على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين يصل عمرها إلى أكثر من 80 عاماً، إلا أن مصادر تمويلها بالتدقيق مازالت غامضة، فمعرفة مصادر تمويل الجماعة وإخضاعها للمراقبة، كان الشغل الشغل لعدد من التيارات السياسية والشخصيات العامة والمحامين، ومنها منظمة اتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية، التي تقدمت ببلاغ للنائب العام تطالب فيه بالتحقيق مع المرشد العام محمد بديع، لكشف مصادر تمويل مقر جماعة الإخوان المسلمين، ومعرفة اسم الشخص أو الجهة التي تدفع باسمها فواتير الكهرباء والماء لصرح جماعة الإخوان، وعلاقة الجماعة ببنك التقوى و الذي كان مقره أميركا.
ودعت المنظمة كذلك إلى التحقيق مع خيرت الشاطر حول رحلاته الخارجية بعد خروجه من السجن ولقاءاته بقيادات حماس وقطر، والتحقيق مع المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، ومدى علاقة الجماعة بالشيخ يوسف القرضاوي وعما اذا كان ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تمويل الجماعة أو الحزب أم لا؟
وفي السياق ذاته، أقام حزب الأحرار الاشتراكيين دعوى قضائية أمام مجلس الدولة طالب فيها بإصدار حكم قضائى يلزم كل من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجنة العليا للانتخابات بحل جماعة الإخوان المسلمون، ومعرفة مصادر تمويلها، كما طالب بحل الأحزاب الدينية، وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، إضافة إلى أحزاب: الفضيلة والاصالة والنور التابعة للتيار السلفي.
شركات وهمية لغسيل الاموال
وحول هذا الموضوع، يقول هاني عمارة، وهو باحث مصري في شؤون الحركات الإسلامية، إن جماعة الإخوان في تعتمد في تمويلها على عدة مصادر، الاول اشتراك الأعضاء حيث إن كل عضو ملزم بدفع اشتراك 7% من مصدر دخله وهو تقليد متبع من زمن حسن البنا مع تغييرات في النسبة من زمن لآخر.
وأضاف عمارة في تصريحات إعلامية، أن الشركات الإخوانية هي نوعان، شركات تمارس نشاطا حقيقيا وشركات وهمية يتم من خلالها غسيل اموال الجماعة غير القانونية والتي تأتي من الخارج، إلى جانب الجمعيات الخيرية والتبرعات حيث عملت الجماعة منذ زمن طويل على إنشاء والقيام بجمع التبرعات بدعوى الأعمال الخيرية وخارجيا بدعوى نصرة المسلمين المستصعفين في دول العالم مثل فلسطين وافغانسان.
وأشار، إلى أن دعم الحكومات نظير مواقف الإخوان الملائمة لهم والداعمة لسياساتهم وهو الدعم المباشر من قطر والكيانات الدولية التابعة للتنظيم الدولي وتشمل عدة بنوك ومصارف إسلامية ومؤسسات خيرية وحقوقية وإعلامية.
هذا التصريح يحيل فعلا الى ان قادة الاخوان ابتكروا أساليب خاصة لإخفاء أموالهم عبر أشخاص ربما لا يعرفهم الكثيرون، ليكونوا فى مأمن عن أعين حكام الدولة التى ظلت تطاردهم وتصادر أموالهم المشكوك فيها طيلة ثمانين عاماً.
وتتحدد موارد التنظيم الاخواني في ثمانية موارد هي اشتراكات الأعضاء والتبرّعات من الأفراد والمؤسسات، وأموال الزكاة، وأرباح المشروعات خارج مصر وداخلها، والتي يديرها يوسف ندا، إلى جانب عنصرين وهما أموال الإغاثة الإسلامية الدولية، وأموال الجهاد الأفغاني.
شركات “الاوف شور”
وفي سياق متصل بمسألة تمويلات الإخوان واقتصادياتهم قدم الصحفي الأميركي فرح دوغلاس -الذي عمل في السابق مديرا لمكتب صحيفة “واشنطن بوست” في غرب أفريقيا، وهو يشغل منصب مدير مركز “إي بي إي”، تحت عنوان “اكتشاف جزء صغير من إمبراطورية شركات “الأوف شور” لجماعة الإخوان المسلمين الدولية”- تقريرا يعتبر من أوائل التقارير التي كشفت عن مصادر تمويل الإخوان المسلمين.
