تتزايد الضغوط الاقتصادية على النظام الإيراني بشكل تراكمي، منذ بدء العقوبات الاقتصادية، التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”، منذ عام 2018، وتسببت في إلحاق الضرر الأكبر بالاقتصاد الإيراني أكثر من أي إجراء أمريكي آخر، ومن ثم كان الموضوع العام للعقوبات عام 2020، هو التنفيذ وليس التوسع، لتشمل معظم قطاعات التصدير، فضلا عن البنك المركزي الإيراني.
وما فاقم الوضع الاقتصادي أكثر، الانتشار الحاد لفيروس كورونا في البلاد، ليضاف للكوارث التي أرهقت النظام الإيراني، ما دفع الأخير للبحث عن طرق تحايل على العقوبات، لتفادي تجدد اندلاع الاحتجاجات.
العقوبات الأمريكية شلت الاقتصاد
قبل أسابيع نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية تصريحا لوزير خارجية واشنطن السابق “مايك بومبيو”، يؤكد فيه آثار العقوبات على الاقتصاد الإيراني بقوله “يواجه الاقتصاد الإيراني اليوم انهيارًا في سعر العملة الوطنية وتزايدًا في الدين العام وتضخمًا اقتصاديًا مرتفعًا”، مؤكدا أن إيران كانت تصدر حوالي 2.5 مليون برميل نفط يوميا. وهي تكافح الآن لتصدير ربع هذه الكمية.
كما أشار الوزير الأمريكي في تصريحه وقتها إلى أنه منذ أيار/مايو 2018 تم منع النظام الإيراني من الوصول المباشر إلى أكثر من 70 مليار دولار من عائدات النفط، وانخفضت قيمة الريال الإيراني إلى خمس القيمة مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية العقوبات، فيما تقلص الناتج المحلي الإجمالي الإيراني بنحو 6% لمدة ثلاث سنوات متتالية.
وكشفت تقارير اقتصادية أن الناتج المحلي الإجمالي لإيران بلغ نحو 440 مليار دولار، لسنة 2019/20 بمعدل نمو سالب بقيمة 4,99- %، لعدد سكان يبلغ حوالي 82.8 مليون نسمة، وتعتبر القاعدة الاقتصادية متنوعة نسبيًا بالنسبة لدولة مصدرة للنفط، إلا أن النشاط الاقتصادي والإيرادات الحكومية لا تزال تعتمد على عائدات النفط.
إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قالت إن صافي صادرات إيران من النفط والمنتجات النفطية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2020 بلغ 11 مليار دولار فقط، بينما بلغ نحو 30 مليار دولار في عام 2019، و67 مليار دولار في 2018.
إحصائيات صادرة عن شركات تتبع ناقلات النفط ومنظمات دولية، بما فيها وكالة الطاقة الدولية، بينت أن صادرات إيران من النفط والغاز المكثف انخفضت إلى 300 ألف برميل يوميًا. في حين أنه قبل العقوبات الأميركية، كان الرقم 2.5 مليون برميل.
وبالتزامن مع صدور تقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أصدرت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أيضًا تقريرها لعام 2020، والذي ينص على أن إنتاج إيران من النفط انخفض إلى أقل من مليوني برميل يوميًا هذا العام وانخفض سعر صادرات النفط الإيراني لأكثر من 30٪.
كورونا يعمق الجراح
تفشى فيروس كورونا في إيران، في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية خانقة، وقد سبق للرئيس، “حسن روحاني”، أن وصفها، في ديسمبر/كانون الأول 2019، بأنها الأصعب خلال 40 عامًا من عمر الجمهورية الإسلامية.
ومع بدء الإعلان عن الإصابات في إيران عادت مجموعة العمل المالي لتدرج طهران على القائمة السوداء، في شهر شباط\ فبراير 2020. لتتعاظم الضغوطات الاقتصادية على النظام الإيراني بعد أزمة انتشار الفيروس، وأثر ذلك على الحركة الشرائية في الداخل، وجرى إغلاق الحدود مع دول الجوار.
ويلفت الخبير الاقتصادي، “عامر المشهداني”، إلى أن إيران قاومت في البداية فرض عمليات إغلاق صارمة نظرا لأن ذلك كان يعني منع الناس من العمل، وبالتالي تقديم دعم اقتصادي بديل لهم، وهو الأمر الذي لم تكن قادرة عليه أو راغبة فيه.
ويضيف “المشهداني”، “لكنها أعلنت عن إنفاق إضافي، معظمه كان لتمويل القروض الرخيصة، التي تمثل حوالي 7٪ من الناتج المحلي الإجمالي، كما سمحت للمواطنين بتأجيل دفع الضرائب، خشية تجدد اندلاع الاحتجاجات وفقدان السيطرة على الجائحة.
