بعد اعتذار رئيس الوزراء السابق “سعد الحريري” عن تشكيل الحكومة، تصاعدت التحذيرات من انهيار الدولة بشكل كامل، الأمر الذي قد يشكل نقطة تحول جديدة في الصراع بين إسرائيل و”حزب الله”، فيما تعهد رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي الجنرال “أفيف كوخافي” بعدم السماح بتكرار الاعتداءات الصاروخية من جنوب لبنان على أراضيها”.
“حزب الله” والأزمة اللبنانية..
تصريحات المسؤول الإسرائيلي، جاءت بعد إعلان الجيش اللبناني العثور على 3 منصات لإطلاق صواريخ نوع غراد 122 ملم، أحدها كان معدا للإطلاق في محيط منطقة “القليلة” جنوب لبنان.
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي “أفيف كوخافي” إن “الحكومة لن تقبل بانزلاق الأوضاع في لبنان إلى داخل إسرائيل، والمدفعية استهدفت منطقة جنوب لبنان ردًا على إطلاق القذيفتيْن الصاروخيتيْن من لبنان نحو إسرائيل”.
الجيش الإسرائيلي أعلن يوم أمس الثلاثاء، في تغريدة أن صاروخين أطلقا من لبنان باتجاه شمال إسرائيل، ومنظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي اعترضت أحد الصاروخين، في حين سقط الثاني في منطقة مفتوحة.
واعتبر “كوفاخي” أن الدولة اللبنانية ولبنان بشكل عام يمر في مرحلة انهيار كامل على خلفية الازمات السياسية والاقتصادية والحكومية المتتالية، محملاً كل من إيران وميليشيات حزب الله المسؤولية الكاملة عن تلك الظروف.
في المقابل، أكد معهد “الدراسات الاستراتيجية الإسرائيلي” برئاسة اللواء احتياط “عاموس يادلين” أن “التسارع واضح بمسار تفكك لبنان، وله آثار أمنية على إسرائيل، فحزب الله هو الهيئة الأكثر تنظيما في لبنان والوحيد الذي يتمتع بدعم دولة إقليمية وهي إيران، لذلك في الظروف الآخذة بالتدهور قد يقوم حزب الله بتشديد قبضته على لبنان وعلى وجهة الخصوص في الجنوب على المدى المتوسط”، لافتاً إلى أن “إيران قد تقوم بتثبيت تواجدها في الدولة من خلال تدفق المساعدات الإنسانية السريعة وإمداد لبنان بالنفط ومن المتوقع أن تقوم إيران وحزب الله باستغلال الوضع أيضا من أجل أن يستمر على ما هو عليه، ويمكن أن يقوما بتسريع مشاريع بناء قوة حزب الله العسكرية من خلال التركيز على إنتاج الصواريخ ذات القدرة على إصابة الهدف بدقة داخل إسرائيل”.
وأكدت مصادر لبنانية أمس الثلاثاء، أن “حزب الله” اللبناني بدأ يفقد صبره بشأن قطع الطرقات المؤدية إلى البلدات الجنوبية، مشيرة إلى أنه هدد بالتدخل في حال لم تتوقف هذه “المهزلة”، موضحة أن “حزب الله” اللبناني بلغ تحذيراته للمعنيين من أمنيين وغير أمنيين بشأن قطع الطرقات المؤدية إلى الجنوب اللبناني من قبل بعض المحتجين”.
كما أفاد المعهد الإسرائيلي بأنه “في ظل وجود الأزمة اللبنانية سيتوجب على حزب الله التركيز على التحديات الداخلية بلبنان بشكل سيفرض عليه قيود بكل ما يتعلق بالمواجهة الممكنة مع إسرائيل، ويظهر حزب الله حساسية شديدة لإمكانية أن تقوم إسرائيل بمحاولة استغلال الوضع بلبنان وتقوم بضرب قدرات حزب الله العسكرية. في ظل وجود تلك الظروف ستزداد خيارات التصعيد في أعقاب قيام إسرائيل بعمليات إحباط وقوع أحداث”.
التحذيرات وحرب النفط..
وحذر قائد الفرقة 91 “شلومي بيندر” المسؤول عن حماية الحدود مع لبنان، من تعزيز “حزب الله” نفوذه داخل لبنان، واستغلال الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد لمصلحته السياسية، مؤكداً أن “هناك خطر حقيقي من استغلال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، للفوضى في لبنان في توسيع سلطته وسلطة إيران داخل لبنان، وقيادة المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي، تستعد لاحتمال أن يحاول آلاف اللبنانيين الوصول على متن قوارب إلى الحدود مع إسرائيل في محاولة لإيجاد مستقبل أفضل”.
