هيئة التحرير
محاولة اغتيال من النوع الثقيل في لبنان، يكشف عنها بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الدين الحريري”، مشيراً إلى أن موكب “الحريري” تعرض إلى الاستهداف بصاروخ سقط في منطقة قريبة من منطقة مرور الموكب، الأمر الذي بات يعزز المخاوف في الساحة اللبنانية من عودة موجة الاغتيالات، التي بدأت عام 2005 باغتيال رئيس الحكومة الأسبق، “رفيق الحريري”، وفقاً لما يقوله مصدر لبناني مطلع.
وكانت الفترة بين العام 2005 وحتى العام 2007، قد شهدت سلسلة اغتيالات طالت شخصيات معارضة للنظام السوري وحزب الله، بينهم الوزير “بيير الجميل” والصحافي “سمير قصير” والسياسي في تيار المستقبل “وليد عيدو” والقيادي الأمني، “وسام الحسن” والنائب “جبران تويني”.
وقائع متشابهة..
انطلاقاً من ما تشهده الساحة اللبنانية حالياً، من توتر في الشارع وإعادة خلط الأوراق السياسية، يذهب المصدر في حديثه مع مرصد مينا، إلى أن كل شيء في البلاد يوحي بأن الاغتيالات قادمة لا محالة، خاصة وأن حزب الله يخوض مرحلة يحاول خلالها تثبيت حكمه للبنان، كما كان هو الحال في ما بعد فترة الاغتيالات، والذي شهد فعلياً سطوة الحزب على القرار اللبناني، من خلال أحداث 7 أيار عام 2008.
وكان حزب الله قد نشر عناصره في شوارع العاصمة بيروت، وعدد من المناطق الرئيسية في البلاد، ضمن أحداث 7 أيار 2008، وهي الأحداث، التي يصفها سياسيون لبنانييون بأنها اعلان احتلال فعلي للبنان، من قبل إيران عبر حزب الله.
إلى جانب ذلك، يعتبر المصدر، الذي فضل عدم ذكر هويته لداوفع أمنية، أن محاولة البدء باستهداف “سعد الحريري”، كانت تهدف إلى إيصال رسالة للمجتمع السياسي اللبناني ككل، يؤكد مضمونها أن زيادة الضغط على حزب الله يعني أن جميع معارضيه باتوا في دائرة الاغتيالات، لاسيما وأن موجة الاغتيالات الأولى بدأت “برفيق الحريري”، والد “سعد الحريري”.
وكانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، قد وجهت خلال السنوات الماضية، اتهام مباشر لكل من حزب الله والنظام السوري بالمسؤولية عن مقتل “الحريري”، لا سيما بعد ضبط السلطات اللبنانية للنائب السابق، “ميشال سماحة” أثناء تهريبه مواد متفجرة من سوريا إلى لبنان، ليعترف خلال التحقيق معه، بأنه نقلها حتى تستخدم في وقت لاحق، ضمن عمليات اغتيال لعدد من السياسيين اللبنانيين.
من الحصار إلى “قيصر”..
الحالة، التي يعيشها الحزب من حصار دولي خانق، تمثل بتصنيفه كمنظمة إرهابية في عدة دول، والعقوبات الاقتصادية الأمريكية عليه وعلى داعميه في إيران والنظام السوري، والمتزامنة مع الضغوط الداخلية، يرى فيها المصدر عاملاً مهماً من عوامل ميل ميليشيا حزب الله إلى تفجير الأوضاع في لبنان من خلال عمليات التصفية الجسدية لمعارضيه، موضحاً: “الشروع في عمليات الاغتيال ستسكت على الأقل عدد كبير من السياسيين، الذين قد يخشون التعرض لتلك العمليات، وستنهي حياة من لن يسكت منهم، وبكلا الحالتين هي فرصة سيحاول من خلالها الحزب إظهار قوته العسكرية، ومحاولة إعادة الأمور إلى نصابها”.
وكانت كل من ألمانيا والنمسا وبريطانيا، قد صنفت خلال الأشهر الماضية، حزب الله كمنظمة إرهابية، وحظرت أنشطته على أراضيها، بالإضافة إلى تجميد أرصدته وأرصدة المتعاملين معه في بنوكها، في ما شددت الولايات المتحدة من عقوباتها الاقتصادية على الحزب ومؤسساته في لبنان.
على الرغم من أن قانون قيصر لا يمس حزب الله بشكل مباشر وصريح، إلا أن المصدر يؤكد بأنه سيحمل آثار سلبية كبيرة على الحزب ومنظومته، على اعتبار أنه يستهدف أحد أكبر داعمي الميليشيا في الشرق الأوسط، وهو نظام “الأسد”، لافتاً إلى أن العلاقة بين الطرفين انقلبت، فبات النظام السوري بحاجة إلى مساعدة الحزب مالياً،وهو ما ظهر خلال الشهور الماضية، من خلال أزمة الدولار في لبنان، التي فجرتها عمليات التهريب، التي ينظمها الحزب من لبنان إلى سوريا من خلال المعابر غير الشرعية.
وسبق للأمين العام لحزب الله، “حسن نصر الله” أن أعلن بشكل صريح وفي إحدى خطاباته، أنه لن ينصاع لقرار الحكومة اللبنانية بإغلاق المعابر غير الشرعية، وان العمل فيها سيبقى مستمراً.
العجز عن مواجهة إسرائيل
خلال الحديث عن خيارات حزب الله في المرحلة القادمة، تتناول الساحة اللبنانية شن حرب على إسرائيل، كواحد من تلك الخيارات لتجنب طرح قضية نزع السلاح والعودة إلى طرح مسألة المقاومة والممانعة، إلا أنه الخيار، الذي يستبعده المصدر تماماً، مضيفاً: “تورط الحزب في الحرب السورية وفقدانه للعديد من عناصر النخبة فيه وقيادات الصف الأول، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب لإيران، وتشديد الخناق على الحزب دولياً، يحد من قدرته على اتخاذ مثل تلك الخطوة، فقوته اليوم لا تمكنه من مواجهة برية عسكرية واسعة مع إسرائيل”.
وكانت الميليشيات قد أعلنت خلال 9 سنوات من المشاركة في الحرب السورية، إلى جانب نظام “بشار الأسد”، مقتل العشرات من القادة الميدانيين البارزين، من بينهم “سمير القنطار” و”مصطفى بدر الدين” و”جهاد مغنية” و”غسان فقيه” وغيرهم.
أمام تلك الظروف والمعطيات، التي تختلف عن الواقع، الذي كان سائداً عام 2006، خاصةً مع تبدل نظرة الشارع العربي إلى حزب الله كجزء من المشروع الإيراني في المنطقة، يؤكد المصدر أن الخيار الأقرب لمسؤولي الحزب هو الضرب في الساحة الداخلية، والابتعاد عن أي مواجهة مع إسرائيل في المستقبل المنظور، واصفاً أن أي مغامرة من الحزب مع إسرائيل ستكون خراب مستعجل بالنسبة له ولبنان.