سيكون هذا البحث مزعجاً لدعاة الإسلام السياسي وسَدَنة الاستبداد؛ إذ يُعري الأساس الشرعي الذي يستند إليه هؤلاء وهؤلاء؛ ويثبت بطلان الأحاديث المستخدمة في هذا الشأن والمنسوبة زوراً وبهتاناً إلى مقام النبوة الشريف، إذ يعتمد هذا البحث في إبطال دعاوى الفريقين المذكورين منهجَ أهل الحديث ذاتهم في إثبات ذلك التزوير مستخدماً أربعة أمثلة حديثية في ذلك من خلال محاور هي:
- جهل دعاة الإسلام السياسي بتَغَيِر شكل الدولة على مر العصور.
- براءة الرسول الكريم من أحاديث مشهورة غايتها الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها.
- كيف جرى التزوير السياسي للاستبداد باسم الإسلام؟.
- الاستخدام السياسي الخبيث لحديث (إذا حكم الحاكم فاجتهد).
- هل حقاً بيعة الحاكم فريضة على المجتمع كله؟.
- كذبة الفرقة التاجية والطائفة المنصورة.
- إبطال الحديث الذي قسم الأمة إلى نصفين وفضح التزوير فيه.
المدخل:
يقول علماء الفلسفة السياسية: إنّ البشرية مرت عبر تاريخها بأربعة عصور، عصر الثيولوجيا (الأديان)، ثم جاء عصر الأيديولوجيا، أي تسخير الدين سياسياً للوصول إلى السلطة؛ وفي العصر الحديث بدأت السلطات السياسية والاقتصادية صراع الثقافات الذي أسماه (صموئيل هنتنغتون) صدام الحضارات([1])، ليصل العالم اليوم إلى عصر منطق البحث العلمي، إذ تعالج الأزمات والمشكلات من خلال مراكز البحوث العلمية والاستراتيجية، فتُصْدِر تلك المراكز توصياتها إلى أصحاب القرار بالأسلوب الأمثل لمواجهة تلك الأزمة وطريقة حلّها.
وبما أننا مجتمع ما يزال يفكر بعقلية العصر الأول، وطلاّبُ السلطة فيه يفكرون بمنطق العصر الثاني، يساعد الطرفين في ذلك نصوص دينية مُختلَقة ومنسوبة إلى رسول الله ﷺ فمن باب أولى -ونحن نعيش مأساة كبيرة في مقارعة الاستبداد المُشَرعن دينياً من خلال تلك النصوص المنسوبة زوراً وبهتاناً إلى رسولنا الكريم، ووفق مذهب علماء الفلسفة السياسية المذكور آنفاً- أن نبحث فيها بمنطق البحث العلمي، لنبيّن ذلك التزوير السياسي الاستبدادي باسم الدين.
الرسول البريء
لم تعرف البشرية قط رسولاً وزعيماً سياسياً ومصلحاً اجتماعياً جرى الاعتناء بأقواله وأفعاله وتدوينها كرسول الله ﷺ، وهذا ما شَهِدَ به حتى خصوم الأديان؛ ولكن في الوقت نفسه لم تعرف البشرية كذلك رجلاً بتلك الصفات جرى الكذب على لسانه، ويكفينا في ذلك دليل ما اتفق عليه علماء الحديث كلهم، أن (البخاري) عندما دوّن صحيحه ذا سبعة الآلاف حديث؛ المكرر نصفها، انتقاها من بين (600 ألف حديث)، وكذلك ما ذُكر عن الإمام أحمد بن حنبل عندما دوَّن مسنده المتضمن أربعين ألف حديث تقريباً، تكرر منها قرابة عشرة الآلاف حديث انتقاها من مليون حديث([2]).
وجرى استغلال علم الحديث وبعض رجاله لترويض المجتمع للسلطة السياسية والتربّع عليها باسم الدين وهم بذلك يستخدمون المبدأ (الميكافيلي) في تدليسهم.
الخطر في الأمر أن هذه الأحاديث المزورة أو المؤولة أسست لافتراق أمة الإسلام؛ وكانت الذريعة للاحتراب في ما بينها، فالصراع على الإسلام في أواخر الحكم الراشدي تحول من السياسي إلى الأيديولوجي؛ لتتأسس أيديولوجية تقوم دعائمها على نصوص نبوية موضوعة([3]) خادمًة للسلطة السياسية ومشرعنًة لوجودها في الحُكم ومانعًة المجتمع من الانتفاضة ضدها لإسقاطها.
