هيئة التحرير
ما يزالُ التصعيد العسكري على المحور الرابط بين سرت والجفرة، هو سيدُ الموقف، في ظل تعدد المُبادرات الرامية إلى تغليب الحل السياسي بين قادة الأطراف الليبية قبل موجة القتال الجديدة المرتقبة قُوات السراج وقُوات حفتر.
وفي وقت تحتضنُ العاصمة المغربية، مُباحثات مُنفصلة بين رئيسيّ مجلس النُواب والدولة، عقيلة صالح وخالد المشري، بهدف تفعيل اتفاق الصخيرات الذي نقضه الجنرال خليفة حفتر، تسعى المصالح الدبلوماسية الجزائرية التُونسية إلى إقناع حُكومة الوفاق بالجلوس إلى طاولة الحوار وإبعاد خيارات الحل العسكري بينما تُصرُ طرابلس وأنقرة على التصعيد.
تعدد المبادرات
وتزامناً مع المُشاورات المُنفصلة بين رئيسيّ مجل النُواب والدولة عقيلة صالح وخالد المشري، التي احتضنتها العاصمة المغربية، أمس الإثنين، بحث وزير خارجية الجزائر، صبري بُوقادوم ونظيره الليبي مُحمد سيالة، آليات التنسيق بين البلدين من أجل عودة مسار الحوار السياسي بليبيا ودور الجزائر في هذا الصدد.
وكشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في تصريح أدلى به الأحد الماضي لوسائل إعلام محلية عن “إعداد بلاده لمبادرة للحل في ليبيا تحظى بقبول من الأمم المتحد وقد تُقدم بالتنسيق مع تونس”، وذكر رئيس الجزائر أن “أطراف النزاع تملك نظرة إيجابية للحل الجزائري، ويُمكنُ أن يكون الحل جزائريا- تونسيا بالتنسيق مع الأمم المُتحدة وأنا مُتفاءل بذلك”، وأضاف “لا نُؤيدُ أي قرار مُنفرد، والجزائر من مبادئها رفض الأمر الواقع أي أن تعلن مُبادرة وتطلب منا التأييد أو الرفض”.
وعلى الرغم أن من رئيس الجزائر لم يكشف عن مضمون مُبادرة بلاده لحل الأزمة المذكُورة، غير أن وزير خارجيته صبري بُوقادوم، سبق وأن كشف عن خُطوطها العريضة، وهي وقف إطلاق النار ووقف التصعيد الداخلي والإقليمي وإبعاد مصادر الدخل الليبي عن الاقتتال الدامي.
إعلان القاهرة
يحدثُ هذا في وقت أبدى المغرب تمسكهُ بالاتفاق السياسي الليبي المُوقع في الصخيرات بالمغرب في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015، وقال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أمس الإثنين، في مُؤتمر صُحفي بالرباط، عقب مُحادثات بين بوريطة وعقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي المُنعقد بمدينة طُبرق، إن اتفاق الصخيرات بين الفُرقاء الليبيين بحاجة لتطوير وإن المملكة ليست لديها أي مُبادرة للشأن الليبي وهي ضد تعدد المُبادرات.
واعتبر بوريطة أن “مُبادرة عقيلة صالح جاءت من مُؤسسة ليبية”، مضيفا أن بلاده ترى أن “المُبادرة هي التي يتفق عليه الليبيون”، ورأى أن “تزايد المبادرات جزء من المشكل، وليس جزءا من الحل”، وأضاف بوريطة أن “اتفاق الصخيرات يضمُ أمورا يجب تطويرها، وفق تغير الواقع السياسي في ليبيا”.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، طرحت مصر مبادرة لحل الأزمة في ليبيا، وذلك في أعقاب تحقيق الحكومة المعترف بها دوليا هناك انتصارات مهمة في مواجهتها مع قوات القائد العسكري خليفة حفتر، وتشمل المبادرة، التي حملت اسم “إعلان القاهرة”، مقترحا بوقف لإطلاق النار انطلاقا من 8 يونيو/ حزيران. وترتكز المبادرة على نتائج قمة برلين، التي عقدت في يناير/ كانون الثاني الماضي، وانتهت بدعوة أطراف الصراع بالالتزام بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، والعمل على الوصول لتسوية سياسية، كما تشمل المبادرة استكمال مسار أعمال اللجنة العسكرية (5+5) التي ترعاها الأمم المتحدة وتضم خمسة مسؤولين عسكريين من كل طرف من طرفي النزاع.
غياب الأمم المتحدة
وفي تعليقه على هذه التطورات، يقول المحلل السياسي، احسن خلاص، في تصريح لـ “مرصد مينا” إن التقاطع القائم في المبادرات والاختلاف المسُجل في المصالح الدولية والإقليمية في ليبيا في ظل غياب دور الأمم المتحدة سيشكل عائقا كبيرا أمام أي محاولة للوصول إلى حل سياسي.
ويؤكد المحلل السياسي، أن هذه المبادرات تدل على غياب دور الأمم المتحدة، ويُشير المُتحدث إلى أن الساحة الليبية تشهدُ مُتغيرات عديدة قد تعرقل أي حل سياسي منها الوجود التُركي في ليبيا ودخول القوات المصرية على خط المواجهة.
ويُوضح بخصوص المُبادرة الجزائرية التي كشف عنها الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، مستبعداً أن يكون لها ثقل كبير لعدم الإجماع الدُولي على دور الوساطة، وشرح موقف الجزائر بالقول إن ما تطرحه هذه الأخيرة ليس صيغة لاقتسام الغنائم في وقت تبحث الأطراف الدولية المتناحرة على قاضي يُقسم التركة الليبية بالتساوي.