سبب قرب تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن” في الـ 20 من الشهر المقبل، تغيرًا في الحسابات التكتيكية الحاكمة للمشهد السوري في الشمال الذي يشهد تنازع أطراف عديدة في محاولات زيادة النفوذ والسيطرة هناك بين أطماع الأتراك والأكراد ومن وراءهم الروس والنظام في توقيت شديد الحساسية حيث تسابقت تلم الأطراف في شمال الرقة لفرض واقع جديد، خلال الأسابيع المتبقية تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب جوزيف بايدن صلاحياته .
واعتبر خبراء ومراقبون أن انقضاء الفترة المتبقية دون تغيير في خريطة السيطرة، يرجح عدم تغيرها خلال ولاية الرئيس الأمريكي الجديد، خلال أربع سنوات مقبلة.
لتعمل أنقرة وموسكو كل منهما على استغلال الفترة الضيقة في البحث عن الخواصر الرخوة في مناطق سيطرة قسد.. وتظهر منطقة عين عيسى أنها أضعف النقاط باعتبار أن الجيش التركي يقف على مشارفها من الجهة الشمالية وتقع على تحت مدى نيران رشاشات فصائل الجيش الوطني لفصائل المعارضة الموالية لتركيا.. فشهد محيط البلدة اشتباكات متتالية لها أبعاد خاصة.
أهمية وتموضع
تعتبر بلدة “عين عيسى” في موضع مهم في قلب مناطق شرق الفرات، حيث تقع شمال مدينة الرقة بنحو 48 كم، في تموضع يمنح البلدة موقعًا استراتيجيًا، حولها إلى عقدة طرق تربط بين مدن وبلدات المنطقة.
وأصبحت البلدة العاصمة السياسية للإدارة الذاتية، ومركز هيئاتها الرسمية.. حيث تتوسط عين عيسى مناطق سيطرة قسد الممتدة من ريف حلب الشمالي وصولا إلى الحدود العراقية..
ولأهمية البلدة، انتزعتها قوات “قسد” من قبضة تنظيم “داعش” في خضم الصراع مع التنظيم عام 2016، لتقوم بتحويلها إلى نقطة تمركز عسكرية لها، مع وضع مقرات لبعض مكاتب “الإدارة الذاتية”.. ثم نقلت تلك المكاتب، أواخر العام الماضي، إلى مدينة الرقة.
تكتيكات وخطط قسد
تدرك كل أطراف الاشتباك أهمية البلدة لـ “قسد” وماذا يعني خسارتها، لا سيما في ظل هذا التوقيت، حيث أن انتزاع البلدة من يد الوحدات الكردية، يعني خسارة طريق M4 الذي يربط بين منبج والحسكة، الذي يعتبر أهم الطرق الحيوية على الإطلاق في شمال وشرق سورية.
وبعيد بدء الجيش التركي عملية عسكرية في تلك المناطق، فُتح باب منطقة شرقي نهر الفرات أمام الجانب الروسي، مع اضطرار “قسد” للاتفاق عسكريًا مع موسكو، بشكل يتيح له إدخال قوات تابعة له وأخرى للنظام، لإيقاف العملية التركية عند حدود معينة.
كما تستعين “قسد” بمناوراتها، بشبكات الأنفاق التي ورثتها من تنظيم “الدولة” في أغلب المدن، الأمر الذي اتضح في تل أبيض في المرحلة الماضية بحسب مراقبين.
كما حافظت قسد كذلك على شبكة أنفاق منبج، بل وأعادت تأهيلها.. كذلك فعلت الأمر نفسه في منطقة الجزيرة وكامل حواضر وقرى الضفة الشرقية على نهر الفرات في محافظة دير الزور.
مؤخرًا، استقدم الأكراد، تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة “عين عيسى” من الرقة، حيث باشرت الإدارة الذاتية ومجلس عين عيسى العسكري بعمليات حفر وتحصين غربي البلدة وشمالها..
وجرى رفع السواتر الترابية وحفر انفاق أفراد على عدة خطوط في خطط ومناورات لمواجهة وقوع الأسوأ بالنسبة لقسد.
