على الرغم من القرارات التي اتخذتها الحكومة الألمانية من أجل تسريع تسليح الجيش الاتحادي، في مواجهة التهديد الأمني الروسي المتزايد لأوروبا، إلا أنه وبعد مرور قرابة السنة على القرار الألماني بزيادة غير مسبوقة في ميزانية الدفاع، لم تحقق الجهود الحكومية المستوى المأمول، وحتى الصفقات التي تم توقيعها من أجل شراء طائرات (F 35) من الولايات المتحدة الأمريكية، فهي تعاني بحسب تقارير من تأخيرات وعقبات لم تكن بالحسبان. وقامت ألمانيا بأول استثمار كبير من الميزانية الدفاعية الجديدة البالغة 100 مليار يورو، حيث ستحل طائرة (F-35) الأميركية مكان بعض مقاتلات “تورنيدو”.
ومع تقدم القوات الروسية إلى أوكرانيا، أعلنت ألمانيا عن خطوات تعد تحولاً جوهرياً في السياسة الدفاعية لألمانيا المطبقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية قبل 70 عاماً، ووعد شولتز، في الجلسة المخصصة لبحث الحرب في أوكرانيا، في 27 شباط 2022، بأن يصل حجم الإنفاق العسكري إلى ما نسبته 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا، وفقاً لشبكة (BBC) البريطانية.
وكانت ألمانيا تقاوم منذ مدة طويلة الدعوات من جانب الولايات المتحدة ودول أخرى لزيادة إنفاقها العسكري. وعلى الرغم من استبدال الطائرات الألمانية كان على طاولة البحث منذ مدة ليست بالقصيرة، إلا أن الأحداث في أوكرانيا سرعت من هذا الأمر، وجعلت شركة “لوكهيد مارتن” الأميركية المصنعة لمقاتلة (F 35) على قائمة أولويات برلين.
لقد أظهرت التطورات الأخيرة في أوكرانيا بوضوح أن الهجمات الروسية تتم من الجو ويجب الرد عليها أو منعها عبر تعزيز سلاح الجو للدول الأوروبية. وكانت رئيسة لجنة الدفاع، ماري أغنيس ستراك زيمرمان قد صرحت في وقت سابق من شهر فبراير 2022، بأنه “يجب وضع خليفة تورنادو على الطاولة كخطوة أولى اليوم. الآن هناك حاجة لطائرة F-35، وهي أحدث طائرة مقاتلة في العالم ويستخدمها العديد من شركائنا “.
وتعبر هذه الخطوة، مهمة من ناحية ما يسمى “المشاركة النووية” لألمانيا في حلف الناتو، وهذا يعني أنه على الرغم من أن ألمانيا لا تمتلك أي أسلحة نووية، إلا أنها يجب أن تكون قادرة على الوصول إلى القنابل النووية الأمريكية الموجودة في القاعدة الأميركية في ألمانيا واستخدامها في حالة الطوارئ، وهذا ما يمكن أن تقوم به طائرة F-35.
ويبدو من خلال تصريحات الأوساط العسكرية والسياسية الالمانية، أن وحدة حلف الناتو، والردع الموثوق، أصبحا بمثابة رد الفعل المناسب على الحرب الروسية، وشراء طائرات F ـ 35 الأميركية يعزز القدرة على تأمين المجال الجوي للناتو والدفاع عن التحالف مع شركاء ألمانيا، ويعتبر شراء المقاتلة المتوفرة بالفعل في السوق خياراً جيداً لتسريع عملية تحديث القوات المسلحة، على عكس طائرات (يوروفايتر) التي يتم تطويرها مع فرنسا، والتي تحتاج إلى تعديل لكي تناسب الاحتياجات الألمانية، وهذا ما يحتاج إلى سنوات.
وعلى المدى الطويل، تدعم ألمانيا، مع فرنسا وإسبانيا، المشروع الأوروبي “النظام الجوي للقتال في المستقبل” (FCAS). ولا يتوقع الخبراء أن يكون هذا البرنامج جاهزاً قبل عام 2040.
أمام هذا التحول الكبير في السياسة الألمانية، من الهدوء والسلمية إلى ميزانية دفاعية تجعل منها أكبر منفق عسكري في أوروبا وثالث أكبر دولة على مستوى العالم، لا بد من التساؤل عن دلالات زيادة ميزانية البلاد العسكرية، وهو ما تحاول هذه الدراسة التحليلية تسليط الضوء عليه.