كان للجائحة أكبر تأثير على القطاعات غير النفطية، الزراعة والصناعة والخدمات، التي شكلت جزءًا كبيرا من الاقتصاد، بعد أن أدت العقوبات الأمريكية إلى تقليص صادرات النفط الإيرانية، حيث فقد اكثر من 1.5 مليون شخص وظائفهم بحلول منتصف عام 2020، حسبما يكشف “المشهداني” الذي يؤكد أن نسب البطالة في البلاد ارتفعت أضعاف ما كانت عليه قبل عامين.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن معدل البطالة تجاوز الـ 11.18٪ من إجمالي قوة العمل، مع ضعف الريال، كما استمرت أسعار السلع الاستهلاكية في الارتفاع، وبلغ معدل التضخم الشهري 7٪ في أكتوبر 2020، وهو أعلى مستوى في عامين.
في أيلول/سبتمبر 2020، سجّل الريال الإيراني تراجعاً قياسياً جديداً مقابل الدولار، إذ تدهور سعره إلى 273000 ريال للدولار في السوق غير الرسمية.
ويتوقع “المشهداني” استمرار الأزمة الاقتصادية الإيرانية، خلال الأشهر وربما السنة المقبلة في ظل استمرار العقوبات، ووضع إيران على اللائحة السوداء، وتأثير جائحة كورونا. وهو ما يعني استمرار انكماش الاقتصاد، وارتفاع معدلات التضخم، والبطالة، وعجز الموازنة، وفقدان مئات الآلاف من الوظائف، والتأخر في صرف الرواتب، وارتفاع معدل الفقر، ما ينذر باضطرابات اجتماعية، على حد تعبيره.
خبير الاقتصاد، يذكر عدة مؤشرات لاستمرار الأزمة الاقتصادية خلال عام 2021، من أهمها، استمرار هبوط صادرات النفط لتبلغ مستويات قياسية نتيجة العقوبات الأمريكية، وعدم القدرة على نقل الأموال عبر شبكة البنوك الدولية، وارتفاع تكلفة نقل الدولار من وإلى الاقتصاد الإيراني، وارتفاع وتيرة هروب رؤوس الأموال، ما يعني أزمة ثقة متزايدة في النظام الاقتصادي كما يعني أن هذا الوضع سيستمر لأعوام، بالإضافة الى انكماش التجارة الخارجية الإيرانية بنحو 41٪، وارتفاع الأسعار بشكل مطرد، ومن ثم انخفاض القوة الشرائية للمواطنين وارتفاع نسبة الإيرانيين تحت خط الفقر، و بلوغ معدلات التضخم حوالي 30 في المائة، الأمر الذي سيدفع الإيرانيين إلى إيجاد أماكن أخرى لتخزين أموالهم، مثل العقارات أو الذهب أو الأسهم أو العملات الأجنبية، مما أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار في تلك القطاعات.
أساليب ملتوية للتحايل على العقوبات الأمريكية
بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاقية النووية عام 2018، وتعاظم العقوبات المفروضة على إيران، لجأت طهران لأساليب ملتوية لتصدير نفطها، إذ كشف موقع “أويل برايس” الأمريكي، أن طهران تستخدم عملاء آخرين لإخفاء تحركات نفطها، في عمليات نقل من سفينة إلى أخرى، فضلا عن دمج النفط الإيراني في أنابيب تصدير عراقية.
ما ورد في تقرير الموقع الأمريكي كان قد تحدث به مسؤولون إيرانيون، فخلال جلسة علنية لمجلس النواب الإيراني يوم 15 ايلول\ سبتمبر الماضي، اعترف وزير النفط الإيراني، “بيغان زنغنه”، بأن كل ما تصدره طهران ليس باسمها، فيما قال وزير الخارجية “محمد جواد ظريف”، في تصريح سابق بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، إن بلاده “تتقن فن التهرب من العقوبات”، مضيفا: “يمكننا تعليم هذا الفن للآخرين مقابل ثمن”.
وهنا يشير الناشط “ميلاد الجنابي” إلى أن إيران تسعى لتشغل خط أنابيب “غوره – جاسك” المحلي الذي يبلغ طوله 1100 كيلومتر، من أجل نقل النفط إلى المرفأ الجديد الواقع على خليج عمان.
ويتوقع “الجنابي” اكتمال المشروع في شهر آذار\ مارس المقبل 2021، موضحا أن طهران ستتمكن حينها من تصدير النفط عبر “جاسك”، وهو الميناء الذي يغني شحنات النفط الإيرانية عن المرور بمضيق هرمز.
بعد الانتهاء من البنية التحتية للمرحلة الأولى، سيغير من قواعد اللعبة برأي الجنابي الذي يؤكد أن إيران ستنقل 350 ألف برميل يوميا، ثم سيتم زيادة الرقم إلى 460 ألف برميل من النفط الخام الثقيل و254 ألف برميل يوميا من النفط الخام الخفيف إلى محطات التصدير، حيث ستشمل المرحلة الثانية نقل أكثر من مليون برميل من النفط الخام إلى محطات التصدير.
