أفاد مركز أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العام الماضي عن كيفية قيام الإسلاميين بغسيل الأموال عن طريق نظام “الحوالة”. لوحظ الآن مرة أخرى كيف أن إرهابيي البيئة الإسلامية يقومون بجعل تدفقاتهم المالية غير قابلة للتعقب عبر إسبانيا.
لايعتبر نظام الإحالة “الحوالة” من حيث المبدأ جرماً. حيث انه يستند إلى تقليد عمره قرون من تحويل الأموال والسلع في العالم الإسلامي وغالباً لأسباب خيرية. ومع ذلك لاحظت السلطات الأمنية في أوروبا في السنوات الأخيرة أن وسائل الدفع هذه تستخدم بشكل متزايد من قبل الإرهابيين الإسلاميين والمتطرفين لتحويل الأموال بشكل غير قانوني من A إلى B، أو لتزويد المجتمعات الإسلامية بالأموال دون أن تلاحظ البنوك التي سيتعين عليها الإبلاغ عن هذه التحويلات إلى المنظم المالي. الحوالة وتعني “الكمبيالة” أو “الحوالة البريدية”، هي نظام قديم لتحويل الأموال للمسلمين يعتمد فقط على الثقة، مثل ويسترن يونيون. ومع ذلك فإن تدفق الأموال يتجاوز سيطرة الدولة.
تمكن المحققون في إسبانيا من التقاط المشهد التالي على الفيديو: تدخل “عائشة س” متجراً صغيراً في العاصمة الإسبانية مدريد، وتسلم مغلفاً به 5000 يورو نقداً عند المنضدة، بالإضافة إلى رمز رقمي. بعد ذلك بقليل، يطرق رجل باب متجر في الصحراء الغربية ويفتحه التاجر له، ليخبره الزبون برمز رقمي ليستلم مغلفاً يحتوي على 700,000 دينار نقداً.
وهكذا يتم دفع المبلغ المودع في أوروبا واستلامه في غرب إفريقيا في غضون ساعات دون أن يتم نقل الأموال بالفعل. يرسل العميل والتاجر في مدريد ببساطة إلى نظيرهما في الصحراء الغربية الرمز الرقمي و كلمة المرور الخاصة ب “النقل” بدون ارسال أصل المال، فقط عن طريق اسم المرسل أو اسم المستلم الذي يتم تسجيله، لتكون المعاملة مجهولة تماماً. وبهذا يجمع الوسطاء عمولة قليلة في المائة مقابل ذلك.
هذه هي الطريقة التي يتم بها نموذج العمل الخاص بـ A وهو مواطن شمال أفريقي يعيش في إسبانيا، وهو الرئيس التنفيذي لنظام مالي يربط أوروبا بإفريقيا والشرق الأوسط، و أصحاب المتاجر في إسبانيا والصحراء الغربية هم موظفوه.
الحوالة هي كلمة عربية تعني الكمبيالة أو الحوالة البريدية: وهي نظام تحويل إسلامي قديم يعتمد فقط على الثقة، حيث انها طريقة جيدة للمهاجرين لإرسال الأموال بسرعة إلى أقاربهم في الوطن والتي تفتقر أحياناً إلى نظام مصرفي فعال. من ناحية أخرى هو كابوس لكل محقق مالي، إن عدم الكشف عن هوية نظام التحويل هذا يجعله الأداة المفضلة للمجرمين والمتطرفين الذين يستخدمونه لغسل أموال المخدرات أو تمويل المساجد المتطرفة سراً في أوروبا أو استخدامها لتمويل الهجمات.
يقدر البنك المركزي الأوروبي أن حوالي 200 مليار دولار أمريكي تتدفق حول العالم من خلال الظل المصرفي كل عام.
منذ عام 2018 تعاقب ألمانيا على طريقة الدفع هذه، حيث يحتاج وسطاء الأموال المسلمون بالنسبة للتحويلات المالية إلى ترخيص كمزود خدمة دفع من المنظم المالي Bafin. ويجري الآن تدريب ضباط الشرطة في جميع أنحاء أوروبا بما يخص موضوع الحوالة من أجل فهم الشبكات بشكل أفضل.
