يستمر نظام الأسد في عملية بيع سورية ومقدراتها لحلفائه، ليتجاوز مرحلة البيع بمرحلة تسليم رقاب الشعب السوري وأمنه الغذائي لكل من الروس والإيرانيين لتكتمل سيطرتهم على مختلف مناحي الحياة في سورية.
وبعد أن أخذت روسيا حقوقًا احتكارية حصرية لتوريد القمح المستورد إلى سورية، تلحق إيران بالجهود الروسية في تطويق رغيف خبز المواطن السوري عبر اقامتها للمطاحن المسؤولة عن طحن القمح وإنتاج الدقيق.
وفي عقدٍ لم يتم الإعلان عنه لوسائل الإعلام ولا عن تاريخه، اتفق النظام السوري مع شركة “أردما شين” الإيرانية، على تنفيذ خمسة مطاحن في سوريا، بتكلفة 13 مليون يورو، للمطحنة الواحدة، على أن يتم البدء بتنفيذ أولها، في محافظة السويداء، في أم الزيتون.
تم الانتهاء من المطحنة الأولى في السويداء، في منتصف العام الماضي، ودخلت الخدمة في شهر آب الماضي، بطاقة إنتاجية 240 طن يومياً، وهو ما يكفي حاجة المحافظة من الدقيق ويزيد.
في مطلع العام الحالي، خرج مدير مطحنة أم الزيتون، والذي يدعى نزار نعيم، ليعلن توقف المطحنة عن العمل بسبب الكثير من المشاكل الفنية والأعطال المستمرة، ثم أعطى الشركة الإيرانية المنفذة للمشروع، مهلة حتى نهاية الشهر الماضي، لإصلاحها، أو يتم إيقاف دفع باقي المستحقات لها.
أما شركة “أردما شين” الإيرانية، فقد اضطرت لإرسال مديرها العام، ضمن الوفد الإيراني الرفيع المستوى، الذي زار سوريا الأسبوع الماضي، برئاسة المستشار الأول للرئيس الإيراني، “حسن دنائي فر”، ليناقش مع أعضاء حكومة النظام، مسألة تنفيذ باقي المطاحن الخمس المتفق عليها، ومستحقات الشركة من مطحنة أم الزيتون في السويداء.
مدير الشركة، والذي يدعى جعفر شيفازي، التقى مع وزير التجارة الداخلية التابع للنظام، عاطف النداف، وعدد آخر من المسؤولين، معلناً أنه توصل معهم إلى اتفاق، بالاستمرار في تنفيذ باقي المطاحن، بالإضافة إلى مشاريع أخرى، في نفس المجال، من شأنها أن تسيطر على صناعة المطاحن في سوريا، والإشراف عليها تقنياً بالكامل.
ولم يعلن شيفازي عن حجم الصفقة التي أبرمها مع النظام، لكن تصريحاته التي نقلتها عنه جريدة “الوطن”، تشير إلى أن الأيادي الإيرانية سوف يكون لها باع طويل في إنتاج الخبز السوري في المرحلة القادمة.
وسبق لحكومة النظام السوري برئاسة، وائل الحلقي، أن اجتمعت عام 2013 مع مدير الشركة الإيرانية، تشيفازي، لما قيل إنه بغرض “البدء بمشروع إنشاء خمس مطاحن في مدن سورية بعد انتهاء الأزمة في سوريا”، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
ووضعت حكومة النظام “المؤسسة العامة للمطاحن” في عهدة شركات إيرانية بعد توقف شركات تركية عن تأهيلها وصيانتها مع اندلاع الثورة في سوريا، فكانت شركة “أرد ماشين” الإيرانية، أولى الشركات الإيرانية التي أعلنت منذ عام 2013 عن رغبتها في بناء مطاحن في سوريا، دون تحقيقها لذلك حتى الآن.
وتجدر الإشارة إلى احتدام التنافس الإيراني الروسي في سورية والذي يشمل قطاع القمح والدقيق أيضاً، حيث تم سحب عقود بناء المطاحن من إيران ومُنحت إلى موسكو، باستثناء بضع مطاحن تعرف بالإنتاجية الضعيفة تتمركز في السويداء ودرعا جنوبي سوريا، إذ وقعت روسيا مع حكومة النظام اتفاقية لبناء مطحنة تل كلخ بطاقة 600 طن يوميًا وبقيمة 16.5 مليون يورو.
كما وأعلنت شركة ” سوفوكريم” الروسية عام 2014 استعدادها لإصلاح المطاحن المتضررة والصوامع بـ ” أسعار رمزية”، وفقًا لما نقلته صحيفة “الوطن” السورية المحلية، وفي عام 2017 أعلنت الشركة البدء ببناء أربع مطاحن في مدينة حمص بتكلفة 70 مليون يورو.
ويوجد ما يقارب الـ ما يقارب الـ 30مطحنة في عموم المحافظات السورية، وتسببت الأحداث المتوالية في سورية بتوقف ما يقارب من تسع مطاحن عن العمل وفق تقرير وزارة تجارة النظام عام 2015