تزامناً مع تنفيذ أكبر عملية لتبادل الأسرى بين القوات اليمنية وميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، تتعالى أصوات منظمات حقوقية يمنية؛ منتقدةً عدم إدراج ملف المعتقلات والمختطفات في سجون الميليشيات ضمن ملف التبادل.
وعلى الرغم من المطالبات بإنهاء قضية المعتقلات في السجون الحوثية؛ إلا أنهن ما زالن يعانين من مآسي مستمرة في تلك المعتقلات، حسبما يقول ناشطون وحقوقيون.
وكانت رئيسة رابطة أمهات المختطفين اليمنيين، قد انتقدت الأسبوع الماضي، عدم إدراج ملف النساء المعتقلات والمختطفات في سجون المليشيات الحوثية الإيرانية في الاتفاقات، مطالبة بالضغط على الميليشيات الانقلابية من أجل الإفراج الفوري عن النساء المعتقلات دون شرط أو قيد.
انتهاكات مروعة وفظيعة
لم تتوقف انتهاكات المليشيات بحق النساء، بل تزايدت بشكل أكبر، حيث تستمر تلك المليشيات في ممارسة الانتهاكات المختلفة بحق المرأة والإتجار بها، بحسب ما قاله المحامي “نبيل الحوري”، الذي أكد لمرصد مينا أن الميليشيات تستغل صمت المجتمع إزاء قضية المعتقلات، وتكتم الأهل الشديد خوفا من وصمة العار المجتمعي، للاستمرار في انتهاكاتها.
أما المعتقلة السابقة في سجون الحوثي والتي رفضت الكشف عن اسمها، فقد كشفت أن عناصر الميليشيات اقتادوها مع 23 سيدة أخرى إلى مكان ما في ضواحي العاصمة صنعاء، لا تعلم أين على وجه التحديد، وكان كل ما بإمكانها سماعه ليلاً نباح الكلاب، مشيرة الى أنها تعرضت لصدمات كهربائية و للتعذيب على أيدي المحققين، وفي إحدى المرات نزعوا أظافر الإصبع الصغرى في قدمها.
بالإضافة الى ذلك، تقول المعتقلة السابقة إن ثلاثة ضباط مقنعين طلبوا منها أن تصلي لهم وقالوا لها إنهم سيطهرونها من الإثم، وبعد ذلك، تناوبوا على اغتصابها، بينما تولت حارسات تقييدها ومنعها من الحركة.
في السياق ذاته، تؤكد “ملك” وهي معتقلة سابقة في السجون الحوثية أيضاً، أن عناصر الميليشيات وضعوها لساعات في قالب يشبه التابوت لا يمكن التحرك بداخله حتى فقدت كل قواها على الحركة، ليتم بعدها ضربها بعنف، مشيرة الى أن عناصر الميليشيات أمعنوا في تعذيبها النفسي للاعتراف بتهم ملفقة.
يشار الى أن رابطة أمهات المختطفين، قالت في بيان قبل أيام إن ثلاث محتجزات في السجن المركزي بصنعاء تعرضن للاعتداء بالضرب المبرح من قبل مدير السجن وعدد من مسلحي الجماعة الحوثية من دون مبرر، مشيرة الى أنه تم احتجازهن في زنازين مغلقة لمدة ثلاثة أسابيع كما تم منعهن من التواصل مع ذويهن.
وكانت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، قد كشفت في وقت سابق، عن تعذيب وحشي تتعرض له النساء المعتقلات في السجون الحوثية، بشكل؛ قالت أنه يفوق ما يتعرض له المعتقلون في جوانتانامو وأبو غريب.
نهايات مأساوية
الظروف الصعبة، التي تعيشها النساء في السجون الحوثية، تدفع بالكثير من المعتقلات إلى التفكير بإنهاء حياتهن انتحاراً، خاصة إذا ما تعرضن للاغتصاب، لخوفهن من وصمة العار، حسبما تقول “ملك”، التي تشير الى أنها عايشت 3 حالات انتحار لسيدات كن معتقلات في نفس السجن، الذي أمضت فيه أول عامين من اعتقالها.