كما قام المجلس العسكري بالتعاقد مع عدد من عمال الحفريات بهدف سرعة التنفيذ.. فلم يقتصر التحصين الهندسي على حفر الخنادق بل شمل توسيع شبكة الأنفاق في داخل البلدة ومحيطها.
مفاوضات مع الروس
مع ارتفاع حدّة التهديدات التركية في بلدة “عين عيسى”، قام مجلس البلدة العسكري (تابع لـ “قسد”) بعقد مفاوضات قبل أيام، مع الضباط الروس وضباط في جيش النظام، لإيجاد حل لوضع عين عيسى.
ونقلت “القدس العربي” عن مصادر مطلعة من مجلس “عين عيسى” العسكري، أن الروس حاولوا تدوير الزوايا مع قسد، بعد رفض الاخيرة، وبشكل قاطع تسليم المدينة للنظام السوري.
وكان مقترح الأكراد، تسليم البلدة للشرطة العسكرية الروسية، على أن تنسحب قوات النظام خارج المدينة وتنتشر على طريق حلب – الحسكة M4.. وتقوم قوات “قسد” بالتراجع عن المدينة إلى حدود 4 كم، بشرط أن تسلم المؤسسات الحكومية إلى حكومة النظام بشكل كامل، وان تدخل الشرطة المدنية فقط، بدون أي عمليات إنشاء مربع أمني أو مفارز أو أقسام أمنية تتبع لمخابرات النظام السوري.
في المشهد الأخير تعثرت المفاوضات بين الروس والاكراد لعدة متغيرات (منها العودة الأمريكية) ويشير إخفاق المفاوضات إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكري “وحدات حماية الشعب” يقاومان الضغط الروسي على وقع نيران المدافع التركية والرشاشات الثقيلة للجيش الوطني، حتى مع السيطرة على عدة قرى.
يشار هنا أن موسكو اختارت السكوت على الهجوم المحدود في محيط عين عيسى، وكذلك فعلت تركيا، وقيادة الجيش الوطني، وقائد الفيلق الأول الذي يتبع له تجمع أحرار الشرقية.
مصدر عسكري في أحد الفصائل التابعة للفيلق الأول، أوضح – بحسب تقرير للقدس العربي- أنه: “أرسل العميد معتز رسلان قائد الفيلق رسالة نفى فيها بدء عملية عسكرية، وان قيادة الجيش والفيالق لم تتلق أي إشارة أو تعليمات من تركيا من أجل الاستعداد لعملية” مكتفيًا بالقول “لا يوجد عمل عسكري”.
لتتحول المناوشات إلى رسائل ضغط من كل الأطراف على قسد من أجل تسليم البلدة للنظام السوري.. فبعد مضي ثلاثة أسابيع على المفاوضات الثلاثية بين روسيا والنظام وقسد، وامتناع الأخيرة عن تقديم أي تنازل بخصوص عين عيسى، بات من غير المستبعد أن تطلق روسيا يد فصائل الجيش الوطني السوري في محيط عين عيسى وتركها تسيطر على عدة نقاط على طريق M4 كما حصل الجمعة، بهدف إجبار القوات الكردية على تقديم التنازلات.
مناورات عسكرية
قبل عدة أيام، عاد القصف المدفعي التركي على منطقة عين عيسى، حيث باشرت المدفعية باستهداف محي البلدة ليل الخميس الماضي، لتقوم فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة باستهداف نقاط تمركز قوات سوريا الديمقراطية “قسد” شمال قرية مشيرفة الواقعة على طريق عين عيسى- الحسكة M4 والتي تصنف كإحدى بوابات عين عيسى من الجهة الشرقية.
أما اللواء 123- أحرار الشرقية التابع للفيلق الأول في الجيش الوطني، فتقدم – بحسب شريط مصور للقدس العربي- وسيطر على قريتي الجهبل ومشيرفة على طريق M4.. بدورها، وسائل إعلام تابعة لـ “قسد” نفت سيطرة الجيش الوطني للمعارضة على قرية مشيرفة.