ودُسِّت أحاديث موضوعة أو مؤولة زرعها بعض أهل الحديث في كتبهم، وردّدها الوعّاظ ودعاة السلاطين على مسامع الناس حتى جعلوها مُسلّمات دينية مسوّغة الاستبداد، لا يجوز الخروج عليها، ومَنْ يتجاوزها يُفسّق ويُكفّر، ومن ثم يحق للسلطة المستبدة استباحة دمه من دون اعتراض من أحد. تتعارض تلك الأحاديث المُختلقَة مع جوهر رسالة الإسلام القائم على العدل، فكل ما يخالف العدل يخالف الإسلام مهما استند إلى مسوغات مؤولة أو فتاوى باطلة.
بدأت مبكراً عملية وضع تلك الأحاديث المشرعنة للاستيلاء على السلطة؛ ثم انتقل التزوير السياسي باسم السُنة النبوية إلى شرعنة الأسرة الحاكمة ومجدّ أشخاصاً بعينهم كما هو الحال بالنسبة إلى الأسر التاريخية المتناوبة على السلطة في الإسلام، لتبدأ بعدها عملية تخدير للمجتمع وترويضه حتى يستكين للمستبد بأن الخلاص من نير هذا الاستبداد السياسي المنتج للقهر من خلال مخدرات نصوصية دينية مُختلقة؛ زرعت فكرة ظهور مخلص ترسله السماء ليقهر الظلم ويحقق العدل، فوُضِعت أحاديث عودة المسيح عليه السلام وخروج المهدي (سنياً وشيعياً) والسفياني وظهور الرايات السود …إلخ، كي يبقى المجتمع المقهور سياسياً والفاقد للعدالة الاجتماعية والباحث عن الحرية متواكلاً بانتظار هؤلاء المخلصين.
ولكن كيف جرى التزوير السياسي للاستبداد؟
عندما نَلِجُ في هذا الأمر على وعورته نجد أنفسنا أمام كمٍّ هائل من ذلك التزوير السياسي مرتدياً ثوب الدين وقابعاً في ثقافتنا ومانعاً المجتمع من الانتفاضة عليه، وسأتوقف مع أربعة أمثلة مشهورة لندرسها.
المثال الأول
هناك حديث لرسول الله يفهمه كثير من الناس خطأً لأنّ المؤسسة الدينية وظفته لتمرير جرائم المستبدين وشرعنتها في قراراتهم وأفعالهم الخاطئة، الحديث مَروي عن عمرو بن العاص تارًة، وعن أبي هريرة تارًة أخرى، قال رسُول اللّه ﷺ:
إذا حكم الحاكمُ فاجتهد ثم أصاب فله أجرانِ، وإذا حكم فاجتهدَ ثم أخطأَ فله أجر([4]).
كثيراً ما نسمع بعض الخطباء ورجال المؤسسة الدينية يستدلون بهذا الحديث كي يسوّغوا جرائم المستبدين؛ ويحولوها إلى عبادة يتقربون بها إلى الله؛ ولهم عليها أجر وثواب.
هذا الحديث له راويان من الصحابة هما عمرو بن العاص وأبو هريرة، أما سند رواية عمرو فلم يتكلم فيه أحد؛ ولكنّ سند أبي هريرة فيه علّة أشار إليها البخاري لما أخرجه في (العلل الكبير).
أين وقع التزوير؟
بفرض صحة سند الحديث فهناك مشكلة في متنه إذ إنه رُوِيَ بلفظ (إذا حكم الحاكم فاجتهد) وهذا لا يجوز! فالأصل إذا اجتهد فحكم، فالاجتهاد مقدم على الحُكم؛ وليس العكس كما هي رواية الحديث، وهذه علّة في المتن يجب الانتباه إليها([5]) وحاشا رسول الله الذي أوتي جوامع الكلم أن يخطئ خطأً كهذا.
الأمر الآخر: أن راوييّ الحديث من الصحابة عمرو بن العاص وأبو هريرة هما من فريق معاوية ومعروفان بانحيازهما المطلق له؛ من ثم فإن شهادتهما مجروحة في تزكية الحاكم. وفي سند رواية أبي هريرة علّة كما بين البخاري في العلل.
الأمر الثالث: نحن أمام رواية مختلقة لتسويغ سلوك السلطة السياسية، ومن ثمَّ نحن أمام حديث شابه التزوير لأن هناك رواية لهذا الحديث عند أحمد في مسنده عن النبي تبين المقصود من لفظ الحاكم تقول: إذا قَضَى القاضي فاجتَهَدَ فأصابَ فلَهُ عشرةُ أجوٍر وإذا اجتَهَدَ فأخطأَ كانَ لَهُ أجٌر أو أجران([6]).