الى جانب ذلك، تشير “ملك” أن بعض المعتقلات يدخلن في حالات نفسية سيئة جراء التعذيب الممنهج والإذلال المتعمد، الذي يمارسه عناصر الميليشيات لتدمير نفسية السيدات المحتجزات وإجبارهن عن الرضوخ لهم والاعتراف بالتهم الملفقة من قبل الميليشيات.
وفي شهر أيار الماضي، كشفت المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر، عن تسجيل أربع حالات انتحار لنساء مختطفات في سجون جماعة الحوثي بصنعاء، بسبب ما يتعرضن له من تعذيب وانتهاكات جنسية، كما تحدثت المنظمة عن رصدها محاولة تسع مخطفات أخريات الانتحار في سجون الحوثيين خلال عام 2020، معتبرة ذلك دليلاً على مدى الممارسات الإجرامية التي تُمارس بحقهن، وجعلهن يخترن الموت بعد تلطيخ سمعتهن وممارسة انتهاكات بحقهن.
ابتزاز وضغط للنهب وتكميم الأفواه
تتعدد أسباب اختطاف واعتقال الحوثيين للنساء خارج إطار القانون في مناطق سيطرتهم، حسبما يعتقد المحامي “نبيل الحوري”، الذي يرى أن عملية اختطاف النساء سلاح ميليشياوي لابتزاز عائلات المعتقلات وإجبارها على دفع مبالغ مالية مقابل خروجهن من المعتقل، إضافة لتكميم الأصوات المعارضة في مناطق سيطرتها.
كلام “الحوري” يؤكده تقرير شبكة التضامن النسوي الصادر في شهر حزيران الماضي، حيث اعتبرت الشبكة أن اتباع المليشيات الحوثية منهج اختطاف النساء، سلاح جديد لتكميم الأصوات المعارضة، مشيرة أن الميليشيات تقوم بخلط الأوراق لابتزاز أصوات المعارضين، عبر تلبيس تهم متعلقة بالدعارة والإتجار بالبشر وتعاطي الخمور والمخدرات لنساء معتقلات تعسفيا، لخلق وصمة عار تطولهم ولقمعهم سياسيا.
وكان رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر، “نبيل فاضل”، كشف سابقا في تصريحات صحفية عن الإفراج عن 45 امرأة بمقابل مادي كبير، وهو ما يؤكد استخدام المليشيات ذلك الملف لكسب كثير من المال.
وتشير التقديرات إلى أن ما يتراوح بين 250 و300 امرأة محتجزات حالياً داخل محافظة صنعاء وحدها، حسبما أفادت به العديد من المنظمات الحقوقية، لكن المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر تقول إنه ثمة احتمالاً أن تكون هذه التقديرات أقل من العدد الحقيقي بكثير.
والملاحظ أن هناك صعوبة في تقدير أعداد المحتجزات داخل المحافظات والأقاليم الأخرى، حيث قدرت رئيسة “ائتلاف نساء من أجل السلام في اليمن”، “نورا الجوري” أن ما يزيد على 100 امرأة محتجزات داخل محافظة ذمار جنوب العاصمة، والتي تشكل نقطة عبور كبرى من المناطق الخاضعة للسيطرة الحكومية إلى الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون.
يشار الى أن وزير الإعلام اليمني “معمر الأرياني”، كان ناشد في وقت سابق من هذا العام، محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في جرائم المعتقلات الخاصة للنساء في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية، مطالبا بتقديم المتورطين فيها للمحاكمة باعتبارها جرائم حرب وجرائم مرتكبة ضد الإنسانية.
كما دعا “الأرياني” المجتمع الدولي ومنظمات حماية المرأة إلى التدخل لوقف هذه الانتهاكات والضغط على الميليشيا الحوثية لإطلاق جميع المختطفات في معتقلاتها الخاصة، موضحاً أن جرائم الميليشيا الحوثية والمتمثلة باختطاف مئات النساء اليمنيات من منازلهن واخفائهن في معتقلات خاصة نتيجة لآرائهن ونشاطهن السياسي والإنساني.