دلالات التحول العسكري الألماني
توصل الألمان إلى قناعة بأن العلاقات الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية المتبادلة غير كافية للمحافظة على الاستقرار والسلام مع روسيا، حيث عملت ألمانيا خلال السنوات الماضية على تطوير مفهوم “التغيير من خلال التجارة” عبر عقد صفقات كبيرة مع روسيا من أهما خط غاز (ستريم 2) لكن تبين فيما بعد أن هذه الاستراتيجية كانت مجرد وهم، وأنه بات على ألمانيا إيلاء المزيد من الاهتمام بأمن القارة الأوروبية، على اعتبارها من أكبر دول أوروبا وأقوى اقتصاد فيها، الأمر الذي يحتم عليها مسؤولية المشاركة في الدفاع عن حلفائها، إذا ما أرادت الاستمرار كزعيمة للاتحاد الأوروبي.
لقد أشارت الحرب في أوكرانيا بشكل كبير إلى عواقب عدم كفاية قدرة الردع. ونتيجة لذلك، شرعت الحكومة الفيدرالية في تغيير سريع وأعلنت أنه سيتم تحديث الجيش الألماني وأن هدف الناتو سيتم تحقيقه.
إن إشارة ألمانيا السريعة بأنها ستقدم مساهمة كبيرة في القدرة الدفاعية لحلف الناتو هي إشارة بالغة الأهمية في لعبة المفاوضات الاستراتيجية مع روسيا. إذا كانت روسيا ما زالت منفتحة على الحسابات المنطقية، فإن تطوير قدرات الناتو، سيجعل الخطط الروسية المحتملة ضد دول الناتو في البلطيق أقل احتمالية في المستقبل. وبالتالي فإن الأموال الإضافية تخدم الصالح الجماعي لتأمين السلام في أوروبا، من وجهة نظر برلين.
وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج ألمانيا فعلاً إلى ميزانية دفاعية كبيرة، من أجل التصدي للخطر الروسي، إذ يعاني الجيش الألماني من الضعف نتيجة سياسات الحكومات السابقة، حيث كان الجيش الألماني يفتقر دائمًا إلى التمويل اللازم لإجراء تحديث شامل. لا تكاد توجد أي وحدات في الجيش الألماني لديها التدريب والمعدات اللازمة للانتقال بسرعة إلى الجناح الشرقي لحلف الناتو.
خلال السنوات القليلة الماضية، رافقت ألمانيا كوابيس إنهيار الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد خروج بريطانيا، وتهديد دول أخرى وأحزاب سياسية يمينية باتخاذ خطوات مماثلة، ويبدو أن الفرصة اليوم مواتية لتعزيز متانة الاتحاد الأوروبي من جديد وإظهار أهمية الاتحاد في الحماية من المخاطر القادمة من الشرق، وطبقاً لتقارير صحافية مبكرة، فإن الحكومة الفرنسية راضية لأن بوسع ألمانيا الآن أن تصبح الشريك الأمني الجاد الذي سعت باريس إليه منذ وقت طويل.
في المقابل، سيكون لقرار زيادة الميزانية الدفاعية، آثاره الأكثر وضوحاً في علاقة ألمانيا مع دول الناتو على الجانب الشرقي، التي كانت قد بدأت تنظر إلى ألمانيا كدولة أنانية وأحياناً ودودة أكثر مما يجب حيال روسيا. وكذلك يبرز أن إرسال وحدات جديدة إلى ليتوانيا، ونشر قوات على التراب السلوفاكي للمرة الأولى، وتوسيع نطاق الحماية الجوية في رومانيا، تشكل كلها مجرد بداية في عملية طويلة ستشهد غالباً إرسال مزيد من القوات الألمانية إلى أوروبا الشرقية.
إن الصدمة التي سببتها الحرب الروسية للعديد من الألمان، أدت إلى ارتفاع نسبة مؤيدي زيادة الإنفاق العسكري، وأظهرت استطلاعات الرأي أن أغلبية كبيرة تؤيد كل من صادرات الأسلحة إلى أوكرانيا والتمويل الدفاعي الجديد، ولذلك فإن استجابة شولتس لرغبة الشارع الألماني، ستؤدي إلى تحسين شعبيته وتقوية مكانته على الساحة السياسية الألمانية.
كما أن الحرب الأخيرة، تظهر مرة أخرى عيوب اعتماد أوروبا شبه الكامل على الردع والقدرات والاستخبارات الأمريكية، وهو اعتماد يزداد خطورة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، وهو ما يثير استفسارات، ومخاوف عما سيبدو عليه الرد الأميركي على الغزو الروسي مع رئيس مختلف في البيت الأبيض.
ويعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أكبر المؤيدين لـ “الحكم الذاتي الاستراتيجي” الأوروبي، حيث يدعو إلى أن يصبح الاتحاد الأوروبي، جهة دفاعية أكثر استقلالية، لكن الحكومة الألمانية كانت مترددة في تبني الحكم الذاتي الاستراتيجي من الناحية العسكرية، لكن الوضع اختلف مع اجتياح القوات الروسية لأوكرانيا.
عقبات تعترض صفقة طائرات (F 35)
واجهت الصفقة الحالية انتقادات واسعة داخل ألمانيا، بسبب تكلفتها المرتفعة، وكونها أيضاً لا تمثل حلاً إسعافياً للقوات الألمانية في مواجهة روسيا، فهي تحتاج إلى سنوات كي تصبح الطائرات جاهزة للاستخدام.
وهو ما أثار قلق في الأوساط العسكرية بشأن ما إذا كان مبلغ المليارات من الدولارات للطائرات المقاتلة F-35 سيدفع على حساب مشاريع أخرى، خاصة بالنسبة للمعدات المطلوبة بشكل عاجل للجيش.
وفقًا لمصادر مطلعة، قد يستغرق الأمر حتى عام 2030 حتى يصبح لدى سلاح الجو بالفعل طائرة F-35 جاهزة للعمل، حسبما نقل موقع (nd-aktuell) الألماني في 15 مارس 2022.
و تشير البيانات إلى أن F-35 هو أغلى برنامج دفاعي في تاريخ الولايات المتحدة. ليست عملية الشراء وحدها هي التي تكلف المال، حيث تبلغ تكلفة الطائرة حوالي 80 مليون دولار.
وإضافة لذلك أصبحت صيانة الطائرات باهظة الثمن أيضا، وفقا لتقرير صادر عن مكتب المساءلة الحكومية (GAO)، ارتفعت تكاليف الطائرة F-35 بشكل كبير بعد الشراء، إلى ما يعادل حوالي 35000 يورو مقابل ساعة طيران واحدة للطائرة الشبح. ما مجموعه 1.37 تريليون يورو للطائرة الواحدة بحسب شبكة (BR 24) الألمانية في 14 مارس 2022.
في هذا السيناريو تتزايد الضغوط على الحكومة الألمانية كي تتراجع عن الصفقة التي ستعتبرها العديد من وسائل الإعلام كصفقة سياسية تستهدف تعزيز مكانة شولتس لدى الولايات المتحدة.
على الرغم من ذلك، قد تنجح الحكومة بالدفاع عن موقفها الداعي إلى شراء المقاتلات، ذلك لأنها لا تملك بديلاً أسرع وأكثر كفاءة، كما أنها ستدافع عن موقفها بأن العديد من شركاء الناتو الأوروبيين اختاروا بالفعل طائرات F-35، بما في ذلك بريطانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج والدنمارك، ما يؤدي إلى أن يكون تحقيق التآزر والتوافق ممكن في العمل المشترك.
كما أن شراء المقاتلة الأميركية، يضمن بسلاسة ما يسمى بالمشاركة النووية لألمانيا. هذا لا يشمل فقط الالتزام بإلقاء القنابل النووية الأمريكية المخزنة بالفعل بالقرب من بوشل الألماني، في أهداف محددة مسبقًا، لكنه يتضمن أيضاً أن يكون للجيش الألماني رأي في اختيار هذه الأهداف، وهذه النقطة مهمة بالنسبة للشعب الألماني، الذي يعتقد بأن حكومته يجب أن تراعي قوانين الحرب وسلامة المدنيين.
ستستمر الحكومة الألمانية في الصفقة، لأنها تمثل صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، حيث كانت هناك دلائل على أن الولايات المتحدة تدير ظهرها لحلف شمال الأطلسي ورأى الاتحاد الأوروبي الحاجة إلى تطوير مفاهيمه الخاصة للأمن الجماعي. لكن مع رئاسة جو بايدن والوحدة المتزايدة لحلف الناتو في أعقاب حرب أوكرانيا، يبدو أن هذه المخاوف قد تراجعت.
لهذا السبب ترسل برلين أيضًا إشارة سياسية بقرارها لصالح F-35، لتؤكد بأن التعاون طويل المدى مع الولايات المتحدة آخذ في الازدياد، وبنفس الوقت تريد برلين الإثبات لمنتقديها داخل الولايات المتحدة، بأن تحالفات واشنطن مع دول الناتو، تقوي الولايات المتحدة من دون أن تستنزف مواردها، حيث يتهم نواب في الحزب الجمهوري ألمانيا بأنها تخصص القليل من ميزانيتها للدفاع بينما تعتمد على الولايات المتحدة في حماية أمنها.
