أرسلت الأرض إلى البشر إنذارًا خطيرًا، حيث سجل العلماء إنذار من القطب المتجمد الجنوبي، إذ سجلت كاميرات فضائية ذوبان كميات هائلة من الثلوج في المتجمد الجنوبي خلال أسبوعين، وعبر ملايين السنيين كانت تلك الجبال الجليدية موجودة لكنها الآن ووفق ما أظهرت صوراً فضائية باتت تحمل في قمتها بحيرات مائية.
كشفت صور جديدة التقطتها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) التأثير “المرعب” لموجة الحرارة القياسية على القارة القطبية الجنوبية، وارتفعت درجة الحرارة في القطب الجنوبي إلى 18.3 درجة مئوية، قبل أسبوعين، وهي الدرجة الأعلى تاريخيا في القطب الجنوبي.
ونشرت ناسا صورا صادمة من الفضاء، تظهر ذوبان الثلج في القارة بشكل واضح، وتكون بحيرات مائية أعلى القمم الجليدية، بسبب الذوبان المتزايد للثلوج، وفقا لموقع “فايس”.
وتكشف اللقطات التي تم التقاطها من قمر “لاندسات 8” التابع لناسا، على مدار 9 أيام، انتشار البقع الخضراء على سطح جزيرة إيغل، وهي جزيرة في طرف شبه جزيرة أنتاركتيكا.
وتقع الجزيرة على بعد حوالي 40 كيلومترا من قاعدة إسبيرانزا، حيث تم تسجيل درجة حرارة قياسية، ومع استمرار درجات الحرارة الدافئة، تراجع الغطاء الجليدي للجزيرة بسرعة قياسية، وتجمعت المياه الذائبة في برك تغطي مساحة تبلغ نحو 2.6 كيلومتر مربع.
وأزالت موجة الحرارة 10 سنتيمترات من سطح الثلج، وتشير تقديرات ناسا إلى أن موجة الحر هذه تسببت في ذوبان 20 بالمئة من إجمالي تراكم الثلوج الموسمي في جزيرة إيغل.
وقال موري بلتو، عالم الجليد في كلية نيكولز، الذي كان يدرس الموجات الحارة في مركز تابع لوكالة ناسا: “لم أر أحواض ذوبان تتطور بسرعة في القارة القطبية الجنوبية مثل هذه.. نرى هذه الأنواع من الذوبان المتسارع في ألاسكا وغرينلاند، ولكن ليس عادة في القطب الجنوبي.”
على الرغم من أن هذا الحدث لا يعتبر حدثا اعتياديا، إلا أن العلماء يتوقعون أن يصبح هذا الحدث أكثر تواترا بسبب التغيرات المناخية الحاصلة في العالم.
ويتفق معظم علماء المناخ أن السبب الرئيس لظاهرة «الاحترار العالمي» (Global Warming) الحالية هو ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض بفعل ازدياد معدل «الاحتباس الحراري» جراء النشاط البشري. وتحدث هذه الظاهرة عندما يحبس الغلاف الجوي للأرض الحرارة المنبعثة من الأرض ويمنع نفاذها إلى الفضاء. ويحذر هؤلاء العلماء من أن درجات الحرارة عالميًّا ستواصل الارتفاع لعقود قادمة، ومردُّ ذلك يعود بدرجة كبيرة إلى الغازات الدفيئة التي تنتج عن الأنشطة البشرية.
وبلغة الأرقام، تتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)- التي تتألف من فريق من 1300 خبير علمي مستقل من مختلف دول العالم وتعمل تحت رعاية الأمم المتحدة – ارتفاعًا في درجات الحرارة بمقدار 4,22 درجة مئوية.
ووفقًا للهيئة الدولية للمناخ، وهي أكبر جهة دولية تُعنى بدراسة تغير المناخ وآثاره، يُتوقع أن يستمر تغير المناخ العالمي على مدار القرن الحالي وما بعده، ويعتمد حجم التغير المناخي في المقام الأول، فيما بعد العقود القليلة المقبلة، على كمية انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، ومدى حساسية مناخ الأرض لهذه الانبعاثات.
وتقول الهيئة الدولية للمناخ إن لكل منطقة حظها من التغير المناخي، إذ إن آثاره ليست واحدة على كل مناطق العالم. فالتبعات تختلف من منطقة إلى أخرى، بحسب موقعها الجغرافي، أو بحسب قدرة المنطقة وأنظمتها الاجتماعية والبيئية على التكيف مع التغير المناخي أو التخفيف من آثاره.
وتتوقع الهيئة الدولية للمناخ أن ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بمقدار أقل درجة مئوية وحتى 3 درجات مئوية فوق مستويات حرارة العام 1990، سينتج آثارًا مختلطة في نفعها وضررها، بحسب المنطقة، لكن «بشكل مُجمل، تشير الأدلة المنشورة إلى ترجيح ارتفاع صافي تكاليف الأضرار الناجمة عن تغير المناخ، وإلى زيادتها بمرور الوقت».
وفي تقريرها الصادر في العام 2019، قالت الهيئة إن الحد من الاحترار العالمي ليكون 1.5 درجة مئوية بدلًا من درجتين مئويتين مقارنة بمعدلات ما قبل الثورة الصناعية، سيحقق فوائد حقيقية للبشر وسبل كسب الرزق والنظم البيئية الطبيعية. ويتطلب الوصول لهذا الهدف إحداث تغييرات غير مسبوقة في جميع قطاعات المجتمع.