كما توقع تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” أنه في حالة حدوث انهيار في لبنان فإن “الصراع الخفي” بين إيران وإسرائيل في مياه البحر المتوسط سيخرج للعلن”، لافتاً إلى أن “الوضع في المنطقة على صفيح ساخن بسبب تعنت إيران”،
الصحيفة أكدت أنه في 26 حزيران، كتبت السفارة الإيرانية في لبنان تغريدة “غامضة الصياغة” مع صورة لسفينة إيرانية وطهران، قائلة إن “ايران لا تحتاج إلى موافقة الولايات المتحدة لإرسال الوقود إلى لبنان”، بينما نفت وزارة الطاقة اللبنانية طلبها لاستيراد الوقود الإيراني.
وكان زعيم حزب الله “حسن نصر الله”، تعهد باستيراد الوقود من إيران الداعمة له، ليقدم نفسه “منقذا” لبلد يعاني من نقص مدمر في السلع الأساسية.
يذكر أنه خلال الفترة الماضية، انخرطت إيران وإسرائيل في هجمات متبادلة على سفن بعضهما البعض في البحر المتوسط وخارجه، ولكن الصراع تركز في الغالب على ناقلات النفط الإيرانية المتجهة إلى سوريا، وتوسع ليشمل لبنان الذي يبدو على نحو متزايد على وشك الانهيار الاقتصادي.
أمريكا والتدهور الأمني..
ودخلت الولايات المتحدة الامريكية اليوم الأربعاء، اذ قرر الرئيس الأمريكي “جو بايدن” تمديد حالة الطوارئ الوطنية تجاه لبنان، بسبب استمرار الأنشطة المهددة للأمن القومي الأمريكي.
البيت الأبيض قال في بيان له إن “بعض الأنشطة مثل عمليات نقل الأسلحة المستمرة من إيران إلى حزب الله، والتي تشمل أنظمة متطورة، تعمل على تقويض السيادة اللبنانية، وتساهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، وتستمر في تشكيل تهديد غير عادي للأمن القومي الأمريكي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة”.
وأعلن البيت الأبيض “رسميا” أن عمليات نقل الأسلحة المتطورة من إيران إلى حزب الله تشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة”، مؤكداً أن “النظام الإيراني يدعم ميليشيات حزب الله في لبنان، وتزايد عمليات نقل أسلحة متطورة من إيران إلى حزب الله يقوض السيادة اللبنانية، ويساهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة”.
بموجب هذا الأمر، تفرض عقوبات أميركية على من يهددون سيادة لبنان، ومنها تجميد الأموال والأصول المادية لأشخاص يقومون بأعمال تراها الولايات المتحدة مهددة لهذا البلد.
بدورها، اعتبرت نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط “دانا ستراول”، أن “حزب الله نجح في إبقاء لبنان ضعيفا، محذرة من أن تؤدي الأوضاع الاقتصادية بلبنان إلى تدهور أمني.
وأعربت “ستراول” عن قلقها من أن اللبنانيين ليس لديهم حكومة يتطلعون إليها، مشيرة إلى أن “حزب الله يتمتع بقدرات قوية جدا وينجح، بسبب الدعم الذي يتلقاه من إيران، في تحدي الدولة اللبنانية، وإبقاء لبنان ضعيفا وتقديم بديل للحكومة اللبنانية الشرعية”.
إلى جانب ذلك أكدت “ستراول” أن “الولايات المتحدة تركز اهتمامها ومواردها لمساعدة المواطنين اللبنانيين في الأزمة الإنسانية ودعم الجيش اللبناني وتشجيع القادة اللبنانيين على اتخاذ خطوات لصالح شعبهم، لأن هذه هي الطريقة التي يمكنك بها مواجهة قوة وموارد حزب الله”.
يشار إلى أن لبنان يواجه حاليا ما يصفه البنك الدولي بأنه أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها العالم منذ قرن ونصف القرن، حيث تدهور الوضع المالي منذ خريف العام 2019، وانخفضت قيمة العملة الوطنية أكثر من 10 مرات مقابل الدولار الأميركي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات غير المدعومة بنسبة تتجاوزمن 400 بالمئة.
ويأتي ذلك في وقت يزداد النقص في الأدوية والبنزين والكهرباء، نتيجة لتراجع احتياطيات العملات الأجنبية في المصرف المركزي، فيما تشهد البلاد مظاهرات متواصلة وقطع طرق احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية للمواطنين.