رغم الأنباء المتداولة عن تضييق السلطات التركية على عناصر الإخوان المسلمين لإتمام التطبيع مع مصر ودول الخليج العربي، لاتزال تركيا، وبالتحديد مدينة اسطنبول، تستضيف عددا كبيراً من المنظمات والمنصات والمؤسسات التعليمية والإعلامية والعقائدية التابعة بشكل مباشر أو غير مباشر لتنظيم الإخوان الدولي.
وشهدت الأشهر الفائتة نشاطاً مكثفاً لعناصر الجماعة وأذرعها داخل مدينة اسطنبول، بدءاً من تنظيم مجالس عزاء للشيخ يوسف القرضاوي، وصولاً إلى إطلاق “تيار التغيير” ضمن جماعة الإخوان المصرية، وليس انتهاءً بانتخاب إدارة جديدة “مجلس مسلمي أوروبا” الذي يشكل مظلة لمعظم المنظمات الإخوانية في أوروبا.
نسلط الضوء في هذا التقرير على عدد من المراكز والمؤسسات النشطة في مدينة اسطنبول لصالح التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، أو التي يعمل التنظيم على استقطابها ورعايتها.
أكاديمية الإمام مالك الدولية للعلوم
نستهل التقرير بالحديث عن إحدى المؤسسات التعليمية التي يعمل “مجلس مسلمي أوروبا” على استقطابها رسمياً؛ “أكاديمية الإمام مالك الدولية للعلوم”، وهي مؤسسة تعليمية مرخصة بتركيا منذ مطلع عام 2018 تهتم بالعلوم الإنسانية، وخاصة الدراسات الإسلامية واللغة العربية في مرحلة ما بعد التعليم الثانوي.
يدير “أكاديمية الإمام مالك الدولية للعلوم” عبد الباسط يربوع، وهو داعية ليبي من مدينة الزاوية معروف بانتمائه لجماعة الإخوان واتّباع منهج المفتي المعزول الصادق الغرياني. عُيّن يربوع أواخر العام 2014 نائباً لوزير الأوقاف في حكومة فجر ليبيا مبارك الفطماني، كما جرى تعيينه في وقت لاحق بمنصب نائب رئيس الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية في حكومة طرابلس. أما المدير التنفيذي للأكاديمية فهو محمد عارف، كما تضم المؤسسة في كوادرها أكاديميين من مختلف الدول العربية، مثل أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة الإسلامية د. وصفي عاشور أبو زيد، والداعية السوري محمد عداب الحمش.
وكان وفدٌ من مجلس مسلمي أوروبا، برئاسة عبد الله بن منصور، قد زار مقر الأكاديمية في إسطنبول، أواخر نوفمبر الفائت، حيث تباحث الطرفان في تعزيز التعاون وإمكانية ضم الأكاديمية لعضوية المجلس.
مشروع عمران
افتتح بتاريخ 21 ابريل 2019 في قاعة بلدية إسطنبول، ويعد من أهم صروح التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين على الأراضي التركية وفق مراقبين. والمشروع بحسب مسؤوليه عبارة عن “منصة إعلامية رائدة في تأسيس وإدارة المشاريع النهضوية الشبابية، تساهم في إنشاء مجتمع نهضوي راشد، كما تعمل على قيادة الأمة نحو الريادة والتنافس العالمي “. كما تهدف فكرة المشروع “إلى إنشاء خطط إستراتيجية، تقود الأمة للتنافس العالمي، وتوجه جهود الشباب ذوو الكفاءة نحو الاستخدام الأمثل لأدوات التخطيط والمشاريع الإستراتيجية”.
يقود مؤسسة “عمران” من خلف الستار، الداعية الكويتي طارق سويدان، في حين يشغل “ابراهيم هواري” منصب المدير التنفيذي. أما مشروع “الرواد لإنشاء مراكز إعداد القادة” التابع لـ “عمران”، فيديره د.زانا أحمد قصاب.
منتدى الشرق
“منتدى الشرق” هو مؤسسة إسلامية ترفع شعار “التواصل والحوار والديمقراطية”، تأسست عام 2012 في تونس تحت إشراف المدير العام السابق لقناة الجزيرة، الإعلامي الفلسطيني وضاح خنفر، ويقع مقرها الدائم في اسطنبول، كما افتتحت أواخر العام 2018 فرعاً لها في العاصمة الماليزية كوالامبور.
يندرج ضمن مؤسسات المنتدى حاليا منصات حوارية وبحثية هي “مركز الشرق للأبحاث الاستراتيجية”، و”منصة الشرق أكاديميا”، و”شبكة الشرق الشبابي”. وتحظى فعاليات المنتدى برعاية تركية وقطرية، وحضور إخواني واسع.
