بينما تشهد محافظة ذي قار العراقية تصاعدا في الاحتجاجات، أمهل متظاهرو الناصرية الحكومة المركزية 72 ساعة، لتسمية أحد المرشحين لمنصب المحافظ، خلفاً للمكلف الفريق “عبد الغني الاسدي”، ملوحين بتغيير حكومة “الكاظمي” في حال التمادي بتجاهل مطالب المتظاهرين.
وعلى غرار أحداث ذي قار، التي شهدت مؤخرا إقالة محافظها، تدخل محافظات جديدة في الجنوب العراقي على خط الاحتجاجات المطالبة بإقالة حكوماتها المحلية، التي يتهمونها بالتورط في قضايا فساد، ضاعفت من معاناة العراقيين خاصة في المحافظات الجنوبية.
يوم أمس السبت، تجددت المظاهرات في مدينة النجف، وسط انتشار أمني مكثف، وتحدثت مصادر محلية عن وقوع صدامات بين المتظاهرين والأمن العراقي، أدت إلى إصابات عددٍ من المحتجين.
وبحسب المصادر فإن المظاهرات اندلعت على خلفية انتهاء المهلة التي حددها المتظاهرون للحكومة العراقية لإقالة المحافظ “لؤي الياسري” الذي يتهمه المتظاهرون بالفساد، إلى جانب اتهامهم القوى الأمنية بالتقصير على خلفية عملية اغتيال “جاسب الهليجي” في مدينة العمارة الأربعاء الماضي.
متظاهرو “ذي قار” يختارون حكومتهم المحلية
أمهل متظاهرو الناصرية في بيان، الحكومة المركزية 72 ساعة، تبدأ من يوم أمس السبت، لتسمية أحد المرشحين لمنصب محافظ ذي قار خلفاً للمحافظ المكلف الفريق “عبد الغني الاسدي”، كما دعوا الى الاستجابة لمطالب المحافظات المنتفضة الداعية لتغيير محافظيها، ولوحوا بتغيير حكومة “الكاظمي” في حال التمادي بتجاهل مطالب المتظاهرين.
وكان متظاهرو الناصرية قد حددوا مطلع آذار الحالي، 6 شخصيات أكاديمية واجتماعية، كمرشحين لشغل منصب المحافظ ورفعوا اسمائهم الى مجلس الوزراء لغرض اختيار أحدهم للمنصب .
وحسبما كشفت مصادر محلية لمرصد “مينا”، فإن قائمة المرشحين تضم “ياسر البراك” و”أحمد غني الخفاجي” و”نجم عبد طارش” و”عمران كامل” و”ضياء كريم” و”عماد عبد الكاظم”، وجميعهم يمثلون إرادة الحراك الشعبي ولا جدال عليهم.
المحلل السياسي العراقي “عمران العاني”، يرى أن المتظاهرين العراقيين ألقوا الكرة في ملعب حكومة “الكاظمي”، التي تحاول جاهدة لوقف الاحتجاجات في المحافظة وعموم البلاد، مشيرا الى أن المهلة تمثل اختبارا أخيرا لإرادة الحكومة في وقف التصعيد في المحافظة التي تشهد حراكاً عشائرياً ومجتمعياً واسعاً.
ويكشف “العاني” أن شخصيات اجتماعية وعشائرية عقدت اجتماعات موسعة في ديوان الشيخ “حسين الخيون” في قضاء الشطرة، وفي ديوان الشيخ “حميد النيازي” بالناصرية، كما اختار المحتجون ممثلين عنهم، للقاء رئيس مجلس الوزراء “مصطفى الكاظمي” ضمن إطار اختيار أحدهم لشغل منصب المحافظ، مؤكدا أن رئيس مجلس الوزراء التقى بصورة منفردة أحد المرشحين، وتمت مناقشته حول إمكانية إدارته لمنصب المحافظ، وأن هناك شخصيات مرشحة أخرى كانت في صالة الاستقبال بانتظار دورها لمقابلته.
ويتوقع “العاني” أن تشمل التعديلات في الحكومة المحلية قيادات في الشرطة و الجيش مرتبطة بأحزاب متنفّذة في البلاد، ومتهمة بملفات فساد كبيرة وسوء إدارة، كما أكد أن المرحلة المقبلة ستشهد استقالات لتلك القيادات.
