حينما أعلن تنظيم الدولة الإسلامية قيام دولة الخلافة وعاصمتها الرقة في أواسط عام 2014([1])، اتجهت الأنظار في ذلك الوقت إلى القوة التي وصل إليها التنظيم واستطاع من خلالها توسيع نطاق سيطرته ليشمل أراضي واسعة من شرق سوريا ووسطها بالامتداد إلى العراق، وتمكن التنظيم من فرض سياسته وقوانينه على المناطق التي خضعت لسيطرته.
أثير الحديث عن استطاعة التنظيم جذب عناصر متشددة عدة من أنحاء مختلفة من العالم كالولايات المتحدة وفرنسا للقتال في صفوفه، وقد تمكن هؤلاء المقاتلون من تشكيل قوة ضاربة سمحت لداعش بتطوير بنية التنظيمات الإرهابية عبر دمج عناصر أجنبية بأخرى محلية تستطيع الاستفادة من خبرات بعضها في المستوى العسكري والإلكتروني والاقتصادي وغيرها.
امتلك العنصر الأجنبي في داعش خصائص لم تكن تتوافر في العنصر المحلي، واستغلت قيادة التنظيم هذا الأمر بإيعاز مهمات خاصة بالمقاتلين الأجانب وإبقائهم ضمن تشكيلات معينة تسهل إداراتها وإيعاز الأوامر إليها وبالتحديد المقاتلين الأمريكيين والفرنسين، أو الذين يحملون جنسيات مزدوجة ولا سيما المغاربة والتونسيين الذين يحملون الجنسية الفرنسية.
مقابل هذا التطور البنيوي في هيكلة تنظيم داعش، حاولت الحكومات الغربية اتخاذ إجراءات أمنية استخباراتية وعسكرية مشددة لمواجهة الخطر المتزايد من أولئك المقاتلين، وزجت الولايات المتحدة وفرنسا بقوات عسكرية لها في سوريا وخاضت معارك عسكرية عدة وقدمت دعماً عسكرياً ولوجستياً لفصائل عسكرية محلية كقوات سوريا الديمقراطية لتقويض قوة التنظيم الذي أصبح حالياً يتركز في سوريا ضمن جيبين رئيسيين الأول شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية بمحاذاة نهر الفرات، والثاني في محافظة السويداء جنوب شرق العاصمة السورية دمشق، لكن على الرغم من أن إجراءات الدولتين قد ساهمت إلى حد معقول في إضعاف بنية تنظيم داعش، يثار التساؤل حول نجاعة هذه الإجراءات بالشكل المطلوب الذي يضمن عدم وصول أي هجمات إرهابية إلى داخل الأراضي الفرنسية والأمريكية.
مقاتلو داعش الأمريكيون والفرنسيون (النشاط – الأعداد)
تفاوتت أعداد المقاتلين الأمريكيين والفرنسيين ونشاطهم في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية منذ عام 2014 الذي شهد توسعاً لنفوذ التنظيم في سوريا وحتى عام 2018 الذي ضعفت فيه إمكاناته وقدراته وأصبح يسيطر على جيبين عسكريين في سوريا الأول بالقرب من الحدود العراقية والثاني في محافظة السويداء.
وبالنسبة إلى أعداد المقاتلين الأمريكيين ففي عام 2014 أشارت التقديرات إلى وجود أكثر من 70 مقاتل يحملون الجنسية الأمريكية في صفوف داعش وقد حلت في تصنيف أعداد المقاتلين الأجانب في داعش في المرتبة الأخيرة، إلى جانب أكثر من 700 فرنسي يشتبه بانضمامهم إلى التنظيم، منهم 275 في سوريا وقد حلت فرنسا في المرتبة الخامسة في الترتيب([2]).
