قبل أيام من الانتخابات العراقية المبكرة، استنجدت ميليشيا الحشد الشعبي بثلاثين ألف عنصر من الذين تم التخلي عنهم بسبب الجرائم، اذ أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي إعادة من فسخت عقودهم في السنوات الأخيرة إلى العمل، في إشارة إلى أن الميليشيات مستعدة لأقصى درجات العنف من أجل تأمين مصالحها ومصالح إيران للوصول إلى البرلمان.
“فالح الفياض” رئيس الهيئة قال أمس الإثنين: “تمكنا من أن نصل إلى هذه النقطة والموافقة على استيعاب 30 ألفا من المفسوخة عقودهم والهيئة ستشرع فوراً في تشكيل اللجان لاستكمال ملف العودة”، موضحاً أن “تمويل ذلك سيكون من موارد الهيئة الخاصة وليس بفلس واحد من خارج ميزانية الهيئة، وتم إنجاز ملف المفسوخة عقودهم وفق الاليات القانونية، والأولوية ستكون للجرحى وفق الضوابط والاليات”.
خطوة استباقية..
تشكل الحشد الشعبي عام 2014 إثر فتوى أطلقها المرجع الشيعي علي السيستاني بعد اجتياح تنظيم داعش لثلث أراضي العراق وانهيار قطاعات الجيش، وفسخا عقود غالبية هؤلاء العناصر بين عامين 2015 و2018 لأسباب مختلفة من بينها الغياب وعدم الالتزام بالدوام، والجرائم المختلفة.
ويرى مراقبون عراقيون أن قرار العودة يأتي في توقيت مدروس، وتستبق الانتخابات المقررة في العاشر من الشهر القادم، وتصريحات الكاظمي بشأن تأمين الانتخابات وجلب مراقبين دوليين”، لافتين إلى أن “هذا الامر لا يخدم مصلحة الأحزاب الدينية التي تتبعها الميليشيات”.
وأعلنت وزارة الداخلية أمس الاثنين، تكليف دوريات أمنية بحماية الحملات الانتخابية ورصد أي خروقات قد تتعرض لها، موضحة أن “الرصد والمراقبة ليسا فقط على المستوى الميداني وإنما في الجانب الإلكتروني أيضا، وهناك جهد كبير بهذا الصدد، لاسيما من يستخدم الخطاب الطائفي أو العرقي”.
يشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي أكد السبت الفائت أنه ” تم انجاز كل متطلبات العملية الانتخابية، ولاسيما مسألة تأمينها، والحفاظ على نزاهتها بمراقبة أممية دولية، كما وفّرنا كل احتياجات مفوضية الانتخابات وعلى أعلى المستويات من تمويل وتأمين ودعم، لضمان إجراء الاقتراع بما يحقق تطلعات الشعب”.
بدوره، لفت الباحث الدكتور “حذيفة المشهداني” لمرصد مينا إلى أن “المكون الشيعي والميليشيات المدعوم من إيران مشتتة ولديها عدد من التحالفات السياسية، وهي ليست قوة في الوقت الحالي نتيجة التصدعات”، لافتاً إلى أن “بعض الأحزاب السياسية الشيعة ذات طبيعة أيديولوجية منذ العام 2005هي أداة تابعة لطهران، وتحولت مع الوقت إلى مافيات حزبية تسيطر عليها الميليشيات وتعمل في الوقت الحالي بإشراف الحرس الثوري الإيراني لحشد قوتها واستثمار كل شيء للوصول إلى البرلمان بأي طريقة وثمن”.
ومن المقرر أن يشارك في الانتخابات 110 حزب سياسي و22 تحالفا انتخابيا، وقامت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بدعوة 76 سفارة ومنظمة أجنبية لمراقبة العملية الانتخابية.
تخوف وتوجس..
الأحزاب الشيعية المرتبطة بإيران تتخوف من نتائج الانتخابات، ولا سيما أن العراقيين احتجوا عليها بشدّة في معاقلها وسط العراق وجنوبه، لذلك تستعد وتتجهز للفوز بالانتخابات ولو بالقوة أو اللجوء إلى عمليات منفلتة ينفذها العناصر الذين تم إعادتهم.
وحذر عضو ائتلاف دولة القانون “محمد الصيهود” اليوم الثلاثاء، من اشعال فوضى في وسط وجنوب العراق مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة، لافتاً إلى أن “هناك أطراف سياسية ما زالت تعمل وتسعى لتأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة، بسبب خشيتها من خسارة نفوذها الذي تتمتع به في الفترة الحالية، لذا هي تعمل على اشعال الفوضى وتأجيج الشارع في مدن وسط وجنوب العراق للتأثير على العملية الانتخابية”.
