شهدت الفترة الماضية تحسنًا جزئيًا في مستوى وأداء الأسواق المالية بعد جملة تحفيزات أمريكية وأوروبية أسهمت في منح الأسواق نوعًا من الاستقرار الذي يبدو أنه ما زال مؤقتًا.
فقد تراجعت اليوم الخميس، أسواق الأسهم في آسيا بعد انخفاض حاد في بورصة نيويورك وول ستريت في وقت اقترب عدد الإصابات العالمية بالكورونا المستجد من مليون شخص، ليجبر دولًا عدة على تشديد قيود العزل الصارمة أصلًا بهدف احتواء تفشي الوباء.
وبعد أسبوعين من تسجيل مكاسب ضرورية جاءت بعد حوافز مالية واسعة بتريليونات الدولارات، رجع المتعاملون للتركيز على الدمار الذي ألحقه الوباء بالشعوب وتداعياته الطويلة الأمد.
حيث حذر الفريق الطبي الذي شكله الرئيس دونالد دونالد ترامب لمحاربة “كوفيد-19” من أن الولايات المتحدة يمكن أن تعيش قرابة ربع مليون وفاة. ليحذر الرئيس بدوره من أسبوعين “مروّعين” قادمين.
الصين وإخلاء البيانات
تفاقم التوتر الذي تشهده البورصات بعد تقرير ذكر أن الصين لم تكشف عن الحصيلة الحقيقية لضحايا الفيروس لديها، في الوقت الذي بدأت تخرج من إجراءات عزل طويلة
جون بورتر من مؤسسة ميلون للاستثمارات وفي تصريح لتلفزيون بلومبرغ قال إن “الانباء المتصاعدة حول الفيروس في الساعات الـ 24 إلى 48 السابقة مخيبة للآمال”.
ليؤكد أن “الاقتصاد العالمي وصل إلى حائط مسدود. هناك الكثير من عدم اليقين وهذا ما يسهم في تقلبات السوق وفي المسار التراجعي الذي شهدناه في الأيام القليلة الماضية”.
البورصة تتراجع
هبطت بورصات آسيا وأوروبا بنسبة 4 بالمئة تقريبًا أمس الأربعاء، في الوقت الذي تجاهل المستثمرون بيانات تشير إلى أن الخسارة في عدد وظائف القطاع العام الشهر الماضي أقل بكثير من المتوقع.
ويتركز الاهتمام الآن على أرقام طلبات إعانات البطالة في الولايات المتحدة المتوقع صدورها اليوم عن الأسبوع الماضي، والتي تشير بعض التقديرات إلى أنها ستصل 6,5 مليون طلب.
في بورصات آسيا انهت طوكيو جلسة الصباح بتراجع بنسبة 0,8 بالمئة فيما انخفضت بورصة هونغ كونغ بنسبة 0,5 بالمئة وسيدني بأكثر من 2 بالمئة. وتراجعت شنغهاي 0,1 بالمئة وسنغافورة 1 بالمئة فيما انخفضت كل من مانيلا وويلينغتون 2 بالمئة، لكن سيول سجلت ارتفاعا بنسبة 0,6 بالمئة.
تباين أداء مؤشرات الأسهم الآسيوية في ختام تعاملات اليوم الخميس، فى ظل بداية متخبطة للأسواق العالمية لتداولات الربع الثانى من العام الحالى، وتعافت الأسهم فى الصين من خسائر سابقة خلال اليوم، ليرتفع مؤشر “شنغهاي” المركب بنسبة 1.69% إلى حوالي 2780.64 نقطة، بينما تقدم مؤشر “شنتشن” المركب بنسبة 2.258% إلى حوالي 1697.55نقطة.
كما ارتفع مؤشر هانج سنج” في هونج كونج بنسبة 0.69%، على الرغم من انخفاض أسهم بنك “إتش إس بي سي” بنسبة 2.25%، وصعد مؤشر “كوسبي” في كوريا الجنوبية بنسبة 2.34% ليغلق عند 1724.86 نقة.
وفي أستراليا، انخفض مؤشر “ستاندرد آند بورز 200” بنسبة 1.98% ليغلق عند 5154.30 نقطة، حيث انخفض المؤشر الفرعي المالي ثقيل الوزن بنسبة 4.21%، حيث تلاقى قطاع البنوك ضربة قوية وسط بيع أسهم البنوك الرئيسية في البلاد مثل كومنولث بنك أوف أستراليا وويستباك.
