تناقش العديد من التقارير الصحافية الأسباب الكامنة وراء الصمت الأميركي، إزاء الاحتجاجات الدامية في العراق، واعتبرت التقارير، أن الولايات المتحدة هي التي أرست النظام القائم ببغداد، بعد الإطاحة بحكم صدام حسين في 2003، حيث نشرت عشرات آلاف الجنود في البلاد وواكبت المرحلة الانتقالية.
هذا الغياب من واشنطن، خلال منعطف رئيسي يمر به العراق، يوضح بحسب “فرانس برس”، “مدى تلاشي مصالحها ونفوذها منذ الغزو الذي قادته عام 2003 والذي فتح الباب أمام إيران المجاورة ذات الغالبية الشيعة.
ونقل المصدر عن مسؤول عراقي بارز طلب عدم الكشف عن هويته أن “الفجوة بين العراق وأميركا لم تكن كبيرة على الإطلاق مثلما وصلت اليه الان، ولا تزال تزداد حجما”. ويطالب المتظاهرون في جميع أنحاء بغداد والجنوب، ذي الأغلبية الشيعية، بإصلاح النظام الذي أرسته الولايات المتحدة لكن واشنطن بقيت صامتة نسبيا، وقد أصدرت الولايات المتحدة مجموعة من البيانات التي تدين العنف لكنها لم تصل إلى حد استخدام القوة الدبلوماسية لحل الأزمة.
وقال مسؤول عراقي بارز: في الماضي كانت مواقف واشنطن علنية اكثر، في لعب دور في السياسة العراقية، كما كانت الولايات المتحدة قد دعمت في عام 2003 هيكلية الحكومة العراقية الحالية والتي انتجت هذه الطبقة السياسية، وتابع: السؤال هل يريدون الانخراط في تصحيحه؟ أعتقد ليس هناك قرار بعد. وفق فرانس يرس.
بدوره، قال المحلل، “كيرك سويل” الذي يكتب في نشرة “داخل السياسة العراقية”: إن النتيجة النهائية هي أن المشروع الاميركي لبناء الدولة في العراق قد فشل، ويبدو ان أكثر ما يقلق الولايات المتحدة هو دور اللواء “قاسم سليماني”، المسؤول الإيراني عن الملف العراقي في عقد الاتفاقات بين القوى السياسية في بغداد.
وقال “سويل” إن “النفوذ الأميركي ليس صفراً لكنه لا يكاد يذكر خلال الأزمة الحالية”. ويرجع ذلك بحسب محلل من معهد الشرق الأوسط، “روبرت فورد”، جزئيا إلى أن العراق قد ملأ مؤسساته في الوقت الذي انخفض عدد القوات الأميركية بشكل كبير.، وعمل “فورد” دبلوماسيا في السفارة الأميركية في العراق بين 2004-2006 و2008-2010. لكن السفارة الان شبه خالية بعد الانسحاب الأميركي في أيار/مايو اثر تصاعد التوترات بين طهران وواشنطن التي تصاعدت نتيجة الملف النووي.
وقال: هذا بحد ذاته يظهر تضاؤل مصالح الولايات المتحدة، ولا تربط المسؤولين العراقيين الجدد أي علاقات قديمة مع إدارة الرئيس الاميركي “دونالد ترامب” على عكس المسؤولين السابقين.
وأردف “فورد”: لا أعتقد أن الرئيس “ترامب” يمكنه التقاط الهاتف والتحدث إلى “عبد المهدي” مستندا الى علاقات قديمة أو لقاءات مباشرة، ويشير التقرير إلى أن المسؤولون العراقيون والأميركيون يعتبرون أن العلاقات بين البيت الأبيض ومكتب رئيس الوزراء هي “الأكثر برودة” منذ العام 2003.
كما أن البيت الأبيض أرجأ اجتماعا ثنائيا ثلاث مرات على الأقل لأنه كان “غاضبا” من “عبد المهدي” الذي يرفض النأي بنفسه بشكل اضافي عن إيران، لكن على الرغم من ذلك يرى مسؤول في الخارجية الأميركية، أن من بين كل الطبقة السياسية التي تربطها علاقات عميقة مع إيران منذ عقود، فإن “عبد المهدي “ربما يكون أفضل ما يمكن أن نأمله، وتصور طهران وحلفاؤها العراقيون، بما في ذلك الفصائل المسلحة، أي حزب قريب من الولايات المتحدة على أنه “متآمر” يسعى إلى زعزعة الاستقرار، ما يجعل الأمر مكلفا سياسيا.
ويقول مسؤول من معهد السلام بالولايات المتحدة “رمزي مارديني”، في السابق كان يرغب اللاعبون السياسيون العراقيون أن يعرف الآخرون بأن لديهم اتصال مباشر بالولايات المتحدة لكن اليوم أصبحت هذه العلاقة أشبه بـقبلة الموت، ينطبق هذا المنطق أيضا على المتظاهرين المناهضين للحكومة الحاليين الذين سعت الأحزاب المدعومة من إيران إلى تصويرهم على انهم “عملاء” تدعمهم الولايات المتحدة.
وقال مسؤولون غربيون في بغداد، إنهم كانوا حذرين من الإشارة إلى الدعم المفتوح للمتظاهرين بسبب هذه المزاعم، وقال “مارديني” إن الإرث الذي ستخلفه الولايات المتحدة لدى الجيل الجديد هو “أنه سيرى الولايات المتحدة تطرح نقاط حوار، لكنها لن تتخذ أي إجراء”.
وختم قائلا إن ذلك يجعل من الصعب على صناع القرار في الولايات المتحدة استعادة ثقة الطبقة السياسة المستقبلية.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.