تتشابه أساليب واستراتيجيات فروع جماعة الإخوان المسلمين حول العالم وتتفاوت في تطبيقها تبعاً لعدة عوامل، أهمها:
- مناخ الحريات في البلد المستضيف.
- عدد الجاليات المسلمة ومدى تأثيرها.
- مدى توغل الجماعة في الدولة المعنية والخبرات المتراكمة لأذرعها هناك.
وقد وفّرت البيئة القانونية والإجتماعية وثقافة التسامح السائدة في كندا، مناخاً ملائماً لعمل جماعة الإخوان وأذرعها بمختلف مسمياتها. حيث ركزت الجماعة الإخوان في خطتها منذ بداية ومنتصف الستينات على اختراق المجتمع من خلال عدة مراحل؛
- مرحلة التجميع والحشد، أو غرس بذرة الإخوان في أمريكا الشمالية، عبر متطوعين ومتحمسين لكن بدون أي إطار تنظيمي، وذلك بالتزامن مع بدء الفاعلية الإسلامية في أمريكا الشمالية.
- مرحلة العمل المنظم: حيث تم إنشاء مجموعات على مستوى دول أمريكا الشمالية وكان لديهم إطار تنظيمي تنسيقي سُمي بـ “مجلس التنسيق” والذي أولى اهتمامه بالتنسيق بين جهود المجموعات الدولية والتحقق من مدي فاعليتها والاستفادة من تجاربها والخروج بتوصيات لكنها غير ملزمة للمجموعات وليست في إطار تنظيمي.
ثم أضافت جماعة الإخوان في تلك المجموعات بعض إطاراتها الفكرية والهياكل التنظيمية التي أوجبت عليهم الانتماء للجماعة، وعليه أمدتهم الجماعة بكل ما يحتاجونه من كتب ومواد دعائية ودعوية وغيرها مما ييسر لهم حمل فكر الإخوان، وكان الإطار التنظيمي لجميع هذه التنظيمات هو الجماعات الثقافية وليس تيار الإخوان المسلمين، عبر الزعم بأنّ الإسلام هو السبب الأساسي لانخراط الشباب في هذه المجموعات. [1]
وتكشف الوثيقة التي ورد ذكرها في مقدمة هذه المادة، والتي حملت عنوان “مذكرة تفسيرية: الهدف الاستراتيجي العام للجماعة في أمريكا الشمالية”، عن الهدف الاستراتيجي العام للجماعة في أمريكا، والمعتمد من قبل مجلس الشورى والمؤتمر التنظيمي عام 1987، والقاضي بـ “تمكين الإسلام في أمريكا الشمالية؛ أي إيجاد حركة إسلامية فعالة ومستقرة بقيادة الإخوان المسلمين تتبنى قضايا المسلمين محلياً وعالمياً، وتعمل على توسيع القاعدة الإسلامية الملتزمة، وتهدف إلى توحيد وتوجيه جهود المسلمين، وتطرح الإسلام كبديل حضاري، وتدعم دولة الإسلام العالمية أينما كانت”.
وتشير هذه المذكرة بوضوح إلى أن الهدف الأساسي لجماعة الإخوان المسلمين هو تطبيق الشريعة الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، تمهيداً لإقامة الخلافة الإسلامية العالمية، وحسب هذه المذكرة، فإن الخطوة الأولى في خطة الجماعة هي العمل على تعزيز نفوذ الجماعة في المجتمع الأمريكي. وتوضح المذكرة أن الهدف الرئيسي للإخوان هو أن يكون الإسلام وحركته جزء من الوطن الذي يحيا فيه، وأنه كي يتم تحقيق “التوطين” للإخوان المسلمين في الولايات المتحدة وأمريكا الشمالية بوجه عام، يجب تقييم المراحل التي مر العمل الإسلامي في أمريكا، وتتمثل هذه المراحل في:
- مرحلة البحث عن الذات وتحديد الهوية؛
- ومرحلة البناء الداخلي وإحكام التنظيم؛
- ومرحلة المساجد والمراكز الإسلامية؛
- ومرحلة إنشاء المؤسسات الإسلامية؛
- ومرحلة إنشاء المدارس الإسلامية؛
- ومرحلة التفكير في الحركة الإسلامية العلنية؛
- ومرحلة الانفتاح على الحركات الإسلامية الأخرى ومحاولة الوصول إلى التعامل معها؛
- ومرحلة إحياء إنشاء المؤسسات الإسلامية واستكمالها.
