رغم التقدم النسبي الذي أحرزته المحادثات الليبية التي دارت في عدد من الدول على غرار برلين، جنيف، مصر، المغرب وتونس، الا انه مازال امام ليبيا تحديات عديدة قبل الوصول الى حالة الاستقرار والامن التي يطمح الشعب الليبي الى تحقيقها.
فالمساعي و الوساطات لايجاد تسوية سياسية في ليبيا، تواجه بعض العراقيل التي تحول دون الوصول بشكل نهائي الى تسوية في ليبيا، وهو ما دفع الدول الأوروبية الى التلويح بفرض عقوبات على معرقلي الحوار. وقد هددت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا، اول الاسبوع، بفرض عقوبات على الجهات التي تعرقل المفاوضات بين الفرقاء الليبيين، التي تهدف إلى إنشاء مؤسسات انتقالية إلى حين إجراء انتخابات في ديسمبر 2021.
عقوبات على جهات تعرقل الحوار
وقالت الدول الأوروبية الأربع، في بيان مشترك نشرته الرئاسة الفرنسية: “مستعدون لاتخاذ تدابير ضد الجهات التي تعرقل منتدى الحوار السياسي الليبي والمسارات الأخرى لعملية برلين، وكذلك ضد الجهات التي تواصل نهب الأموال الحكومية وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في البلاد . ويبدو ان الاتحاد الأوروبي يلمح الى تركيا بخصوص الطرف الذي يهدف الى تسليط عقوبات عليها، باعتبار انها هي الدولة التي تبذل كل جهدها لعرقلة الحوار الليبي.
وكان مسؤول أوروبي، قد اكد ان الاتحاد يتابع ويرصد كل التطورات في ملف العلاقات مع تركيا، ويمكن أن يتخذ قرارات بحقها في قمته المقررة ديسمبر المقبل. لا سيما وان تركيا، قد وسعت رقعة سياستها الاستفزازية في أوروبا والشرق الأوسط، لتشمل الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، بعد أن لعبت أدوارا مزعزعة للاستقرار في شرق المتوسط وليبيا والعراق وسوريا خلال السنوات الماضية. وكل هذه التحركات الأحادية التركية، تثير غضب أوروبا، وتعد اختبارا قاسيا لصبرها، وتفتح باب فرض عقوبات قوية على نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لردعه عن ممارسة سياسة عدوانية.
وفي هذا الإطار، قال مسؤول أوروبي، إن “استمرار أنقرة في سياستها الحالية وانتهاكاتها للقانون الدولي سيدفع الاتحاد الأوروبي لاستخدام جميع الأدوات والخيارات المتاحة، بما في ذلك فرض عقوبات قوية عليها”. مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي لديه مصلحة استراتيجية في تطوير علاقة تعاونية متبادلة المنفعة مع تركيا، لكن أنقرة مطالبة في المقابل بالامتناع تماما عن الإجراءات الأحادية التي تتعارض مع مصالحنا وتنتهك القانون الدولي والحقوق السيادية للدول الأعضاء.”
ولفت المسؤول إلى أن “الاتحاد الأوروبي يتابع ويرصد كل التطورات في ملف العلاقات مع تركيا، ويمكن أن يتخذ قرارات بحقها في قمته المقررة ديسمبر “. يذكر ان تركيا، تدعم بقوة حكومة الوفاق غير الدستورية في غرب ليبيا، وتنقل الأسلحة والمدرعات والطائرات المسيرة بكثافة إلى طرابلس، فضلا عن آلاف المرتزقة السوريين.