وفي تلك المرحلة تركز نشاط أولئك العناصر على المشاركة في المعارك التي خاضها التنظيم وسيطر على مناطق عدة كان أبرزها، مدينة الموصل في العراق([3])، وأغلب مناطق ريف دير الزور وقراه، وبلغت نسبة سيطرته عليها في ذلك الوقت حوالى 95 في المئة،([4]) ومدينة عين العرب كوباني في شمال سوريا([5])، ومدينة الرقة بشكل كامل في شرق سوريا([6]).
عام 2015، بحسب الإحصاءات فقد بلغ عدد المقاتلين الأمريكيين في التنظيم حوالى 150 وفق تقديرات رسمية، و250 وفق معلومات غير رسمية، في ما وصل عدد الفرنسيين إلى حوالى 1700 يحملون الجنسية الفرنسية أو مزدوجي الجنسية كالتونسيين الفرنسيين([7]). وتوضح هذه الإحصاءات في هذا العام ارتفاع عدد المقاتلين الأمريكيين في تنظيم الدولة بنسبة 114 في المئة، وبالنسبة إلى العناصر الفرنسية بنسبة 142 في المئة تقريباً.
أما عام 2016، فقد أشارت الأرقام إلى أن عدد المقاتلين الفرنسيين تقلص إلى حوالى 700 مقاتل وفق الحكومة الفرنسية، من بينهم 275 امرأة([8]). لكن أفادت إحصاءات بحثية أن عدد الفرنسيين أصبح 900 شخص فرنسي بعد مقتل عدد منهم وعودة آخرين، فيما أوضحت إحصاءات أخرى أن عددهم انخفض إلى 1330 بعد مقتل حوالى 119 شخص منهم، أما المقاتلين الأمريكيين فقد انخفض عددهم أيضاً إلى حوال 94 بعد مقتل بعضهم واعتقال آخرين([9]).
شارك المقاتلون الأجانب في الاستيلاء على مناطق عدة كان أهمها مخيم اليرموك في العاصمة السورية دمشق([10])، واستكمال السيطرة على ريف الرقة([11])، وكذلك مدينة تدمر وريف مدينة حمص الشرقي في الصحراء السورية([12]).
إلى ذلك وفي المرحلة التي بدأ التنظيم بخسارة نفوذه فيها عام 2017، أصحبت أعداد الفرنسيين في صفوفه أقل من 700 مقاتل([13])، وقد بلغ إجمالي عدد العائدين إلى فرنسا حوالى 302 مقاتل، وبالنسبة إلى الأمريكيين عاد 7 منهم، لكن على الرغم من ذلك فإن عددهم في التنظيم ارتفع إلى 129 بحسب تقديرات غير رسمية([14]).
وبشكل عام فقد انخفضت أعداد المقاتلين الأجانب في صفوف داعش، لا سيما وأنه خسر مناطق استراتيجية عدة، كان أهمها ريف حلب الشمالي الشرقي في عملية درع الفرات التي قامت بها المعارضة السورية بدعم تركي([15])، ومدينة الطبقة والرقة في عملية غضب الفرات التي شنتها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب([16])، والبوكمال والميادين جنوب مدينة دير الزور، وكذلك مدينة دير الزور في عملية عسكرية قادتها قوات النظام السوري بدعم من روسيا والميليشيات الطائفية([17]).
فيما انخفض عام 2018 عدد المقاتلين الفرنسيين بحسب تقديرات رسمية إلى 690 مقاتلاً بينهم 295 امرأة أي نسبة 43 في المئة،([18]) بينما تقلص عدد المقاتلين الأمريكيين عن السنة الماضية بحوالى 12 مقاتلاً عادوا إلى الأراضي الأمريكية([19]) لكن لم تصدر إحصاءات حول أعدادهم الحالية لكن يرجح بحسب مصادر خاصة أنها انخفضت إلى 64 عنصر فقط.