إذاً: هذا الحديث وبحسب رواية أحمد في مسنده من جهة؛ وبحسب ما صنّفه علماء الحديث في كتبهم، إذ إنهم وضعوه في باب القضاء تحديداً، لا علاقة له بالزعماء ولا بالسلطة السياسية، إنما متعلق حصرياً بالقضاء وأحكامه، ثم إن المحدثين جميعهم وضعوه في كتبهم في باب القضاء وفي كتاب الأقضية.
والقاضي قديماً كان يسمى حاكماً وما نزال في مجتمعاتنا ننادي الطبيب (حكيم) ونسمي القاضي (حاكم) أما صاحب السلطة السياسية فهو إما أمير أو خليفة أو والٍ أو سوى ذلك من المصطلحات، ولا يُقال: إنه حاكم؛ على الرغم من أن المصطلح أصبح في عصرنا يُطلق على رجل الدولة.
ومن هنا جرى استغلال الحديث سياسياً وتزويره عند بعض الوعاظ والدعاة بأن الحاكم إنْ أصدر أمراً، وتبين أنه خاطئ وترتبت عليه مفاسد كثيرة، فله أجر!!! أي دين يقول بهذا؟ فالمسؤول إنْ أصدر أمراً وترتبت عليه مفاسد أضرت بالعباد والبلاد يُحال على السلطة التشريعية لتستجوبه، ثم إلى السلطة القضائية ليحاكم محاكمة عادلة، ولو كان هذا الفهم المعوج صحيحاً كما تروج له المؤسسات الدينية؛ فاعلم بأن الحكام الظلام والمستبدين الذين عاثوا في بلادنا فساداً وقتلاً وإجراماً هم أول من يدخل الجنة لأخطائهم الكبيرة والكثيرة.
إذاً هذا الحديث -إنْ صحَّ-ـ فإنه متعلق بالقضاء فربَّ قاضٍ حكم في مسألة ما قد لا تكون فيها الأدلة والقرائن والبراهين كاملة، فاجتهد فحكم بموجبها ظناً منه أنّ ما قام به يحقق العدل، فيكون حكمه مخطئاً، فله أجر على اجتهاده وتحرِيّه الحق والعدل، ولهذا سُنَّ الاستئناف في القضاء للأقضية التي تشوبها شائبة، ومن ثم فإن عملية تأويل الحديث المزورة سياسياً تتنافى تماماً مع العدل الذي هو عماد الدين.
المثال الثاني: حديث البيعة
جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر عن النبي ﷺ أنه قال:
من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةَ جاهلية.
وجاءت رواية عبد الله بن عباس في صحيح مسلم عن النبي: من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية.
وشُرعِنت الفكرة برواية مسلم عن أبي هريرة أن النبي قال:
من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية.
وحديث ابن عمر هو العمدة في هذا الباب، وله روايتان مختلفتان معلولتان مَتناً، الأولى تقول: إن ابن المطيع وهو المخُاطب بحديث ابن عمر أراد الفرار من المدينة؛ وأما الثانية فتقول: إن أهل المدينة بايعوه وخلعوا يزيد بن معاوية.
الرواية الأولى: حديث مرفوع عند مسلم([7])، يقول إن (ابن مطيع) أراد الهرب من المدينة وعدم المبايعة: عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ أَنْ يَفِرَّ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ فِتْنَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَلَا يُبَايِعُ, فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: لا أُعْطِيهِم طَاعَةً أَبَداً. قَالَ: مَهْلا يَا ابْنَ عَمِّ فَاشْهَدْ لَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ مَاتَ لا بَيْعَةَ عَلَيْهِ مَاتَ مَوْتَةَ جَاهِلِيَّةٍ.
والحديث الموقوف على الصحابي نوعان:
الأول: ما كان للرأي فيه مجال -يقوله الصحابي عن اجتهاد- فهذا ليس بحجة إلا إذا وافقه الصحابة عليه فإنه يكون إجماعاً. كما يدعي فقهاء الحديث.
الثاني: ما لا مجال فيه للرأي، وهذا له حكم المرفوع إلى النبي، إلا إذا عُلم أن هذا الصحابي كان يأخذ من كتب أهل الكتاب؛ وهذان التعريفان لعلماء الحديث، وكل ظني أن حديث ابن عمر من النوع الأول، وهو له، ثم رُفِع إلى النبي تزويراً لإعطائه شرعية بيعة الحاكم المستبد.
أما الرواية الثانية لمسلم أيضاً فتقول: إن أهل المدينة بايعوا ابن المطيع وخلعوا بيعة يزيد.