يشار الى أن مصادر أمنية قالت اليوم الاحد إن قائد شرطة محافظة ذي قار اللواء “عودة سالم”، تقدم الى وزير الداخلية “عثمان الغانمي”، بطلب استقالة من منصبه على خلفية تصاعد الاحتجاجات في المحافظة، مشيرة إلى أن الأخير وافق بدوره على الطلب.
ومنذ شهر تشرين الأول\ أكتوبر عام 2019 لم تتوقف الاحتجاجات في محافظة ذي قار التي اعتبرت “عاصمة الاحتجاجات” في العراق، وفي الأيام الأخيرة تصاعدت بشكل كبير وسقط خلالها جرحى وقتلى.
حراك متصاعد في محافظات الجنوب
وبالتزامن مع تصاعد التوتر في ذي قار، تتوالى الاحتجاجات في محافظات النجف وبابل والقادسية والمثنى، تتخللها في بعض الأحيان أعمال عنف وإصابات بين المتظاهرين، بسبب مواجهة قوات الأمن لهم واستخدام الرصاص وقنابل الغاز لتفريقهم، واعتماد إجراءات مشددة في غلق الطرق أيضاً.
وتشهد مدينة النجف العراقية، منذ يوم الجمعة، تجددا للاحتجاجات، على خلفية انتهاء المهلة التي حددها المتظاهرون للحكومة العراقية لإقالة المحافظ “لؤي الياسري”، الذي يتهمه المتظاهرون بالفساد، إلى جانب اتهامهم القوى الأمنية بالتقصير على خلفية عملية اغتيال “جاسب الهليجي” في مدينة العمارة الأربعاء الماضي.
الصحفي “خالد الجابر”، يرى أن شرارة التظاهرات التي تتسع في المحافظات الجنوبية، جاءت نتيجة لتردي الواقع الخدمي واستشراء الفساد فيها، الأمر الذي حفز المتظاهرين على الخروج والمطالبة بتغيير الحكومات المحلية، مرجحا امتداد مساحة التظاهرات في المحافظات الجنوبية حتى إسقاط محافظيها، ومتوقعا أن “تشهد الأيام المقبلة زيادة في الصدامات بين الأمن والمتظاهرين .
ويرى “الجابر”، أن ما جرى في الناصرية من إقالة المحافظ حفز متظاهري المحافظات الأخرى، وأعطاها دافعاً للتحرك المماثل.
في السياق، يكشف الجابر أن أحزاب وقوى سياسية في تلك المحافظات، تسعى إلى إنهاء التظاهرات من طريق استمالة الوجوه البارزة فيها، مؤكدا أن أغلب تلك الجهود فشلت باستمالة المتظاهرين.
بدورها، تؤكد الناشطة في الحراك، “عبير الشمري”، أن المحافظين فشلوا في إدارة المحافظات إدارة مهنية، وهيمنوا على مقدرات المحافظات، وهم شركاء بالفساد، ولم يحققوا شيئاً منذ سنوات، مؤكدة ضرورة استمرار التظاهرات الى حين إسقاط ما أسمتهم “أعمدة الفساد” بالمحافظات.
يشار الى أن المحافظات العراقية عموما والجنوبية الغنية بالنفط، على وجه الخصوص، تعيش واقعاً مزرياً لجهة الخدمات والإعمار وتوفير فرص العمل، إذ تسيطر أحزاب متنفذة على إداراتها المحلية، التي تمكنت من فرض هيمنتها على مقدرات المحافظة وحرمان الأهالي.
وبحسب بيانات برنامج الأغذية العالمي، فقد وصلت معدلات الفقر في البلاد الى 31.7 بالمئة، في حين أن 10 بالمئة من الناس يستخدمون استراتيجيات التأقلم للمساعدة في وضعهم، لأنهم لا يملكون ما يكفي من الطعام لتناوله، من بين هؤلاء نحو 35 بالمئة يشترون أغذية أرخص و يقترض نحو 27 بالمئة طعاما.
وفي سياق متصل، اظهرت المراقبة المنتظمة لبرنامج الغذاء العالمي، في كانون الأول الماضي أن نحو 3 ملايين شخص في العراق ، منهم 731000 نازح داخلياً ، ليس لديهم ما يكفي من الطعام.