كشف تقرير لمجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، الخميس، أنّ إيران أنفقت مليارات الدولارات في السنوات الماضية لتطوير شبكات الإنترنت، لتتمكن من حجب تلك الشبكات بشكل كامل إذا ما تطلب الأمر.
وضرب التقرير مثالًا بالحجب الأخير الذي رافق الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت بسبب رفع أسعار البنزين، لكن التقرير تطرق إلى الخيارات المتاحة للمحتجين لمواجهة الإجراء الحكومي. وأوضح أن المعارضة الإيرانية استنجدت بحلفائها الغربيين الشهر الجاري لمساعدة المتظاهرين في توفير شبكة إنترنت بديلة، لكن طلبها لم يلق آذانًا صاغية.
وقال خبير أمن المعلومات في مجلس السياسة الخارجية الأمريكي “إيريك أورمز”: نظريًّا بإمكان أي دولة أن تفصل نفسها عن شبكات الإنترنت الدولية، وهذا بالطبع يعتمد على قدرتها للتحكم في جميع نقاط الوصول للشبكات الخارجية.
الشبكات المتشعبة
وأشار إلى أن هناك خيارات مؤقتة في حال إغلاق شبكات الإنترنت أمام المستخدمين وهي (الشبكات المتشعبة)، التي تشمل الهواتف الذكية المزودة بتطبيقات مناسبة؛ ما يتيح للناشطين التواصل فيما بينهم بمناطق صغيرة المساحة، كما هي الحال في التظاهرات في هونج وكونج وبعض المناطق اللبنانية.
لكن “أورمز” أكد أن تلك التقنيات لن توفر الحلول، بالنظر إلى أن تجاوز قدرة الحكومة بإغلاق الشبكة بشكل كامل يتطلب إيجاد نقاط وصول لشبكة الإنترنت خارج سيطرة الحكومة، وهي مهمة صعبة جدًّا”.
تطوير شبكة إنترنت
ورأت المجلة في تقريرها أن هناك بعض الأمل في تجاوز قطع شبكات الإنترنت، مشيرة إلى أن شركة سبيس اكس الأمريكية تعكف حاليًّا على تطوير شبكة إنترنت، تعتمد على نشر مجموعة من الأقمار الصناعية في مدار الأرض على ارتفاع منخفض.
وأوضح التقرير أن النظام الجديد الذي يطلق عليه ستار لينك، سيتم الوصول إليه بشكل واسع من قبل المشتركين، لكن فقط للأشخاص الذين يملكون المعدات الملائمة بما فيها هوائيات خاصة يتم تركيبها خارج المنزل.
وأضاف أن شركة غوغل تعمل على مشروع، أطلقت عليه اسم مشروع لون تشمل نشر بالونات في الجو بالمناطق التي لا يوجد فيها شبكة إنترنت أو بالمناطق التي يتم قطع الشبكة عنها، إذ إن تلك البالونات غير قابلة للاستمرار بسبب طبيعتها؛ ما يتيح لأي دولة إسقاطها بسهولة.
قطع الشبكة
وقال التقرير أن النظام الإيراني ينظر إلى شبكة الإنترنت على أنها تشكل تهديدًا وجوديًّا له؛ ما دفعه لضخ استثمارات كبيرة تتيح قطع الشبكة بشكل كلي.
ووفق المجلة، فإن النظام على استعداد لقطع الشبكة في أي وقت على الرغم من التكاليف المرتفعة الناجمة عن مثل تلك الخطوة.
وذكر التقرير أن التجار الإيرانيين والشركات الإيرانية، تكبدت خسائرَ فادحة الشهر الجاري بسبب انقطاع الإنترنت، ما أدى إلى حرمانهم من القدرة على تتبع شحناتهم وأي معلومات أخرى بشأن أعمالهم، بالإضافة إلى الانخفاض الكبير الذي سجلته البورصات الإيرانية والتي من المتوقع أن تواصل تراجعها.
إخماد الاحتجاجات
بعد الانتخابات الرئاسية في 2009، أدركت الحكومة الإيرانية أن الإنترنت هو مفتاح التواصل بين الناس ليس فقط داخل البلاد، ولكن أيضا خارجها، لذلك اعتمدت قطعه سلاحا لإخماد الاحتجاجات.
وفي ديسمبر 2017 ويناير 2018، بمجرد أن أوقفت السلطات تيلغرام انتهت الاحتجاجات لأن الناس لم يتمكنوا من التواصل فيما بينهم، وفقا لأمير الرشيدي، وهو باحث في أمن الإنترنت والحقوق الرقمية في مركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك.
وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير “ديفيد كاي”: إن التعتيم يجعل من الصعب على الناس التنظيم والاحتجاج.
وأوضح أن التأثير كبير بشكل غير عادي لأنه يجعل من المستحيل تقريبا على الناس التواصل مع بعضهم البعض على الأرض ومع الأصدقاء والعائلة في الخارج. ويستحيل عليهم الحصول على المعلومات.
وقالت منظمة نيتبلوك، إن قطع الإنترنت في إيران أشبه بالتعتيم الأكبر الذي رصدته المنظمة حتى الآن، مشيرة إلى أن الأمر كان معقدا لدرجة أن السلطات استغرقت 24 ساعة لإتمام المهمة.
ويشير الخبراء إلى أن قطع الشبكة محاولة من الحكومة لوقف تدفق المعلومات وإخماد المظاهرات.
ولا تعد إيران وحيدة في ذلك، فقد سبق لبلدان مثل ميانمار والصين والهند وزمبابوي وفنزويلا وغيرها قطع الإنترنت لحرمان الناس من الوصول إلى المعلومات.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.