هيئة التحرير
يبدو أن لبنان فشل في الحصول على الدعم من حلفائه التقليديين والعودة للحضن العربي، بسبب ايران وأذرعها التي تسيطر على المشهد السياسي.
“اللواء عباس إبراهيم” المعروف بأنّه يمتلك صفات المفاوض الناجح، ومبعوث رئيس الجمهورية العماد “ميشال عون”، إلى الكويت، عاد بتلميحات أن “الكويت ليست في وضع يسمح لها بأن تقدم إلى لبنان مساعدات مباشرة”، بينما استبعدت أوساط سياسية خليجية حصول لبنان على أي مساعدات فورية.
وتوقعت الأوساط أن تتكرر تجربة المبعوث الرئاسي “إبراهيم” في قطر التي يزورها بعد الكويت، وذلك لأسباب مرتبطة بالسياسة الأميركية تجاه ذراع ايران في لبنان “حزب الله” الذي تعتبره واشنطن “إرهابيا”.
السلطات الكويتية حاولت اعطاء الزيارة وجها إيجابيا إذ ركّزت على أن المحادثات التي أجراها اللواء “إبراهيم” مع كبار المسؤولين الكويتيين كانت إيجابية وتخللها تفهم لوجهات النظر وتقدير كبير للوضع اللبناني والتحديات التي يمر بها لبنان على مختلف الأصعدة.
وذكرت مصادر إعلامية أن رئيس الوزراء الكويتي أكد للواء “إبراهيم” أن هم لبنان هو هم كويتي وعربي بطبيعة الحال، متمنيًا عودة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي عبر خطوات إصلاحية جدّية”.
المصادر أشارت: إلى أن “الكويت حريصة على عودة العافية إلى لبنان ليمارس دوره البنّاء والمميز في المجموعة العربية، وأن الكويتيين لا ينسون أن لبنان كان أول دولة عربية دانت الغزو العراقي في العام 1990، وأن العلاقات بين الدولتين تاريخية وتجمعهما قواسم مشتركة أكثر من أن تحصى وتعد”.
من جانبه، أكد مدير الأمن الداخلي اللبناني “عباس إبراهيم”: أن “بلاده ترغب في التفاوض مع الكويت بشأن استيراد الوقود منها لمساعدة بيروت في التعامل مع أزمتها الاقتصادية والمالية”.
وقال “إبراهيم” لصحيفة الرأي الكويتية: إنه “ناقش الأمر مع المسؤولين الكويتيين خلال زيارة قام بها للدولة الخليجية خلال اليومين الماضيين إلى جانب أفكار مشتركة أخرى يمكن أن تساعد في تخفيف أزمة لبنان”. مشيراً إلى أن “لبنان تريد أن تشتري من الكويت كل ما نحتاجه في هذا الصعيد 100 في المئة من دولة لدولة بعيدا عن الوسطاء والشركات التي تريد الربح”.
مبعوث رئيس الجمهورية اللبناني “إبراهيم” رفض توضيح طبيعة ما قد تريده بيروت من مساعدات أخرى، مشيرا إلى أنه “أخذ وعودا بنقل الطلبات لأمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لأنه هو الفيصل الذي سيأخذ القرار النهائي بهذا الجانب.”
أطراف سياسية…
بالتزامن مع ذلك، دعا رئيس الجمهورية اللبناني “ميشال عون”، إلى ضرورة تنفيذ خطة الإنقاذ المالي والاقتصادي، بينما وصف رئيس الحكومة” حسان دياب”، منع “البعض” وصول المساعدات إلى لبنان، بـ”الخيانة الوطنية”.
واتهم رئيس الحكومة اللبنانية “حسان دياب”، أطرافا سياسية لبنانية – لم يسمها – بإجراء اتصالات مكثفة وجهود مضنية في سبيل إقناع الدول العربية التي لديها رغبة في مساعدة لبنان، بعدم تقديم أي مساعدة، مشيرا إلى أن” لديه أيضا تقارير تفيد بوجود خطة لعرقلة الحكومة من داخل الإدارة العامة للدولة”.
كلام “دياب”، جاء خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد أمس الثلاثاء برئاسة الرئيس اللبناني “ميشال عون”، والذي طالب في مستهل الاجتماع بالإسراع في تنفيذ الإصلاحات اللازمة التي يطالب بها المجتمع الدولي، والتي من شأنها معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية التي يشهدها لبنان، والمضي قدما في تحقيق خطة الإنقاذ المالي والاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وقال رئيس الحكومة اللبنانية: إن “هناك من يحاول عرقلة أي مساعدة تُقدم إلى لبنان”، لافتا إلى “وجود اتصالات إيجابية بين الدولة اللبنانية مع العراق والكويت وقطر في سبيل مساعدة لبنان”.
“دياب أضاف”: “كيف يمكن لأحد أن يتخيل أن من لديه حد أدنى من الانتماء الوطني، يقوم باتصالات لمنع تقديم المساعدة إلى لبنان، هل يعقل أن هناك مسئولا سياسيا لديه ضمير وطني ويحاول منع مساعدة لبنان بهذه الظروف، هل يعقل أن هناك مسئولا حزبيا كل همه أن يعرقل أي مساعدة للبنان؟.. هذا شيء معيب وأقرب إلى الخيانة الوطنية”.
