يبدو أن المنطقة العربية ترسو على زلزال بشري، لا أحد يعلم متى تأتي هزاته الشعبية، ومتى تعود هزاته الارتدادية، في حين يبدو أن الشعوب العربية ما عاد يرضيها الأنماط الحياتية التي عاشتها خلال العقود السابقة، وتسعى نحو تجديد الظروف المعيشية بما يتلائم مع المتطلبات اليومية، وما تفرزه التكنولوجيا البشرية الحديثة.
بالأمس عاد الشعب العراقي إلى الشوارع والطرقات، رغبة منه بالحصول على دولة متينة بعيدة عن الهيمنة الإيرانية، وخالية من الفساد والمحسوبيات الحكومية، وفي سورية، لم تتغير فيها الأوضاع من ثمانية سنوات إلى نحو الأسوأ، وسط التداخل الدولي الكبير فيها، واليوم لبنان يشهد ثورة لم يعرفها الشعب اللبناني من قبل، انتفاضة خالية من الطائفية، فخرجوا كشعب واحد، لمطالب واحدة، وحزب إيران هناك يريد جر البلاد نحو حرب أهلية للهروب نحو الأمام، وفي اليمن، تحاول الشرعية الحكومية استعادة البلاد من اليهمنة والغطرسة الإيرانية فيه، وفي الأردن عاش الشعب هناك أسابيع من الإضراب، قادته نقابة المعلمين في البلاد، في حين باتت هناك نذر لحراك شعبي، لا يعلم أحد متى وكيف وإلى أين سيصل بهم فيما لو أصبح واقعاً.
من جانبه، هاجم وزير الداخلية الأردني “هزاع المجالي” المظاهرات القليلة المنادية باسقاط النظام الأردني، بعدما تناقلت وسائل إعلامية أردنية، فيديوهات يظهر فيها شبان يقطعون أحد الطرق.
وعبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “توتير” غرد الوزير الأردني مندداً: “يسقط كل من ينادي بإسقاط النظام، التقليد الأعمى لا يفيد، نحن من تراب هذا الوطن نحافظ عليه بالدفاع عن ترابه وعن قيادته الهاشمية. هذه القلة لا تعي ما تطالب به”.
وأفادت وسائل إعلام أردنية أمس الجمعة، باندلاع أعمال شغب في منطقة الهاشمية في محافظة الزرقاء، عقب توقيف أشخاص محسوبين على الحراك الشعبي، وقالت وسائل الإعلام، إن أعمال الشغب شملت إغلاق شوارع بالإطارات المشتعلة، فيما تعاملت الأجهزة الأمنية معها باستخدام الغاز المسيل للدموع.
وأوضحت أن “مواطنين وناشطين من حراك أبناء قبيلة بني حسن أغلقوا إشارة المصفاة في لواء الهاشمية، أمس الجمعة، وبشكل جزئي وذلك احتجاجا على حملة اعتقالات قامت بها الأجهزة الأمنية خلال الساعات الماضية، وشملت توقيف خمسة ناشطين بحسب”.
وأكد المحتجون أن فعالياتهم ستتواصل بشكل يومي “حتى الإفراج عن المعتقلين جميعا”.
وبالرغم من الربيع العربي الذي اجتاح الدول العربية بشكل مباشر أو غير مباشر إلا أن المملكة الأردنية الهاشمية بقيت بمنأى عن المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام بالرغم من الأعاصير الاقتصادية التي شهدها المملكة، وكان الملك الأردني حذر أكثر من مرة بأن “الملك خط أحمر”.
لكن المملكة تمكنت من مواجهة خطر تنظيم الدولة “داعش” قبل أن ينتشر على أراضيها عبر عمليات مخابراتية مشتركة مع المخابرات البريطانية والأمريكية، الأمر الذي أخاف الأردنيين وجعلهم في صف واحد لمواجهة أي خطر قد يزيد من تدهور الوضع الاقتصادي في البلد.
وتقع الأردن على الحدود مع سوريا التي تعيش حرب طاحنة منذ تسع سنوات، أضافة لحدود مع العراق، الذي أنهكته الحرب الأمريكية والتدخل الإيراني، والآن يشهد البلد مظاهرات مطالبة بتغير نظام الحكم.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.