تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على الضغط الاقتصادي على إيران، وقالت إدارة الرئيس “دونالد ترامب”، إن عقوباتها الاقتصادية على طهران آتت أكلها، فالشارع الإيراني غاضب، والاقتصاد الإيراني في انهيار، هذا كله طبيعي إن أتى من دولة تأمل أن لا ترى إيران قوة إقليمية، لكن من المؤكد أن خطباً ما حصل في حال صدرت مثل هذه التصريحات من أعلى رأس في الدولة الإيرانية، الرئيس “حسن روحاني”.
روحاني حذر مما وصفه بـ”الانهيار” في حال تم تعطيل مسار الانتخابات المقررة في غضون 10 أيام، وهو ما يظهر عمق الأزمة السياسية في البلاد، ويكشف أن الرئاسة تبدو في دور المتفرج على الحدث المنتظر.
واستغل “روحاني” ذطرى الثورة الإسلامية في إيران التي قضت على الشاه، وهذه الذكرى الحادية والأربعين، وبعد أن تجمهر في الساحة الرئيسية في العاصمة طهران آلاف من الإيرانيين بعث بعدة روحاني رسائل سياسية عديدة، ففي الوقت الذي كان يتحدث مع الجماهير كان يوجه رسائل إلى السياسيين الإيرانيين، مفادها “إننا في خطر”.
وحذر روحاني، في خطاب ألقاه أمام الآلاف في ساحة “آزادي” وسط العاصمة طهران، من حالة عدم الاستقرار، إذا تم إجراء الانتخابات بطريقة “أحادية”، ونبه إلى مغبة حصول “ثورة” وشيكة إذا لم يستطع الإيرانيون أن يصوتوا في انتخابات “سليمة وحرة”.
وحاول روحاني الذي يقدم كإصلاحي، أن يمسك العصا من الوسط، فأثنى على ما يسمى “الثورة الإسلامية” والمرشد الراحل روح الله الخميني، قائلا إن آخر ملوك إيران، محمد رضا بهلوي، كان “شخصا فاسدا”.
أردف روحاني أنه “ما كان للثورة أن تحصل في إيران لو لم يكن ثمة فساد، ولو أن النظام المطاح به وقتئذ منح الناس الحق في أن يختاروا”.
خلافات سياسية
وسرت أخبار كسريان النار في الهشيم عقب موت يد إيران الأولى خارج بلادها “قاسم سليماني”، بغارة أمريكية صاروخية قرب مطار بغداد الدولي بداية العام الحالي، عن خلافات قوية بين أفراد الصف الأول في الحرس الثوري الإيراني، رفاق سليماني، وعن تصفيات تمت فيما بينهم، لكن الإدارة في طهران لم تنفِ أو تؤكد تلك الأخبار.
ودخل روحاني في خلاف عميق مع الجناح الأكثر تشددا في إيران، بشأن الانتخابات المرتقبة في 21 فبراير، وذلك بسبب منع أبرز الإصلاحيين من تقديم ترشحهم وخوض غمار المنافسة.
ورأى مختصون في الشأن الإيراني أن روحاني كان يتحدث ظاهريا مع حشود في وسط طهران، لكن الخطاب كان موجها في الواقع إلى المرشد علي خامنئي والمؤسسات العسكرية الأخرى في البلاد مثل الحرس الثوري الإيراني.
وتكشف تحذيرات روحاني من التحكم في الانتخابات، طابعاً صورياً للعملية الانتخابية في البلاد، على اعتبار أن رئيس الجمهورية نفسه يبادر إلى التحذير والمطالبة بالشفافية مثل أي مراقب مستقل.
وليس روحاني هو الوحيد الذي يتبنى هذه النظرة، فقبل أسبوع فقط، نبه المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي الربيعي، وهو مسؤول راكم تجربة مهمة في الاستخبارات، إلى أن الذهاب إلى الانتخابات هو الحل الوحيد الذي يجنب إيران خطر الانهيار.
غضب عميق في الشارع الإيراني
بالرغم من استمرار إيران في سوريا، ولبنان، والعراق واليمن، وبالرغم من مئات التصريحات الرسمية التي تؤكد استمرار طهران في التواجد في تلك البلاد، إلاّ أن التدخل في السياسيات الداخلية والخوض في معارك لا تمس أمن المواطن الإيراني، زاد من حدة الشرخ بين الساسة الإيرانيين والشارع الإيراني الذي بدا اليوم غاضباً من أكثر وقت مضى.
ويشعر الإيرانييون بغياب العدالة والقانون في بلادهم، التي يعانون فيها من الفقر، جراء العقوبات الأمريكية المستمرة من عامين على طهران، والأحداث الأخيرة برهنت مدى رفض الشارع الإيراني لسياسات بلادهم.
تعاملت إيران مع الثورة الأخيرة التي أقل ما يقال عنها بأنها “ثورة خبز” بعنف كبير، وأتت أوامر العنف من قبل رأس الهرم في السلطة الإيرانية التي لا تخضع لقانون ولا لدستور، من المرشد الأعلى للثورة الإيراني ة “علي خامنئي”.
كما أعقب أوامر خامنئي هذه قطع لشبكة الإنترنت عن البلاد لمنع وصول معاناة الإيرانيين إلى خارج أسوار البلاد المغلقة، وهذا التكتيك نفسه الذي استخدمه الحرس الثوري عندما تدخل لمساعدة نظام الأسد في بداية الثورة آملاً أن يئد الثورة التي ما زالت مستمرة منذ تسع سنوات.
لا يبدو أن الوضع في إيران يسير نحو الهدوء، ولا سيما مع العنف والضغط الذي تنتهجه طهران مع شعبها، والواضح أن استمرار التآكل الاقتصادي والخسارة السياسية هما مفاتيح هامة لانهيار طهران.