الميناء الجديد سيسهل عملية نقل النفط من إيران إلى الخارج دون المرور عبر مضيق هرمز الذي يحتاج وقتا أطول لعبوره نظرا للمساحة البحرية الضيقة.
الهيمنة على السوق العراقي
كان وما زال تطوير العلاقات الاقتصادية مع العراق، من أولويات النظام الإيراني، الذي استغل القوى السياسية الشيعية المتنفذة في العراق والمقربة من طهران بعد عام 2003، لتعزيز الهيمنة الإيرانية على السوق العراقي.
تلك القوى السياسية العراقية عرقلت الانفتاح نحو المحيط العربي، وفتحت أبواب العراق على مصاريعها أمام التجارة الإيرانية، لاستيراد كل أنواع البضائع والخدمات حتى الرديئة والفاسدة منها، حسبما يؤكد الصحفي “عدنان العمري” لمرصد “مينا”.
وبحسب “العمري”، أصبح العراق يحتل المرتبة الأولى في الدول التي تستورد سلعا وخدمات إيرانية، ليبلغ حجم الصادرات الإيرانية إلى العراق سنويا نحو 20 مليار دولار.
ولم تتوقف جهود المسؤولين الإيرانيين، لربط اقتصاد العراق بإيران في جميع المجالات، بحيث أصبحت إيران تحتل المرتبة الأولى في الدول التي يستورد العراق منها كل شيء. بل ان حكومات ما بعد 2003 تعمدت الانفتاح وتوفير فرض الاستفادة الاقتصادية القصوى لإيران في العراق حتى ولو كانت على حساب مصلحة البلد.
ووفقا لـ “العمري”، أصرت الحكومات العراقية على إهدار كميات هائلة من الغاز العراقي ورفض عروض استثماره، من أجل استيراده من إيران، كما رفضت حكومة بغداد عروض الاستفادة من الكهرباء الرخيصة من دول الخليج العربي أو مصر، وفضلت استيراد الكهرباء من إيران رغم مخاطر تعرض العراق إلى عقوبات أمريكية عليه لخرقه العقوبات الدولية على طهران، وذلك عدا استيراد السلاح القديم من إيران بدل استيراده من الدول المتقدمة.
يشار الى أن عملية تصدير الغاز الإيراني إلى العراق بدأت في 21 حزيران 2017 بواقع 7 ملايين متر مكعب في اليوم، وبحلول نهاية ذلك العام كان قد وصل إلى 14 مليون متر مكعب في اليوم. ومع الغاز، كانت صادرات إيران من الكهرباء إلى العراق على جدول أعمال وزارة الطاقة في السنوات الأخيرة أيضاً.
وبدأت صادرات الكهرباء الإيرانية إلى العراق في عام 2010 بنحو 5000 ميغاواط. ويتم توفير ما مجموعه 2800 ميغاواط من الكهرباء العراقية عن طريق الغاز الإيراني المستورد، ويتم تصدير 1200 ميغاواط من الكهرباء مباشرة إلى العراق. طبعاً هذا الرقم مخصص لموسم الصيف، حيث يزداد الطلب على الكهرباء في العراق. ولذلك، يوفر العراق ما بين 4000 و4200 ميغاواط من الكهرباء عبر إيران. وفضلاً عن ذلك، بدأت مؤخراً عمليات الربط الكهربائي بين شبكة الكهرباء الإيرانية وشبكة الكهرباء العراقية.
ويقدر الخبراء ان معدل الواردات العراقية سنويا يصل إلى حدود 60 مليار دولار، ووصل في عام 2013 إلى حدود 80 مليار دولار، وسط اهمال متعمد من الحكومات لتطوير الزراعة والصناعة المحلية، وذلك لأن الاستيراد، يخدم أيضا مصالح مافيات الفساد والأحزاب التي تحقق أرباحاً تقدر بنحو 15 مليار دولار سنويا من عمليات الاستيراد.
وتظهر الإحصاءات الاقتصادية أن الصادرات الإيرانية إلى العراق قد زادت باستمرار على مدى السنوات العشر الماضية، إذ بلغت صادرات إيران غير النفطية إلى العراق في عام 2008 حوالي 7/2 مليار دولار، ووصلت في عام 2019 إلى حوالي 9 مليارات دولار. وبينما شكلت الصادرات الإيرانية إلى العراق من حيث القيمة في عام 2008 حوالي 15% من إجمالي صادرات إيران، بلغت نحو 22% من إجمالي الصادرات الإيرانية خلال العام الماضي، تمت إلى العراق.
يذكر أن للعراق واحدة من أطول الحدود المشتركة مع إيران، تبلغ 1458 كلم، ووجود 10 معابر حدودية بين البلدين جعل من السهل على طهران غزو الأسواق العراقية بمنتجات إيرانية، هذا الى جانب استغلال المعابر في عمليات نقل و تهريب الأسلحة والحشيش والمخدرات الى البلد الجار والى سوريا ولبنان.