تراجعت مؤشرات الأسهم اليابانية للجلسة الرابعة على التوالي، وسط زيادة المخاوف المتعلقة بانتشار فيروس “كورونا” داخل الدولة الآسيوية،إذ تراجع مؤشر “نيكي” بنحو 1.4% أو 247 نقطة إلى 17819 نقطة، كما هبط المؤشر الأوسع نطاقا توبكس” بنسبة 1.6% إلى 1330 نقطة.. وإجماليا، ارتفع مؤشر “إم إس سي أي آسيا” بنسبة 0.19% عند إغلاق تعاملات اليوم.
توتر المستثمرين
قال ستيفن إينيس من أكسيكورب “مع الهبوط الحاد للاقتصاد العالمي عادت الأسواق إلى وضع الابتعاد عن المخاطر. في وقت يجد فيه المستثمرون صعوبة في استيعاب توقعات الرئيس ترامب المتشائمة بشأن احتمال استمرار تسجيل وفيات بين الاميركيين حتى يونيو”. ليؤكد أن المستثمرين حاليا في غاية التوتر.
وتخلى الدولار الأمريكي، اليوم الخميس، عن بعض المكاسب التي حققها في الآونة الأخيرة بعدما دعمت قفزة أكبر من 10% في أسعار النفط، العملات المرتبطة بالسلع الأولية، لكن الغموض المحيط بوباء فيروس كورونا أبقى العملة الأمريكية قوية أمام باقي العملات الرئيسية.
وأدى ذلك لرفع العملات المرتبطة بالسلع الأولية، حيث صعد الدولار الأسترالي 0.6% إلى 0.6110 دولار، وتعزز الدولار الكندي 0.65% إلى 1.4146 دولار كندي.
النفط صراع غامض
سجل النفط الخام بعض الارتفاع حفزه أمل التدخل الأميركي لإنهاء حرب الأسعار بين السعودية وروسيا والتي فاقمت من تراجع الطلب الناجم من فيروس كورونا المستجد. حيث سيلتقي الرئيس ترامب غدًا الجمعة بمسؤولي قطاع الطاقة لمناقشة الأزمة التي تهدد القطاع في وقت وصلت الأسعار إلى أدنى مستوياتها في قرابة عقدين من الزمن.
وصعدت أسعار النفط بعد دعوة الولايات المتحدة للدول الأعضاء في أوبك لبحث سبل وقف انخفاض أسعار النفط.
بدورها.. مجموعة “بنك إيه إن زد” قالت إن الأسعار تتلقى دعما من تقارير تفيد ان وزارة الطاقة الأميركية قد تقوم بتأجير المنتجين المحليين مساحات لتخزين كميات احتياط.
لكن للمحللين رأي آخر يعتبر أن المكاسب قد تكون محدودة نظرا الى تداعيات إغلاق الأنشطة التجارية، ووقف الرحلات الجوية وغيرها من تدابير التباعد الاجتماعي الهادفة إلى الحد من تفشي الفيروس.
اليوم في جلسة التعامل الصباحية في آسيا سجل سعر برميل نفط غرب تكساس الوسيط ارتفاعا بنسبة 3,25 بالمئة ليبلغ سعر البرميل 20,97 دولار. وارتفع سعر برنت الخام بنسبة 3,8 بالمئة ليبلغ سعر البرميل 25,68 دولار. وكانت أسعارهما قد تراجعت إلى أدنى مستوى الإثنين لينخفض غرب تكساس لما دون 20 دولار للبرميل لفترة وجيزة.
الغذاء العالمي يتأثر
ذكرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، الخميس، أن أسعار الغذاء العالمية هبطت بشدة في شهر مارس/آذار الماضي بسبب تضرر الطلب المرتبط بتفشي فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط العالمية.
حيث بلغ متوسط مؤشر فاو لأسعار الغذاء، الذي يقيس التغيرات الشهرية على سلة من الحبوب والزيوت النباتية ومنتجات الألبان واللحوم والسكر، 172.2 نقطة في مارس/آذار بانخفاض 4.3 % عن فبراير/ شباط الماضي.
وسجل مؤشر فاو لأسعار السكر أكبر انخفاض، حيث نزل بنسبة 19.1% عن الشهر السابق. ويرجع هذا الانخفاض إلى تراجع الاستهلاك المرتبط بإجراءات العزل العام المرتبطة بالفيروس في الكثير من الدول وانخفاض الطلب من منتجي الإيثانول بفعل تراجع أسعار النفط الخام في الآونة الأخيرة.