وأشار دوغلاس في تقريره إلى أن الإخوان نجحوا بالتوازي مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية الحديثة، التي عرفها العالم في بداية الثمانينات من القرن الماضي، في بناء هيكل متين من شركات “الأوف شور”، التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من قدرتها على إخفاء الأموال ونقلها حول العالم، فهي شركات يتم تأسيسها في دولة أخرى غير الدولة التي تمارس فيها نشاطها، وتتمتع هذه الشركات بغموض كبير، يجعلها بعيدة عن الرقابة، وهو ما جعلها تنجح حتى الآن في لفت أنظار أجهزة المخابرات والمنظمات القانونية التي تطارد هياكل تمويل الإرهاب، في كل أنحاء العالم.
ويقول دوغلاس: إن الفرضية الأساسية للجوء الإخوان المسلمين لشركات “الأوف شور”، هي الحاجة لبناء شبكة في الخفاء، بعيدا عن أنظار الذين لا يتفقون معهم في الأهداف الرئيسية، وعلى رأسها السعي لتأسيس الخلافة الإسلامية، ولتحقيق هذه الغاية حسبما يقول دوغلاس، “اعتمدت استراتيجية الجماعة، على أعمدة من السرية والخداع والخفاء والعنف والانتهازية”.
من أبرز قادة تمويل الإخوان، الذين رصدهم تقرير دوغلاس، إبراهيم كامل مؤسس بنك دار المال الإسلامي “دي إم إي”، وشركات الأوف شور التابعة له في “ناسو” بجزر البهاما، ويوسف ندا، وغالب همت ويوسف القرضاوي، في بنك التقوى في ناسو، وإدريس نصرالدين مع بنك أكيدا في ناسو.
بنك التقوى
وتكشف الوثائق التي اعتمد عليها دوغلاس في تقريره، أن الشبكة المالية للإخوان المسلمين من الشركات القابضة والتابعة، والمصارف الصورية، وغيرها من المؤسسات المالية، تنتشر في بنما وليبيريا، وجزر فيرجن البريطانية، وجزر كايمان، وسويسرا وقبرص ونيجيريا، والبرازيل والأرجنتين وباراغواي، وأغلب هذه المؤسسات مسجلة بأسماء أشخاص مثل ندا ونصرالدين والقرضاوي وهمت، الذين يقدمون أنفسهم بشكل عام كقادة في الجماعة.
وفي وقت مبكر، كشفت الـ”سي أي أي” أن بنك التقوى وغيره من المؤسسات المالية للإخوان، تم استخدامها ليس فقط من أجل تمويل القاعدة، ولكن أيضا لمساعدة المنظمات الإرهابية على استخدام الإنترنت والهواتف المشفّرة، وساهمت في شحن الأسلحة، وأعلنت وزارة الخزانة نقلا عن مصادر في أجهزة الاستخبارات، أنه مع حلول أكتوبر 2000، كان بنك التقوى يوفر خط ائتمان سريا لأحد المساعدين المقربين من أسامة بن لادن، وأنه مع نهاية شهر سبتمبر 2001، حصل أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، على مساعدات مالية من يوسف ندا.
يقول دوغلاس “رغم الأدلة الواضحة بشأن شبكة “الأوف شور” التابعة للإخوان المسلمين، التي توفر دعما لمختلف العمليات الإرهابية، فإن الإجراء الوحيد الذي تم اتخاذه ضد هذه المؤسسات المالية، هو تجميد عدد من الشركات المملوكة لندا ونصرالدين.
حسب تقارير أخرى صادرة عن باحثين في شؤون الجماعات الاخوانية، فان بنك التقوى نموذج الذراع الدولية للتمويل وضخ السيولة في شرايين التنظيم الدولي والحركات الاخوانية على غرار النهضة وحماس والجماعة الإسلامية وحمس الجزائرية وهي نماذج للحركات المنتعشة بفضل تمويلات التنظيم. وتوفير 7 مليار دولار سنوياً للتنظيم، قطرة في بحر من التمويلات السرية الأخرى من زكاة وهبات وتبرعات وأوقاف. فاستراتيجية الإخوان هي غزو العالم وليس فقط المنطقة العربية ويكفي النظر إلي كلّ دول العالم وخاصة الديمقراطية منها لتدرك هذه الأهمية، فبمتابعة الحملات الانتخابية يصاب المرء بالدوار بسبب ضخامة الأرقام والأموال المرصودة التي يتم التبرع بها.