثلثي تلك الكمية تم فقدانها دون معرفة مكانها، مؤكداً على أن قطاع الأدوية حالياً تسيطر عليه مافيات من تجار الأزمات.
التهريب وشبكات جني الدولار
غير بعيد عن الأسواق السوداء ومافياتها، كان لشبكات التهريب حصتها من أزمة الأنسولين، كما يشير “مجتبى”، لافتاً إلى أن كميات كبيرة من الأدوية تهرب عبر شبكات محمية من قبل مسؤولين في النظام الإيراني، موضحاً: “الحكومة بدورها تحولت إلى مهرب أدوية، على اعبتار أنها عمليات تؤمن لها الحصول على الدولار، في ظل الأزمة الاقتصادية والحصار، فالنظام يحاول الاستفادة من انهيار العملة وفرق سعر صرف الدولار من خلال عمليات التهريب لتأمين أموال إضافية”.
في السياق ذاته، يكشف “مجتبى” أن أكبر عمليات تهريب الأنسولين كانت تتم باتجاه الأراضي العراقية، لا سيما وأن معظم المنافذ الحدودية بين البلدين كانت تديرها على الجانب العراقي ميليشيات موالية للنظام الإيراني، مؤكداً أن الكميات المهربة باتجاه العراق خلال الأشهر الأخيرة، تكفي لسد حاجة السوق الإيرانية وحل الأزمة.
وكانت وزارة الصحة الإيرانية قد كشفت في وقت سابق عن تصاعد عمليات تهريب الأدوية إلى خارج إيران، بما فيها الأدوية المستودة والنادرة.
كما يوضح “مجتبى” أن الأزمة الحالية تهدد حياة أكثر من 6 ملايين إيراني مصاب بالسكري، بينهم 700 ألف بحالة مزمنة وهم بحاجة إلى الحصول على الأنسولين بشكل مستمر ويومي، مضيفاً: “القطاع الطبي عموماً يعاني من تسلط الفاسدين واللصوص، ففي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن دور العقوبات في الأزمة الطبية، فإن نحو مليار ونصف المليار دولار، كانت مخصصة لدعم القطاع الطبي في إيران تم فقدانها من الموازنة، ولا أحد يعلم أين ذهبت”.
يشار إلى ان الحكومة الإيرانية سبق وأن اشتكت من النقص الحاد في الدولار، والذي أثر على قدرتها على استيراد الكثير من المواد الأساسية بما فيها الطبية.