أما بالنسبة إلى النشاط الذي كان يوكل إلى أولئك المقاتلين، فهو مختلف لكن كان التنظيم يعمل على استغلال الأمريكيين والفرنسيين بشكل خاص في عمليات الترويج باللغة الإنكليزية والفرنسية على اعتبار أنها من أكثر اللغات الحية انتشاراً في العالم، وكذلك المهمات التقنية والفنية المرتبطة بالتطوير التكنولوجي لأدوات التنظيم، إضافة إلى بعض المهمات الطبية للمختصين في هذا المجال من مقاتلي الدولتين كلتيهما.
وأوكلت إلى عدد من الفرنسيين مهمات قيادة في داعش منهم “رشيد قاسم” الذي يشتبه بأنه دبر اعتداءات في فرنسا، ويشتبه في أنه العقل المدبر لعملية مقتل شرطي ورفيقته في 13 يونيو/ حزيران 2016 في مانيانفيل في إقليم إيفلين، وعملية ذبح كاهن داخل كنيسته في سانت إتيان في 26 يوليو/ تموز 2016، ويظن أنه قتل بغارة أمريكية على مدينة الموصل([20]). في حين سلمت السلطات التركية في أواخر 2017 الفرنسي “جوناتان جيفروا” الذي كان يشغل منصباً قيادياً بارزاً في التنظيم([21]). أيضاً قامت قوات سوريا الديمقراطية في حزيران/ يونيو باعتقال “أدريان ليونيل كيالي” الملقب بأبي أسامة الفرنسي الذي لعب دوراً في هجمات عدة في فرنسا([22]).
من ثم فإن ما سبق يشير إلى مهمة رئيسة كان يوكلها التنظيم إلى الفرنسيين بشكل خاص وهي إدارة عمليات إرهابية داخل فرنسا، ومناصب القيادة في التنظيم تخولهم بامتلاك القدرة على التنسيق مع شبكات وخلايا إرهابية واسعة انطلاقاً من سوريا والعراق وصولاً إلى الأراضي الفرنسية.
الإجراءات المتخذة لمواجهة إرهابيي فرنسا وأمريكا
في إطار الإجراءات العسكرية قامت كل من باريس وواشنطن بشن ضربات جوية عدة على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية، أرسلت فرنسا قوات خاصة من الجيش الفرنسي إلى سوريا يقدر عددها بـ 70 جندياً([23]) تقريباً للمشاركة في دعم مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية في معاركهم ضد داعش، ويتركزون في “تل مشتنور” جنوب عين العرب كوباني شمال حلب، وبلدة شيخ عيسى شمالي الرقة، أما الولايات المتحدة فقد وصل عدد قواتها في سوريا إلى 2000 جندي([24]) ينتشرون بدءاً من شرق نهر الفرات وصولاً إلى الحدود العراقية، وفي قاعدة التنف العسكرية الأمريكية بالقرب من حدود سوريا مع كل من الأردن والعراق.
