هيئة التحرير (مرصد مينا) – أثارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، مجدداً قضية أبناء مقاتلي تنظيم «داعش» في شمال شرقي سوريا، مشيرة إلى أنها أصبحت معضلة إنسانية لا يوجد لها حتى الآن حلول دولية موحدة إذ يوجد 900 طفل في المخيمات.
وقالت الصحيفة، إن الدول الغربية ترفض استعادة أبناء مسلّحي تنظيم «داعش» من الأصول الأوروبية، والذين ينحدرون من أكثر من 30 دولة، محتجزين في مخيمات للنازحين بين قسوة الاحتجاز ورفض أوطانهم لهم في شمال شرقي سوريا، ومنها دول أوروبية. مبديةً عن استغرابها من طريقة تعامل الدول الأوروبية لرعاياها من أبناء التنظيم، والأسلوب الذي تتبعه في معالجة أوضاعهم خاصة الأطفال الذين فقدوا والديهم في القتال.
وتحدثت «نيويورك تايمز» في تقريرها عن إرسال فرنسا لطائرة طبية الشهر الماضي، أقلت فتاة فرنسية تبلغ من العمر 7 سنوات، كانت على وشك الموت لأنها لم تتلق رعاية طبية عاجلة، وتركت وراءها والدتها وشقيقان وأخت، في إشارة إلى قدرة البلدان على إعادة أطفالها عندما تريد.
تهديد للصحة العقلية والجسدية
من جانبها انتقدت الباحثة في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، ليتا تايلر، السلوك الفرنسي، قائلة: «عندما يتعلق الأمر بردود حكومات مثل فرنسا التي تتحدث عن حقوق الإنسان، أخرجت طفلة واحدة»، متسائلة: لماذا لا تأخذ الأسرة بأكملها؟
وكانت منظمات مدنية، وجماعات عاملة في حقوق الإنسان، قد رأت أن «ترك الأطفال في سوريا، يهدد صحتهم العقلية والجسدية، ويخاطر بتلقينهم إيديولوجية تنظيم (داعش)، إضافة إلى نقص الغذاء والمياه النظيفة وتفشي الأمراض المعدية»، إذ أن تسعة أطفال من أبوين أوروبيين قضوا بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، كما أعادت في وقت دول مثل روسيا وكوسوفو وتركيا وأوزبكستان وكازاخستان بعضاً من أطفالها، فيما تتردد باقي الحكومات الغربية في استعادة الأطفال الذين ينحدرون من أصول أوروبية.
وفي هذا الصدد، تعمل شبكة من النشطاء والمحامين في أوروبا وأميركا الشمالية على دفع الحكومات لإعادة الأطفال إلى منازلهم بحجة أنهم لم يختاروا الذهاب إلى سوريا ويجب عليهم ألا يحملوا ذنب آبائهم.
قنابل موقوتة
وفق التصريحات الصادرة عن المسؤولين في الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا، فإن الأرقام تؤكد وجود أكثر من 1000 مقاتل أجنبي من المنضمين لتنظيم «داعش» في معتقلات قوات سوريا، بالإضافة لوجود أكثر من 13000 محتجز في مخيمات تديرها في شمال شرقي سوريا، وجميعهم من أفراد عائلات مقاتلي التنظيم الأجانب من نساء وأطفال. وحذّر مسؤولو الإدارة من أن هؤلاء يشكلون مع آلاف من أفراد عائلاتهم ليس عبئاً فقط على الإدارة الذاتية، وإنما شبه قنابل موقوتة قد تكون وجودها خطراً في أي وقت، خاصة مع تزايد حالات التمرّد والاستعصاء تارةً، ومحاولات الاغتيال لمن يرفض الانصياع لهم تارةً أخرى. خاصة وأن الدول الأوروبية ذاتها قالت إن هؤلاء الجهاديون وعائلاتهم أحد أبرز التحديات التي تواجهها الحكومات الأوروبية منذ إعلان القضاء على أخر معاقل «الخلافة» المزعومة في بلدة الباغوز في ريف مدينة ديرالزور السورية، والتي كان التنظيم «الجهادي» أقامها في سوريا والعراق.
العراق ليس حلاً
بعد نشر عدد من المواقع والصفحات الإخبارية المحلية، والعالمية، أنباءً حول تسليم قوات سوريا الديمقراطية، لأكثر من 150 مقاتل من «داعش» من عراقيين وأجانب، إلى حكومة بغداد، بموجب اتفاق على أن يشمل ما إجماله 502 مقاتل من عناصر التنظيم، لأن العديد منهم وقت سقوط الموصل عبروا بعدها الحدود إلى داخل الحدود السورية.
لكن ما يجب قوله؛ إن قوات التحالف الدولي على علم تام بالأعداد والأسماء، لأنها كانت تسجل برفقة قوات سوريا الديمقراطية، أسماء جميع الأشخاص الذين كانوا يغادرون في قوافل المدنيين، وتستجوبهم، وكثير من الذين غادروا قرية الباغوز، في قوافل المدنيين صحيح كانوا عراقيين، لكن هذا لا يعني بوجود المئات من الأجانب ومع ذلك رفضت الدول الأوروبية استعادة مواطنيها الذين توجهوا إلى سوريا، للقتال في صفوف تنظيم «داعش» لمحاكمتهم، متحججة أن ذلك بسبب غياب التحقيق الميداني وغياب الوثائق المؤكدة، وهذا غير صحيح لأن مصادر «مرصد مرينا» أكدت أن قوات التحالف على علم بالجميع، لكن قد تكون الحجة الأخرى هي السبب والتي تقول إن «قوات سوريا الديمقراطية التي تحتجزهم ليست حكومة، لذلك من الطبيعي عدم وجود علاقات دبلوماسية تؤدي لنتائج إيجابية في هذا الخصوص»، وهذا مكلف البوح به علناً أمام وسائل الإعلام بحق الحليف المباشر في حربها ضد «داعش».
المؤتمر الدولي لم يحقق المطلوب
ناقش المؤتمر الذي نظمه مركز «روجافا» للدراسات الاستراتيجية في سوريا، خلال شهر أيلول2019 ورقة عمل رئيسة تحت عنوان «المنتدى الدولي حول داعش» في مدينة عامودا، التابعة لمحافظة الحسكة جغرافياً، أبرز تحديات مرحلة ما بعد إعلان القضاء على «الخلافة المفترضة» للتنظيم، بعد القضاء من آخر مناطق سيطرته في شرقي البلاد، وعلى الرغم من أن المؤتمر حضره نحو (200) مشارك، بينهم خبراء وباحثون يقيمون في الولايات المتحدة ومحامون فرنسيون بالإضافة إلى مسؤولين من الإدارة الذاتية الكردية، لم تحقق النتائج المرجوة لقضية بهذه الأهمية، على الرغم من عودة العديد منهم، لكن القنبلة الموقوتة ما تزال موجودة بوجود الآلاف في المعتقلات.