عن نافع قال: لما خلعوا يزيد واجتمعوا على ابن مطيع أتاه ابن عمر فقال عبد الله بن مطيع: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة. فقال له ابن عمر: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك، سمعت رسول الله يقول: من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية. فالفارق كبير بين سبب ورود الروايتين.
ولا ننسى أن الرواة الثلاثة تحولوا إلى الجانب السفياني في الصراع بين علي ومعاوية، والرواية قيلت أثناء الاختلاف عند أخذ البيعة ليزيد، وكلنا يعلم أن يزيد أخذ البيعة قهراً ورشوةً. والفقهاء اعتمدوا لمثل بيعة كهذه(تورية سياسية)([8])، من خلال فتوى للإمام مالك بعدم وقوع طلاق المُكره التي عُدّتْ فتوى سياسية فيها (تورية) وعليها قالوا: إن بيعة المكره بيعة باطلة. واضطُهِدَ مالك بسببها، فهذا الحديث برواياته مِنْ وضّعِ فقهاء الاستبداد والله ورسوله بريئان منه، فالإسلام لا يشرعن وجود الطغاة والمستبدين في الحكم.
الإمـــام الـنـووي في شرحه لصحيح مسلم (باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين) يقول:
المقصود بالحديث (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)، أي عند وجود الإمام الشرعي فحسب، وهذا هو الفهم الصحيح للحديث أنه إذا كان هناك إمام شرعي توافرت فيه شروط صحة البيعة، وانتفت نواقضها فإنه يجب على المسلم أن يبادر إلى البيعة، إذا كان من أهل الحل والعقد، أو طُلبت منه، ولا يجوز له أن يبيت ولا يراه إماماً، أما إذا لم تكن شروط صحة البيعة متوافرة في هذا الحاكم فليس عليه واجب البـيـعة بل عليه أن يسعى لإيجاد الإمام الشرعي بحسب طاقته ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها([9]).
يحدثنا ابن حجر عن الموقف السياسي لابن عمر قائلاً:
إنه امتنع أن يبايع لعلي أو معاوية، ثم بايع لمعاوية لما اصطلح مع الحسن بن علي واجتمع عليه الناس، وبايع لابنه يزيد بعد موت معاوية لاجتماع الناس عليه؛ ثم امتنع من المبايعة لأحد حال الاختلاف إلى أن قُتل ابن الزبير وانتظم الملك كله لعبد الملك بن مروان فبايعه حينئذ. فلو فهم الحديث على ظاهره لما بات ليلة إلا وفي عنقه بيعة لأحدهما يعطيها ما يدله عليه اجتهاده على أنه أقرب إلى الصواب وقد روي عنه قوله: أكره أن أبايع أميرين قبل أن يجتمع الناس على أمير واحد([10]).
ووجود حديث ابن عمر في صحيح مسلم ليس دليلاً على صحته، فليس ما في الصحيح كله صحيحاً، وعلماء السلفية المعاصرة أجمعوا على أن حديث ابن عمر المقصود به بيعة إمام المسلمين كلهم (الخلافة) في كل مكان وليست بيعة لمكان محدد ولا تجوز بيعة لزعيم حزب أو تيار سياسي في ردّهم على دعاة الإسلام السياسي.
لقد عدّد فقهاء السلاطين قرابة مئة حديث في وجوب البيعة معظمها أحاديث من الدرجة العاشرة أو مؤولة تأويلاً فاسداً. ومن صحّح تلك الأحاديث واعتمدها لم يقل لنا ما حُكم الصحابي (سعد بن عبادة) الذي رفض بيعة الجميع بدءاً من بيعة أبي بكر في (السقيفة) حتى وفاته، وهو الصحابي غير المختلف فيه، فهل يجرؤ أحد أن يقول عن سعد إنه مات ميتة جاهلية؟ وهل يعقل أن سعداً يعلم بهذا الحديث ويخالفه؟ ولم يبينوا لنا رأيهم في عبد الله بن الزبير فهل مات هو أيضاً ميتة جاهلية؟ وهل هم مع ذَبّحِ زيد بن علي بن الحسين لأنه خرج على البيعة؟.
المثال الثالث: حديث الفرقة الناجية
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ فِينَا فَقَالَ: أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّة، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَة فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ([11]). وفي بعض الروايات: ما أنا عليه وأصحابي.
العلماء اختلفوا على قولين في الحديث: منهم من صححه كأبي داود والحاكم وابن حجر وابن تيمية والطبراني والترمذي…الخ لتعدد الرواية.
ومنهم من رفض زيادة (كلها في النار إلا واحدة) وهم ابن حزم والشوكاني ومحمد بن إبراهيم الوزير وقال: إن من رواة الحديث رجلاً ناصبياً.
