تتميز لحظات الكوارث والطورائ بكونها أوقاتًا مبهمة تتغير فيها الجهود وتتضافر ضمنها المساعي.. فما كان مسموحًا في الأمس بات مرفوضًا اليوم.
والأمر ينطبق على حالة فيروس كورونا، الوباء العالمي الذي اكتسح الأرض وفرض طوارئ غير مسبوقة أصبح فيها الأطباء والممرضون والطواقم هم أبطال المرحلة وجنودها ويشار لهم بالبنان.
وكما أن الوباء لم يميز بين البشر، فأصاب الجميع بدون استثناء.. كذلك حال الجهود الطبية التي ساهم بها أطباء الأرض قاطبة بما فيهم المسلمون الذين قدموا مجهودات جبارة في الدول الأوروبية وصلت حد التضحية بالحياة نتيجة للإصابة بالمرض بعد طول الاحتكاك مع المرضى.
في بريطانيا، ذكرت وكالة “الأناضول” الرسمية التركية أن عدّة جهات بريطانية مختلفة، تستمر بالإشادة بأطباء مسلمين ضحوا بأنفسهم في مواجهة الوباء، حيث إنهم كانوا أوائل من فقدوا حياتهم من القطاع الصحي بالبلاد.
قالت الوكالة إنه حتى الآن، لقي 5 أطباء وممرضة ممن يدينون بالإسلام، مصرعهم خلال أداء مهامهم في مكافحة كورونا ببريطانيا.
هنا.. جاء الظرف المناسب لجماعة الإخوان المسلمين الذين سعوا إلى الاستفادة من مشاركة الأطباء والممرضين البريطانيين ذوي الأصول الإسلامية، في صنع حملة إعلامية وسياسية تحسن صورة الجماعة التي أصبح وجودها في بريطانيا، وفي أوروبا ككل، مثيرًا للمخاوف والتساؤلات بعد تحقيقات كشفت كونها الفضاء الأول الذي يتربى فيه المتطرفون على كراهية الدولة والمجتمع.
وبينما تتولّى الجماعة عبر إعلامها إبراز أنشطة هؤلاء وجهودهم، فإنها تتساءل كيف لا تتولّى وسائل الإعلام البريطانية الاهتمام بهم.
في سبيل ذلك، تعمل مواقع إخبارية (محسوبة على الإخوان) أو دول داعمة لهم، إلى إظهار بطولة الأطباء والممرضين المسلمين الذين ماتوا خلال عملهم الإنساني في مواجهة وباء كورونا كبطولة تحسب للجماعة وداعميها، وليس نتيجة أداء دورهم وظيفتهم في إطار واجبهم كمواطنين بريطانيين.
حيث نُقل عن رئيس مؤسسة “قرطبة” أنس التكريتي “وفق لصحيفة العرب اللندنية” أن الأطباء المسلمين أول من ضحوا بحياتهم في بريطانيا خلال مكافحة الفايروس، داعيا كافة مسلمي البلاد للاعتزاز والافتخار بذلك.
التكريتي الذي يصنف من أهم وجوه التنظيم الدولي للإخوان في أوروبا، يقود تحركات لتحسين صورة الجماعة لدى الحكومات الغربية.
ويقول مراقبون إن الإخوان يسعون إلى إقناع الحكومات الغربية أنهم الناطق الرسمي باسم الجالية المسلمة، وعليه يجب مكافأتهم على أدوار الجالية الإيجابية في المجتمع، حيث يشير البعض إلى أن تلك الحكومات تشجعهم على لعب هذا الدور بالرغم من امتلاكها ملفات كبيرة حول أخطار التنظيم الأمنية والمالية والاجتماعية.
ويعتبر بعض المراقبين أن الإخوان الذين يريدون مكافأة من بريطانيا على نشاط أطباء وممرضين مسلمين في مواجهة الوباء، يبدوا أنهم لم يتغيروا ولم يغيروا فكرهم منذ عقود، فهم ينظرون إلى المسلمين كتجمعات معزولة عن مجتمعاتهم، وليسوا مواطنين بريطانيين.
حيث ورغم استيطانهم بريطانيا لعقود لم ينجح الإخوان المسلمون في التخلص من تأثير أدبيات الجماعة الأولى التي تنظر إلى الآخر كـ “مجتمع كافر” يجب الانكفاء بعيدا عنه خوفًا من ذوبان “الشخصية المسلمة” في الثقافة الغربية.
إلا أن الجماعة لا تمانع في ابتزاز الحكومة البريطانية كي تظل هي ممثلة للمسلمين في المجتمع المغلق الذي حرصت على بنائه وصنع سور من الخوف من ثقافة الغرب وقيمه.
وتمتلك جماعة الإخوان إمكانيات كبيرة تتصرف فيها تحت أنظار الحكومات البريطانية المتعاقبة،تضم شبكات مالية وجمعيات خيرية وإغاثية وطلابية تستغلها في استقطاب واسع بين أبناء الجالية لإقناعهم بثقة المجتمع المعزول الكاره للآخر.
إلى ذلك، يتوقع أن يبلغ الوباء ذروته في بريطانيا بحلول منتصف أبريل / نيسان الجاري، لكن ذلك يعتمد على احترام الناس للحجر، فقد شدد “مات هانكوك” وزير الصحة الذي طلب (بل أمر) من البريطانيين التزام منازلهم حتى في حال كان الطقس ربيعيًا نهاية الأسبوع.