تعاون دفاعي مع إسرائيل
حقق مشروع الحكومة الفيدرالية لشراء نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي Arrow 3 تقدماً خلال الفترة الماضية. ويقال بأن الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل بالمضي بالصفقة العسكرية الدفاعية “السهم 3” (حيتس) مع ألمانيا، وفقا لهيئة البث الرسمية كان. وكان أولاف شولتس المستشار الألماني قد استلم بلاغا بالأمر حين أجرى زيارة لواشنطن في شهر آذار 2023.
“Arrow 3” هو نظام دفاع صاروخي، يمكنه صد الصواريخ الباليستية وتدميرها. تم تطوير النظام في مشروع مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ومن بين جهات أخرى، شاركت شركة Boing الأمريكية المتخصصة في تكنولوجيا الطيران في تصنيعه.
في خضم حرب أوكرانيا، تُطلق الصواريخ من الأراضي الروسية وتضرب أوكرانيا كل يوم. ضد مثل هذا السيناريو بالتحديد، يهدف نظام الدفاع الصاروخي “Arrow 3” إلى حماية ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى. يمكن للنظام المشترك أن يحمي الدول قبل كل شيء من تهديد الصواريخ الروسية متوسطة وطويلة المدى.
ويمكن إنشاء نظام الصواريخ في ألمانيا في مواقع مختلفة، والتي تكمل بعضها البعض استراتيجياً، بهدف تشكيل “قبة حديدية” فوق ألمانيا. ويمكن للقبة الالمانية أيضا حماية دول الناتو المتحالفة بطريقة منسقة، حسبما أكدت صحيفة (Augsburger Allgemeine) في 4 يناير 2022.
الاستنتاجات:
ـ إن القرار الألماني لصالح طائرة أميركية يمكن أن يشكل ضغطًا على التعاون مع فرنسا وإسبانيا في مشروع FCAS، إذا لا يبدو أن طائرة F-35 الحديثة تمثل حلاً مؤقتاً، حيث من المرجح أن تبقى قابلة للاستخدام لما بعد 2040. وبالنسبة لإيمانويل ماكرون، فإن مشروع FCAS هو لبنة مهمة لبناء “السيادة الأوروبية” لأن الاتحاد الأوروبي يواجه منافسة تكنولوجية شرسة على نحو متزايد مع الصين والولايات المتحدة الأمريكية. وتقدر التكلفة الإجمالية لتطوير FCAS بـ 100 مليار يورو حتى العام 2040.
ـ يواجه الجيش الألماني الكثير من المشاكل في مسيرته نحو تحقيق التطور المطلوب منه، على الرغم من التحسن في الميزانية، إلا أن الحرب في أوكرانيا تجعل تحديث الجيش الألماني مهمة مرهقة، حيث أعرب وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس عن اعتقاده أنه ليس من الممكن سد فجوات التسليح في الجيش قبل نهاية العقد الحالي. موضحا أن نقل أسلحة لأوكرانيا لدعمها ضد روسيا أدى إلى تفاقم الحاجة للأسلحة.
وبحسب الوزير يتعين على الجيش الألماني إنجاز ثلاث مهام: الدفاع الوطني، والدفاع عن التحالف، وعمليات الأزمات الدولية. وقال بيستوريوس أنه عازم على تحقيق زيادة في ميزانية الدفاع إلى اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025. وأضاف “نعلم جميعا أنه لا يمكن سد الفجوات الحالية بالكامل قبل عام 2030. لذلك يتعين علينا تحديد الأولويات”، والتي تتضمن حماية الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) من خلال بناء فرقة مجهزة بالكامل بحلول عام 2025 وتقديم مساهمة مناسبة لقوة الرد التابعة للحلف.
ووفقا لأرقام الناتو، كانت حصة الإنفاق الدفاعي الألماني في الناتج الاقتصادي العام الماضي أقل من 1,5 بالمائة. وفقا لدراسة أجراها المعهد الاقتصادي الألماني (IW)، من غير المتوقع أن تصل ألمانيا إلى هدف اثنين في المائة حتى عامي 2024 و2025 – أي عندما يتم تسجيل النفقات من الصندوق الخاص. واعتبارا من عام 2026، من المحتمل أن تكون ألمانيا أقل من اثنين بالمائة مرة أخرى إذا لم تزيد ميزانية الدفاع العادية “بنسبة 5 بالمائة على الأقل” سنويا.