أمّا الإمام محمد بن أحمد البشاري المقدسي فذكر رواية (كلها في الجنة إلا واحدة) وذكر رواية (كلها في النار إلا واحدة) ثم قال: الثانية أكثر شهرة، والأولى أصح سنداً. وساق الحديث الإمام الترمذي من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص وقال: حديث غريب([12]).
وتحدّث الشوكاني عن الحديث في تفسيره قائلاً: أَمَّا زِيَادَةُ كَوْنِهَا (كلها) فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً فَقَدْ ضَعَّفَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، بَلْ قال ابن حزم: إنها موضوعة([13]).
أما رواية هذا الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة. وَالنَّصَارَى مِثْلَ ذَلِكَ. وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَة.
سند هذا الحديث معلول، فقد سئل يحيى بن معين وهو من أئمة علم الحديث عن (محمد بن عمرو) أحد رواة الحديث فقال: ما زال الناس يتّقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه، ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة. بمعنى أنّ (محمد بن عمرو) يتناول جزئية تتعلق ببعض رواياته لفتاوى أبي سلمة، وينسبها خطأ إلى أبي هريرة. كما ذكره ابن حبان في صحيحه من الثقات وقال: كان يخطئ.
إلا أنّ الألباني صحح الحديث وأنكر على من أنكر زيادة كلمة (الجماعة) وجزم بصحتها قائلاً:
إن الذين صححوها أكثر وأعلم بالحديث من ابن حزم، لا سيما وهو معروف عند أهل العلم بتشدده في النقد، فلا ينبغي أن يحتج به إذا تفرد عند عدم المخالفة فكيف إذا خالف؛ وأما ابن الوزير فكلامه الذي نقله الكوثري يشعر بأنه لم يطعن في الزيادة من جهة إسنادها، بل من حيث معناها، وما كان كذلك، فلا ينبغي الجزم بفساد المعنى لإمكان توجيهه وجهة صالحة ينتفي به الفساد الذي ادعاه. وكيف يستطاع الجزم بفساد معنى حديث تلقاه كبار الأئمة والعلماء من مختلف الطبقات بالقبول وصرحوا بصحته؟ هذا يكاد يكون مستحيلاً([14]).
وهذا ما دفع بعضهم إلى تفسير الحديث تفسيراً سياسياً طائفياً، فقد جاء في موقع مركز الفتوى:
إن المقصود بالجماعة الناجية أمران: الأول: جماعة العقيدة والمنهج، وذلك أن يلتزم المسلم ما كان عليه النبي ﷺ وصحابته من أمور الاعتقاد وأصول الدين، وهذا هو الأصل والأساس. الثاني: الجماعة -بالمعنى الخاص- وذلك بلزوم جماعة المسلمين التي لها إمام موافق للشرع، وعدم مفارقتها، وعدم نكث بيعة الإمام فضلاً عن الخروج عليه. ا ه
وهذا يعني أن الفرقة الناجية هي السلفية الجديدة كما ادّعى علماؤها المعاصرون. إلا أنّ كل تصحيحاتهم لهذا الحديث المتهالك سنداً ومتناً يهدمها الواقع، إذ إن عدد المتفرقين في اليهودية والنصرانية والإسلام وصل إلى آلاف؛ ومن ثم نردّ هذا الحديث، ولا عبرة بصحة أو تصحيح أسانيده المختلفة ما دام الواقع يفنده. وكذلك ادعى الشيعة أنهم الفرقة الناجية، وكذلك الملل والنحل الأخرى كلها.
ونتساءل؛ ما الحكمة من زرع ثقافة التفرقة والتباغض في عقول المسلمين؟ إذ يعدُّ هذا الحديث المرتكز والأساس لانطلاق ما عُرِفَ في ما بعد بعلم (الملل والنحل)، وقد ألّف العلماء كُتباً كثيرة في شرحه وتفسيره وتحديد المقصود بالفرقة النّاجية والفِرق الهالكة!! وكيف نوحدهم وهناك نص يفرقهم؟ ألم يكن التناحر المذهبي والطائفي والفِرَقي من أهم أسباب انقسام المسلمين واقتتالهم منذ ما سُمي بالفتنة الكبرى أيام عثمان حتى الآن؟.
