مع اقتراب موعد الانتخابات الليبية، يعلن مجلس النواب الليبي عن إجراء تعديلٍ في موعدها المحدد مسبقاً، لتجرى الانتخابات الرئاسية في الموعد المقرر مقابل تأجيل موعد إجراء الانتخابات النيابية إلى شهر كانون الثاني من العام 2022.
يشار إلى أنه كان من المقرر أن تجرى انتخابات الرئيس بالتزامن مع انتخاب أعضاء البرلمان الجديد في 24 كانون الأول من العام الجاري، وسط شبه إجماع سياسي ليبي على ضرورة عدم تأجيل الانتخابات.
موعد جديد وتبرارات التأجيل
يشير المتحدث باسم مجلس النواب الليبي “عبد الله بليحق”، الذي أعلن عن التأجيل، إلى أن الموعد الجديد للانتخابات النيابية الليبية سيكون بعد 30 يوماً من انتهاء جولة انتخاب الرئيس الجديد للبلاد، لافتاً إلى ان مجلس النواب يركز في الوقت الحالي على إنجاز الانتخابات الرئاسية لتجاوز المرحلة الحالية إلى مرحلة أكثر استقراراً، على حد قوله.
ويضيف “بلحيق”: “بحسب قانون الانتخابات البرلمانية، لن يحظر مشاركة الأحزاب لكن شريطة مشاركة الأحزاب بنظام الفردي وليس القائمة”، لافتاً إلى أن مجلس النواب قام خلال جلسة رسمية، بالتصويت على قانون الانتخابات البرلمانية دون الكشف عن عدد النواب الذين صوتوا لصالح القانون أو الذين عارضوه أو الذين امتنعوا عن التصويت.
كما يعتبر المتحدث الرسمي أن مجلس النواب من خلال إقرار قانون الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية يكون قد أنهى المهام المكلف بها، والمتعلقة بإصدار القوانين المنظمة للانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل.
يذكر أن جدلاً كبيراً اجتاح الساحة الليبية حول قانون انتخاب الرئيس، لا سيما بعد الإعلان عن إمكانية ترشح، “سيف الإسلام القذافي”، نجل الزعيم الليبي الراحل، “معمر القذافي” للانتخابات القادمة، قبل أن تعود مصادر مقربة من “القذافي الابن” وتنفي تلك الأخبار.
تحذيرات ليست جديدة والأخوان في الدائرة
يؤكد المحلل السياسي “موفق الأنصاري” على أن مسألة التحذير من مغبة أي تلاعب في مواعيد إجراء الانتخابات ومخاطرها على الاستقرار في ليبيا، باتت غير جديدة بل ومعروفة لكافة الأطراف السياسية الليبية، لافتاً إلى أن قرار البرلمان الليبي لا يعكس رغبة بتأجيل الانتخابات وإنما منح الفرصة لتحسين عمليات تنظيم الانتخابات وعدم فتح المجال لوقوع أخطاء قد تنجم عن عملية دمج العمليتين الانتخابيتين معاً.
كما يعتبر “الأنصاري” أن الطرف الوحيد في ليبيا، الذي يسعى لتأجيل الانتخابات هو جماعة الإخوان المسلمين، التي قال إنها تحاول إطالة فترة المرحلة الانتقالية لتنمية فرصها في دخول الانتخابات الرئاسية بشكل خاص، مشيراً إلى أن إجراء الانتخابات في ظل الظروف الحالية يقلل من فرص الجماعة في تحقيق نتائج إيجابية أو المنافسة سواء في انتخابات الرئاسة أو الانتخابات النيابية.
ويضيف “الأنصاري”: “طيف واسع من المجتمع الليبي يحمل الجماعة مسؤولية استمرار الحرب ودخول حكومة الوفاق المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في مواجهات مع الجيش، بالإضافة إلى تحميلها مسؤولية وجود الميليشيات الأجنبية التي جاءت دعماً لحكومة الوفاق”، لافتاً إلى أن الجماعة تدرك تماماً بأن خروجها من السلطة بشكل نهائي في حال وصول حكومة ورئيس وبرلمان جدد ومنتخبين يعني أن مشوارها السياسي قد انتهى تماما في البلاد.