وشهدت المواجهات سقوط عدد كبير من القتلى وفق إدعاءات جانبي المواجهة، لكن أشارت صفحات مستقلة لسقوط عشرة قتلى من الجانبين.. حيث انسحبت القوات الكردية من القرية من دون مقاومة أو دفاع، فجر الجمعة الماضية، مع بدء تقدم كتائب الفيلق الأول، ما يرجح عدم سقوط قتلى في الاشتباكات.
أما المحور الغربي، من منطقة نبع السلام الخاضعة للسيطرة التركية، سيطرت فصائل الجيش الوطني، ليل الجمعة، على قرية تينة شمال غرب عين عيسى وهي تحاذي طريق حلب- الحسكة M4.
بذلك، خسرت قوات الأكراد بعض المواقع في محيط بلدة “عين عيسى” لصالح فصائل المعارضة المدعومة تركيًا، في الفترة الماضية..
إلا أن اليومين الماضيين، شهدا تكثّيف “قسد” من هجماتها البرية المعاكسة ضد فصائل الجيش الوطني المعارض، ولم تنجح “قسد” – للمرة الثالثة – في استعادة المواقع والقرى التي خسرتها لصالح المعارضة السورية في الأطراف الشمالية والشمالية الشرقية من البلدة، بالتوازي مع استقدامها للمزيد من التعزيزات العسكرية المختصة بالعمليات الهجومية من مجالسها العسكرية في منبج والرقة والطبقة ودير الزور.. كما مُنيت قوات الأكراد، في أحدث هجمة برية معاكسة لها ليلة أمس، بخسارة عدد من عناصرها بينهم قائد ميداني، في المعارك التي شهدتها محاور المشيرفة وصيدا والمعلق.
بدوره.. اعتبر الصحافي “يحيى مايو” في حديث مع صحيفة المدن، أن الوحدات الكردية “عازمة على الدفاع عن عين عيسى، وهذا ما يبدو من خلال التعزيزات العسكرية التي وصلت المنطقة تباعاً وخلال الـ 48 ساعة الماضية”.
ليؤكد، أن “مهمة الحشود العسكرية المتجمعة في عين عيسى ومحيطها لا تقتصر على الدفاع وحده، بل تحاول قسد استرداد ما خسرته من مواقع استراتيجية لصالح الفصائل”.
موضحًا في تصريحه الصحفي أن “قسد تحاول أيضًا الإبقاء على خطوط النار خارج البلدة إلى حين توصلها الى صفقة تمنع هجوم الفصائل والجيش التركي”.
لكنه أشار لنقطة مهمة جوهرية في متغيرات المشهد هناك، حيث قال: “آمال قسد بدور أميركي فاعل في عين عيسى تجددت مؤخرًا، وذلك بعد الزيارة التي قام بها قائد القوات الأميركية في الشرق الاوسط الجنرال فرانك ماكنزي، إلى محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، ولقائه بقائد قسد، مظلوم عبدي”.
تحركات أمريكية
بدأت مؤشرات تحركات أمريكية في المشهد السوري في أبعاد تحمل مضامين محتملة.. حيث قام قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال “كنيت فرانك ماكنزي” بزيارة لقاعدة التنف في البادية (الحدود السورية مع العراق) والخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة التي تدعمها القوات الأميركية شرقي سورية.
ويوم الإثنين الماضي، استقبل القائد العسكري لقوات “قسد” مظلوم عبدي، الجنرال الأمريكي “ماكنزي”، في مقره الرئيسي في محافظة الحسكة.
مواقع إعلامية مقربة من قوات سورية الديمقراطية، أكدت أن النقاشات بين عبدي وماكنزي تمحورت حول الوضع في عين عيسى والمفاوضات الجارية بين قسد من جهة والنظام وروسيا من جهة ثانية، ومدى جدية تركيا في دخول المنطقة.
