ما زالت إيران ماضية، بتقويض حرية الصحافة، وانتهاك حرية المراسلين الأجانب والإيرانيين على حد سواء، بذريعة التعاون مع العدو، وهو حجة واهية تستخدمها ضد الصحفيين من أجل تغطية سياستها القمعية ومنع الصحفيين من تغطيتها، وفي ظل أعمالها ومشاريعها النووية المنافية للقانون الدولي، نخشى أن ينقل الصحفيين الصورة على أرض الواقع.
مراسلون بلا حدود
قالت منظمة مراسلون بلا حدود، في تصنيفها السنوي لحرية الصحافة 2019، إن إيران هبطت ستة مراكز حيث تراجعت إلى المركز الـ170 من أصل 180 دولة وإقليما، وعزت هذا التراجع إلى تزايد اعتقالات إيران لـ “الصحفيين المحترفين وغير المحترفين، وخاصة أولئك الذين ينشرون على الشبكات الاجتماعية في العام 2018، ووصف التقرير إيران بأنها واحدة من أكبر السجّانين في العالم للصحفيين.
قال الباحث في الشؤون الإيرانية بمنظمة “مراسلون بلا حدود” “رضا مُعيني”: إن الاعتقالات المتزايدة للصحفيين الإيرانيين تزامنت مع محاولاتهم تغطية احتجاجات الشارع المتكررة ضد الحكومة التي قام بها الإيرانيون في العام الماضي. وفق إذاعة صوت أميركا.
أن تكون صحفيًّا في إيران هو الحجيم
أن تكون صحفيًّا في إيران هو الحجيم، لكن هناك ما هو أسوأ من الجحيم، أن تكون مراسلًا لإحدى الوكالات الإخبارية العالمية، حينها تنتظر الاعتقال في أي وقت، هكذا يروي الصحفي الإيراني “نيما” لـ«ساسة بوست» صعوبة أن تكون صحفيًّا أو مراسلًا أجنبيًّا في إيران.
فبركة تهم للصحفيين
بدأت الحرب على المراسلين الأجانب في إيران منذ عام 2009، إذ كان لمراسل هيئة الإذاعة البريطانية دور كبير في نقل الأحداث والمظاهرات التي اندلعت عقب إعلان “فوز أحمدي” نجاد بفترة رئاسية ثانية، كتب رئيس تحرير إحدى الصحف الإيرانية المحسوبة على الحرس الثوري مقالًا يصف فيه وسائل الإعلام الغربية بأنها «وسائل إعلام العدو»، وأضاف أن أي شخص سواء كان إيرانيًا أو مراسلًا أجنبيًا يغطي الأحداث في إيران ويتعامل مع تلك المنصات الإعلامية، فهو جاسوس ولا بد أن يعاقب بأقصى عقوبة.
لم يكتفِ النظام الإيراني بحملات تشويه الإعلام الغربي، والتضييق على عمل المراسلين داخل إيران ولكن ذهب إلى ما هو أبعد، بدأ في اعتقالهم وتبنَّى «نظرية المؤامرة» فيما يخصّ عملهم داخل البلاد. ففي عام 2015 اعتقل الأمن الإيراني “جيسون رضائيان” مراسل جريدة «واشنطن بوست» في إيران، “رضائيان” إيراني يحمل الجنسية الأمريكية ويعمل مراسلًا للجريدة في إيران منذ عدة سنوات.
فيما قال الصحفي الإيراني “رامين”: وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي كانت قد قامت بإخطار رضائيان قبل اعتقاله بأن يغير من تقاريره التي يقوم بنشرها عن الأوضاع داخل إيران، وحينما لم يعرهم انتباهًا قاموا باعتقاله، وفق ساسة بوست.
ظل “رضائيان” بالسجن مدة 18 شهرًا وتم اتهامه من قبل القضاء الإيراني بتهمة التآمر ضد النظام الإيراني ونشر أخبار كاذبة، وتم الإفراج عنه مع ثلاثة صحفيين أمريكين في صفقة لتبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة بعد الاتفاق النووي. مما جعل البعض في إيران يستنتج أن الأمن الإيراني اعتقل رضائيان لاستخدامه في الضغط على الولايات المتحدة في أثناء المباحثات بخصوص الاتفاق النووي.
لم يتوقف الأمر عند “رضائيان” فقط، ففي نوفمبر(تشرين الثاني) عام 2016، ألقت السلطات الإيرانية القبض على الصحفية الإيرانية-البريطانية “نازانين زغارى”، والتي تعمل لدى مؤسسة «رويترز» الإخبارية، بتهمة التخابر مع الغرب ضد إيران وتم الحكم عليها بخمس سنوات، كانت “نازانين” في زيارة إلى إيران ضمن برنامج تدريبي للصحفيين الإيرانيين، لكن نفت أسرتها هذا الأمر عندما اتهمها القضاء الإيراني بتهمة جديدة في عام 2017 وهي التآمر لقلب نظام الحكم، وقالت أسرتها إن “نازانين” ذهبت إلى إيران لزيارة عائلتها فقط.
التهديد والملاحقة
لا يضطهد النظام الإيراني فقط المراسلين الأجانب، بل امتد الأمر ليشمل أيضًا الصحفيين الإيرانيين العاملين بوسائل الإعلام المعارضة. تعمل “سيما” (اسم مستعار) صحفية في الموقع الإخباري «راديو فردا» المعارض والذي يبث من خارج إيران، تقول: تلقيت العديد من التهديدات بالقتل لكوني صحفية معارضة للنظام، لكن لم تكن تلك المشكلة، فالمشكلة الأكبر هي أن عائلتي ما زالت في طهران ووصلتهم أيضًا تهديدات بالقتل، وفق ساسة بوست.
“سيما” ليست الصحفية المعارضة الوحيدة التي تتلقى تهديدات بالقتل، فأغلب الصحفيين الإيرانيين العاملين في وكالات ومواقع اخبارية معارضة يتلقون نفس التهديدات، لكن الذي يؤرق هؤلاء الصحفيين أن أكثرهم عائلاتهم هم الذين يعتبرون تحت التهديد.
هذا ويوجد في إيران حوالي 141 من وسائل الإعلام الدولية، أغلبها وكالات ذات توجه شيعي.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.