وطالب الحكومة والقوات الأمنية، بـ “احباط وافشال اي مخطط يهدف الى اشعال الفوضى في وسط وجنوب العراق، او التأثير على الأمن الانتخابي، وكشفها امام الرأي العام، ليعرف الشارع العراقي من لا يريد اجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في موعدها”.
إلى جانب ذلك، يعتقد المراقبون أن قرار إعادة المفصولين هو رسالة مباشرة إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي يسعى لتمكين الحكومة من الإمساك بالملف الأمني، الأمر الذي لا يقبل به الحشد الشعبي ويرى فيه استهدافا له كقوة جامعة للميليشيات التي نجحت في السيطرة على المؤسستين الأمنية والعسكرية.
يذكر أن في نهاية العام 2016 أقر البرلمان قانونا ينظم عمل قوات الحشد وأصبح قوة عسكرية رسمية تخضع لقيادة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وترتبط فصائل الحشد بأحزاب موالية لإيران تخوض الانتخابات للمرة الثانية، وكان عدد عناصر الحشد قبل إعادة العناصر المفسوخة عقودهم، أكثر من 160 ألفا.
وشهدت انتخابات 2018 النسبة الأكبر من المقاطعة الشعبية وبلغ عدد المشاركين في تلك العملية أقل من 20 في المئة من عدد سكان العراق، وذلك مؤشر على أن الشارع العراقي غاضب على الأحزاب الحاكمة، وأنه قد يلجأ إلى التصويت العقابي ضدها لفائدة قوائم محسوبة على أنصار انتفاضة تشرين.
يشار إلى أن زعماء الميليشيات العراقية الذين تسللوا إلى مجلس النواب في دورته الحالية بوصفهم رجال سياسية، يطمحون إلى إدارة المرحلة المقبلة تحت رعاية الحرس الثوري الإيراني، إذ كشف “تحالف الفتح” الذي يضم الميليشيات الشيعية برئاسة منظمة بدر، عن مرشحه لرئاسة الحكومة المقبلة، في ظل التنافس المبكر على رئاسة الوزراء بين القوى والأحزاب الشيعية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية في العاشر من أكتوبر المقبل.
وأكد النائب عن تحالف الفتح “نعيم العبودي” في وقت سابق “إذا حصلنا على المقاعد التي تؤهلنا بالتحالف مع الكتل السياسية، سوف نشارك وسنطرح مرشحنا بصورة واضحة وجلية، فمن يؤيد فأهلا ومرحبا، ومن يعارض يذهب إلى المعارضة”، مؤكداً أن “هادي العامري على رأس مرشحيه لرئاسة الحكومة المقبلة المخصصة للشيعة وفق المحاصصة الطائفية التي شرّعت بعد احتلال العراق عام 2003”.
يشار إلى أن “العامري” يرأس منظمة بدر التي تأسست في إيران إبان الحرب العراقية – الإيرانية وقاتلت مع القوات الإيرانية ضد الجيش العراقي، اذ يقود رئيس منظمة بدر تحالف “الفتح” الذي يجمع غالبية الميليشيات الشيعية التي تشكل الحشد الشعبي، وخصوصا الولائية منها للمرشد الإيراني علي خامنئي.
بعثة دولية..
وأعلن الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين، إرسال فريق لمراقبة الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول المقبل، موضحاً أنه “قرر نشر بعثة مراقبة الانتخابات (EOM) لمراقبة الانتخابات التشريعية العراقية”، مبينا أن “ذلك جاء استجابة لدعوة من مفوضية الانتخابات”.
كما أكد أن “الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية / نائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، قام بتعيين عضو البرلمان الأوروبي فيولا فون كرامون توباديل، كمراقب رئيس لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات”، لافتاً إلى أن “البعثة ستصدر تقريرا عاما مع التوصيات، على أساس تقييم موضوعي للحملة والتصويت، بهدف المساعدة في زيادة تحسين الإطار الانتخابي في العراق”.
وفقاً لبيان الاتحاد الأوروبي يتكون الفريق الأساسي لبعثة الاتحاد الأوروبي من 12 خبيراً في الانتخابات وصلوا إلى بغداد وأربيل في 28 آب، وفي منتصف أيلول سينضم 20 مراقبا طويل الأمد إلى البعثة وسيتم نشرهم في مناطق مختلفة من البلاد.
وخلال يوم الانتخابات، سيتم تعزيز البعثة بمراقبين محليين لفترات قصيرة قادمين من البعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الموجودة في العراق، اذ تبقى بعثة الاتحاد الأوروبي في البلاد حتى اكتمال العملية الانتخابي، وتقديم التقرير النهائي، الذي سيتضمن مجموعة من التوصيات للعمليات الانتخابية المستقبلية، ومشاركته مع أصحاب المصلحة بعد الانتهاء من العملية الانتخابية بأكملها.