معظم البضائع التي تصدرها إيران إلى العراق في الوقت الحاضر، هي منتجات غذائية مثل معجون الطماطم، والحلويات، والشوكولاتة، والفستق، ومنتجات الألبان، والمنتجات الزراعية، والمنتجات البلاستيكية، ومنتجات الفولاذ والبناء، وكذلك المنتجات الصحية.
المخدرات منجم الأموال
يرى مراقبون للشأن الإيراني أنّ مساعي طهران المتكررة لكسر الحصار الأميركي، لم تقتصر على تهريب النفط وبيعه والاستحواذ على السوق العراقية، بل أن تجارة المخدرات تعد إحدى أهم الأدوات بيد إيران للالتفاف على العقوبات الأميركية، وتحصيل عوائد مالية تواجه بها أزماتها.
وكانت تحقيقات صحفية نشرت بعض تفاصيلها مجلة “بوليتكو” في وقت سابق، كشفت أن إدارة أوباما ومن أجل الوصول إلى اتفاق مع إيران حول ملفها النووي تخلت عن عزمها شن حملة طموحة ضمن مشروع “كاسندرا” لإنفاذ قانون يستهدف تهريب المخدرات من قبل ميليشيات “حزب الله” المدعومة من إيران، بالرغم من أن الأدلة كشفت عن تورط الحزب في عمليات تهريب كوكايين إلى الولايات المتحدة نفسها.
وكان مشروع “كاساندرا” جمع سنة 2008 أدلة عن أن “حزب الله” حوّل نفسه من منظمة عسكرية وسياسية مركزة في الشرق الأوسط إلى مافيا ناشطة في مجال الجريمة الدولية، حيث يعتقد بعض المحققين أنه يجمع مليار دولار كل عام من تجارة المخدرات والاتجار بالأسلحة وغسيل الأموال، وغير ذلك من الأنشطة الإجرامية.
تعليقا على ذلك، يشير المحلل السياسي “عبدالله هاشمي” الى أنه بالرغم من أن العديد من الدول تتواجد في أفغانستان وتعمل في مكافحة المخدرات في البلد، إلا أن إنتاج المخدرات تضاعف خمسين مرة منذ 2001 وقد بلغ إنتاج المشاريع التابعة لإيران في أفغانستان خلال السنتين الأخيرتين حوالي 14 ألف طنا.
ويؤكد “هاشمي”، أنه في العام 2017 بلغ إنتاج المخدرات في أفغانستان حوالي 10 آلاف طن تم تهريب جزء كبير منها إلى دول العالم، بما في ذلك إيران، عن طريق ميليشيات موالية لطهران وتعمل لصالحها.
ويلفت الى أن نقل المخدرات عبر إيران كان ولا يزال آمنا للمهرّبين كونه تحت أنظار السلطات، ورغم القوانين والتشريعات في مكافحة هذه التجارة والعصابات التي تنشط فيها فإن الشرطة والقضاء لا يعملان بجدية مع هؤلاء الأشخاص بسبب الفوائد الاقتصادية التي يحصلها النظام الإيراني.
ويؤكد مراقبون لتحركات تلك الشحنات أن انتشار المخدرات وتوفرها بشكل كبير في إيران، التي تمثل إلى جانب أفغانستان وباكستان المثلث الذهبي لتجارة المخدرات، ساعدها خلال السنوات الأخيرة على تحصيل المليارات من الدولارات مكنتها على الأرجح من تعزيز ترسانتها العسكرية.
وفي “تغريدة” نشرها الكاتب السعودي ماهر “محمد البواردي” على حسابه في موقع “تويتر”، قال فيها إن “أكبر منتج وموزع للمخدرات بأنواعها في الشرق الأوسط هي إيران”، مشيرا إلى أن عائداتها من المخدرات تفوق العشرين مليار دولار سنويا ويشرف الحرس الثوري على إدارة عملياتها.
وربما يكون هذا التصريح جزءا بسيطا من تقارير استخباراتية وإعلامية ذكرت أن إيران تستخدم نفوذها في العراق من أجل تصدير المخدرات إلى دول الجوار وخاصة دول الخليج العربي ولبنان وسوريا، وبقية دول العالم.
وتشير بعض التحليلات إلى أن ذلك الوضع جعل إيران تتحول إلى عاصمة ومركز للتهريب على مستوى العالم، فهي تربط بين مزارع الإنتاج في أفغانستان وأسواق الاستهلاك في الدول الأخرى، كونها توجد على طريق التهريب الرئيسية للخشخاش، الممتد من أفغانستان إلى أوروبا الغربية كما أن 95 بالمئة من مادة الهيروين تأتي من أذربيجان.
وما يقيم الحجة الدامغة على أن طهران تتاجر بالمخدرات هو أن السلطات الرومانية أعلنت قبل أسابيع أنها ضبطت شحنة تضمنت 1.5 طن من الحشيش ونحو 750 كلغ من حبوب “الكبتاغون” قادمة من ميناء اللاذقية في سوريا والخاضع لسيطرة قوات بشار الأسد والميليشيات الإيرانية التي تساند دمشق.
