يبدو ان قدر التنظيم الاخواني في مختلف انحاء العالم هو التشتت والانقسام والتشرذم. فعلى خطى ما يحدث لحركة النهضة في تونس ، تعيش جماعة الاخوان المسلمين في ليبيا المصير نفسه. اذ هيمنت عليها الانقسامات والتشققات على خلفية خلافات بين فروعها وقادتها المدعومين من تركيا وقطر.
فقبل شهرين فقط ، اعلن أعضاء الإخوان فرع مدينة الزاوية غربي العاصمة طرابلس، حل التنظيم بعد استقالة جماعية. وآنذاك قال هؤلاء إن مرد الاستقالة هو المماطلة في القيام بمراجعات تم إقرارها عام 2015 لتغليب المصلحة العليا للوطن والمواطن.
وبدوره قدم رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، استقالته من تنظيم الإخوان في العام الماضي، مؤكدا أنه أقدم على هذه الخطوة انطلاقا من المقتضيات الوطنية والفكرية والسياسية ومن باب الصدع بالقناعة والوضوح مع المواطن الليبي، وأشار إلى أنه يحتفظ في المقابل بـالود والاحترام لكل أعضاء التنظيم.
استقالة جماعية
وفي احدث الانقسامات والتشققات داخل الجماعة، أعلن اول امس، أعضاء فرع مدينة مصراتة وهو اكبر معاقل الإسلاميين في ليبيا، استقالتهم جماعيا من التنظيم، متهمين قيادة التنظيم في طرابلس بنقض ما تم الاتفاق عليه من التزامات في المؤتمر العاشر الذي انعقد في العام 2015 ومن ضمنها المراجعات والتصويب. وقد اعتبر المحللون والمتابعون للشان الليبي، ان حل التنظيم في مصراتة فعل وازن ومؤثر حتى لو كان من باب المناورة وإيهام الليبيين بوجود رغبة في الخروج من جلباب الغرياني. حيث تشير المعطيات بكل وضوح الى تنافس محموم بين القيادات المحلية والقيادات المركزية للتنظيم لإعادة التموقع سواء داخل الجماعة المهيمنة في غرب ليبيا أو في الساحة الليبية عموما.
وقال الأعضاء المستقيلون في بيان صدر عنهم ، أن قرارهم يعني حلّ التنظيم في مصراتة وذلك على خلفية “تسويف قيادة الجماعة وتعطيلها لتنفيذ المراجعات والتصويب الذي توصل إليه أعضاء الجماعة في مؤتمرهم العاشر المنعقد عام 2015”.
وأشاروا إلى أن قرارهم جاء بعد مناقشات ومشاورات وأن “السياق الزمني الذي نشأت فيه الجماعة والتطور الزمني في البيئة والواقع، يحتم إعادة قراءة المشهد والمراجعة والتصويب”.
وأضافوا أن “صواب الأمس قد لا يناسب متطلبات اليوم، فكان مؤتمر الجماعة العاشر سنة 2015 الذي تم فيه إقرار تلك المراجعات بأغلبية مطلقة عنوانا لمرحلة جديدة كنا نتمناها ونحرص على ميلادها، غير أن تسويف قيادة الجماعة وتعطيلها تلك القرارات دعانا لاتخاذ موقف تجاه المماطلة”.
ارباك المخطط التركي
وتجدر الإشارة الى ان المرشد الروحي لجماعة الإخوان الليبية مفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني، يقيم حاليا في تركيا حيث وفر له النظام ملاذا آمنا ومنصات إعلامية للدعاية للتنظيم وتسويق المشروع التركي في المنطقة. وسبق للرئيس التركي أن تدخل شخصيا بالتنسيق مع القيادة القطرية وبشكل عاجل لإعادة ترتيب بيت الإخوان في ليبيا ومنع التصدعات والمنافسات الداخلية بعد أن أعلن رئيس حكومة الوفاق فايز السراج عزمه التنحي من منصبة بناء على نتائج الحوار الليبي الذي يرعاه المغرب والذي حقق تقدما ملموسا بتوافق واتفاق على آلية إسناد المناصب السيادية. وبالتالي فان فقد يربك حل تنظيم الإخوان في مصراتة، المخطط التركي في المنطقة ويبعثر أوراق أردوغان، باعتبار انها احد اكبر معاقل الجماعات الإسلامية التي تعول حكومة الوفاق( ومن ورائها تركيا وقطر) على دعمها.
وياتي اعلان الجماعة في مصراتة عن استقالتهم الجماعية في الوقت الذي استمر فيه الترحيب الدولي والغربي، بالنتائج التي أعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا التوصل إليها في محادثات جنيف العسكرية، بين وفدي الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.وجدير بالذكر ان مدينة مصراتة، كانت قد شهدت توترا كبيرا خلال اليومين الماضيين، على خلفية اعتقال محمد بعيو، رئيس مؤسسة الإعلام الحكومية، بين ميليشيات بالعاصمة طرابلس ومدينة مصراتة.
“ثورة مضادة”
في المقابل، أعلن مجلس الشورى بجماعة الإخوان المسلمين الليبية، ، عن أنه لا يملك أي فرد أو مجموعة في أي فرع من فروع المؤسسة ادعاء حق حل الفرع أو تجميده، مشددًا على أن هذا اختصاص أصيل لادارة المؤسسة.
وأوضح المجلس في بيان بشأن ما تمر به المؤسسة داخليا وحول الاستقالات الإعلامية المعلنة، أن الاستقالة الفردية مهما كانت دواعيها فطريقها معلوم، مؤكدًا أنها حق مكفول لكل عضو حسب النظام الأساسي للمؤسسة، وعليه أن يتقدم بطلب رسمي للإدارة ممهورا باسمه وبتوقيعه.
وأشار، إلى أنه لا يوجد أي تعطيل لقرارات المؤسسة، لافتًا إلى أن ما تأخر تنفيذه من هذه القرارات والذي تعاقبت عليه عدة إدارات، كان لأسباب موضوعية، وأخرى طارئة معلومة في أروقة الجماعة وموثق بمحاضر رسمية واستفتاءات داخلية.
وشدد على أنه لم يصدر عن مؤسسات الجماعة أي قرار يقضي بحل الجماعة، موضحًا ما صدر من قرارات هو في إطار التحسين وتطوير العمل ومواكبة التغيرات والتي لا تزال مستمرة حتي الآن.
وزعم المجلس أن الجماعة عملت منذ إنشائها وما زالت تعمل مع كل أبناء الوطن الخيّرين، على ما فيه مصلحة البلاد، معتبرًا ما تتعرض له الجماعة من حملات تشويه من ما وصفها بـ “الثورة المضادة”, هو عمل مضلل يراد به نشر الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
وختم المجلس بيانه، بالتنويه إلى إن ساحة العمل وخدمة الوطن تسع الجميع وتحتاج كل جهد مخلص يساهم في بناء الأوطان.