تتزايد ردود أفعال السوريين وتعليقاتهم على آخر فيديو لرجل الأعمال وابن خال رأس النظام السوري، “رامي مخلوف”، عقب ساعات قليلة من نشره على مواقع الانترنت، لا سيما وأنه وصف من قبل بعض المتابعين بـ “فيديو الانشقاق”.
التصعيد غير المسبوق أبداً، الذي أظهره “مخلوف” في تسجيله الأخير، يدفع الباحث في الشأن السوري، “محمود خير الله” إلى اعتبار أن مرحلة خلافات “الأسد” و”مخلوف” انتقلت إلى مستوى الصدام وربما لصراع وكسر الظهر، على حد وصفه، لافتاً إلى أن “مخلوف” في عصيانه على النظام السوري، تجاوز ما فعله “رفعت الأسد” يوم قرر الانقلاب على شقيقه “حافظ” في ثمانينيات القرن الماضي.
ويوضح “خير الله”: “على الرغم من أن رفعت حاول الانقلاب على شقيقه، إلا أنه لم يصل إلى مرحلة تحريض الطائفة على بعضها، كما أن حركته الانقلابية لم تكن لتشق الصف العلوي، كما يحدث اليوم مع مخلوف، خاصة وأن النظام لم يقم بإجراءات عقابية ضد قيادات رفعت في ذلك الوقت، وإنما منحهم فرصة ثلاثة أيام لسرقة أموال سوريا ومن ثم الحروج منها”، لافتاً إلى أن “مخلوف” بات يستهدف ضرب النظام بشكل حقيقي ومباشر، وأنه يرغب بتوجيه ضربة قاسمة لابن عمته داخل البيئة الحاضنة للنظام.
يشار إلى أن “مخلوف” أعلن خلال الفيديو الأخير أنه سيقود الفقراء في المناطق التي يسيطر عليها النظام لمواجهة الأجهزة الأمنية وأثرياء الحرب، متوعدا رئيس النظام، “بشار الأسد”، بمصير مشابه لمصير “فرعون”.
شعرة معاوية وحرب تهدد الطائفة
يقول المحلل السياسي، “حسام يوسف” تعليقاً على تصعيد “مخلوف”: “هو فقد الأمل من إمكانية عودته إلى سابق عهده، وأدرك تماماً أن النظام أحرق كافة أوراقه وقرر تصفيته بشكل معنوي وربما جسدي، لذا اتجه إلى قطع شعرة معاوية معه ورفع درجة التصعيد من خلال استخدام لغة التجييش الشعبي وإعلان قيام ما يشبه ثورة علوية ضد الأسد”، لافتاً إلى أن أكثر ما سيساعد مخلوف في مخططه، هو حالة الفقر المدقع وسوء الحالة المعيشية داخل الطائفة العلوية، خاصة في ظل ارتفاع عدد علاهم خلال الأعوام العشرة الماضية وإهمال النظام لمصابي الحرب منهم.
يذكر أن تقارير فرنسية كانت قد كشفت في العام 2015، أن الطائفة العلوية فقدت ثلثي أبناءها من القادرين على حمل السلاح، خلال خوضهم معارك إلى جانب النظام السوري، وذلك في إحصائية شكلت صدمة حينها في الأوساط العلوية.
في ذات السياق، يبين “يوسف” أن “مخلوف” يراهن من خلال تحركاته على سحب ورقة التأييد العلوية “لبشار الأسد” ودفع سوريا باتجاه خطر الحرب الأهلية في مناطق الساحل وجبال العلويين، ما سيؤثر على وضعه أمام الداعم الروسي، الباحث عن استقرار نسبي في البلاد، لتأمين قواعده العسكرية والشروع بالاستثمارات، لافتاً إلى أن “مخلوف” يدرك تماماً أن ضرب التأييد العلوي لابن عمته، سيمهد طريق الوصول إلى الكريملين أمام شخصية علوية جديدة لتكون بديلة “للأسد”، وربما يطمح “مخلوف” من خلال خطابه الشعبي لأن يكون هو تلك الشخصية أو على الأقل شخصية مقربة منه، على حد قول “يوسف”.
ويرى “يوسف” أن ما صراع “مخلوف – الأسد” على السلطة، يظهر إلى حد كبير نظرة النظام السوري لحاضنته الشعبية، كوقود للحرب ضد الخصوم، حتى وإن كانت تلك الحروب قد تشعل صراعات أهلية داخل الطائفة، التي كانت عماد بناء دكتاتورية آل الأسد وتزاوجها الاقتصادي مع امبراطورية “آل مخلوف”.
سيخسر الجميع ولن أخرج وحدي
حالة “مخلوف” اليوم، يشبهها المحلل السياسي، “باسل بره” بأنها قتال النفس الأخير، مشيراً إلى أن الرجل لم يعد لديه ما يخسره بعد أن فقد نفوذه وشركاته وبات بمثابة “المنبوذ” بعد أن كان فيما مضى اسماً ترتعد له الرجال ورقما صعباً في واحدة من أكبر دكتاتوريات العالم، موضحاً أن “مخلوف” اتخذ قراراً بعدم الخسارة لوحده، واتباع سياسة نظام ابن عمته بحرق البلاد قبل تسلميها.
ويبين “بره” أن “مخلوف” لن يترك لعقيلة رأس النظام “أسماء الأسد” وعائلتها، فرصة التمتع بالشركات والأموال والمشاريع التي كانت، كما أنه لن يسلمهم الأمبراطورية التي استغل كافة الطرقة غير المشروعة والبلطجة ليبينها خلال عقدين من الزمان، معتبراً أن رسالة “مخلوف” للنظام واضحة، ومفادها “لن أخرج وحدي وسيخسر الجميع”.
كما يعتبر “بره” أن الحرب قادمة قادمة لا محال، وأنها ستكون أكبر تحدي يواجه نظام “بشار الأسد” على الرغم من كافة الهزائم والهزات التي تعرض لها خلال 10 أعوام ماضية، مشيراً إلى أن “مخلوف” يضرب حالياً في أكثر نقاط النظام حساسية.