وفي شهر يوليو الماضي، صادرت الشرطة الإيطالية شحنة مخدرات تحوي 84 مليون قرص “أمفيتامين” قادمة من مناطق سيطرة نظام الأسد. وأكد تحقيق لمجلة “دير شبيغل” الألمانية أن “حزب الله” اللبناني يساهم في تنشيط هذه التجارة خاصة أن إيران هي من يستأجر ميناء اللاذقية.
وفي منتصف شهر تشرين الثاني\ نوفمبر الماضي أعلنت الإدارة العامة للجمارك في الكويت، عن العثور على كميات من مخدر “الشبو”، محشوة في شحنة أسماك قادمة من إيران إلى البلاد.
اقتصاد يضرب بنية المجتمع
في أكتوبر/ تشرين الأول العام الفائت أقرت إيران بشكل رسمي بأن معدلات الفقر في البلاد وصلت إلى نسب غير مسبوقة، في وقت يعاني فيه النظام من العقوبات الأميركية ويرتفع التضخم وسط انهيار للعملة المحلية.
وكشف مركز الإحصاء الإيراني في تقرير رسمي له أن نسبة الإيرانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع وصلت إلى 55 في المئة، وهوما كانت تؤكده تقارير اقتصادية دائما وتكذبه إيران على مر العشر سنوات الاخيرة.
وفقاً لهذه التقارير، في الوقت الحالي، مع الانخفاض الحاد في قيمة العملة الوطنية، واستمرار معدلات التضخم المرتفعة، يعيش ما لا يقل عن 50 بالمئة من سكان إيران تحت خط الفقر المطلق، بينما وفقًا للإحصاءات الرسمية، في عام 2011 كان حوالي 18 بالمئة من سكان إيران يعيشون تحت خط الفقر المطلق، وزاد هذا المعدل في عام 2018 إلى حوالي 24 بالمئة، وفي عام 2019 وصل إلى 35 في المئة.
التقرير الرسمي الذي خصص لنفقات الأسرة والدخل كشف تدني مستوى المعيشة للإيرانيين في وقت شهدت فيه العملة انخفاضا غير مسبوق.
كما تهدد أرقام التضخم الثلاثية لبعض المواد الغذائية بحذف منتجات الألبان والبقوليات من مائدة الأسر الإيرانية، وتراجع استهلاك الإيرانيين بشكل كبير لمعظم المواد الغدائية جراء تدني الدخل.
مفتش المجلس الأعلى لممثلي العمال قال إن “أفراد المجتمع، وخاصة العمال، تعرضوا في السنوات الأخيرة لضغوط اقتصادية شديدة، مثل زيادة التضخم، وتراجع الدخل، وتدني القوة الشرائية، وتزايد الفقر، وقد أضیف إلى ذلك مؤخراً المشاكل الناتجة عن تفشي وباء كورونا.”
يشار إلى أن عقوبات الأميركية طالت صادرات النفط الإيراني بشكل رئيسي، إضافة الى عدد من المجالات الاقتصادية الأخرى، ما دفع طهران للتعويل على الصادرات غير النفطية، والتي شهدت تراجعا في الأشهر الماضية بسبب قيود “كوفيد-19” وإغلاق الحدود.
وتسببت الأوضاع الاقتصادية في احتجاجات في جميع أنحاء إيران في السابق، فاندلعت في نوفمبر 2019، احتجاجات بعد أن رفعت السلطات سعر البنزين في شكل مفاجئ بنسبة تصل إلى 200 في المئة، ورد النظام الإيراني على المحتجين بعنف شديد كما رمى عدد كبير منهم في السجون.
دعوات حكومية للإنجاب..
وسط كل هذا الفقر المدقع، حذر المرشد الأعلى الإيراني “علي خامنئي” في يونيو/ حزيران العام الماضي، من شيخوخة السكان في بلاده، ليعلن بعدها بأيام وزير الداخلية الإيراني “عبدالرضا رحماني فضلي” تشكيل لجنة لمعالجة هذه المخاوف.
وخلال السنوات الأخيرة، أشار المرشد كثيراً إلى الحاجة إلى زيادة عدد سكان إيران بحيث تصل إلى 150 مليون نسمة، أي أكثر من ضعف عدد سكان إيران البالغة حاليًا قرابة 83 مليونًا.
يشار إلى أن الوضع الاقتصادي المتدهور والغلاء وصعوبة الأوضاع المعيشية وانتشار المشاكل الاجتماعية خلال السنوات الأخيرة أدى إلى انخفاض عام في الإنجاب في إيران، بعد ان أصبحت البلاد تواجه أزمة عندما ينتهي الأمر بالعديد من خريجي الجامعات والشهادات العليا إلى البطالة، أو يضطروا إلى قبول وظائف لا تتناسب مع مستواهم التعليمي، لا تسد رمق العيش، هذا إن تابعت العائلات والأفراد إلى إكمال الدراسة بحثا عن طريق آخر لكسب المال، مما أدى إلى انتشار زواج القاصرات بشكل اكبر مما كان عليه سابقا، إضافة إلى الدعارة المأجورة في الشارع الإيراني.