رئيس الحكومة قال إن “ما سمعناه من أشقائنا في الدول العربية عن الاتصالات التي حصلت معهم من بعض السياسيين اللبنانيين، مخجل فعلا.. لم أكن أتصور أن هناك لبنانيا يمكن أن يفكر بالتآمر على بلده وناسه ويزيد معاناتهم، من أجل حساباته السياسية. الآن أصبحت التقارير التي تتحدث عن محاولات تعطيل عمل الحكومة من الداخل، مسألة بسيطة بالمقارنة مع ما يفعلونه في الخارج”.
واعتبر أن أزمات ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة اللبنانية وغلاء الأسعار والكهرباء والنفايات ونقص المحروقات، تأتي في سياق العراقيل المفتعلة في لبنان. مشدد على أن المفاوضات التي يجريها لبنان مع صندوق النقد الدولي في سبيل الحصول على مساعدات مالية، مستمرة وأن هناك تغييرا إيجابيا يحدث على بعض المواقف الخارجية من الحكومة.
البديل الإيراني..
وفي الجانب المقابل، احتفت الصحف المحسوبة على “حزب الله” اليوم الأربعاء، بتصريحات السفير الإيراني “محمد جلال فيروزنيا” في لبنان، والذي أعلن عن استعداد بلاده لتزويد لبنان بالمشتقات النفطية بالليرة اللبنانية.
الصحف اللبنانية تداولت ما دار في جلسة مجلس الوزراء بالأمس، والتي كان أبرز ما فيها الاستماع للمدير العام لوزارة المالية المستقيل “آلان بيفاني”، كذلك مواقف رئيس الحكومة حسان دياب، التي كشف خلالها سعي بعض الأطراف اللبنانيّة لعرقلة مساعدات قد تأتي من دول عربية.
وكان الأمين العام لـ”حزب الله”، سبق أن اعلن استعداد الحزب للتباحث مع إيران بشأن بيع لبنان مشتقات نفطية بالليرة اللبنانية، بينما قال وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، لوزير الخارجية السابق جبران باسيل، في 11 شباط في العام 2019، أثناء زيارته لبيروت، إن “بلاده مستعدة لتبادل تجاري بالليرة اللبنانية”.
الحكومة اللبنانية لم ترد على العرض الإيراني، ولم تتضح بعد وجهة المواقف الخليجية، وتحديداً الكويتية والقطرية، حيال الازمة اللبنانية، بعد زيارة المدير العام للأمن العام اللواء “عباس إبراهيم” إلى الكويت وقطر.
ولفتت مصادر سياسية إلى أن الكويت وقطر كان لهما كلام واضح فيما خصّ المساعدات المالية المباشرة، لافتة إلى أن مسؤولين قطريين تحدثوا مع مسؤولين لبنانيين بصراحة بأن «لا وديعة»، لكنهم أبدوا استعداداً لـ«تقديم هبة الى مستشفى بيروت الحكومي، وشراء محاصيل زراعية، وإمكانية المشاركة في برنامج الحكومة للعائلات الأكثر فقراً”. أما الكويت، فليست بعيدة عن الجو القطري، إذ لن تقدم شيء سوى تشجيع مواطنيها على زيارة لبنان بعد فتح المطارات”.
الفساد وحزب الله..
المشهد السياسي والاقتصادي وتداخلاته في لبنان يرتبط ارتباطاً مباشراً بـ “حزب الله” والفساد الذي يستشري في كل مفاصل الدولة، اذ اتهم المدير العام السابق لوزارة المالية اللبنانية، “آلان بيفاني” عدداً من المصارف اللبنانية بتهريب ما يتراوح بين 5.5 إلى 6 مليارات دولار إلى خارج البلاد، وذلك في وقتٍ لا تسمح فيه تلك المصارف للمواطن بسحب 100 دولار من حسابه.
إلى جانب ذلك، أكد “بيفاني”، الذي استقال من منصبه قبل اسبوعين، أن التحويلات تمت على الرغم من وجود قرار بحظر التحويلات إلى الخارج، بسبب الأزمة المالية، مشيراً إلى أن تلك التحويلات تمت خلال شهر تشرين الأول الماضي.
وشهد لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية، شحاً في الدولار المعروض في الأسواق المحلية، ما أدى إلى انهيار كبير في سعر صرف العملة المحلية، وصل خلاله سعر صرف الدولار إلى 8000 ليرة لبنانية، ما أدى إلى أزمة معيشية خانقة وارتفاع جنوني في الأسعار، وتصاعد الاحتجاجات في الشارع.
“بيفاني”، الذي قضى 20 عاماً في وزارة المالية اللبنانية، أكد أن “السياسيين والمصرفيين يحاولون الاستفادة من النظام الحالي دون تحمل أدنى خسارة، والتي سيتحملها الشعب اللبناني بعد ان يدفع ثمن ذلك الانهيار”.
وكانت الحكومة اللبنانية، أقرت نهاية العام 2019، قيوداً على عمل المصارف، ما دفع الأخيرة إلى اتخاذ قرار بتجميد مدخرات المودعين بعد استخدام ودائعهم لتمويل الدولة المثقلة بالديون، ويعاني لبنان من أزمة مالية خانقة وشح شديد في سيولة العملة الصعبة. وفقدت الليرة اللبنانية نحو 80 في المئة من قيمتها منذ أكتوبر تشرين الأول، وكانت دول الخليج بشكل مستمر تزود الاقتصاد اللبناني الهش بالأموال لكن النفوذ المتزايد لميليشيا “حزب الله” المدعومة من إيران وسيطرتها على مفاصل الدولة يثير قلقها، وباتت ترفض تقديم المساعدة لتخفيف أسوأ أزمة مالية تواجهها بيروت منذ عشرات السنين.