مع إعلان إيران، الاثنين، عدم وجود نية لديها بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتزايد التكهنات حول مستقبل الاتفاق النووي واستكمال المفاوضات بين إيران والغرب حول البرنامج النووي الإيراني، خاصة في ظل عدم كشف الإدارة الأمريكية الجديدة لموقفها من العودة إلى الاتفاق النووي، الذي انسحبت منه الإدارة السابقة عام 2018.
وجاء التأكيد الإيراني، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، “سعيد خطيب”، الذي أكد أن لا نية لدى حكومة بلاده لاتخاذ خطوات تجاه مفتشي الوكالة الدولية، مضيفاً: ” تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن يتوقف.
يشار إلى أن البرلمان الإيراني، كا قد أقر قانوناً مثيراً للجدل، ينص على طرد مفتشي الوكالة الدولية في حال عدم رفع واشنطن للعقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني.
قتال بلا أسلحة
تعليقاً على الموقف الإيراني الرسمي الجديد، يشير الباحث في شؤون الشرق الأوسط، “فتحي عبد الغني” إلى أن إيران تقاتل المجتمع الدولي دون أسلحة أو أوراق ضغط تمكنها من فرض شروطٍ أو تحديد مسارات تفاوضية معينة، معتبراً أن النظام يتعامل مع الغرب على مبدأ الشد والرخي، أي التلويح بمزيد من التصعيد مع ترك باب الدبلوماسية مفتوحاً.
كما يلفت “عبد الغني” إلى أن إيران لا تمتلك حالياً سوى الضغط العسكري وإحداث التوترات المحدودة في المنطقة وبالقرب من مياه الخليج، مستبداً في الوقت ذاته أن تتجه إلى ذلك الخيار، كونها حتى الآن هي غير قادرة على تخمين ردة فعل الإدارة الأمريكية الجديدة على مثل تلك الخطوة، خاصة بوجود وزير دفاع أمريكي جديد مطلع تماماً على مجريات الأمور في الشرق الأوسط”.
يذكر أن الرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن” قد اختار القائد السابق للعمليات العسكرية في الشرق الأوسط، “أوستن لويد”، وزيراً للدفاع بقرارٍ استثنائي، على اعتبار أنه خرج من الخدمة العسكرية قبل 4 أعوام، في حين يشترط القانون الأمريكي خروجه قبل 8 سنوات لشغل ذلك المنصب، ما اعتبر إشارة على اهتمام خاص من الإدارة الجديدة بملف الشرق الأوسط.
في السياق ذاته، يستبعد أيضاً المحلل السياسي، “توفيق عبد الكريم” أن تلجأ إيران إلى منحى التصعيد العسكري في المنطقة، خاصةً في ظل التضييق الممارس على ميليشياتها في العراق، والقرار الأمريكي بتصنيف ميليشيات الحوثي في اليمن على قوائم الإرهاب، والحالة الصعبة التي يعيشها حزب الله في لبنان، معتبراً أن أي تحرك عسكري من إيران قد يوجه بردة فعل قاسية جداً من الولايات المتحدة.
ويخلص “عبد الكريم” إلى التأكيد بأن إيران في موقف ضعف في أي عملية تفاوضية وأن الهدف الأبرز للقيادة الإيرانية سيتركز على جانبين، الأول تجنيب البلاد أي عمل عسكري قد يستهدف منشآتها النووية أو ميليشياتها في المنطقة، أما الثاني فهو الحصول على تخفيف للعقوبات وليس إزالتها كلياً.
انتخابات حاسمة ولحظات فارقة
على الجانب الأمريكي من المعادلة، تكشف مصادر مطلعة أن إدارة الرئيس الأمريكي، “بايدن” تتجه إلى تجميد الحوار والمفاوضات مع إيران وعدم إبداء أي توجهات حيال ذلك الملف، بانتظار ما ستفرزه الانتخابات الرئاسية الإيرانية في الصيف المقبل، بحسب ما نقلته صحف عبرية.
يشار إلى أن إيران على موعد في حزيران المقبل مع رئيس جديد للبلاد، خلفاً للرئيس الإصلاحي، “حسن روحاني”، الذي لم يعد يملك فرصة للترشح مجدداً بعد حصوله على ولايتين رئاسيتين متتالتين، وفقاً للدستور الإيراني.
إلى جانب ذلك، تشير المصادر إلى ان خطة الرئيس الأمريكي تقوم على إطلاق مسارين للمفاوضات مع إيران، أحدهما خاص بالملف النووي والآخر بالترسانة الصاروخية الإيرانية، مبينةً أن “بايدن” لديه توجه بالعودة إلى الاتفاق الموقع عام 2015، إلا أن ذلك التوجه يصطدم بموقف حفاء واشنطن في المنطقة، والذين يضغطون باتجاه اتفاقٍ أكثر تشدداً.
وكان الرئيس الإيراني، “حسن روحاني” قد أقر الخريف الماضي، بأن العقوبات الأمريكية، التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق، “دونالد ترامب” قد ألحقت خسائر بالاقتصاد الإيراني، وصلت إلى 150 مليار دولار.
انتخابات إيران القادمة، وعلى الرغم من الموقف الأمريكي، لن تغير شيء في معادلة التفاوض، كما يقول الباحث الإيراني، “محمد حسين رضائي”، مشيراً إلى أن توجهات البلاد لا ترتبط بهوية أو شخصية الرئيس، في ظل وجود المرشد “علي خامنئي”، والذي يتولى الجانب الأكبر من الصلاحيات في البلاد.
وخلافاً لما هو ظاهر، يؤكد “رضائي” أن الرئيس لا تحدده الانتخابات وإنما قرارات “خامنئي” الذي يعتبر دعمه لأحد المرشحين بمثابة مفتاح الفوز في الانتخابات، مذكراً بما حصل في انتخابات عام 2009، وما رافقها من اندلاع للثورة الخضراء.
يذكر أن إيران قد شهدت انتفاضة كبيرة عقب إعلان فوز الرئيس السابق، “محمود أحمدي نجاد” بانتخابات الرئاسة 2009، وسط اتهامات للمرشد بتزوير النتائج لصالح “نجاد”.
كما يشير “رضائي” إلى أن الانتخابات النيابية الماضية، أظهرت مدى تحكم سلطات النظام بنتائج الانتخابات، بعد استبعاد 7 آلاف مرشح إصلاحي ووصول أغلبية من التيار المحافظ المتشدد إلى عضوية البرلمان، معتبراً أن انتظار الولايات المتحدة لهوية الرئيس الجديد ستكون مضيعة للوقت.