وتتضمن هذه المذكرة قائمة بـ 29 منظمة ومؤسسة صديقة للإخوان المسلمين في أمريكا الشمالية، تحت عنوان “قائمة بمؤسساتنا ومؤسسات أصدقائنا”، وتضم :”الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية”ISNA”، وجمعية الطلاب المسلمين”MSA”، و”جمعية الشباب العربي المسلم “MAYA”، و”الصندوق الإسلامي لأمريكا الشمالية “NAIT”، و”المعهد الدولي للفكر الإسلامي “IIIT”، وكذلك “صندوق الأرض المحتلة “OLF”، الذي أصبح فيما بعد مؤسسة الأرض المقدسة “HLF”، وجماعات أخرى تعمل كداعم لميول الإخوان، مثل المجلس الوطني لمسلمي كندا CAIR CANI، وجمعية الطلاب المسلمين MSA، التي تكونت في الولايات المتحدة الأمريكية ولكنها فعالة في كندا، ومنظمة مسلمي كندا أو إم إيه سي، ومنظمة عرفان الخيرية، التي كانت قد داهمت الشرطة الكندية مكاتبها في إطار التحقيق في تمويل حركة حماس، وتم إدراجها كمنظمة إرهابية عام 2014.
عملياً، يمكن تحديد النقاط التالية كأبرز أساليب الجماعة لتحقيق استراتيجيتها في كندا وأميركا الشمالية:
- توظيف المناخ القانوني السائد في كندا، والذي يسمح بحرية إنشاء روابط اجتماعية، بشكل يحقق اندماج الإخوان وغيرهم من الإسلامويين في هياكل اجتماعية أوسع نطاقًا من ذي قبل.
- احتكار تمثيل المسلمين واختراق المؤسسات والكيانات المدنية ذات الطبيعة الدينية والسيطرة عليها وفق خطة محددة الأهداف ومدروسة بعناية.
- توسيع الشبكات التنظيمية التابعة للجماعة عبر التعاون مع جمعيات خيرية ومراكز إسلامية أجنبية تحت ستار العمل الإغاثي والإنساني.
- تقديم قادة الجماعة ورموزها إلى المجتمعات الإسلامية المحلية، وترويج هؤلاء الرموز على أنهم قادة دينيون يُقتدى بهم.
- استغلال ظاهرة الإسلاموفوبيا: وذلك عبر تصدير كوادر الجماعة للمشهد العام في غالبية الحوارات الجدلية المثارة بشأن قضايا الكنديين المسلمين ومشكلاتهم المتصلة بالاندماج والإسلاموفوبيا والتطرف وغيرها. ومن المعروف أنّ المنظمات الإسلاموية عامة تقدم نفسها كضحية للتمييز والعنصرية، وليس كناشرة لها، وقد نجحت في العديد من المناسبات في الضغط على قوات الشرطة ووكالات الأمن والسياسيين الكنديين والمؤسسات الأخرى. [2]
- جمع التبرعات والمساعدات: اكستب جماعة الإخوان خبرة كبيرة في جمع الأموال تحت ستار العمل الخيري وإغاثة المسلمين ومناصرة القضية الفلسطينية (..)، وتُظهر المتابعات، النفوذ الواسع لمؤسسات تنظيم الإخوان في أميركا الشمالية وتحديدًا فيما يخص جمع التبرعات، فخلال السنوات القليلة الماضية، استطاع مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) تحصيل ملايين الدولارات، موظفًا الكوارث الطبيعية والمناسبات الدينية لحث أتباعه على التبرع. وحدّد مجلس العلاقات الأمريكية في مطلع 2021 هدفًا ماليا مفاداه جمع 3 ملايين دولار تبرعات خلال الستة أشهر الأولى من العام، ومع بداية يونيو 2021 كانت نسبة التبرعات المعلنة من المجلس قد تجاوزت مليوني ونصف المليون دولار. وفي رمضان 2020 حاول المجلس جمع مليوني ونصف المليون دولار كتبرعات منفصلة عن باقي أوجه التبرعات الأخرى. [3]
ومن المحتمل أن يتم تخصيص جزء من حصيلة التبرعات في دعم أنشطة الجماعة سواء في كندا أو خارجها، لا سيما أن الخبرة السابقة في التعامل معها تشير إلى أن الجماعة وظفت الأموال التي جمعتها في عمليات الإغاثة في العديد من الأنشطة التنظيمية.
- تصدير الوجوه النسائية: تولي الجمعيات المحسوبة على “إخوان كندا” اهتمامًا خاصًا بالشابات والسيدات المسلمات الذين يتم توظيفهن في مناصب عليا بهدف كسب التعاطف وتصدير صورة الإعتدال والإلتزام بالقيم الغربية.
- الإعتماد على شبكة واسعة من العائلات المهاجرة التي تضم بعض القيادات السابقة للجماعة، والتي هاجرت من الشرق الأوسط عامة قبل ثلاثة أو أربعة عقود منها، خاصة وأنهم أصبحوا مواطنين كنديين. [4]
- العمل على تضليل السلطات والرأي العام عبر ازدواجية الخطاب. [5]
[1] https://marsad.ecss.com.eg/60963/
[2] https://sencanada.ca/en/Content/Sen/committee/412/secd/51929-e