شن التحالف الدولي بقيادة المتحدة وبمشاركة فاعلة من سلاح الجو الفرنسي عدداً كبيراً من الغارات الجوية في سوريا والعراق، ومنذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على محافظة الرقة عام 2014، بلغ عدد الضربات الجوية للتحالف الدولي في الأراضي السورية 700 طلعة تقريباً، وفي العام التالي 2015 ارتفع عددها ليصل إلى حوالى 2400 ضربة، في 2016 بلغ عددها 2600، أما في 2017 وصل الرقم إلى 7840 طلعة جوية، وحتى نهاية الشهر الأول من عام 2018 وثق العدد بـ800 ضربة. ليصل إجمالي الضربات الجوية المستهدفة للتنظيم حوالى 14500 ضربة([25]). وتشير هذه النسب المرتفعة للغارات بأنها حققت بالفعل نجاعة كبيرة في تقويض نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، لكن من المفترض أن تستكمل عملية استهداف التنظيم بالغارات بعملية أخرى وهي إعادة الاستقرار إلى المناطق التي خرج منها داعش وهي إحدى استراتيجيات التحالف الدولي لكنها لم تطبق بشكل ناجح إلى الآن وهذا ما يؤكده الواقع المعيشي غير الجيد الذي تشهده على سبيل المثال مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
أما بخصوص الإجراءات القانونية ولا سيما ما يتعلق بملف العائدين من داعش فقد قامت باريس باتخاذ خطوات عدة لمواجهة ذلك كان أبرزها:
- في 8 حزيران/ يونيو 2017 قامت الحكومة الفرنسية بطرح قانون جديد لمكافحة الإرهاب يقوم بمنح السلطات المحلية صلاحيات أوسع للتصرف من أجل حماية المواطنين، في أي موقع يظن أنه معرض لخطر الهجوم من دون طلب الإذن من القضاء أولاً. ويسمح للسلطات المحلية أن تفرض طوقاً أمنياً والقيام بعمليات دهم وتفتيش للحقائب، باستخدام عناصر من الأمن الخاص من دون الحصول على موافقة مسبقة، ومن شأن مشروع القانون أن يسمح بإغلاق أماكن العبادة التي تشجع على التطرف، مدة تصل إلى ستة أشهر([26]).
- اتخذت باريس إجراءات أمنية مشددة، “بحسب خطة أمنية أعلنتها الشرطة الفرنسية في حزيران/ يونيو 2017، تسمى خطة “السياحة 2017″، قدمتها شرطة العاصمة الفرنسية بعد الاعتداء الذي استهدف الشانزيليزيه وسط باريس وجرى تشكيل وحدة إضافية لضمان الأمن في قطاع برج إيفل وتروكاديرو”([27]).
- في تموز/ يوليو 2018، عرض رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب “خطة جديدة لمكافحة الإرهاب. وترتكز الخطة بصورة خاصة على التصدي لمخاطر جهادية “متحركة” باتت “داخلية” بمعظمها، كما تنص على تدابير عدة من بينها مراقبة المعتقلين الخارجين من السجن وإنشاء نيابة عامة لقضايا الإرهاب”([28]).
في حين وضعت واشنطن استراتيجية شاملة لمكافحة التنظيمات الإرهابية عام 2017 كان تنظيم الدولة الإسلامية من ضمنها واحتوت الاستراتيجية على عشر نقاط رئيسة كان أهمها([29]):
- قيام الولايات المتحدة بترتيبات لتبادل المعلومات عن الإرهابيين المعروفين والمشتبه بهم مع 69 دولة، واستخدمت الخارجية الأمريكية موارد برنامج منع الإرهاب (تيب) لتحديث الهوية الشخصية وتوسيعها والمحافظة عليها بنظام المقارنة والتقويم الآمن (PISCES) في 215 منفذاً للدخول في 24 بلداً، حيث توفر برامج منع الإرهابيين وبرنامج الهوية الشخصية بنظام المقارنة والتقويم الآمن مع الدول الشريكة التي لديها قدرات حاسمة لمنع سفر الإرهابيين عبر المطارات ونقاط الدخول الأخرى.
- استمرار مكتب مكافحة الإرهاب مع مكتب المساعدة ضد الإرهاب التابع للأمن الدبلوماسي (ATA) في بناء القدرات للدول الشريكة لتحديد ومحاكمة الإرهابيين وداعميهم وإدانتهم. وقد قدم المكتب خلال عام 2017م 365 دورة تدريبية وورشات واستشارات فنية في مجالات تحقيقات مكافحة الإرهاب وأمن الحدود والاستجابة للأزمات لأكثر من 6641 مشاركاً من 41 بلداً.
- تنمية الخطة الأمنية المسماة “شبكة المدن القوية” التي أطلقها مكتب مكافحة الإرهاب وحكومات الدانمارك والنرويج عام 2015 لتصل إلى أكثر من 115 عضواً عبر القارات الستة. والشبكة تمكن المدن من التواصل مع شركائها عبر العالم وتقاسم خبراتها وتطوير الاستراتيجية الفاعلة وغير المكلفة. وقد سهل مكتب مكافحة الإرهاب برنامج توأمة المدن على سبيل المثال بين مدينة بوسطن الأمريكية ومانشستر البريطانية.