ـ تعاني الحكومة الألمانية من الانتقادات بسبب تهمة التبعية للولايات المتحدة التي تستفيد من بيع الغاز لألمانيا بأسعار مرتفعة، كما أنها تستفيد من صفقات بيع الأسلحة للحلفاء، وبعد التوقيع على صفقة طائرات (F-35) عبرت ألمانيا عن مخاوف جدية بشأن إتمام الصفقة، حسب “رسالة سرية” حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية في 4 ديسمبر 2022، ومن شأن هذه الأخبار أن تزيد من الضغوط الشعبية على برلين لضرورة عدم التبعية العمياء لواشنطن.
وأثارت وزارة الدفاع الألمانية مخاوف بشأن عوامل “تأخير” و”تكاليف إضافية” تعترض الصفقة التي تبلغ قيمتها نحو 10 مليارات يورو، حسب رسالة “سرية” موجهة إلى لجنة الميزانية في البرلمان. وأشارت الرسالة إلى مخاطر تتعلق بإنجاز تطوير القاعدة الجوية التي ستستضيف مقاتلات “إف-35″، إضافة إلى متطلبات أمنية وصعوبات لنيل موافقات لتحليق الطائرات بألمانيا في الوقت المطلوب. ولفتت الوثيقة أيضا إلى عوامل أخرى يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الكلفة؛ منها التضخم وتقلبات سعر الصرف بين الدولار واليورو وارتفاع تكاليف الإنتاج.
ـ يبدو أن خطوة تحديث الجيش الألماني، جاءت بالدرجة الأولى لأسباب سياسية، تتعلق بضرورة تعزيز العلاقات مع واشنطن وتمكين حكومة شولتس وأيضاً إرضاءً لطموحات فرنسا في بناء جيش أوروبي قوي ما يعني تمكين الروابط بين دول الاتحاد الأوروبي، ولكن يبدو أن المهمة على أرض الواقع أصعب مما كان متوقعاً، بسبب التكلفة المرتفعة بالدرجة الأولى لعمليات تطوير الجيش الألماني، ووجود شكوك دائمة بالتحالف الذي يربط طرفي الأطلسي وإلى أي مدى يمكن المراهنة على واشنطن كحليف حقيقي لأوروبا.
ـ يرى خبراء أن القبة الحديدية الإسرائيلية التي تريد ألمانيا شراءها، تعد منظومة تم تصميمها لهدف واحد يتمثل في اعتراض الصواريخ البدائية وقصيرة المدى التي تطلقها حماس أو الجماعات الأخرى على إسرائيل.
وقالت شتيفي كريست، المتحدثة باسم النائب في البرلمان الألماني عن الاتحاد الديمقراطي المسيحي رودريتش كيزيفتر، إن القبة الحديدية “توفر – كما هو الحال في إسرائيل – حماية من الصواريخ قصيرة المدى في نطاق محدود، لذا فهي لا معنى لها على الإطلاق بالنسبة لألمانيا”. وعلى الرغم من أن ألمانيا تسعى لامتلاك الجيش الثالث من أنظمة الصواريخ الإسرائيلية التي تم تصميمها لصد واعتراض الأسلحة الجوية الأكثر تقدما والتي تطير على ارتفاعات أعلى ولمسافات أكبر وقد تحمل رؤوسا حربية تقليدية ونووية فيما تم تطوير منظومة “السهم” مع وضع أي تهديد إيراني في عين الاعتبار.
وفي تعليقه على هذه المنظومة الإسرائيلية، قال المحلل الأمني أندرياس فلوكن، لمحطة “NDR” الألمانية، إن نظام السهم مصمم لصد الصواريخ المتوسطة المدى التي يصل مداها إلى 1500 كيلومتر، لذا فإن مداها غير كاف لاعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وأضاف أن روسيا تمتلك صواريخ في منطقة كالينينغراد الروسية تقع بين بولندا وليتوانيا وعلى بعد أقل من 700 كيلومتر من برلين. وهذا ما يعني وجود شكوك حول نجاعة إمتلاك هذه الصواريخ.
المصادر:
- شبكة (BBC) البريطانية 27 فبراير 2022
- موقع (nd-aktuell) الألماني في 15 مارس 2022
- شبكة (BR 24) الألمانية في 14 مارس 2022
- موقع صحيفة (merkur) الألمانية في 28 مارس 2023
- صحيفة (Augsburger Allgemeine) في 4 يناير 2022
- صحيفة (فيلت آم زونتاغ) الألمانية في 3 أبريل 2023
- وكالة الصحافة الفرنسية في 4 ديسمبر 2022
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مركز أبحاث ودراسات مينا.