حيث يعيد الظهور الأميركي الأخير في ملف “عين عيسى” تساؤلات كثيرة حول مستقبل المنطقة، ومدى تأثيره – أي التدخل الأميركي – على سيطرة الفصائل والجيش التركي على أهم معاقل قسد شرقي الفرات.. وكذلك عن نوعية التضحية التي قد تقدم عليه “قسد” لتركيا “ولغيرها” في حال نجح التدخل الأميركي في وقف التصعيد.. ومدى جدية وقدرة النظام على اجتياح المنطقة..
الصحافي “محمود طلحة” في تعليقه لـ “المدن” قال إن: “علم قسد بزيارة الجنرال الأميركي عزز موقفها في اجتماعها التفاوضي الأخير مع النظام وروسيا، ودفعها لإفشال الاجتماع وعدم التوصل لأي اتفاق، وهو بعكس توقعات النظام الذي كان يُرجح نجاح الجولة الأخيرة من المفاوضات ودخول عين عيسى برعاية روسية”.
في حين أكدت مصادر عسكرية معارضة ل”المدن”، أن “زيارة قائد القوات الأميركية ولقاءه بقائد قسد في الحسكة تهدف إلى تعطيل أي اتفاق بين روسيا وقسد، ومنع التنازل عن المنطقة لصالح النظام، وفي الوقت نفسه دعم جهود قسد لكسب المزيد من الوقت الى حين وصول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الى السلطة”.
لتوضح تلك المصادر أنه “في هذه الفترة قد تدخل تركيا وقسد في مرحلة تفاوض جديدة وبرعاية أميركية، وستكون ملفات منبج وتل رفعت وغيرها من المناطق الإشكالية مطروحة على طاولة المفاوضات بين الجانبين”.
المتغير المحلي
تؤكد مصادر محلية تحدثت إليها وسائل إعلامية، أن الرفض الشعبي لعودة سيطرة الأسد، كبير في عموم منطقة شرقي نهر الفرات لعودة النظام، كذلك أبدت تلك المصادر رفضًا لسيطرة فصائل المعارضة على هذه المنطقة، مشيرة إلى أنه “في حال عودة النظام، ستشهد المنطقة حركة نزوح كبرى، خشية قيام قواته وأجهزته الأمنية والمليشيات الإيرانية المساندة، بعمليات انتقام واسعة”.
أما في حال دخول المعارضة، فلفتت إلى أنه “في المقابل، شاهدنا ما حدث في مناطق سيطرة فصائل المعارضة من تجاوزات وفوضى سلاح وفلتان أمني”.
تركيا واقتناص الفرص
في حديث إعلامي، حول الموقف التركي بشأن بلدة عين عيسى، أكد “طه عودة” الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية، أن “الحشود العسكرية التركية المستمرة منذ أيام، تشي بأن هناك نيّة تركية للتوغل أكثر في منطقة شرق الفرات، واقتحام عين عيسى، لتوجيه ضربة قاسية للمليشيات الكردية في معقل دارها”.
ليوضح الباحث أنه: “يبدو أن أنقرة وضعت عددًا من الأهداف هذه المرة في قتالها مع المليشيات الكردية، أولها قطع الامتدادات الجغرافية لهذه المليشيات التي شكلت قلقًا كبيرًا لتركيا خلال العامين الماضيين، من خلال استهدافها بين الحين والآخر للمناطق المحررة في الشمال السوري، فضلاً عن وضع نهاية للحلم الكردي بتشكيل كيان كردي على حدودها”.
كما أشار “العودة” لتوقعات بأن “التحركات التركية الحالية، تشير إلى أن أنقرة تسابق الزمن لتوسيع مناطق سيطرتها في الشمال السوري، قبل وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني المقبل”.
أما الصمت الروسي تجاه التحركات التركية – وفق ذات الباحث – يضع علامات استفهام حول مصير عين عيسى، الذي يتأرجح بين أكثر من سيناريو، ستتضح معالمه خلال الأيام المقبلة.
مرجحًا برأيه، حتى اللحظة بعد الضغوط التركية المكثفة على “قسد”، قيام الأخيرة بتسليم المناطق للنظام، وهي خطوة بحسب الكثير من المراقبين، تخدم النظام وروسيا، لأن أي توسع لهما يضعف المعارضة.