من جهتها توعدت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز معرقلي الحوار بالعقوبات فقالت:”الذين يحاولون تقديم الأموال للمشاركين في الحوار سيتم تصنيفهم كمعرقلين له كما سيتم فتح تحقيق في معلومات عن دفع رشاوى وشراء أصوات” وأشارت إلى أن “هناك مدونة سلوك بشأن تدخل المال السياسي الفاسد” وقالت “لم يحصل مقترح استبعاد الشخصيات المشاركة من المناصب إلا أن النسبة بلغت 61% والمطلوب 75% للتوافق حوله”…. وقد قامت أمريكا نفسها بدعم قرارها عن طريق مجلس النواب الأمريكي حيث صوت مجلس النواب الأمريكي بالموافقة على مشروع “قانون دعم الاستقرار في ليبيا”. ويذكّر القانون “بأهمية المحادثات التي قادتها الأمم المتحدة بشأن ليبيا… ويدعو المشروع لفرض عقوبات على أي شخص أو جهة تستغل بشكل غير مشروع موارد النفط أو المؤسسات المالية الليبية، هذا إلى جانب التشديد على محاسبة المتواطئين في انتهاكات حقوق الإنسان…
فشل المفاوضات
وتشهد ليبيا حالة من الفوضى والعنف منذ الإطاحة بالرئيس السابق معمر القذافي في 2011. وتنتشر في البلاد فصائل مسلّحة كثيرة، توالي معسكرين رئيسيين: حكومة الوفاق الوطني ومقرّها العاصمة طرابلس، وسلطة موازية في الشرق يدعمها المشير النافذ خليفة حفتر. وتدعم تركيا وقطر وإيطاليا حكومة الوفاق ، بينما تدعم مصر والإمارات وفرنسا قوات حفتر.
وحول هذ الموضوع، قال علي السعيدي، عضو مجلس النواب الليبي، إنه توجد الكثير من العوائق والمطبات التي تعيق التوصل إلى اتفاق سلمي لصالح ليبيا.
وأضاف في تصريحات إعلامية ان تركيا وقطر لا يريدان استقلال الوطن وتدعمان الجماعات المسلحة بطريقة مباشرة أو غيرة مباشرة، وأشار إلى أن أحد أهم نقاط الخلاف هي جماعة الإخوان المسلمين التي تسعى للسيطرة على مفاصل الدولة الليبية، وتحاول استغلال الثروات الليبية لصالح الجماعة لمستوى العالم.
وتابع: “طالما جماعة الإخوان والميليشيات التابعة لها موجودون ستكون أي مفاوضات مصيرها الفشل”، وإن تركيا لازالت تدعم الميلشيات في الغرب الليبي للسيطرة على النفط في محاولة لإنقاذ الاقتصاد التركي المنهار”، مؤكدا أن العودة إلى المربع صفر والحرب مرة ثانية وارد جدا.
رئاسة جديدة
وفي جولة جديدة من الحوار الليبي، شارك نحو 100 نائب ليبي يمثلون كافة الأطراف، الأربعاء، في لقاء استشاري في طنجة بشمال المغرب، بدعم من الأمم المتحدة التي تسعى إلى إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية.
ويعتبر اجتماع أكثر من عضو من مجلس النواب الليبي في المغرب للحوار، هو الأهم، لأنهم الممثلين للشارع الليبي والذين تم انتخابهم بطريقة شرعية.
وقال النائب، محمد الرعيض، من مصراتة، انهم يعملون على التوافق على جدول أعمال قبل عقدد جلسة في ليبيا يتم فيها تغيير رئاسة مجلس النواب وتوحيد مجلس النواب وإخراج ليبيا من الأزمة السياسية.
وأوضح ، الرعيض أن اجتماع مجلس النواب في طنجة يحاول إعادة بناء نفسه برئاسة جديدة، والوصول إلى اتفاقات فعلية لصالح الوطن.
يذكر ان ردوغان سبق له أن أعلن رفضه المستتر لاتفاق اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، ووصفه بـالهدنة الهشة، كما يُعلن دون تصريح صريح رفضه لأي اتفاق قد حصل في تونس، او في غيرها من البلدان، وبالتالي لا يوجد سبب يجعل أردوغان يفرط في هيمنته على غرب ليبيا ما لم يتم فرض موقف مغاير على تركيا من أميركا والاتحاد الأوروبي.