وهذا الحديث ذريعة لتكفير المسلم الآخر، ومخالف لأحاديث ذمّت التكفير والتكفيرين موجودة في صحيحي البخاري ومسلم، وحديث الفرقة الناجية بروايته كلها لم يخرجه البخاري أو مسلم لأنه لم يكن على شرطيهما، والزيادات (ما أنا عليه وأصحابي) (الجماعة) ليست واضحة، إذ إن كل فرقة تقول نحن تلك الجماعة، ونحن ملتزمون بما كان عليه الرسول وصحبه، والأخطر في الحديث أنه يبيح استئصال من هم خارج الجماعة المسلمة، ومن ثم يستطع أي حاكم إنْ اختلف مع أي طرف من هؤلاء أن يصفيهم مستنداً إلى تلك الزيادة المزورة.
ولماذا تصرّ السلفية الجديدة على إخراج الأشاعرة وهم أغلبية الأمة دائماً من دائرة الفرقة الناجية؟ ولِمَ يغضبون من (مؤتمر غروزني) وهم مَنْ بدأ بإخراج كل من ليس على منهجهم من الفرقة الناجية؟.
وهل يجرؤون على القول إنّ أبا حامد الغزالي والعضد الإيجي والإمام النووي والعز بن عبد السلام والسيوطي وابن عساكر وابن حجر والقرطبي والبخاري وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم كثير، ليسوا من الناجين لكونهم أشاعرة.
المثال الرابع: حديث الثقلين
لم يعرف تاريخ الأمة خلافاً حول حديث وصل إلى حدِّ الصراع وأُلفت فيه المجلدات كحديث الثقلين؛ وهو حديث قسم الأمة عموديّاً إلى يوم القيامة، والطرفان كلاهما يدعي صحة روايته؛ وبحسب رأينا إن في الحديث زيادة موضوعة لأسباب سياسية وطائفية سنبينها لاحقاً.
أما رواية الشيعة فتقول في أشهر رواياتها المتعددة:
تَركتُ فِيكم الثَّقلين، ما إن تمسَّكتُم بهما، لن تضلُّوا: كِتابَ اللهِ، وعِترتي أهلَ بيتي.
وأما رواية أهل السُنة فتقول:
تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنتي.
وهذه أشهر الروايات المتعددة. أما الشيعة فيستدلون بأن الحديث يخصهم بما فيه رواية أهل السنة لأن المتمسك بالعترة بالضرورة متمسك بالسُنة النبوية، ويستدلون على ذلك أن مسلم في صحيحه روى وصية النبي بأهل بيته في خطبة حجة الوداع، ولكن فاتهم في دراساتهم لرواية مسلم أن الرسول بعد أن أوصى بالتمسك بكتاب الله قال كلاماً لم يذكره الراوي فجاء إبهام لكلام النبي أردفه بقوله ثم أوصى بعترته، وثم لغةً تفيد التراخي فأين ما قيل قبلها.
وحديث العترة رُوِى في كتب تعدُّ في علم الحديث من الدرجة العاشرة وتمتلئ بالموضوعات الضّعاف، ولم ترد في كتب الحديث المعتبرة، ونقول ذلك لسببين:
الأول: إن الشيعة لا يقيمون وزناً للسند في مروياتهم، وأغلب أحاديثهم بلا سند.
والثاني: إن كتب السُنة التي ذكرت حديث العترة ليست من الكتب المراجع في علم الحديث ككتاب أبي يعلى وابن سعد في الطبقات وابن الجعد في مسنده والآجري في الشريعة والطبراني في المعجم الكبير وأبي نعيم في الحُلّية وابن أبي شيبة في مصنفه. باستثناء رواية زيد بن ثابت التي جاءت في سنن النسائي. حتى الرواية في صحيح مسلم يُطلق عليها عند الشيعة أنفسهم (الوصية).
هذا يعني أن هذا الحديث من حيث السند لا يستحق أن يكون بوصلة الانتماء إلى هذا الطرف أو ذاك؛ ولا دليلاً على صحة هذا الفريق المتمسك به.
وأما حديث أهل السنة فله (12) رواية متقاربة اللفظ سند جميعها بلا استثناء غير صحيح وفيه رجال منهم مَن اتُهم بالكذب وآخر بالوضع وثالث بالنسيان ورابع بالانحياز …إلخ، وبحسب رأيي فإن تصحيح الألباني في سلسلته لإحدى الروايات لن ينقذها من النقد والشك، وليس لديّ شك في أن رائحة السياسة وادعاء الحق الإلهي بالسلطة الدينية ومن ثَمَّ السياسية واضحة في رواية الطرفين، لتجعل هذا الطرف أو ذاك الفرقة الناجية والقائدة للدين والمجتمع([15]).
حتى إن الإمام الحاكم حينما روى الحديث في (المستدرك) أعقب روايته بقوله: وَذِكْرُ الِاعْتِصَامِ بِالسُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ غَرِيبٌ، فحديث خطبة عرفت فيه الوصاية بكتاب الله فقط، ليس فيه زيادة السنة ولا أهل البيت هذا هو المحفوظ. فلماذا غُيب عن الفريقين هذا المحفوظ؟([16]).