امتعاض النظام
بدأ واضحًا انزعاج النظام السوري من الدور الأميركي المفترض في ملف “عين عيسى” وفق مؤشرات حملته تعليقات بعض مسؤوليه المقربين من الروس.. حيث يطمح لاستلام المنطقة من الأكراد بالإستفادة من الضغوط التركية على “قسد”..
عضو هيئة المصالحة الخاضع للأسد “عمر رحمون” رفع صوته بالمطالبة بـ “اجتياح عين عيسى قبل فوات الأوان”.. معلقًا : “كان من المفترض أن تسلم قسد مدينة عين عيسى الأحد للدولة السورية، لكن الأوامر الأميركية جاءت لقسد بمنع تسليمها”.
تجارب مريرة
إن التجارب القديمة على صعيد المفاوضات بين النظام والأكراد برعاية الروس، تذكر أن “قسد ” رفضت تسليم النظام السوري منطقة عفرين، خلال المفاوضات التي حصلت في حلب مطلع 2018.. حينها كان العقاب غاليًا حين سكتت روسيا عن تركيا التي شنت عملية غصن الزيتون التي أسفرت عن سيطرة تركيا وفصائل المعارضة الموالية لها على عفرين، وحصر نشاط قسد في جيب صغير شرقي عفرين، أطلقت عليه “الإدارة الذاتية” اسم منطقة الشهباء.
نهاية صيف 2019، كررت “قسد” رفضها الانسحاب إلى 30 كم خارج المنطقة الحدودية، لتخوض حينها مواجهة “غير متكافئة” مع الجيش التركي والجيش الوطني السوري، أدت لخسارتها مناطق واسعة من محافظة الحسكة والرقة، تمتد من تل أبيض غربًا إلى حدود تل تمر شرقًا (عملية نبع السلام).
إلا أنها نجحت في تخفيف حدة غضب أنقرة، بعد موافقتها على اتفاقي تركيا المنفصلين، مع أمريكا وروسيا، في تشرين الأول (أكتوبر) 2019 وسمحت لقوات النظام السوري بالانتشار رمزيا في مناطق التماس مع الجيش التركي، بهدف منعه من توسيع منطقة عملياته.. حيث امتصت الغضب التركي بتسهيل عمل الدوريات الروسية التركية المشتركة.
في المشهد الحالي، تعلم “قسد” بحسب متابعات الخبراء، أن الضغط العسكري التركي يصب في مصلحة الجانب الروسي ومصلحة النظام في نهاية الأمر.
حيث يدرك “الأتراك” أبعاد تلك الجزئية، دون ممانعة ضمنية لها، بهدف تحطيم سلطة حزب الاتحاد الديمقراطي باعتباره الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيًا منذ 35 عامًا.
ومع ازدياد تعقيدات ملف عين عيسى تبقى احتمالات الهجوم التركي الكبير غير واضحة، فالأتراك بحاجة موافقة روسية لم تتوفر بعد.. بسبب الاتفاق الروسي التركي الذي يخول روسيا بالإشراف على طريق M4 إلا إذا حصل توافق عبر الخط الساخن بين أنقرة وموسكو يقضي ببدء تركيا لعملية عسكرية تطرد فيها وحدات حماية الشعب من عين عيسى ومناطق أخرى، ومن ثم تقوم بتسليمها لروسيا شريطة عدم السماح لقسد بالدخول إليها.. في سيناريو طرحته بعض التقارير استنادًا إلى المخاوف التركية الكبيرة من أجل حماية أمنها القومي..
احتمال -إن وقع- قد يسبب مزيدًا من الانقسام في صفوف جمهور الثورة والمعارضة، مرة أخرى حول أولويات فصائل الجيش الوطني وتوجهاتها وولائها المطلق لتركيا.
في العمق تبق رغبة الفصائل المعارضة مرتبطة بتفاهمات روسية – تركية حول مصير منطقة شرقي نهر الفرات، وكذلك مصير الشمال الغربي من سورية، فبحسب كثير من المختصين، لا يمكن عزل ما يجري في محافظة إدلب ومحيطها عن الأحداث الجارية في بلدة عين عيسى.