قاصرات ضحايا المجتمع..
يسيطر نظام ديني متشدد على إيران منذ 41 عاما.، يشجع على زواج الفتيات بعمر صغير، مع تحليل شرعي وليس رسمي لما يسمى ب”زواج المفاخذة”، الذي تزف فيه طفلة لزوج بالغ.
وكشفت “معصومة ابتكار” مساعدة الرئيس الإيراني حسن روحاني لشؤون المرأة والأسرة، أواخر العام المنصرم عن أرقام مفزعة تتعلق بحالات زواج القاصرات داخل البلاد، وقالت إن 30 ألف حالة زواج على الأقل من فتيات تقل أعمارهن عن 14 عاما تتم سنويا في إيران.
وأشارت ابتكار ضمنيا إلى أن وجود ثغرات قانونية يتيح إتمام زيجات من قاصرات داخل إيران التي أصبحت في حاجة إلى تشريع جديد يحدد سن الزواج، حسبما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) حينها.
مساعدة الرئيس الإيراني اعتبرت أن زيادة قروض الزواج التي تمنحها بلادها للراغبين في الارتباط رسميا يمكن لها أن تكون بابا خلفيا للزواج من قاصرات، لافتة إلى أن تزويج طفلة عمرها أقل من 13عاما سيكون له العديد من التداعيات النفسية والجسدية، مردفة أن بلوغ النضج الفكري يعد أمرا كافيا للزواج، وفق قولها.
الجدير بالذكر أن عدد زواج القاصرات قد ازداد بمعدل كبير خلال عامي 2019 و 2020 مقارنة بالأعوام التي قبلها، وحسب أرقام حكومية أشارت إليها نائبات في البرلمان الإيراني فإن المتقدمين للحصول على قروض الزواج بإيران (تبلغ قيمتها ألفي دولار) لمن تقل أعمارهم عن 15 عاما قد زاد عددهم بنسبة 90 مرة.
وترفض دائما اللجنة القضائية داخل البرلمان الإيراني مشروع قانون لحظر زواج القاصرات وتغيير سن الزواج في القوانين الإيرانية ، وذلك بعد معارضة رجال دين حددوا سن بلوغ الفتيات بـ 9 سنوات، والصبيان بـ 15 عاما.
وتتركز أغلب حالات زواج وطلاق القاصرات في أقاليم أصفهان، وهرمزجان، وخراسان رضوي، وخوزستان، وسيستان وبلوشستان وآذربيجان الشرقية والغربية.
أرقام غير رسمية تشير لوجود قرابة عشرات الآلاف من المراهقات المطلقات في إيران رغم أنهن لم يتجاوزن الـ 18 عاما، خاصة وأن المؤسسات الحكومية المعنية تتعمد إخفاء الإحصائيات ذات الصلة.
كذلك حذرت تقارير حقوقية دولية صادرة عن لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة مرارا من زيادة حالات الزواج من فتيات قاصرات في إيران، مناشدة السلطات الإيرانية بإجراء تعديلات قانونية، إذ اعتبرت أن هذا الزواج يمثل حالة “اعتداء جنسي” على الأطفال.
أطفال القاصرات..
كشف مركز الإحصاء الإيراني في ديسمبر/ كانون الاول الماضي، عن أرقام كبيرة لـ قاصرات إيرانيات تزوجن وأنجبن الآلاف من الأطفال خلال 3 أشهر.
تقارير كشفت أن ما يصل إلى 7323 فتاة تحت سن 14 عاماً تزوجن في إيران بين مارس/آذار ومايو/أيار 2020.
مركز الإحصاء الإيراني، كشف بأنّ الفتيات تتراوح أعمارهن بين 10 و 14 عاماً، مشيراً إلى أن عدد القاصرات اللاتي يلدن دون سن 15 قد ارتفع أيضاً إلى 346 في نفس الفترة، موضحا أن الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاماً أنجبن أكثر من 16000 طفل في ذلك الوقت من العام، ما شكّل أرقاماً صادمة.
يأتي ذلك رغم أنّ إيران صدّقت خلال العام الماضي على اتفاقية حقوق الطفل، التي تنص على أن يكون سن عاماً 18 هو السن القانوني للزواج بالبلاد.
بينما تفيد وسائل إعلام إيرانية بأنه من المتوقع تقديم مشروع قانون إلى البرلمان الإيراني، يحظر زواج الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 عامًا دون موافقة المحاكم.
إلا أنّ مصادر إيرانية كشفت بأنّ أسلوب الحياة في المجتمع الإيراني المتشدد في ظل نظام الحكم “الديني” لا يزال يطغى على العادات والتقاليد، وخصوصاً بما يمس حقوق المرأة.