في ذات السياق، يشدد “الأنصاري” على أن التأجيل الذي أعلنه البرلمان للانتخابات النيابية لن يحمل تأثيراً كبيراً على الوضع العام في ليبيا كونه لا يتعدى الشهر وأن الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها، مشيراً إلى أن الدعم الدولي لإجراء الانتخابات سيسهل من إقامتها في موعدها.
يشار إلى أن 46 عضوا في ملتقى الحوار السياسي الليبي، كانوا قد حذروا في وقتٍ سابق، من وجود تطورات خطيرة قد تعيق إجراء الإنتخابات في موعدها، داعين المبعوث الأممي إلى ليبيا “يان كوبيش” إلى عقد جلسة طارئة للملتقى.
ملفات شائكة بالانتظار
بعيداً عن الحسابات السياسية والإخوان المسلمين، يلفت المحلل السياسي، “إحسان الأسود” إلى ان أهمية الانتهاء من الفترة الانتقالية تربط بوجود عشرات الملفات الشائكة، التي لا يمكن وضع حلول لها إلا من خلال وجود رئيس منتخب وبرلمان وجديد ونظام حكم مستقر، لافتاً إلى أن أولى تلك الملفات هو توحيد مؤسسات الدولة وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية.
ويضيف “الأسود”: “توحيد المؤسسة العسكرية ووضعها تحت سلطة الدولة الليبية ستكون من أعقد وأصعب المهام التي ستواجه الرئيس المقبل، الذي سيحتاج بدوره إلى كثير من الاستقرار حتى يتمكن من إنجاز تلك المهمة، خاصةً وانها مهمة لا يمكن لحكومة مؤقتة أو انتقالية أن تنجزها”، مشدداً على أن تلك المهمة ستكون بمثابة معيار لنجاح الرئيس المقبل في ولايته.
يشار إلى أن قائد الجيش الليبي، “خليفة حفتر” كان قد رفض تبعية الجيش لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة “عبد الحميد الدبيبة”، مشترطاً وجود رئيس منتخب وحكومة منتخبة ليتبع لهما الجيش بكامل هيكليته وقطعاته.
إلى جانب ذلك، يشير “الأسود” إلى مسألة إخراج الميليشيات الأجنبية والجيش التركي من ليبيا، والتي قال إن وجود رئيس منتخب سيساعد على تسريعها كونه سيعتبر وقتها الممثل الشرعي للشعب الليبي، والجهة الوحيدة القادرة على إصدار قرارات حاسمة ومصيرية بفعل تلك الشرعية، موضحاً أن مشكلة ليبيا منذ سقوط نظام “القذافي” كانت عدم وجود تلك السلطة وانحصار الحكومات المتعاقبة بكونها حكومات تفاهمات سياسية بين أطراف متنازعة، وهو ما تزامن مع فراغ فعلي لمنصب رئيس الجمهورية.
في ذات السياق، يستعرض “الأسود” أيضاً أهمية وجود الرئيس والبرلمان المنتخبين في قضية تسوية العلاقات الخارجية وإعادة رسمها بما يمكن الحكومة المقبلة من إدارة مشاريع الاستثمار والتنمية وإنهاء حالة اللا استقرار السائدة، مشدداً على أن كل ذلك مرتبط بمسألة نجاح الانتحابات المنتظرة.
يشار إلى أن مجلس النواب الليبي، كان قد أقر الإثنين الماضي، قانون الانتخاب البرلمانية المقبلة المقررة في 24 ديسمبر 2021، جاء ذلك خلال جلسة المجلس التي عقدت بمدينة طبرق شرق البلاد.
من جهته، يرى نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة “فرحان حق”، ان خطوة إجراء الانتخابات في ليبيا تمثل ضرورة بالغة الأهمية، لافتاً في الوقت ذاته إلى ترحيب المنظمة الأممية بإصدار مجلس النواب لقانون الانتخابات البرلمانية وإلى أن منظمة الأمم المتحدة تثمن أي خطوة تساعد على الـمضي قدما نحو إجراء انتخابات في 24 ديسمبر المقبل.