يقول رئيس قسم سابق في وكالة استخبارات غربية متخصصة في تمويل الإرهاب “أوروبا، بجالياتها المهاجرة المتنوعة التي تعرف الحوالة من وطنها، هي محور هذه الشبكات”. ففي عام ونصف من العمل الاستقصائي قام هو وفريق بحثي بتعقب شبكة الحوالة الخاصة ب A. في إسبانيا. وتثير هذه النتائج قلقاً بين خبراء الإرهاب، لأن المنطقة المحيطة بالصحراء الغربية تتخللها فروع من تنظيم القاعدة إلى الدولة الإسلامية.
إيران هي أحد اللاعبين الرئيسيين على وجه الخصوص والتي تعمل على توسيع نفوذها في غرب إفريقيا وخارجها، فهي أكبر دولة راعية للجماعات الإرهابية في العالم. الاستراتيجية المركزية للديكتاتورية الإسلامية هي ممارسة النفوذ الثقافي والسياسي والعسكري من خلال المجتمعات الشيعية في الخارج، حيث ان المناطق غير المستقرة والفقيرة مناسبة بشكل مثالي لكسب الميليشيات المحلية في القتال المفترض ضد “الغرب الاستعماري” وهناك ما يكفي منهم في أفريقيا، ولذلك تقوم إيران بتوسيع نفوذها في غرب إفريقيا.
اتهم المغرب الحكومة الإيرانية بدعم الميليشيات في الصحراء الغربية التي تطالب باستقلال المنطقة وتقاتل قوات الأمن المغربية. ويقال إن أعضاء البوليساريو قد تم تزويدهم بصواريخ أرض-جو وطائرات بدون طيار من طهران. وأقام حزب الله -المتحالف مع إيران- معسكرات في الجزائر حيث يدرب مقاتلي البوليساريو، و تقاتل جبهة البوليساريو من أجل استقلال الصحراء الغربية منذ منتصف 1970. اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2020 بمطالبة المغرب بالصحراء الغربية مقابل اتفاق سلام مغربي مع إسرائيل عدو إيران، وقد أدى ذلك إلى تدهور سمعة المغرب في العالم العربي وجعل المنطقة محور استراتيجية إيران بالوكالة.
ويواجه حزب الله الذي يتخذ من لبنان مقراً له مشكلة انهيار القطاع المصرفي جزئياً في الأزمة الاقتصادية اللبنانية وتعرض مؤسساته المالية أيضا للعقوبات، كما أنهم يريدون التستر على تمويلهم للإرهاب في أفريقيا قدر الإمكان، ولهذا السبب يلجأون إلى شبكات الحوالة. تفترض الدوائر الأمنية أن الهجمات الإرهابية ضد المواطنين الغربيين على الأراضي الأفريقية ستزداد، ومع ذلك فإن تدريب ودعم الميليشيات المحلية يكلف الكثير من المال ولا تتمتع إيران وحزب الله بإمكانية الوصول المباشر إلى النظام المالي الدولي بسبب العقوبات الغربية.
لم يثبت بعد أن شبكة الحوالة في إسبانيا يستخدمها حزب الله، ومع ذلك فإن التحقيقات الأولية تشير إلى ذلك. إذا كنت ترغب في تحويل الأموال إلى الصحراء الغربية، فلا يمكنك تجاهل A ونظام “الحوالة” حيث يوضّح أنه يحافظ على موقف إيجابي تجاه إيران وحزب الله ومقاتلي البوليساريو على صفحته الخاصة على الفيسبوك.
أعرب A مراراً وتكراراً عن تعاطفه مع إيران، فقد كتب إنه “يقف إلى جانب حلفائه خلال أحلك الأوقات وخلال الأزمة الخانقة”. والمقصود على الأرجح هو العقوبات الغربية ضد النظام في طهران والتي يمكن التحايل عليها من خلال الحوالة المصرفية.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مركز أبحاث ودراسات مينا.