أكاديمية العلاقات الدولية
مؤسسة رسمية تركية يشرف عليها الناشط المصري عصام عبد الشافي. وهي على الصعيد العلني متخصصة في التعليم والتدريب والتأهيل في العلوم الإنسانية والدراسات الاجتماعية، وخاصة ما يرتبط منها بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، والدراسات الاستراتيجية، والقانون، والاقتصاد، والإدارة، والإعلام، والاجتماع. أما في الجانب غير المعلن فهي- بحسب مختصين- تهتم بتخريج كوادر إخوانية على مستوى عالي من الحرفية، وتأهيلهم للحصول على مناصب وزارية أو برلمانية يمكن توظيفها لتوطيد أركان الجماعة في حالة وصولها إلى الحكم.
تأسست الأكاديمية عام 2017، ويقع مقرها في منطقة يني بوسنا في مدينة اسطنبول التركية، ضمن مجمع VIZYON PARK الذي يحتوي العديد من المراكز البحثية العربية والشركات التجارية الدولية والعربية والقنوات الفضائية العاملة في مدينة إسطنبول. ويتوزع المقر الإداري للأكاديمية بين قاعتين رئيسيتين للمحاضرات، الأولى تستوعب نحو 30 شخصاً، والثانية 14 شخصاً، وأربعة مكاتب مخصصة للطاقم الإداري فضلاً عن مكاتب الأساتذة أعضاء هيئة التدريس، وغرفتين للخدمات اللوجستية، الأمر الذي يجعلها قادرة على إنجاز العديد من البرامج والفعاليات داخل المقر الخاص بها.
ويعتبر مراقبون أنّ مدير الأكاديمية عصام عبد الشافي، هو أحد أخطر عناصر جماعة الإخوان المصرية في تركيا، فهو يضطلع بدور محوري في تخريج جيل جديد من عناصر الجماعة المدربين إعلامياً ومخابراتياً، كما تربطه صلات قوية بدوائر صنع القرار في تركيا، وخاصة أعضاء حزب العدالة والتنمية، ناهيك عن ارتباطه بالمنظومة الإعلامية القطرية.
ومن ضمن كوادر أكاديمية العلاقات الدولية، الأكاديمي المصري “سيف الدين عبد الفتاح” الذي يعتبر الأب الروحي لما يسمى “تيار التغيير” ضمن جماعة الإخوان المسلمين المصرية.
اتحاد الجمعيات المصرية في تركيا
تم تأسيس “اتحاد الجمعيات المصرية في تركيا” عام 2018، تحت إشراف القيادي البارز في جماعة الإخوان المصرية، مدحت الحداد، ويعتبر الإتحاد اليوم أحد الكيانات المعنيّة بإدارة أموال الإخوان المصريين في الخارج، سواء المشاريع الاستثمارية التابعة للجماعة، أو فيما يخص جمع أموال التبرعات والاعانات الشهرية.
يشغل “اتحاد الجمعيات المصرية في تركيا” عضوية “اتحاد المنظمات الأهلية الإسلامية”، الذي يشرف عليه التنظيم الدولي، ويقوم بدور كبير في استقطاب الشباب العربي بشكل عام، وليس المصري فقط.
هذا ويعتبر مدحت الحداد، أحد المؤسسين للجناح الاقتصادي داخل جماعة الإخوان، وعضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان وكان مسؤولاً عن المكتب الإداري لمحافظة بالإسكندرية قبل هروبه من مصر. أما نائبه في “اتحاد الجمعيات المصرية في تركيا” فهو السيد العزبي، وأمين الصندوق مختار العشري.
اتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي
تم تأسيسه في إسطنبول عام 2005 ليكون قنطرة للتواصل مع تنظيمات إخوانية حول المنطقة العربية تحت ستار “الجمعيات الأهلية”، ويضم الإتحاد تحت لوائه عدة مؤسسات وأوقافا في تركيا وعدد من الدول العربية والإسلامية، يصل عددها بحسب بيانات المنظمة نفسها إلى حوالي 360 منظمة في 60 دولة.
ويرتبط “الاتحاد”، بعلاقات شراكة واسعة مع مجلس مسلمي أوروبا، واتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، وغيرها من المؤسسات الدولية التابعة لجماعة الإخوان في أوروبا. كما يسند إليه جمع التبرعات وأموال الزكاة والصداقات، ويشرف عليه اثنان من قيادات التنظيم الدولي، وهما غزوان المصري، وجمال كريم الدين، من أصل سوري ويحملان الجنسية التركية، ويترأسه التركي علي كورت.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مركز أبحاث ودراسات مينا.