مع اغتيال آمر اللواء 59 في الجيش العراقي، العميد “علي حميد”، تدخل بغداد مرحلة جديدة من الصراع، بالتزامن مع جهود حكومة “مصطفى الكاظمي”، لإعادة بناء الدولة، بحسب ما يشير له مصدر مطلع لمرصد مينا، لافتاً إلى أن تحرك “داعش” الأخير واستهداف رتبة عسكرية كبيرة في هذا التوقيت، يحمل الكثير من الدلالات وعلامات الاستفهام.
وكانت القيادة العامة للجيش العراقي قد أعلنت عن مقتل العميد “حميد” بعد تعرضه لرصاص مسلحين في العاصمة بغداد، وفقاً لبيان القيادة.
ابحث عن المستفيد..
حادثة الاغتيال وما رافقها من ظروف على الساحة العراقية، تجعل إيران المستفيد الأول من تلك الحادثة وما قد يتبعها من حوادث شبيهة، يقول المصدر، لافتاً إلى أن تجدد خطر “داعش” سيمنح الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، فرصة لفرض بقاءها في الساحة كعنصر أمني إضافي لمواجهة التنظيم، خاصة بالنسبة للحشد الشعبي، الذي شكل أصلاً عام 2014، بذريعة مواجهة التنظيم المتطرف.
وسبق للاستخبارات الأمريكية أن اتهمت النظام الإيراني بإيواء عدد كبير من قادة تنظيمي طالبان والقاعدة، بينهم “حمزة بن لادن” نجل زعيم تنظيم القاعدة السابق، بعد الحرب عام 2001، كما سبق للرئيس الأمريكي، “دونالد ترامب” أن أعلن عن مقتل “حمزة بن لادن” بغارة أمريكية استهدفته داخل الأراضي الإيرانية.
في السياق ذاته، يلفت المحلل السياسي، “حسام يوسف”، إلى أن إيران قد بدأت بتحريك كافة أوراقها في العراق بعد استشعارها لخطر حكومة “الكاظمي” على نفوذها، مشيراً إلى أن تبني تنظيم “داعش” للجريمة لا ينفي المسؤولية الإيرانية، بل على العكس قد يثبتها، في ظل ما يتم تداوله عن العلاقات بين “داعش” والقاعدة وإيران، والتي تحولت خلالها إيران إلى معبر لمقاتلي التنظيمين من أفعانستان إلى العراق وصولاً إلى سوريا.
وكانت صحيفة التايمز البريطانية، قد نقلت في العام 2018، عن مسؤول باكستاني، تأكيده تلقي المئات من مقاتلي النخبة في تنظيم طالبان و”داعش”، تدريبات في إيران.
ما هو أسوء..
استهداف شخصية عسكرية برتبة رفيعة، يعتبره المصدر رسالة لحكومة “الكاظمي” بأن القادم هو أسوء، وأن البلاد لا تزال تحت تهديد أمني، مشيراً إلى أن المؤسسات العسكرية والأمنية، تمثل الرهان الأكبر “للكاظمي” للنجاح في تحقيق مهمته باستعادة السيادة العراقية، وهو ما يفسر من وجهة نظره لجوء رئيس الحكومة إلى البدء بتطهير تلك المؤسسات من النفوذ الإيراني.
وكان “الكاظمي” قد أصدر أمراً قبل أسبوعين بإقالة رئيس هيئة الحشد الشعبي، المدعوم من إيران، “فالح الفياض”، من منصبي رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية ومستشار الأمن الوطني، ما اعتبر استهدافاً مباشراً للنفوذ الإيراني، لا سيما وأنه ترافق مع أنباء عن موجة إقالات وشيكة لضباط أمنيين رفيعي المستوى، مدعومين من إيران.
إلى جانب ذلك، يرى “يوسف” أن الخلايا النائمة لـ”داعش” في كل من سوريا والعراق، لا تزال قادرة على تنفيذ عمليات إرهابية، قد تلعب دوراً في الاعتبارات واللعبة السياسية، لافتاً إلى أن تلك العمليات لا تفيد إلا إيران، التي يقوم نفوذها على مبدأ الفوضى الأمنية، التي تمنحها بدورها ذريعة للاحتفاظ بسلاح الميليشيات، الذي بدأ “الكاظمي” بمواجهته.
وسبق “للكاظمي” أن أصدر قراراً قبل أيام، بحظر حمل السلاح لعناصر الأحزاب وأفراد العشائر في مدينة البصرة، التي تعتبر مركزاً رئيسياً للميليشيات المدعومة إيرانياً.
كما يذهب “يوسف” إلى أن عملية الاغتيال، التي طالت العميد “حميد” لن تكون الاخيرة، وأن الفترة القادمة، ستشهد تصاعداً في العمليات النوعية لتنظيم “داعش”، والتي ستركز على استهداف القيادات الأمنية، في حال أصر “الكاظمي” على خطته في سحب سلاح الميليشيات، مذكراً بالتسريبات، التي تحدثت عن دور رئيس الحكومة العراقية الأسبق، “نوري المالكي” وحزب الله اللبناني وإيران بإدخال “داعش” إلى العراق في العام 2014.
وكان الضابط السابق في مكتب “المالكي”، النقيب “محمد فوزي اللامي” قد أكد في وقتٍ سابق، أنه كان شاهدا على لحظة اتخاذ القرار بتمكين داعش من مناطق وسط العراق، عندما وصلت المظاهرات ضد حكومة “المالكي” لدرجة كبيرة في الموصل، كاشفا أن القرار تم اتخاذه خلال اجتماع عقد بين “المالكي” والقيادي في حزب الله اللبناني، “علي الدقوق” والقائد السابق لفيلق القدس الإيراني، “قاسم سليماني”، في منزل رئيس الوزراء الأسبق، “المالكي”.