السيناريوهات المتوقعة لمصيرهم
يواجه المقاتلون الأجانب في صفوف داعش مصيراً مشتركاً وخصوصاً الأمريكيين والفرنسيين، لأن واشنطن تمتلك قوات برية وقواعد عسكرية في سوريا وتوكل إليها مهمات أمنية تتعلق بملف مقاتلي الولايات المتحدة في صفوف التنظيم ولذلك فإن أولئك العناصر يسهل على واشنطن استهدافهم، كما أن باريس تعاني بشكل كبير من المقاتلين الذين يحملون جنسيتها في التنظيم وقد شهدت الأراضي الفرنسية هجمات إرهابية دامية عدة، لذلك فهي ترى أن مواجهة التنظيم يجب أن تبدأ من معاقله الرئيسة خارج حدود فرنسا للتقليل من الخطر المحدق بالداخل الفرنسي قدر الإمكان. وفي الحصيلة يواجه المقاتلون الأمريكيون والفرنسيون احتمالات عدة لإنهاء نشاطهم في داعش وفق ما يأتي:
- الملاحقة الأمنية وتكون هذه المهمة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمهمات القوات الأمريكية والفرنسية البرية، التي تعمل على جمع المعلومات عن مقاتلي التنظيم وأماكن وجودهم وأعدادهم بالتعاون مع قوات محلية مقاتلة على الأرض كقوات سوريا الديمقراطية التي قامت في حزيران/ يونيو بمهمة خاصة سرية اعتقلت خلالها قيادياً فرنسياً بارزاً في داعش([30]).
- الإمهال لإعطاء فرصة العودة واتباع سياسة احتواء المقاتلين لا سيما وأن بينهم نساء وأطفال، وهو الملف الأبرز الذي يشغل الأوساط السياسية خصوصاً في أوروبا التي تقوم بدارسة خيارات عدة لطريقة التعامل مع العائدين الأجانب في التنظيم إلى بلادهم، وما يتضمنها من سن القوانين ومناقشتها، وهذا الخيار -الإمهال- قد تتبعه كل من فرنسا وأمريكا لتقليص عدد ضرباتها المستهدفة لداعش أو تقليص مهماتها في سوريا والعراق بشكل جزئي، والضغط على التنظيم بشكل محدود ما يدفع المقاتلين الأجانب إلى تركه والعودة إلى بلدانهم وبالتالي إضعاف التنظيم من الداخل وإنهاء نشاطه ونشاط أولئك المقاتلين.
- الاستهداف المباشر بالعمليات الجوية، بأن تصبح أكثر تركيزاً على مقاتلي الولايات المتحدة وفرنسا في التنظيم لضمان عدم عودتهم إلى بلادهم ومواجهة خطر حصول عمليات إرهابية، وقد دعت بريطانيا صراحة إلى تحديد مواقع الإرهابيين البريطانيين الذين يقاتلون مع تنظيم داعش ليجري قتلهم وعدم السماح لهم بالعودة إلى البلاد([31]). لكن هذا الخيار قد يكون صعب التطبيق بالنسبة إلى فرنسا التي تواجه أعداد كبيرة من الفرنسيين الملتحقين بداعش ولا سيما من النساء والأطفال ما يجعل مهمة استهدافهم بشكل مباشر قضية مثيرة للجدل حول انتهاك حقوق الإنسان وحماية المواطن الفرنسي، وبالنسبة إلى الولايات المتحدة فهي غير مضطرة إلى اتباع هذا الخيار لأن عدد المقاتلين الذين يحملون جنسيتها في داعش ليس كبيراً، فهي أقرب إلى اتباع الخيارين السابقين في التعامل معهم.