حيث ينتشر بإيران ما يمسى “زواج المتعة” والذي يعتبر بمثابة “دعارة” مرخّصة من رجال الدين، وعليه تخاف العائلات على بناتهن من الانجرار وراء تقاليد بالية مما يؤدي إلى فرض تزويجهن بسنٍ صغيرة.
“الطائر الخُطاف”مرخصة ..
في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي سلطت الباحثة الإيرانية “كلوديا يعقوبي” الضوء على ظاهرة زواج المتعة في إيران، وكيف يستغل النظام هذه الظاهرة لتدعيم موقفه على المستويين السياسي والاجتماعي، في ظل تراجع الحريات في البلاد لا سيما لدى المرأة.
وناقشت ” يعقوبي” في كتابها المنشور مؤخرا بعنوان: ”الزواج المؤقت في إيران“، ظاهرة زواج المتعة، حيث قالت إن ”زواج المتعة في إيران لا يمثل ظاهرة مجتمعية فحسب، وإنما يشمل مجموعة من الممارسات والمعاني التي تعبر عن مدى الإهانة للمرأة الإيرانية“.
وأضافت في حديث صحفي لها أن ”الأعمال الأدبية من القصص القصيرة والأفلام السينمائية قبل وبعد الثورة الإيرانية تؤكد أن زواج المتعة في إيران، عبارة عن أداة من أدوات السيطرة السياسية وفرض السلطة على المرأة الإيرانية“.
وأوضحت أن ”حكومات النظام الإيراني بعد الثورة، أخذت تشجع الرجال والنساء سواء العُزب أو حتى المتزوجين على زواج المتعة، ومنها تشجيع الرجال على الزواج من النساء الأرامل ممن فقدن أزواجهن في الحرب مع العراق في الفترة (1980-1988)، وأيضًا لإشباع رغبات الرجال من الطبقات الدنيا ممن لا يقدرون ماديا على الزواج بشكل دائم“.
كما تشير تقارير إيرانية إلى استعانة الأجهزة الأمنية والمعلوماتية بزواج المتعة؛ بهدف الإيقاع بخصوم النظام السياسيين، حيث كشف تقرير سابق لموقع ”انصاف نيوز“ المقرب من التيار الإصلاحي، أن الاستخبارات الإيرانية تقود شبكة نسائية للإيقاع بمعارضين وحتى مسؤولين كبار عن طريق زواج المتعة، فيما وضعت لهؤلاء النساء اسمًا حركيًا هو ”پرستو“، أي طائر الخُطاف.
دعارة غير مرخصة..
الأرقام المتداولة عن الدعارة في إيران غير دقيقة، فلا يوجد إطار يدعم هذه الدراسات، إذ تقوم كلها على جهود وزارة الصحة وبعض المراكز الاجتماعية، وصحافيين او صناع أفلام يكشفون عن انتشار هائل لبائعات الهوى.
وتعود قصة “عاملات الجنس” في إيران إلى السطح كل فترة، ضمن تقارير صحافية تتناول ظاهرة الدعارة، مدعمة بصور لعروض مقدمة عبر مواقع تقدم خدمات جنسية تحت ستار الزواج المؤقت او خارجه، كما تنتشر على موقع تويتر وسوم بالفارسية بعضها كان “زواج لساعة”.
وأظهرت دراسات غير رسمية أن قرابة 40 بالمئة من العاملات في مجال الدعارة متزوجات، وعشرات الآلاف يعملن في المدن الإيرانية.
القانون لا يمنع الزواج المؤقت لكنه يعاقب على الممارسات المنافية للأخلاق العامة، كالتحرش بالسيدات في الشوارع وتشكيل عصابات لتشغيلهن، وكثيراً ما يسلط الضوء على هذا الملف في حالات خاصة أثارت غضب الشارع الإيراني، كتقديم خدمة الدعارة في مدينة مشهد للسياح العراقيين أو نقل الفتيات الإيرانيات إلى دبي للعمل في الدعارة، فالغيرة على الشرف تصبح أكبر في حال وجود عامل أجنبي، أما الدعارة الداخلية فهي حاجة يصفها البعض بصمام أمان، فلولا وجودها لتم تسجيل حالات اعتداء أكثر في الشوارع.
مصادر خاصة بمينا كشفت انه يمكن لأي سيدة في طهران الوقوف على قارعة الطريق العام قرب الحدائق الشهيرة أو المراكز التجارية، وانتظار السيارات العابرة، لتتلقى دعوات مختلفة لقضاء ليلة أو ساعات مقابل ثمن متفق عليه.
وتضيف المصادر أنه رغم انتشار مواقع عدة على التلغرام لتسهيل عمل الدعارة، فإن الكثيرات يفضلن الشارع، فهو أقرب للزبون وشفاف أكثر ومباشر، ولا يمكن لأحد أن يستغل التسجيلات الإلكترونية لهن، في ظل مجتمع لا بواكي فيه للمرأة، التي تتعرض حتى لعنف أسري مفرط.
