مدخل
تبدو الحاجة إلى التنوير في المجتمعات الإسلامية ضرورة مهمة، وتأتي أهميته نتيجة عدم القدرة على تجديد البنية الاجتماعية في مستوياتها الفكرية والسياسية، وانعكاس ذلك على التطور الانساني عموماً، وتحديداً في النظرة للمرأة، إذ تحدد هذه النظرة، مستوى الفاعلية الاجتماعية، ومقدار الهدر الانساني للطاقة البشرية، وأثره في تطور المجتمعات الإسلامية. ولهذا لا يمكن وضع تصور حقيقي، لأسباب تخلف البنية المجتمعية العربية الإسلامية، بدون تسليط أقصى ما يمكن من إضاءة فكرية، تأخذ جوهرها من البنية ذاتها، عبر تغيراتها المتعددة في أزمنة مختلفة.
معنى التنوير
لا شكّ أن مصطلح التنوير في الفكر الغربي الأوربيEnlightenment يشير إلى الحركة الفلسفية، التي بدأت في أوربا في القرن الثامن عشر الميلادي، وهو يشير إلى المذهب العقلاني، أي الاستخدام العام لعقل الإنسان في جميع القضايا، وتبنّي شعار “لا سلطان على العقل إلا للعقل”. لكن التنوير في الفكر العربي الحديث، “يأخذ معناه من معنى الوعي بالحاجة إلى التقدم وإلى الإصلاح والتجديد واليقظة والنهضة”.
هذا المعطى الفكري غير كافٍ لفهم التنوير في حركته الطبيعية، فلا يمكن تغيير بنية الخطاب الفكري الاسلامي بعملية صدمه بخطاب فكري غربي فحسب، بل يبدأ التغيير من تحديد البنية الاجتماعية السياسية، التي تلعب الدور الرئيس في تفعيل خطاب التنوير أو عرقلته.
وحين نتحدث عن التنوير الإسلامي وعلاقة ذلك بوضع المرأة، فنحن لا نتحدث عن تنوير شكلي، يتعلق بمظهر المرأة وما ترتديه أو تضعه على رأسها، بل نتحدث عن حقوقها كإنسان وكيف ساوى الله بآياته بين الجنسين بآيات صريحة واضحة. أي بمعنى آخر، وتحديداً بما يخصّ حقوق المرأة في المجتمع الإسلامي، فهذه الحقوق لا يمكن تحديدها وفقاً للنص الديني الثابت، لأن الله وضع ناموس الحركة النسبية في الأشياء والحيوات، فكيف يمكن تثبيت النص، وهذا التثبيت مخالفٌ لقوانين إلهية تجد نفسها في الحركة الدائبة.