خلاصة الرأي في روايتي الشيعة والسنة أن الثقل الثاني من الثقلين موضوع، وأما الأصح فهو الثقل الأول الذي لا يختلف عليه الطرفان، أي إن النبي أوصى بالتمسك بكتاب الله فقط الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأما الثقل الثاني وعند الطرفين (سُنة وشيعة) فقد تغلغل الباطل في مروياتهما حتى حرفها عن مقصدها السماوي. بدليل أن هناك رواية مهملة تؤكد ما ذهبنا إليه هي أصح سنداً من حديثي السُنة والشيعة بامتياز لم تتطرق إلى سنته أو عترته تقول:
عن جابر بن عبد الله أنّ النبي قال في حجة الوداع: قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟. قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ (اللهُمَّ اشْهَدْ، اللهُمَّ اشْهَدْ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ([17]).
فمن المسؤول عن تغييب مثل هذه الرواية التي تحسم الخلاف؟. ولِمَ؟.
ختاماً
اخترت الأمثلة الأربعة لشهرتها؛ ولو أردنا أن نأتي بأمثلة أخرى سنجد أمامنا عشرات المرويات في موضع التزوير السياسي بالسنة النبوية، ولهذا نقول:
إن الكيانات الاستبدادية وتيارات الإسلام السياسي المختلفة التي تعمل على إثبات أحقيتها بالسلطة من خلال حوامل دينية؛ إنما تسيء إلى الدين أولاً وتمارس تدليساً على المجتمع؛ مستغلةً جهله في تحقيق هذه المسائل؛ وتستعل الوعاظ والدعاة الذين يعملون في كنفهم من أجل تمرير هذا التزوير.
إن كثيراً من النصوص المزورة باسم الدين، كانت وما تزال السبب في تفرقة المجتمع واحترابه فكرياً وعسكرياً، وليس أمامنا إلا أن نحرك عقولنا فيها لنتفرغ لإنسانيتنا، علّنا نلج الحضارة لنحقق التنمية والازدهار لمجتمع عانى كثيراً وما يزال من الاستبداد وأبواقه بذريعة تلك النصوص.
وإن مخالفة نص ما لتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية، أرقى دينياً وأخلاقياً وإنسانياً من إيقاع الظلم بذريعة الالتزام بالنص، وهذه قيمة سماوية الأخلاق، تخالف رؤية مَنْ يرى أنّ نصاً ما على علته، يجب التمسك به والعمل فيه، حتى لو خالف قيم العدل الإنسانية وهدي السماء.
وبحسب رأيي إن كل ما يحدث بين المسلمين اليوم أسبابه سياسية سلطوية، ظاهرُها الدين وباطنُها السياسة، لإيجاد ذريعة الإلغاء والتكفير وسفك الدماء، وما يقع من مآسٍ وخلافات بين المسلمين على اختلاف مِللهم ونِحلهم ومن اقتتال يستند إلى تلك النصوص.
إن مثل هذه النصوص تجعل طائفًة ما أو فرقة ما أو جماعة ما هي شعب الله المختار، ولكنها في الوقت نفسه تجعل الأمة شعب الله (المحتار)، لا المختار، كما تريد تلك النصوص الملفقة.
إن دراسة التراث وغربلته وظيفة الإنسان العاقل. وإنّني على قناعة أن مشكلتنا ليست في هذا التراث الضخم، إنما في ثقافتنا المقدسة له، ومحاولة جعله صالحاً لكل زمان ومكان مهما تبدلت الأوضاع والوقائع.
المراجع
1- صامويل فيليبس هنتنجتون (18 نيسان 1927 – 24 كامون الثاني 2008) (إنكليزية: Samuel Phillips Huntington) كان عالماً سياسياً أمريكياً بروفسور في جامعة هارفارد لـ 58 عاماً، ومفكر محافظ. عمل في مجالات فرعية عدة منبثقة من العلوم السياسية والأعمال، تصفه جامعة هارفارد بمعلم جيل من العلماء في مجالات متباينة على نطاق واسع، وأحد أكثر علماء السياسة تأثيراً في النصف الثاني من القرن العشرين. أكثر ما عُرف به على الصعيد العالمي كانت أطروحته بعنوان صراع الحضارات التي جادل فيها بأن صراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون متمحورة حول خلاف آيديولوجيات بين الدول القومية بل بسبب الاختلاف الثقافي والديني بين الحضارات الكبرى في العالم، وهو جدال تمسك به حتى وفاته. أما كتاب هنتنغتون الأول ما يزال مقياساً لدراسة كيفية تقاطع الشؤون العسكرية مع المجال السياسي. وعُرف عنه تحليله للتنمية السياسية والاقتصادية في العالم الثالث.
