أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، “بيني غانتس”، أن إسرائيل مستعدة لكافة السيناريوهات الخاصة بمواجهة إيران في المنطقة، بما في ذلك العمل مع الولايات المتحدة ضمن الخيار العسكري.
وجاءت تصريحات “غانتس”، خلال اجتماعه مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية “مارك ميلي”، الذي وصل الجمعة، في زيارة غير معلنة إلى تل أبيب وغير محددة بجدولٍ زمني.
كما شدد “غانتس” على جاهزية الجيش الإسرائيلي لأي تطورات محتملة في المنطقة، بما فيها تنفيذ إيران لأعمال عدوانية، مضيفاً: “سنعمل سويا مع الولايات المتحدة في مواجهة أي سيناريو على الجبهة الإيرانية”.
خيار عسكري وليس حرب
حديث “غانتس” عن خيار عسكري لا يعني بالضرورة خوض حرب شاملة ضد النظام الإيراني، بحسب ما يراه الباحث الاستراتيجي “عمرو مطاوع”، لافتاً إلى أن الأوضاع في إسرائيل وإيران وحتى في الولايات المتحدة لا تحتمل نشوب حرب في المنطقة على المستوى المنظور.
كما يشير “مطاوع” لمرصد مينا، إلى أن عبارة الخيار العسكري، تحمل الكثير من السيناريوهات المحتملة، بما فيها تنفيذ عمليات سريعة ومحدودة أو عمليات اغتيال أو توجيه ضربات لمواقع معينة، دون الولوج إلى حربٍ لا تعرف نتائجها، على حد قوله، مبيناً أن الملف الإيراني شديد التشعب ولا يمكن حله بالحرب التقليدية، خاصة في ظل انتشار الميليشيات المدعومة من إيران في منطقة الشرق الأوسط وبالقرب من الحدود الإسرائيلية.
في السياق ذاته، يرجح “مطارع” أن تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل سياسة الاغتيالات ورعاية أعمال تخريبية لمنشآت إيران النووي، بدلاً من توجيه ضربات عسكرية، معتبراً أن التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة والتصريحات الإسرائيلية حول الحرب هي مجرد ردع لإيران ومنعها من إبداء أي رد فعل على أي عملية تتعرض لها، كعملية تدمير مجمع نطنز النووي واغتيال العالم النووي الإيراني، “محسن زادة”.
يذكر أن إيران قد اتهمت إسرائيل والولايات المتحدة باغتيال أكبر علمائها النووين، “محسن زادة” بالإضافة إلى تلميحها لوجود دور أمريكي – إسرائيلي في الانفجارات الغامضة، التي تعرضت لها منشات نووية إيرانية خلال الصيف الماضي، بما فيها مجمع نطنز.
ويقول “مطاوع”: “الوضع السياسي الإسرائيلي وأزمة كورونا والأزمة الاقتصادي وانتشار العديد من الميليشيات والفصائل المسلحة المدعومة من إيران سواء في سوريا ولبنان وقطاع غزة، تحد من قدرة إسرائيل على دخول حرب مفتوحة، وتحصر خياراتها بالعمليات الخاطفة”.
يشار إلى أن إسرائيل تشهد منذ أشهر مظاهرات عارمة مطالبة بإقالة الحكومة، بسبب الأزمات الاقتصادية وانتشار فيروس كورونا، بالإضافة إلى أزمة الائتلاف الحكومي التي تدفع باتجاه انتخابات نيابية مبكرة هي الرابعة من نوعها حلال أقل من عام ونصف العام.
ماذا تريد تل أبيب وواشنطن؟
شكل السيناريو الذي من المرجح أن تتبعه الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران على الجانب العسكري، يرتبط وفقاً لما يقوله الخبير في شؤون الشرق الأوسط، “مارك إيرلي” بما تبحث واشنطن وتل أبيب عنه، موضحاً: “كلا الجانبين في إسرائيل وأمركيا لا يريدان قتل إيران، لما في ذلك من تبعات على المنطقة، وإنما إضعافها والحد من نفوذها، وهو ما يفسر سبب حصر العمليات ضدها خارج حدودها، سواء في سوريا أو العراق أو حتى لبنان”.
يذكر أن رئيس الأركان الإسرائيلي قد أعلن في وقتٍ سابق عن توجيه الجيش الإسرائلي 500 ضربة عسكرية لإيران وميليشياتها في سوريا، وأن تلك الضربات قادت إلى تراجع النفوذ الإيراني في البلد، الذي يشهد حرباً منذ 10 أعوام.
ويشير “إيرلي” إلى أن حتى مسألة قتل “قاسم سليماني” تم تنفيذها خارج إيران، لافتاً إلى أن واشنطن وتل أبيب تدركان أن أي عمل عسكري فعلي وتقليدي ضد النظام الإيراني يعني سقوط حتمي وحالة فراغ كبيرة في البلاد.
في السياق ذاته، فإن “إيرلي” يشير إلى أن حالة الفراغ، التي قد تنجم عن سقوط مفاجئ للنظام الإيراني، تشكل تهديد أمني كبير للمنطقة وإسرائيل والقواعد الأمريكية، خاصة وأن إيران تمتلك عدد كبير من الصواريخ بعيدة المدى، وأن تلك الصواريخ قد تقع في أيدي تنظيمات إرهابية، مثل القاعدة أو داعش، لافتاً إلى أن الكثير من معسكرات تلك التنظيمات أقيمت في إيران، بالإضافة إلى أن إيران ترتبط بحدود طويلة مع كل من العراق وأفغانستان حيث تنتشر أعداد كبيرة من الخلايا النائمة لداعش والقاعدة وطالبان.
ليسوا صدام حسين
خلال تناوله لخيارات الضربة العسكرية، يميز الخبير في الشأن الإيراني، “سمير عبد الدايم أمين”، بين وضع النظام الإيراني حالياً وبين وضع نظام “صدام حسين” في العراق 2003، مضيفاً: “تكرار سيناريو صدام مع خامنئي غير وارد على الإطلاق، فوضع المنطقة في تلك الفترة من الناحية الأمنية، كان أفضل من الآن، خاصة مع جهة انتشار الخلايات الإرهابية والمتطرفة وحالة التوتر في كامل دول المنطقة”.
كما يوضح “أمين” أن نظام “صدام حسين” ومشكلته مع المجتمع الدولي أو الولايات المتحدة لم تكن متشعبة كما هو حال إيران، كما أنه لم يكن يملك تهديداً مباشراً لإسرائيل، مرجحاً أن يتم التعامل مع الملف الإيراني من الناحية الاستخباراتية أكثر من العمليات العسكرية.
يذكر أن الأمين العام لحزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، “حسن نصر الله” قد سلم قائد فيلق القدس الإيراني، “إسماعيل قاني” وثائق استخباراتية تؤكد وجود نية لدى الولايات المتحدة وإسرائيل، لتنفيذ سلسلة عمليات اغتيال ضد قيادات موالية لإيران، بما فيها “نصر الله”، وذلك خلال اجتماعٍ سري عقداه في الضاحية الجنوبية ببيروت قبل أيام قليلة من مقتل “زادة”.