هيئة التحرير
استقالة مفاجئة لوزير الخارجية اللبناني، “ناصيف حتي”، تطرح وفقاً لمتابعي الشأن اللبناني، عشرات إشارات الاستفهام حول مصير حكومة “حسان دياب”، لا سيما وأنها تسمى في الوسط السياسي اللبناني بـ “حكومة اللون الواحد”.
وكان مدير مكتب وزير الخارجية، “فادي الهاشم” قد أكد نية الوزير تقديم استقالته من منصبه اليوم، الاثنين، لرئيس الحكومة، “حسان دياب” في السراي الحكومي في بيروت.
حكومة التناقضات..
استقالة “حتي”، لا يمكن اعتبارها وفقاً للمحلل السياسي، “رامي قزي”، مؤشراً على انهيار وشيك في الحكومة بقدر ما تعكس حجم التناقضات الموجودة بداخلها، موضحاً: “النظر في أسباب تقديم الاستقالة بحسب ما تم تناقله تظهر حالة سخط من حتي على آلية العمل الحكومي وفوضى الصلاحيات والقفز على المناصب، ما يشير إلى أن الحكومة من داخلها غير مستقرة، وتفتقد لعوامل الاستقرار”.
ووفقاً لما نقلته مصادر خاصة لمرصد مينا، فإن أسباب الاستقالة ترتبط بسلسلة أسباب أبرزها، شعور الوزير بحالة من التهميش بسبب الأدوار الدبلوماسية، التي تلعبها بعض الشخصيات الأمنية المقربة من حزب الله، كمدير الأمن العام، “عباس إبراهيم”، والذي ساهم خلال الأشهر الماضية، بالتواصل المباشر مع بعض الدول خارج إطار وزارة الخارجية.
في السياق ذاته، يشير الباحث في الشؤون اللبنانية، “أحمد عيتاني” إلى أن ظروف وأسباب استقالة “حتي”؛ تؤكد أن الكثير من الأحزاب والشخصيات السياسية لا تزال موجودة في الحكومة بضغط من حزب الله وسلاحه، وخوفها من استهداف الحزب لكوادرها، موضحاً: “هي ليست المرة الأولى التي تشهد فيها حكومة دياب حالة اضطراب داخلي، فقد سبق ذلك تصريحات رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي أكد أن بقاءه في الحكومة سببه إرضاء حزب الله”.
وكان “فرنجية” قد هدد قبل أشهر بالانسحاب من الحكومة بسبب ما وصفه محاولات التيار العوني، الاستئثار بالمناصب والتعيينات الحكومية الخاصة بالمسيحيين، لافتاً إلى أنه موجود في الحكومة فقط إرضاءاً للحلفاء في حزب الله.
لكل صدام خطوة أولى..
تقديم “حتي” الاستقالة أو على الأقل تجرؤه على الحديث عنها، يمثل وقفاً “لعيتاني” خطوة أولى للصدامات الداخلية وبداية فقدان حزب الله لقبضته على الحلفاء الحكوميين، خاصةً وأن أسباب استقالة “حتي” ارتبطت بالفشل الحكومي وسياسة رئيس الحكومة على المستوى الداخلي والخارجي وعدم قدرته تقديم أي شيء للبلاد خلال أشهر حكمه.
في ذات السياق، تكشف مصادر خاصة بمرصد مينا، أن الوزير “حتي” في أكثر من مناسبة وجه انتقادات لتعامل “دياب” مع الشخصيات والهيئات الدبلوماسية، لا سيما وأن ذلك التعامل خلق نوع من الإحراج لوزير الخارجية، كان آخره مع وزير الخارجية الفرنسي، “جان إيف لورديان”.
كما توضح المصادر أن الفترة القريبة القادمة، ستشهد خطوات شبيهة بخطوة “حتي”، أو على الأقل بروز بعض الأصوات الملوحة بالاستقالة، تحديداً من الكتل والأحزاب الصغيرة، وخاصةً المسيحية منها، مؤكدةً وجود امتعاض عام داخل الحكومة من شخصيات الدولة العميقة، التي يدير من خلالها حزب الله الحكومة ويرسم سياساتها بعيداً عن الوزراء ورئيسهم، على حد وصف المصادر.
إلى جانب ذلك، رفضت المصادر وصف حكومة “دياب” بحكومة اللون الواحد، لافتةً إلى أنها حكومة أظهرت هشاشة تحالفات فريق 8 آذار الموالي لإيران والنظام السوري، وحالة صراعات السلطة بين مكوناته، مشيراً إلى أن الحكومة بوضعها الحالي ومع استمرار حالات التمرد داخلها، قد تسقط تلقائياً وبالتقادم دون الحاجة لشارع يسقطها.
وكانت وسائل إعلام لبنانية قد نقلت عن “حتي” تأكيده بأن التيار الوطني الحر، لا يزال يمسك بشكل كامل بمفاصل وزارة الخارجية، وأن رئيس التيار “جبران باسيل” لا يزال يريد أن يبقى وزير ظل للخارجية، في حين كشفت مصادر لبنانية أن “حتي” لم يتمكن من تعيين أحد الأشخاص في الوزارة، ضمن فريق عملها، بسبب رفض التيار الوطني الحر.
حسابات الفرصة الذهبية..
أمام حالة الصراع الداخلي في الحكومة، الذي تحدثت عنه المصادر الخاصة، يلفت المحلل السياسي”، “ناصر فتفت” إلى أن الشارع اللبناني بات مطالب بالمزيد من التصعيد السلمي تجاه الحكومة والتمسك أكثر بمطالبه، مشدداً على أن الفترة الحالية تمثل الفرصة الذهبية أمام الشعب اللبناني لتحقيق أقصى قدر من المطالب.
أما عن المعارضة السياسية، فيشير “فتفت” إلى أن عدم نبذها لخلافتها الداخلية واستغلال حالة التجاذبات بين أعضاء فريق 8 آذار، سيجعلها تتحمل مسؤولية بقاء لبنان تحت وصاية سلاح حزب الله وإيران، مؤكداً أن معسكر إيران – النظام السوري – حزب الله – أمل – التيار العوني، يمر في أحلك وأصعب ظروف له على الساحتين الإقليمية والدولية.