[2] ـ طبعاً مسند الإمام أحمد كتبه مسّودّة وتوفي من دون أن ينتهي من تنقيحه والراجح كما يُقال إن ابنه عبد الله هو من نشره؛ لذلك احتوى على أحاديث كثيرة ضعيفة وحسنة ويصل بعضها إلى درجة الموضوع فعبد الله ليس كوالده في ذاك العلم والله أعلم.
[3] ـ كلمة (موضوع) في علم الحديث مصطلح تدل على أن هذا الحديث ليس صحيحاً ومنحولاً على النبي.
[4] ـ أخرجه البخاري في صحيحه البخاري برقم: (7352) عن عمرو بن العاص؛ وأخرجه البخاري في العلل الكبير برقم: (199) عن أبي هريرة، وقال: لا أعرف أحدا روى هذا الحديث عن معمر غير عبد الرزاق، وعبد الرزاق يهم في بعض ما يحدث به. وأخرجه مسلم في صحيحه برقم:(1716) عن عمرو بن العاص.
[5] ـ الحديث المعلول: فيه عبارة خفيّة غامضة قادحة في صحة الحديث. وكما عرّفه ابن الصلاح في (مقدمة ابن الصلاح. ص:90) قال: هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها.
[6] ـ مسند الإمام أحمد: بتحقيق أحمد شاكر:11/34 – إسناده حسن.
[7] ـ الحديث المرفوع: هو ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو صفة. وقد يكون صحيحاً أو حسناً أو ضعيفاً بحسب حال سنده ومتنه.
[8] ـ التورية: لغةً مصدر من الفعل ورّى, وجاء في المعاجم وريت الحديث إذا أخفيته وأظهرت غيره، واصطلاحاً: استعمال كلمة لها معنيان أحدهما قريب ظاهر في النص له قرينة تدل عليه وهو غير مراد ومعنى آخر بعيد خفي وهو المراد.
[9] ـ الإمام النووي: شرح صحيح مسلم: 4/546.
[10] ـ كتاب الإمامة عند أهل السنة والجماعة. المؤلف: عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي: ص 214-215.
[11] ـ رواه أبو داود (4597) والحاكم (443) وصححه وحسنه ابن حجر في (تخريج الكشاف) (ص:63) وصححه ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) (3 / 345) والشاطبي في (الاعتصام) (1 /430) والعراقي في (تخريج الإحياء) (3/199) وقد ورد عن جماعة من الصحابة بطرائق كثيرة. وورد بلفظ: وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً. قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي. رواه الترمذي (2641) وحسَّنه ابن العربي في (أحكام القرآن) (3/432).
[12] ـ في تعريف الألباني للحديث الغريب في سلسلته للأحاديث الضعيفة (2/44/ رقم 573) يقول: كثيراً ما يفسر قول الترمذي: حديث غريب، وكذلك قول الزيلعي في «نصب الراية» حديث غريب، بأنّه ضعيف، وأحياناً يقول: لا أصل له، وكثيراً ما يقول: يعني أنّه ضعيف. ا هـ والحديث الغريب: هو رواية الراوي عن شيخه عن شيخه، وليس له طرائق أخرى تخرجه من حيز الغريب إلى حيز العزيز أو غيره، فهو رواية الواحد عن الواحد عن الواحد، وقد يكون في بعض الطبقات أو أكثرها ليس غريباً، لكن يصدق عليه التعريف بوجوده من طريق واحد فقط.
[13] ـ الإمام الشوكاني: تفسير فتح القدير:2/68.
[14] ـ ناصر الدين الألباني: سلسلة الأحاديث الصحيحة :1/ 409.
[15] ـ تصحيح الألباني لإحدى روايات (وسنتي) في (صحيح الجامع) رقم الحديث (2937).
[16] ـ الحاكم في المستدرك: (318).
[17] ـ رواه مسلم (1218) من طريق حَاتِم بْن إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جابر بن عبد الله، وهكذا رواه أبو داود (1905) وابن ماجة (3074) وابن أبي شيبة (14705) وابن حبان (1457) والبيهقي (8827) والطحاوي في (مشكل الآثار) (41) من طرق عن حاتم به، بذكر الوصية بكتاب الله فقط دون ذكر لسنته أو عترته. وهو الأصح سنداً ومتناً ولكن جرى إهمال هذه الرواية لغاية في نفس يعقوب.
هذه المادّة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.