بعد أسبوعين من التوتر في الساحة العراقية، جراء شن هجمات صاروخية ضد مواقع عسكرية عراقية ومناطق حيوية داخل البلاد، كان آخرها قاعدة عين الأسد العسكرية، يعلن رئيس الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي”، عن توجيهه أوامر للأجهزة الأمنية باستهداف أي جماعة لها علاقة بالهجمات على القواعد العسكرية، مضيفاً: “الأجهزة الأمنية بات لديها توجيهات واضحة لاتخاذ موقف حاسم من هذه الجماعات مهما اختلفت مسمياتها وادعاءاتها”.
كما يشدد “الكاظمي” في أول رد فعل له على هجمات قاعدة عين الأسد، على رفضه الكامل للتستر وراء أحد الأجهزة الأمنية غير الرسمية، لافتاً إلى أن أي طرف يعتقد أنه فوق الدولة أو أنه قادر على فرض أجندته سيكون واهم.
يذكر أن قاعدة عين الأسد قد تعرضت خلال الساعات الماضية، لهجمات صاروخية، ما أدى إلى مقتل شخص، قيل إنه متعاقد مع قوات التحالف، المنتشرة داخل القاعدة.
كما تجدر الإشارة إلى أن قاعدة الأسد، كانت هدفاً للقصف الصاروخي الإيراني، عام 2020، والذي نفذه الحرس الثوري الإيراني رداً على مقتل قائد فيلق القدس، “قاسم سليماني” في غارة أمريكية استهدفته مطلع العام ذاته، بعد 7 دقائق فقط من وصوله إلى مطار بغداد الدولي.
واشنطن تعلنها صراحةً
تزامناً مع موقف “الكاظمي”، تكشف الولايات المتحدة عن موقفٍ أكثر تشدداً حيال الهجمات الأخيرة في العراق، حيث يؤكد وزير الخارجية الأميركي، “أنطوني بلينكن”، أن الإدارة الأميركية لن تتردد باستخدام القوة إذا تعرضت أرواح الأميركيين للخطر، مضيفاً: “لن نتردد في اللجوء إلى الرد العسكري لحماية الأميركيين كما فعلنا سابقاً في الرد على الميليشيات العراقية”.
بالإضافة إلى تصريحات “بلينكن”، يكشف البيت الأبيض أنه لا يزال يقيم تأثير الهجوم الصاروخي الأخير في العراق، وأن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حال خلص التقييم إلى ضرورة الرد على الهجوم الصاروخي، الذي استهدف القاعدة العسكرية، التي تستضيف جنوداً أمريكيين، مشدداً على أن الرئيس الأمريكي، “جو بايدن” مصمم على التحرك لحماية الأميركيين من مثل تلك التهديدات.
يشار إلى أن التصريحات والمواقف الأمريكية، تأتي متزامنة مع ما كشفته اعترافات عنصر في الخلية، التي نفذت الهجوم على مطار أربيل في إقليم كردستان العراق قبل ما يزيد عن أسبوعين، بأن الصواريخ التي استهدفت المطار هي إيرانية الصنع، وأن الخلية المنفذة تتكون من 4 أشخاص وتابعة لميليشيا سيد الشهداء، التي تعتبر أحد أذرع إيران المسلحة في العراق.
وكانت سلطات إقليم كرستان العراق، قد أعلنت عن تعرض مطار أربيل لقصف صاروخي ليل 15 شباط الماضي، فيما أعلنت مصادر أمنية أن عدد من الصواريخ أصاب قاعدة تابعة للتحالف الدولي بالقرب من المطار.
إعلان حرب..
يرى الباحث في الشأن العراقي، “سميح القيشطاني”، أن إعلان “الكاظمي” والمواقف القادمة من واشنطن هي رسالة مفادها أن الظروف قد تغييرت وأن فترة جديدة ومرحلة أكثر حسماً حيال الصواريخ قد بدأت، معتبراً أن تلك المواقف بمثابة إعلان حرب وشيكة، إذا ما استمرت عمليات إطلاق الصواريخ.
ويلفت “القيشطاني” إلى أن ميل “بايدن” إلى السياسة والدبلوماسية حيال ملف الميليشيات العراقية والنفوذ الإيراني في العراق، لا يعني أن استخدام القوة العسكرية ضد تلك الميليشيات سيكون بعيداً عنه أو خارج حساباته، لا سيما وأن استمرار هذا النوع من الهجمات سيضر كثيراً بمظهر القيادة الجديدة في البيت الأبيض داخلياً وخارجيا على حد سواء، وسيعطيها مظهر القيادة الضعيفة، مقارنة بسابقتها.
يشار إلى أن الرئيس الأميركي “جو بايدن” قد صرح في وقت سابق، بأن الضربة التي نفذها الطيران الأمريكي واستهدفت ميليشيات عراقية موالية لايران داخل الأراضي السورية تحمل رسالة لطهران مفادها “لا تستطيعون الإفلات من العقاب. احذروا”، وذلك بعد وقتٍ قصير من إعلان وزارة الدفاع الأمريكية، “بنتاغون” أن مقاتلات أميركية شنت مساء الخميس الماضي، غارات على منشآت تقع شرقي سوريا وتتبع لفصائل مسلحة عراقية مدعومة من إيران، ردا على هجمات صاروخية على أهداف أميركية في العراق.
نظرة “القيشطاني” لمواقف الحكومتين الأمريكية والعراقية، يتطابق مع ما يقوله المحلل السياسي، “عبد الجبار العبيدي”، الذي يشير إلى أن واشنطن لن تسمح بأن تحصل إيران على أوراق تفاوضية جديدة في ملفها النووي على حساب القواعد العسكرية الأمريكية في العراق والمنطقة، خاصةً أنها قد تتمادى في هجماتها إذا ما مرت الهجمات الحالية دون رد أمريكي واضح وحاسم.
كما يرجح أن يأخذ رد الولايات المتحدة على أي هجمات قادمة، شكل تصفية لإحدى القيادات الميليشيوية في العراق، بدلاً من شن غارات على مواقع الميليشيات على الحدود السورية – العراقية، معتبراً أن استمرار الهجمات الصاروخية دلت على أن إيران والميليشيات التابعة لها لم تتأثر بالغارات الأخيرة التي استهدفت مواقعها في سوريا، وأن رسالة بايدن لم تصل إلى القيادة الإيرانية.