خلاصة
تمكن المقاتلون الأجانب في تنظيم الدولة الإسلامية من تحقيق تحول نوعي في بنية التنظيمات الإرهابية إذ إن تعدد الجنسيات لديه أدى إلى من تعزيز قوته منذ إعلان الخلافة في الرقة 2014 وحتى أواسط عام 2016 مستغلاً الخبرات التي يمتلكها أولئك المقاتلون ولا سيما الأمريكيين والفرنسيين الذين كانت لديهم خبرات عالية في جانب التطوير التكنلوجي وإدارة خلايا التنظيم الإرهابية في الخارج واستقطاب العناصر الأجنبية. وهو ما استدعى تحركات عاجلة وطارئة من قبل دولهم للحد من خطرهم وقد قادت الولايات المتحدة التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب وشاركت فرنسا بفاعلية فيه للحد من خطر حدوث أي هجمات إرهابية أو تطور بنيوي في تنظيم الدولة الإسلامية إلى كيانات مصغرة أخرى يمكن أن تتشكل على أساس الجنسيات الأجنبية المتعددة الموجودة في العراق وسوريا، كأن يقوم من يحملون الجنسية الأمريكية أو الفرنسية بتشكيل تنظيمات إرهابية موازية مصغرة لتنظيم داعش وهو أحد أهم التهديدات الأمنية الذي تضعه كل من الدول المشاركة في التحالف ضمن أولياتها عدا عن ملف عودة المقاتلين إلى بلدانهم وآليات التعامل معهم، لذلك فإن خطر داعش بالنسبة إلى واشنطن وباريس لا يكمن فقط في وجوده، بل في ما بعد مرحلة إنهائه أيضاً.
المراجع:
([1]) “داعش” يعلن إقامة “الخلافة الإسلامية” ويبايع زعيمه خليفة للمسلمين. بي بي سي عربي، 30-6-2014. https://bbc.in/2PpkwZC
([2]) “FOREIGN FIGHTERS IN SYRIA”. The Soufan Group, June 2 0 1 4. https://bit.ly/2yr0PsS
([3]) “مسلحو داعش “يسيطرون” على الموصل شمالي العراق والمالكي يطالب البرلمان بإعلان الطوارئ”. بي بي سي، 10-6-204. https://bbc.in/2pJVhpr
([4]) “داعش” يسيطر على 95% من محافظة دير الزور. العربية نت، 15-6-2014. https://bit.ly/2C4kank
([5]) “داعش” يسيطر على 60 قرية في “عين العرب” و”مأساة إنسانية” جديدة للأكراد بشمال سوريا”. سي إن إن، 19-9-2014. https://cnn.it/2ybCgAZ
([6]) “تنظيم “الدولة”يسيطر على الرقة ويتراجع بحلب”. الجزيرة نت، 15-1-2014. https://bit.ly/2Em3zOH
([7]) “FOREIGN FIGHTERS An Updated Assessment of the Flow of Foreign Fighters into Syria and Iraq”. The Soufan Group, December 2015. https://bit.ly/1RC1UlR
([8]) “A file on Islamic State’s ‘problem’ foreign fighters shows some are refusing to fight”. The Washington Post, 7-2-2017. https://wapo.st/2NyrnOo
([9]) “The Foreign Fighters Phenomenon in the European Union”. International Centre for Counter-Terrorism, 1 April 2016. Page:31 https://bit.ly/2g9Coth
“ISIS in the West The Western Militant Flow to Syria and Iraq”. New America, 26-3-2016. https://bit.ly/2E9Enuv
([10]) “«داعش» يوسّع نفوذه على تخوم دمشق بعد سيطرته على مخيم اليرموك”. الشرق الأوسط، 19-4-2016. https://bit.ly/2Ok1OWQ
([11]) “سوريا “داعش” يسيطر على أجزاء من “سلوك” و”تل أبيض” في ريف الرقة”. الأناضول، 27-2-2016. https://bit.ly/2C4ywUK