“العنف ضد النساء”مشروع قانون بثغرات..
في قضية لفتت الاهتمام الوطني في 2020، وتحديد في 21 مايو/أيار، قطع أب رأس ابنته المراهقة “رومينا أشرفي” (14 عاما) ،بعد هروبها مع شاب بهدف الزوج، وأثار الحكم المخفف على الأب، الغضب في إيران وأحيا من جديد النقاش حول قانون العقوبات الإيراني، إذ حكم القضاء الإيراني على الأب بتسع سنوات وعلى الشاب الذي هربت معه الفتاة بعامين سجنا.
وبادرت السلطات الإيرانية إلى التعجيل في المصادقة على مشروع قانون من 51 مادة لـ “دعم الأطفال والمراهقين”، وفي الوقت نفسه، حثّ العديد من المسؤولين الحكوميين الإيرانيين، بمَن فيهم أعضاء في البرلمان، الحكومة على التعجيل في المصادقة على مشروع القانون لحماية النساء من العنف.
“هيومن رايتس ووتش” قالت بداية شهر يانير/ كانون الثاني المنصرم، إنّ على إيران معالجة الثغرات في مشروع القانون الذي طال انتظاره حول العنف ضدّ النساء، والذي يؤمّن حماية محدودة لضحايا العنف الأسري، وعرضه على البرلمان للتصويت.
وأضافت المنظمة الحقوقية” خلال العام الماضي وحده، سُلِّطت الأضواء على حالات عديدة من العنف ضدّ النساء انتشرت أخبارها واسعا، وأثارت الغضب على الصعيد الوطني، ينبغي أن تلغي السلطات القوانين التمييزية التي تعرّض النساء لخطر العنف الأسري”.
أطلق نشطاء حقوق المرأة الإيرانية حملات تطالب بقانون مماثل على مدى 16 عاما، وتعمل إدارة الرئيس حسن روحاني على مشروع القانون منذ انتخابات 2013، ويراجع مجلس الوزراء مشروع قانون “حماية، وكرامة، وأمن المرأة ضدّ العنف” منذ 17 سبتمبر/أيلول 2019، بعد أن أعلن القضاء إتمام مراجعته للمشروع وإرجاعه إلى الحكومة.
وذكرت “هيومن رايتس ووتش” بدراسة وطنية أُجريت في 2004 أظهرت أنّ 66 بالمئة من النساء المتزوّجات اللواتي شاركن في الاستطلاع تعرّضن للعنف الأسري على الأقل مرّة في حياتهنّ، و30 في المائة منهنّ تعرّضن للعنف الجسدي، مقابل 10 بالمئة أُصبْن بأذى دائم من جرّاء هذا العنف.
من ناحيتها، قالت تارا سبهري فار، الباحثة لدى منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي تتخذ من نيويورك مقراً لها إن “مشروع القانون لا يزال دون مستوى المعايير الدولية، ولم يعالج جميع جوانب العنف الذي تواجهه المرأة”، وشرحت أنه لم يتطرق إلى زواج الأطفال والاغتصاب الزوجي، بجانب أنه يعرّف العنف الأسري على نحو ملائم.
ومع ذلك، يرى العديد من النشطاء الحقوقيين والمحامين الإيرانيين، أن مشروع القانون يمثل خطوة إلى الأمام ويعكس الديناميكيات المتغيرة للمجتمع الإيراني، والتي وصفوها بأنها تسبق الحكومة بخطوات في قضايا العنف ضد المرأة.
جدير بالذكر، أنه لم يجر الإعلان عن المسودة الكاملة لمشروع القانون بعد، لكن الملخص المنشور على الموقع الإلكتروني للحكومة ينص على أن «أي فعل يتسبب في ضرر جسدي أو عاطفي أو بسمعة» للمرأة أو يؤدي إلى تقييد حريتها وحقوقها الاجتماعية يعتبر بمثابة جريمة.
كما يتناول مشروع القانون التحرش الجنسي وإكراه النساء على أفعال جنسية دون الجماع كجرائم. وقد يؤدي إرسال رسالة أو نص أو صورة جنسية غير مرغوب فيها إلى امرأة للمطالبة بعلاقات جنسية أو إجبارها على ممارسة الجنس إلى التعرض لعقوبات بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وعامين وما يصل إلى 99 جلدة، بالإضافة إلى غرامات مالية.
ويشير ملخص مشروع القانون إلى أن السلطة القضائية مطالبة بإنشاء ورعاية مراكز تقدم الدعم لضحايا العنف والنساء المعرضات للعنف. كما أن قوات الأمن ملزمة بإنشاء وحدة شرطة خاصة معنية بحماية المرأة.
ومع هذا، سيواجه مشروع القانون وفق محللون اختباراً كبيراً داخل البرلمان، الذي يضم أغلبية محافظة غالباً ما تقف على خلاف مع الحكومة الأكثر ميلاً لتيار الوسط.