([12]) “داعش يسيطر على تدمر مجددا”. سكاي نيوز، 11-12-2016. https://bit.ly/2Ok1YgU
([13]) “What does the future hold for France’s ‘IS children’?”. BBC, 5-8-2018. https://bbc.in/2ybwtLx
([14]) “Beyond the Caliphate: Foreign Fighters and the Threat of Returnees”. The Soufan Group, 2-10-2017. https://bit.ly/2OmG3pm
([15]) “الجيش التركي: عملية “درع الفرات” انتهت بنجاح”. دايلي صباح، 31-3-2017. https://bit.ly/2yuHUgO
([16]) “سوريا الديمقراطية” تسيطر على مطار الطبقة بالكامل”. العربية نت، 27-3-2017. https://bit.ly/2C86tne
“قوات سوريا الديمقراطية تعلن السيطرة على مدينة الرقة”. بي بي سي، 17-10-2017. https://bbc.in/2yr1ZEO
([17]) “النظام السوري يستعيد البوكمال على حدود العراق”. الجزيرة نت، 8-11-2017. https://bit.ly/2mdzTd9
“النظام السوري يعلن استعادة دير الزور بالكامل”. 3-11-2017. https://bit.ly/2Ecqhs9
([18]) “She Left France to Fight in Syria. Now She Wants to Return. But Can She?”. The New York Times, 11-1-2018. https://nyti.ms/2EhNvIp
([19]) “Now that the Islamic State has fallen in Iraq and Syria, where are all its fighters going?”. The Washington Post, 22-2-2018. https://wapo.st/2OfIxFM
([20]) “الجيش الأمريكي يعلن استهداف أخطر قيادي فرنسي في “داعش”. الخليج أونلاين، 11-2-2017. https://bit.ly/2OPCbws
([21]) “أنقرة تسلم باريس «أبو إبراهيم الفرنسي» القيادي في «داعش»”. جريدة الحياة، 27-9-2017. https://bit.ly/2NxJAvr
([22]) ” “قسد” تعلن القبض على جهادي فرنسي في تنظيم “داعش”. العربي الجديد، 24-6-2018. https://bit.ly/2QGTqNO
([23]) “وصول قوات فرنسية خاصة إلى قاعدة أمريكية في سورية”. العربي الجديد، 27-4-2018. https://bit.ly/2A4raPx
“Newly released photos raise questions about French military role in Syria’s Deir Ezzor”. France 24, 13-9-2018. https://bit.ly/2pMrX1z
([24]) “How many U.S. troops are in Syria? And what are they doing there?”. USA Today, 4-4-2018. https://bit.ly/2QKrPeB
([25]) “Islamic State and the crisis in Iraq and Syria in maps”. BBC, 28-3-2018. https://bbc.in/2MFgor2
([26]) “قانون فرنسي جديد لمكافحة الإرهاب: استنساخ “الطوارئ”. العربي الجديد، 8-6-2017. https://bit.ly/2A3HeRx
([27]) “فرنسا معضلة عودة المقاتلين الأجانب من القتال في سوريا والعراق”. المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، 13-11-2017. https://bit.ly/2OkZ4bu
([28]) “فرنسا: رئيس الوزراء يكشف عن خطة جديدة لمكافحة الإرهاب تتصدى للخطر الداخلي”. فرانس 24، 13-7-2018. https://bit.ly/2ytY9dZ
([29]) “دبلوماسية مكافحة الإرهاب – عشر نقاط رئيسية في عام 2017”. موقع وزارة الخارجية الأمريكية، 2-1-2018. https://bit.ly/2EeR9rD
([31]) “وزير الدفاع البريطاني: يجب قتل البريطانيين المنضمين إلى «داعش»”. جريدة الحياة، 7-9-2017. https://bit.ly/2QNuFzB
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.